۩ أكاديمية الفينيق ۩

۩ أكاديمية الفينيق ۩ (http://www.fonxe.net/vb/index.php)
-   ⊱ تَحْتَ ظِـــلِّ النَّبْض ⊰ (http://www.fonxe.net/vb/forumdisplay.php?f=24)
-   -   ذات خميس ...! (http://www.fonxe.net/vb/showthread.php?t=69819)

ياسر سالم 15-10-2017 12:12 AM

ذات خميس ...!
 
أذكر في صِباي أنني كنت طالبا مشاغبا (هادئا )، لا أحب المواجهات ، لا سيما المواجهات الخاسرة في المدرسة مع المدرسين (المصارعين ) وما كان أكثرهم في صفنا .. كنت أسميهم بأسماء تتناسب مع توجهاتهم الفكرية أوعضلاتهم البارزة (المقصودة) ،وأخص منهم مدرس اللغة الإنجليزية الذي كان قد خطب لتوه فتاة جميلة (زميلة لنا) ، لا أدري كيف أثرت على شخصيته هكذا وجعلته انسانا يفيض عذوبة ورقة ... إلا يوم الخميس !

وكنت أتمنى أن يمتد تأثيرها المشع عليه فلا يتوقف عند الأربعاء بل يشمل الخميس أيضا لتنتهي أيام الأسبوع على خير .. . المهم قدر الله وما شاء فعل ... فقد كان يوم الخميس هو اليوم المشؤوم عنده وعندنا .. وعند الناظر ربما ..

أذكر ذات خميس أنه كان يشرح الدرس .. وكان مرتبكا حادا مخيفا مرعبا ، والفصل يطبق عليه صمت مهيب كصمت القبور ، والصمت هنا عبارة عن ردة فعلة عادية جدا على أمارات الشر المرتسمة على جبينه المُقَطب ، وقسماته الحادة والبادية أثارها أيضا على حركاته المتشنجة .. فأردت أن أكسر حاجز الصمت هذا ، لا أدري أي جهل حلمني على هذا ... ؟!

رفعت يدي ، وفرجت بين أصابعي ، وهويت بكفي على ظهر زميل يجلس أمامي . فأحدثت الضربة انفجارا عظيما وسط صمت قاتل .. لم يكن صوت انفجار الضربة المدويّ بأعلى دويا من صراخ ( أشرف ) زميلي ... انكسر حاجز الصمت إذن .. وكانت مصيبة لا تزال تناوشني أثارها حتى اليوم ..؟!

استدار المدرس للخلف بسرعة الضوء أو أسرع ، طمعا أن يري الفاعل أو المفعول به .. ولكنه لم ير شيئا ... نظر إلينا متفحصا بعيون زائغة تتطاير شررا فم ير أثرا يدله على شيء، فامتلأ حنقا وربما حقدا أيضا .. نظر إليّ فيمن نظر إليهم فوجدني - كعادتي - كأنما تسمرت عيني على السبورة منذ أسبوع ، ولم أبد حراكا أو اندهاشا .. كنت أدرك تماما - كما يدرك غيري - أن الحركة البسيطة في هذه اللحظة الفارقة .. ربما تكون بداية لنهاية محتومة في أقرب مستشفى ..!

جعل يدور ..ويدور حولنا ثم انتزع أحد أرجل الكرسي الأربعة لا أدري كيف ؟ وقصد إلي انا وأشرف .. فأدركت تماما أن عميلا مزروعا بيننا قد أشار إلينا من الخلف .. فقـفزت من فوق المنضدة قاصدا الباب وخلفي أشرف وهو خلفنا يركض عبرت إلى الممر أمام الفصول ركضا ، وأشرف خلفي وهو خلفنا ..

قطعنا شوطا لا باس به حتى وصلنا نحو البوابة الرئسية .. نظرت إليها من بعيد فرايتها محكمة الغلق .. غيرت خط سيري وانعطفت يسارا لاهثا وهو يلهث وراءنا والناس ينظرون .. فدخلنا في ممر ضيق بين سور لمدرسة والبنايات الإدارية ، كان مكانا وعرا به حفر وبقايا هدم .. تعمقنا فيه فأراد أن يتعقبنا فمشى خطوات وتعثر فلم يستطع ... فعاد لاهثا منهمكا ولم نعد نحن إلا في اليوم التالي ... بعد إجازة نهاية الأسبوع ...

