طيفها ...
زارني طيفها النحيل في ليلة باردة غاب قمرها .. وحجبته جبال الغيم الأسود ، وحين دقت طبول السماء ، وتهاطل المطر سادت العتمة المكان ، وانطفأت مصابيح الكهرباء . اشعلت شمعة بيضاء ، كنت خبأتها لمثل هذه الليلة ، المدفأة القديمة تناضل بإخلاص لتبقى مشتعلة . حرصت على التزام الصمت ، وتدثرت بالصبر على صمتها حتى تبدأ هي بالكلام ، كان الليل يشد بقبضته على القرية ، ويتكاثر الظلام كلما اشتد هطول المطر . . . لا أدري كم مضى من الوقت ، بدت عقارب الساعة وكأنها أسافين دقت على الجدار ، فما عادت تتحرك ... أدركت أن وقت فنجان القهوة قد حان ، ليكون فاتحا للحديث ، فلطالما كانت طقوس القهوة والمطر والليل الصاخب موحدة لكلينا ، تؤلف بيننا كما الروح والجسد . ارتشفتْ القهوة بشغف وكأنها ما تذوقتها منذ دهر ، أغمضتْ عينيها ، وأخذتْ نفسا عميقا ... زادتها القهوة سحرا ، ، ، ارتشفتُ من فنجاني ، وأشعلتُ سيجارة لعلها تعينني على استجماع قواي وتركيزي . خطوط البخار المتعرجة تتصاعد من القهوة كأنها هاربة من سجنها .. غاصت أفكاري في دهاليز الماضي ، ثمة ذكريات ندفنها ، وبعد ان نظن أنها باتت كالرميم ، تُبعث من قبرها من جديد . فوجئت بيدها الباردة تحتضن كفي ، تسالني بعد الصمت الطويل :" ما بك ؟" نظرت في عينيها الواسعتين كبيادر القمح ، ابتسمت لها بثقة واطمئنان ، قلت وأصابعي ما زالت تشتبك بأصابعها :" قولي لي انت ، ما بك ؟ حدثني قلبي أنك ستجيئين الليلة ، وبقيت هنا أنتظرك ". شدت بأصابعها النحيلة الباردة على أصابعي ، رنت بطرف عينها إلى النافذة ، قالت بصوتها الرقيق الحزين : "منذ أن غادرتك وروحي تسكن هنا ، ترقد حيث ترقد ، وتسير حيث تسير ". علا هزيم الرعد بلا رحمة ، وازداد لمعان البرق ، واشتد هطول المطر ، تتسابق حباته تنقر على الزجاج تكاد تحطمه . نسيت الكلام ، ونسيت كيف تصاغ الكلمات ، التزمت الصمت - الليل يجعلني رجلا آخر ، غير ذاك الذي في النهار – مددت يدي أبحث عن يدها ، اصطدمت أصابعي بعلبة السجائر فأشعلت واحدة أخرى ، وأغمضت عينيَّ ( يا الله أنها امنية صغيرة ، حققها لي ، أحتاج أن أنام ، أريد أن تغتسل عينايَّ من السهر ) . شعرت بلمسة ناعمة على شعري ، وأصابع باردة تتسلل إلى تفاصيل وجهي وعينيَّ المغمضتين ، كدت أن أتكلم ، لكنها أسكتت شفتيَّ بقبلة وقالت توشوش كأنها همسات الفراشات : "نم يا حبيبي ، ارقد هنا ، بين الضلوع بسلام ، افرد كل أحزانك ، ودع المطر يغسلها ، نم يا حبيبي كما نمت أنا يوما على صدرك كالأطفال ". |
رد: طيفها ...
هدوء ينتاب القارئ
لايتوقع مفاجئة في هذا الشدو الرقيق لهذا تكون القراءة متمهلة ضاجة بحنين خفي وفي ذات الايقاع اللطيف انسابت الخاتمة رقيقة تدخل القلب بلطف لتؤنس الوجدان وترضي تطلعات القارئ بملامح جميلة الرائعة أمل كلي تقدير لك |
رد: طيفها ...
اقتباس:
الأستاذ الناقد عوض بديوي تشرفت بحضورك ونقدك وتحليلك لهذا النص المتواضع ويسعدني الأخذ برأيك الأدبي لروحك قوافل ياسمين |
رد: طيفها ...
سرد رائع سعدت بالمرور عليه
|
رد: طيفها ...
السلام عليكم
نص جميل ..حان ..عذب تقديري لحرفك |
رد: طيفها ...
خطوط البخار المتعرجة تتصاعد من القهوة كأنها هاربة من سجنها ..
غاصت أفكاري في دهاليز الماضي ، ثمة ذكريات ندفنها ، وبعد ان نظن أنها باتت كالرميم ، تُبعث من قبرها من جديد . كيف تبعث من جديد وهي لم تمت فينا؟؟؟ هذا الطيف يتجدد مع هبات النسائم مد البحر وجزره ينفث فيه الحياة والقربى بين الأنفاس وهج للطيف وضياء قراءة لا تكفي قرأته مرة للتصفح والثانية للتعمق فيه وقنص بعض الدرر الكامنه في رواسيه سعدت بالقراءة للنص احترامي |
رد: طيفها ...
