۩ أكاديمية الفينيق ۩

۩ أكاديمية الفينيق ۩ (http://www.fonxe.net/vb/index.php)
-   ☼ بيادر فينيقية ☼ (http://www.fonxe.net/vb/forumdisplay.php?f=31)
-   -   الفينيق محمد زفزاف يليق به الضوء (http://www.fonxe.net/vb/showthread.php?t=56524)

فاطمة الزهراء العلوي 12-11-2014 08:59 PM

بسم الله...

محمد زفزاف

http://classic.aawsat.com/2001/08/22.../art.53638.jpg
قاص وروائي مغربي
يعتبر من أهم الادباء المغاربة واكثر الكتاب مقروئية
ترجمت أعماله لكثير من اللغات
ولد سنة 1954 وتوفي في سنة 2001 بالدار البيضاء / المغرب/
وسنفتح هذا الملف لنسلط الضوء على هذا المبدع ونتذكر بعضا من اعماله

أعماله:
حوار في ليل متأخر: قصص، وزارة الثقافة، دمشق 1970.
المرأة والوردة: رواية، الدار المتحدة للنشر، بيروت، 1972.
أرصفة وجدران: رواية، منشورات وزارة الإعلام العراقية، بغداد، 1974،
بيوت واطئة: قصص، دار النشر المغربية، الدار البيضاء، 1977.
قبور في الماء: رواية، الدار العربية للكتاب، تونس، 1978.
الأقوى: قصص، اتحاد كتاب العرب، دمشق، 1978.
الأفعى والبحر: رواية، المطابع السريعة، الدار البيضاء، 1979.
الشجرة المقدسة: قصص، دار الآداب، بيروت، 1980.
غجر في الغابة: قصص، المؤسسة العربية للدراسات والنشر، بيروت، 1982.
بيضة الديك: رواية، منشورات الجامعة، الدار البيضاء، 1984.
محاولة عيش: رواية، الدار العربية للكتاب، تونس، 1985.
ملك الجن: قصص، إفريقيا الشرق، الدار البيضاء، 1988.
ملاك أبيض: قصص، مطبوعات فصول، القاهرة، 1988.
الثعلب الذي يظهر ويختفي، رواية، منشورات أوراق، الدار البيضاء، 1989.
العربة، منشورات عكاظ، الرباط، 1993.
الأعمال الكاملة: المجموعات القصصية في جزئين (376 ص و352 ص)
الأعمال الكاملة: الروايات في جزئين (375 ص و365 ص)

محمد زفزاف.. مغامرة الكتابة في تلويناتها العديدة

اهتمام صاحب «المرأة والوردة» بعالم المهمشين والضائعين أضفى على أعماله نكهة إبداعية خاصة
بقلم : عبد الرحيم العلام ، عن جردية الشرق الاوسط

بدأ محمد زفزاف مشواره الإبداعي شاعراً في أوائل الستينات قبل أن يتجه لكتابة القصة والرواية تحديداً. كما استطاع «كاتبنا الكبير» (وهي الصفة التي اختارها له محبوه وأصدقاؤه من الكتاب) أن يطبع المشهد الأدبي العربي بطابع خاص يشهد له به الجميع، وخصوصاً ما يتصل منه باهتمامه الوفي باستيحاء العوالم السفلية في المجتمع المغربي في كتاباته القصصية والروائية، بما يوازي ذلك الاستيحاء من رصد وتمثل لعوالم المهمشين والمقهورين، اجتماعياً ونفسياً وفكرياً. وفي انتصاره ذاك لهذه العوالم ما يضفي على أعماله نكهة إبداعية خاصة يتميز بها محمد زفزاف في كتاباته، إلى جانب صديقيه في الحياة وزميليه في حرفة الأدب (محمد شكري وإدريس الخوري).

هذه الخصوصية التي يتميز بها أدب محمد زفزاف جعلته يتبوأ مكانة خاصة واستثنائية في المشهد الأدبي العربي والعالمي. فبعض أعماله تُدرس الآن في بعض الجامعات الأوروبية والأمريكية، وخصوصاً روايته الشهيرة «المرأة والوردة». وهو ما جعل شهرة زفزاف أيضاً تخترق المحلية بفضل ما ترجم له من أعمال إبداعية إلى عدة لغات أجنبية، كما اختيرت بعض قصصه ضمن المختارات القصصية العالمية.