كان هذا المدرس صديقي قبل أن ينقلب عدوا يوم الخميس وكنت أدرك تماما أنه لن يعاقبنا السبت ولا الأحد ... وقبل يوم الخميس التالي سيكون قد ذابت أثار هذه الحادثة في غمرة أحاديثة البالغة التاثير مع خطيبته المؤثرة ....

علمنا بعد ذلك من مصادرنا المطلعة أنه يتواصل ( صوتا ) مع خطيبته طيلة أيام الأسبوع فيكون منتشيا سعيدا رقيقا ، ويزورها فقط يوم الخميس .. فيكون مرتبكا وفي غاية الإضطراب تجهيزا واعدادا لحديث (الصوت والصورة ).. ولا يريد لأحد أن يكدر صفو مزاجه ويخرجه عن (موده ) حتى يمر اليوم بسلام ..
فكان كأنما يشدو بكلمات الهادي آدم يوم الأربعاء :

أغداً ألقاك يا خوف فؤادي من غـــــدٍ
يالشوقي واحتراقي في إنتظار الموعد
آه كم أخشى غدي هذا وأرجوه اقترابا
كنــت أستدنيه لكن هبته لما أهــــــابا


اللهم اغفر له وارزقه الذرية الصالحة
واجزه عنا خيرا حيث كان
فقد كان سببا في حبي للغة الانجليزية ومحو أميتي بها

محمد طرزان العيق 16-10-2017 10:02 PM

رد: ذات خميس ...!
 
نص جميل وساخر بجدارة ويكشف عن مكنونات النفس البشرية٠٠٠أعجبني العميل المزروع بينكم٠٠٠أضحكتنا ، أبان الله سنَّك وأدام عليك إبداعك٠
تحياتي٠

احمد المعطي 17-10-2017 10:58 PM

رد: ذات خميس ...!
 
بلغة جميلة منسابة من السهل الممتنع، ادركت الغاية التي انتهت بقفلة رشيقة وبصمة أنيقةـ والحق أقول إن لهذا اليوم رهبة تناوشها الرغبة فتصيب من نفس الخطيب وترا وتحدث في نفس البعض اثرا، إذا لم يقض وطراًـ وما بين الحالتين هناك ملهاة أو مأساة، أو غضبة مضرية في درس اللغة الإنجليزية.
فلا لوم على المدرس ولا عتبـ إذا تملكه الغضب. أو تنمر واضطرب.
أوصلت الصورة أخي العزيز ا. ياسر
تحياتي الحارة
مل الود والاحترام والتقدير

خالداحمدمحمود 19-10-2017 08:27 AM

رد: ذات خميس ...!
 

صباح الرضا أيها الأنيق
خدتنا فى دوكه
وجمال القفلة
ولم تذكر لنا ماحدث لك ... وتركتنا نخمن
ونحن فى عصر السرعة
لاوقت للتخمين ......... لاننا مرخمين نلتفح بالكسل.


تقديرى

ياسر سالم 15-12-2021 11:06 AM

رد: ذات خميس ...!
 
اقتباس:

المشاركة الأصلية كتبت بواسطة محمد طرزان العيق (المشاركة 1690579)
نص جميل وساخر بجدارة ويكشف عن مكنونات النفس البشرية٠٠٠أعجبني العميل المزروع بينكم٠٠٠أضحكتنا ، أبان الله سنَّك وأدام عليك إبداعك٠
تحياتي٠

لا تخلو الفصول الدراسية من عصابات وتجمعات وجيوب .
.واشرف زميلي هذا اعداؤه كثيرون جدا
وان ايضا كثر المتربصين بي بعد اتهامي بالاخفاء القسري المتعمد لكل اقلام الزملاء وقتها
دمت سعيدا راشدا ...


الساعة الآن 01:43 AM.

Powered by vBulletin® Version 3.8.7
Copyright ©2000 - 2024, Jelsoft Enterprises Ltd.
جميع الحقوق محفوظة لأكاديمية الفينيق للأدب العربي
يرجى الإشارة إلى الأكاديمية في حالة النقل
الآراء المنشورة في الموقع لا تعبر بالضرورة عن رأي الإدارة بل تمثل وجهة نظر كاتبها فقط