مرحبا أديبتنا أمل قصة رومانسية هادئة ساحرة تضج بالأحاسيس والشعر أسعدني أني كنت هنا روضة |
رد: طيفها ...
من بين أجمل ما قرأت هذا المساء في المدينة
قصة بكل مكوناتها حضرت لتصنع فرحة القراءة سيدتي شكرا لك تستحق الأعلى |
رد: طيفها ...
اقتباس:
أسعدني مرورك بحرفي مودتي وتقديري |
رد: طيفها ...
اقتباس:
وأنا أسعد بمرورك اﻷروع لروحك الود |
رد: طيفها ...
اقتباس:
حضورك اجمل وأعذب لروحك الود |
رد: طيفها ...
اقتباس:
أسعدني مرورك بحرفي دمت بكل الود |
رد: طيفها ...
اقتباس:
توهج فضاء حرفي بمرورك الراقي دمت بكل الود |
رد: طيفها ...
سلام الله
انتم اهل لادامة دورة الابداع باطرافها النص / الناص / المتلقي بانتظار تتمة تواصلكم مع منجزكم ودنا |
رد: طيفها ...
اقتباس:
سعدت بمرورك الشذي لروحك كل الود |
رد: طيفها ...
سلام الله
انتم اهل لادامة دورة الابداع باطرافها النص / الناص / المتلقي شكرا لانكم حققتموها بتواصلكم مع منجزكم ليواصل منجزكم طريقه نحو ضوء يليق به ودنا |
رد: طيفها ...
اقتباس:
الغالية فاطمة الزهراء سعدت بمرورك الأنيق وأفتقدك جدا يا غالية عودي الينا |
رد: طيفها ...
اقتباس:
أهلا بعميد الفينيق أسعدني مروركم بالنص وها قد عدنا |
رد: طيفها ...
سرد جميل وتصوير بديع لقصة رومانسية ماتعة
كل التقدير الغالية أمل وتحياتي |
رد: طيفها ...
اقتباس:
غاليتي ... نوال البردويل أسعدني مرورك بالنص ... لروحك كل الود |
رد: طيفها ...
كلامت رائعه وجميله اتمنى لك التوفيق
اخوك ياسر |
رد: طيفها ...
يحلق هذا الطيف
لعله يجد من يشتبك معه وفيه ولمزيد من الضوء ولي عودة للقراءة بإذن الله تعالى كل الود |
رد: طيفها ...
اللغة الشعرية ملأت الفضاء متعة ..
حكي رائق جميل .. تمتلكين - أختاه -مفاتيح تأليف سرد يغري بالمتابعة |
رد: طيفها ...
اقتباس:
أقرأ لك منذ زمن بعيد وفي غير مكان ..ولكنني في هذه الليلة ومع اقتراب آذان الفجر وتثائب النور وجدت ما كنت ألمحه بين السطور وخلف الكلمات من الطيف...إلى ... نم يا حبيبي كما نمت أنا يوما على صدرك كالأطفال }} أعادتني إلى حوران وتلك اللحظات التي كنت ترصفين فيها الكلمات وتصفين ببراعة الأحداث التي يسقط فيها الجلنار بعد ان تكسر الريح غصنه .. لم أجدك يوما منكسرة وإن كان الحزن يحاول القفز من عينيك دون جدوى ..تلك الشمعة التي لا تنتهي ولا تنطفئ تخرج لتقول للظلام كم هو ضعيف أمام الطيف..نومه كالأطفال.. ( يا الله أنها امنية صغيرة ، حققها لي ، أحتاج أن أنام ، أريد أن تغتسل عينايَّ من السهر ) . كم تحققت ..وكم كبرت ..لم تعد أمنية ولكنها رجاء أطول من ليل الشتاء ..تطمع بمزيد من الحلم المبلل بالوفاء.!! الأديبة الراقية أمل الزعبي نص فاخر ..وقصة كأن قصيدة شعر ترويها بلغة عميقة وقوية سرد كما وصفه الناظم العربي ..يمر بهدوء يخيم على الكلمة والصورة. مبدعة ورائعة أنت أستاذتي المكرمة . بوركتم وبورك نبض قلبكم النقي احترامي وتقديري |
رد: طيفها ...
اقتباس:
تشرفت بمرورك دمت بكل الود |
الساعة الآن 01:30 AM. |
Powered by vBulletin® Version 3.8.7
Copyright ©2000 - 2024, Jelsoft Enterprises Ltd.
جميع الحقوق محفوظة لأكاديمية الفينيق للأدب العربي
يرجى الإشارة إلى الأكاديمية في حالة النقل
الآراء المنشورة في الموقع لا تعبر بالضرورة عن رأي الإدارة
بل تمثل وجهة نظر كاتبها فقط