ومحمد زفزاف في كل ذلك لم يسع قط إلى الشهرة في حياته، كما أنه لم يشهد له البتة بتهافته وراء الأضواء ووسائل الإعلام والدعاية. فالشهرة هي التي سعت إليه، غير أنها لم تستطع أن تغير من أصالته ونبل قيمه، ومن وفائه لمبادئه ومواقفه وهو الذي عاش بسيطاً إلى حد الجرح ومات بسيطا.

ولد الراحل بمدينة سوق أربعاء الغرب التي تبعد قليلاً عن العاصمة الرباط. غير أن اسمه وحياته وإبداعه وشهرته، كما هو الحال بالنسبة لموته، ارتبطت جميعها بمدينة الدار البيضاء. ففي هذه المدينة تفجرت رؤاه الإبداعية، كما وجد فيها ضالته التخييلية. وبإمكان المهتمين بعلاقة المبدع بالمكان أن يتخذوا الآن من هذه التجربة، التي اكتملت وانتهت، مجالاً للتنظير والرصد والمقاربة. لقد بقي محمد زفزاف وفيا لهذه المدينة (الغول)، كما يسميها أحد المبدعين، إلى أن دُفن بها، استوحاها في جل أعماله، كما تمثل عوالمها السفلى والهامشية ورصد تحولاتها المتسارعة وصيرورات شخوصها وانهيار القيم فيها.

كان الراحل محمد زفزاف أحد الكتاب المغاربة السباقين إلى النشر في المشرق العربي. وقد تركت قصته «الديدان التي تنحني»، التي نشرت في مجلة «المجلة» المصرية التي كان يرأس تحريرها الراحل يحيى حقي، وقعاً كبيراً على قراء القصة العربية آنذاك، كما لفتت الأنظار إلى هذا الكاتب وقد استمر في نشر إبداعاته ومقالاته الأولى في أمهات المجلات العربية آنذاك (المعرفة السورية ـ الآداب اللبنانية ـ الأقلام العراقية، وغيرها..)، حيث فرضت إبداعاته نفسها على أشهر تلك المجلات العريقة في وقت كان الوصول فيه إليها أمراً صعباً للغاية.

كما حظيت أعمال الراحل، القصصية والروائية، بمتابعات نقدية وتحليلية مكثفة، داخل المغرب وخارجه، فأنجزت بصددها الرسائل الجامعية والأبحاث الأكاديمية. وهنا لا بد من الإشارة، على سبيل التمثيل لا الحصر، إلى الأطروحة الجامعية المهمة التي أعدها الباحث الاسباني راموس، الأستاذ بجامعة اشبيلية، حول الأعمال الروائية لمحمد زفزاف. ومن بين النقاد المشارقة الذين كتبوا عن آخر أعماله نذكر الناقد المصري صبري حافظ في دراسته المتميزة لآخر رواية صدرت للراحل بعنوان «أفواه واسعة». وإذا لوحظ أن ثمة تراجعاً ما بخصوص الاهتمام النقدي بالأعمال الأدبية الأخيرة للراحل، فيبقى تراجعاً نسبياً وغير مبرر، أمام ما أصبح يطبع بعض خطاباتنا النقدية والتحليلية من زبونية وسطحية وابتذال.

وفي هذا الإطار، لا بد من الإشارة كذلك إلى ما حققته رواية محمد زفزاف «المرأة والوردة» من تراكم نقدي لافت حولها، حيث أنه بمجرد صدورها في أواخر السبعينات خصها النقد الأدبي في المغرب بالقراءة والتحليل، لتحقق تراكماً نقدياً مهماً ساهم فيه مجموعة من الأسماء من الجيل الأول من النقاد ومن الأجيال التالية. كما تباينت بصدد الرواية نفسها المنظورات النقدية من ناقد لآخر وأحياناً لدى الناقد نفسه، خصوصاً أن هذه الرواية تطرح من الأسئلة والموضوعات ما يُغري النقد الأدبي آنذاك لأجل تجريب المناهج وتوظيف المفاهيم والمقولات النقدية، وتحديداً ما يهم منها موضوعات «الجنس» و«الذات» و«الهوية» و«الآخر» (الغرب). وتعتبر الدراسة التي أنجزها الجامعي المغربي الباحث أحمد اليبوري، احدى أقدم تلك الدراسات وأنصفها وأعمقها تحليلاً لهذا العمل، بشهادة أحد من كتبوا بعد اليبوري عن الرواية ذاتها.

خارج الاحتفاء الملحوظ لأعمال زفزاف، القصصية والروائية، بالزخم في المضامين والأسئلة والموضوعات، اهتمت أعماله كذلك بالتنويع في الأشكال وفي طرائق الكتابة السريعة، خصوصاً على مستوى التنويع في استثمار المنظورات السردية وتعديدها في النص الواحد. ومحمد زفزاف في ذلك كله، وفي غيره من الإنجازات الأخرى، إنما كان يؤسس لكتابة، قصصية وروائية، مغايرة، بما هي كتابة تراهن على رصد كتابة المغامرة إلى جانب مغامرة الكتابة في تلويناتها العديدة.

إلا أن أهم ميزة تكشف عنها أعماله هي تجسيدها لوفاء أسطوري بين الكاتب وعالمه الإبداعي بمثل ذلك الوفاء المشتهى لفضاء الدار البيضاء، خصوصاً ما يتصل منه بالحضور المهيمن للرؤية الانتقادية في أعماله الأدبية. فقيمة أعماله الإبداعية تأتي أساساً من قدرتها على الانتقاد والسخرية والتهكم، بحيث نحس باللغة الإبداعية في أعماله غير منفصلة كلياً عن لغات الشخوص وعن رؤية الكاتب إلى العالم الذي يخلقه من حولها، وهي (أي الشخوص) تحكي عن ذواتها ومشاكلها وخيباتها، وعن رغائبها الخاصة والعامة، كما تحكي عن أوهامها وأحلامها وآمالها. هذا الوضع إذن يكشف عن ثراء باهر في مستويات المتخيل الحكائي المميزة لأعمال زفزاف الأدبية، وهو ما جعلها تثير من حولها الكثير من الجدل والأسئلة النقدية المخصبة والمقلقة. ويكفي هنا أن نشير إلى أعماله التالية (بيوت واطئة ـ المرأة والوردة ـ الأفعى والبحر ـ بيضة الديك ـ الثعلب الذي يظهر ويختفي ـ غجر في الغابة ـ بائعة الورد ـ أفواه واسعة...) لكي نلمس عن كثب مدى ما حققه التراكم النصي لدى الراحل من أسئلة وما يقدمه من إمكانات جديدة لإعادة القراءة والتأويل واستخراج دلالات جديدة، خصوصاً أن أعماله القصصية والروائية قد أعيد طبعها في أربعة مجلدات (ضمن سلسلة الأعمال الكاملة) بمبادرة من وزارة الثقافة المغربية، وهي تشكل الآن تجربة نصية متكاملة ومنتهية للدارسين والمهتمين بالتأريخ للأشكال وللمضامين وعقد المقارنات وتتبع المراحل التطورية في الكتابة والسرد.

وإذا كانت قضية «الكتابة» قد شغلت الراحل محمد زفزاف في العديد من أعماله، وتحديداً في روايته الأخيرة «أفواه واسعة»، باعتبارها موضوعاً للمساءلة والانتقاد، فإن سؤال «الموت» قد جثم بدوره على هذه الرواية، وكأن زفزاف قد أحس بثقله عليه ففجره إبداعياً فيها وبشكل لافت وحدسي، حيث يخيم الموت كعتبة لتحريك العديد من الأسئلة المسكوت عنها والمرتبطة بسؤال الكينونة خصوصاً، فالموت في هذه الرواية يصبح أحد هموم الكتابة عموماً، بما هو سؤال جوهري، في ارتباطه خصوصاً بمسألة القلق والوجود والحياة والعالم الآخر، فـ «النصر للموت في آخر الأمر»، تقول الرواية (ص68): هكذا تشاء المصادفات أن تكون آخر موضوعة تحتفي بها آخر رواياته هي موضوعة «الموت»، وكأن هذا المبدع قد حدس رحيله فأبى إلا أن يتصالح مع الموت إبداعياً قبل أن يختطفه من عالمه الإبداعي، يموت زفزاف ليحيا في أصيلة. فقد تقرر رسمياً خلال ندوة الرواية العربية التي نظمتها مؤسسة منتدى أصيلة خلال هذا الشهر إنشاء «جائزة محمد زفزاف للرواية العربية». وهذا المكسب المهم يشكل حياة جديدة لمحمد زفزاف.

الروائي المغربي محمد زفزاف ـ ثعلب النوم والنبيذ والموت

بقلم :أحمد زيادي عن الحوار المتمدن
( محمد زفزاف صريح إلى درجة الإحراج،
صادق إلى درجة الفضح،
وأنه رجل المبدأ إلى درجة التهور).
* الكاتب المغربي أحمد زيادي*


قد يكون الروائي محمد زفزاف من بين روائيين عرب قلائل من الذين استطاعوا أن يخفوا بمهارة وحرفية عالية صوت الراوي أو الحاكي ويدمجه في ثنايا النص كلغز حتى يصعب التفريق ـ ولا يستحيل ـ بين صوت السارد من صوت المؤلف في عفوية مدهشة مصنوعة بحس عفوي يحاول إعادة بناء كل شيء ببراءة نصية تقترب لتلقائيتها من الجمال غير المدرك لنفسه، مثل جمال البراري والنجوم والينابيع الصافية العذبة.
ومع أن هذا الروائي الذي يظهر ويختفي( عنوان رواية رائعة لمحمد زفزاف هو: الثعلب الذي يظهر ويختفي) لم يكتب نصا صريحا تحت عنوان سيرة ذاتية أو سيرة روائية ذاتية، غير أن جميع رواياته هي نصوص سيروية رغم أن عقد القراءة الأولي بينه وبين القراء يشير دائما على الغلاف باسم رواية وليس سيرة روائية ذاتية، وهذه اللعبة الروائية شائعة على يد كبار كتاب الرواية في العالم.
فمن المرأة والوردة إلى الحي الخلفي إلى بيضة الديك ومحاولة عيش وحتى قبور في الماء أو الأفعى والبحر أو الثعلب الذي يظهر ويختفي، هناك دائما، تحت طبقات الخطاب الروائي المخفي بعناية، أو النص الصريح، جزء من سيرة هذا الروائي المبدع.
وقد تكون روايته( الثعلب الذي يظهر ويختفي) تلخيصا مركزا للخطاب الروائي الزفزافي وهو خطاب يحاول فيه الكاتب تجنب فخاخ الكلام السياسي الفخم الذي يثقل النص، والاعتماد على السرد الحكائي القصصي المشذب والبعيد عن كلام الآيديولوجيا التي دمغت نصوص الأدب الروائي العربي لفترة طويلة.
لا يمكن طبعا عزل أعمال محمد زفزاف عن تاريخ الرواية المغربية وهي رواية نشأت بين حضنين ترك كل واحد منهما فيها أثرا خاصا: الحضن العربي، والحضن الحداثي الغربي، وتحديدا الفرنسي، والروائي محمد شكري هو أول أمطار الرواية المغربية الحداثية التي تأثرت بالغيم القادم عبر البحر، مع الطاهر بن جلون.
إن صفات الوصف السردي غير المنتظم وتكسير الأزمنة والشخصيات الضبابية غير المحددة المعالم( في عالم ضبابي يضيع فيه الفرد) والكشف الجريء عن المخبوء والمسكوت عنه والتعرية والفضح، والرواية التشردية، والبحث عن معنى، والتمرد، وتفكيك البنية الاجتماعية، والرفض أو العصيان على التقاليد الادبية والاجتماعية، والتركيز على اللغة كمكون روائي عضوي، والبوح، والصدمة، والفرادة، والعلنية، والجسد، واللعب المدروس خلال الحكي، وهو شرط جوهري في الرواية الجديدة، كل ذلك شكل أبرز ملامح هذه الرواية رغم أنه جاء في نصوص كثيرة من خارجها أو ملصوقا عليها وهذه طبيعة أي تقليد لحداثة مجلوبة لا تنبع من شروطها التاريخية والنفسية كالحداثة الروائية في أمريكا اللاتينية، علي يد غابريل ماركيز مثلا، وأنخيغل اوستاريس مؤلف رواية( السيد الرئيس) أو ماريو فارغاس يوسو مؤلف رواية (حفلة التيس) وكلهم حصلوا على جائزة نوبل وتركوا أثرا في الحداثة الروائية العالمية بما في ذلك الاوروبية دون الوقوع تحت سطوة الرواية الغربية.
والرواية المغربية تبحث عن حداثتها هي الأخرى، وهذه الحداثة موضع جدل مثمر وطويل. وحسب كتاب مغاربة، كتبوا عن الحداثة الروائية بصورة عامة والحداثة المغربية خاصة، تختلف الإجابة من كاتب لآخر، وهذه إجابات بعضهم عن سؤال الحداثة في الرواية كما جاءت في كتاب ( سؤال الحداثة) لعبد الرحيم العلام:
ـ بول بوز( روائي أمريكي عاش ومات في طنجة) أول من أدخل الحداثة في الرواية المغربية ـ شهادة ليلى أبو زيد.
ـ حداثة الرواية ملتصقة بالنسغ الجواني الذي يتيح للذات( في جميع تجلياتها) أن تجابه" الآخر" المتعدد الوجوه ـ شهادة الروائي والناقد محمد برادة.
ـ الحداثة في الرواية تفترض تحررا في التفكير والتخييل واللغة، وفي أساليب التعبير وأشكالها ـ شهادة أحمد بو حسن.

ـ نستطيع أن نقول إن الرواية المغربية بدأت تدخل موجة الحداثة وتعثر على أشكالها الأصلية والمتميزة والمنفصلة، بشكل حيوي، عن الرواية المشرقية وعن الرواية الغربية ـ شهادة الروائي إدريس بلمليح.
ـ منطق الحداثة، يقتضي أن يكون الكاتب مخالفا للآخرين صادما لهم إن اقتضى الحال، ومتميزا عنهم ـ ياسين بهوش.
ـ لا يمكن للحداثة أن تصبح سوى مهاترة وادعاء فارغين من المعنى إذا ظل الروائي يضيف الكم إلى تجربته من عمل لآخر، ولا يضيف التحولات النوعية من عمل لآخر ـ الروائي عز الدين التازي.
ـ الأدب المغربي لم يكتب بعد روايته الكلاسيكية لكي يستسلم لترف الإغراق في التجريب ـ عبد الكريم جويطي.
ـ الحداثة ليست ما يقوم وينحصر في الزمن المعاصر وحده، بل هي أيضا محاصيل التألقات والاشرقات الإبداعية العابرة للأزمنة والأمكنة ـ الروائي سالم بن حميش.
ـ الحداثة تعني تجديد الهوية لا تغييرها بالكامل ـ حميد الحميداني.
ـ الرواية المغربية، كغيرها، تتوهم الحداثة، إنها رواية بدون حداثة ـ محمد الدغمومي.
ـ في مناخ تنتفي فيه شروط الرؤية والحداثة معا، يظل أي حديث ـ إطلاقي ـ عن هاتين الاثنتين( الرؤية والحداثة) أقرب إلى العبث ـ الحبيب الدائم ربي.
ـ كيف نتحدث عن الحداثة في الرواية المغربية وهي في طور النشأة؟. ـ الروائي محمد زفزاف.
ـ الحداثة في الرواية المغربية مشروع مؤجل، لكن بوادره منبثة في الكثير من النصوص ـ الروائي إدريس الصغير.
ـ يمكن الإقرار بشيء اسمه الحداثة في روايتنا" المغربية" إذا كان المقصود بالحداثة هاجس التجديد والتطور ـ الروائي محمد صوف.
ـ الحداثة ليست شكلا يراود عن نفسه، وإنما هي أفق لخلخلة الوعي القائم واقتراح رؤية متسائلة ـ بشير القمري.
ـ كل رواية تؤسس حداثتها الخاصة التي هي نقيض كل تقليد أو محاكاة وضد استلهام أي نموذج أو مثال سابق ـ عبد الكريم امجاهد.
ـ كلما تحققت" السردية" كلما وجدنا أنفسنا أمام رواية حداثية ـ الناقد سعيد يقطين.
ـ أهم ملمح حداثي في الرواية المغربية هو نزوعها إلى التجريب. الكتابة السردية. فقد تم تكسير الأنماط السردية التقليدية القائمة على البطل العارف بكل شيء واللغة المرصوصة التي توزع على مختلف الشخوص بشكل قسري. أصوات متعددة. الانفتاح على فضاءات جديدة كالبادية مثلا ـ شهادة الكاتب أحمد بو حسن.

وهذه القراءات المتعددة والمختلفة والمتناقضة تعكس مناخ القلق الإبداعي في فضاء الرواية المغربية وهي ظاهرة صحية لا مثيل لها مع الأسف في المناخ العراقي، في الخارج على الأقل حسب مناخ الحرية المفترض، فهذا التنوع والاختلاف هو الذي يخلق ويؤسس تقاليده الثقافية التي لا يدخل فيها العامل "السياسي" كعنصر تحيز، سلبا أم إيجابا، كما هو الأمر في وضعية النقد العراقي الذي لا يخضع لشروط الثقافة والسؤال الإبداعي، بل هو رهين وأسير السياسة بصورتها الفجة.
وهنا تحضرني حادثة واقعية سوداء وكثيفة تعكس غياب كل أخلاقيات النقد عند بعض المشتغلين في النقد الروائي العراقي حين اتصل رئيس تحرير صحيفة عراقية في لندن بناقد عراقي في هولندة يطلب منه كتابة مقالة عن الشاعر والروائي سليم بركات عبر الهاتف، فكان رد الناقد كالتالي:
ـ كيف تريد المقال؟ سلبي أم إيجابي؟!
هذا السلوك يهدم كل بناء نقدي قائم على معايير أخلاقية علمية نقدية تشتغل على النصوص وحدها دون أي شيء آخر. لكن، وقطعا، لا يمكن عزل هذه الحادثة عن المناخ العام الذي ينهار فيه كل شيء علنا في وضح النهار، لكن أحدا لا يشم رائحة التفسخ.

في الطريق إلى شقة الروائي المغربي محمد صوف قبل ثلاث سنوات في الدار البيضاء، وفي صيف بحري حار، لكنه يختلف عن صيف بغداد المهلك، فوجئت وأنا أصعد الدرج الحلزوني المظلم والملتوي أن أناسا يصعدون ويهبطون في العتمة الباردة، كانوا ينبثقون من الظلام، أو ينبعون من الجدران، كشخوص ناتالي ساروت، ويختفون في النهار المفتوح اسفل السلم، ويضيعون في دروب الدارالبيضاء، مدينة الأشجان البيضاء بتعبير الشاعر عبد اللطيف اللعبي.
خطر إلي وأنا اصعد أن هذا السلم لا نهاية له وأني إذ واصلت الصعود فسأصل إلى إحدى السماوات أو أدخل بارا أو مركزا للشرطة أو وكرا للصوص، ثم فجأة بزغ في الذهن خيال، أو شبح، محمد زفزاف، بلحيته الصغيرة، وهو ينزل السلم بأسماله المرتبة، وشكله الديستوفسيكي بالخدود الغائرة التي تشبه صخورا رمادية ناتئة من قلب عشب بري متوهج.
لا يمكن عزل زفزاف الروائي والإنسان عن هذه المدينة، ولا يمكن قراءة أدبه خارجها، فهذه المدينة بكل ما فيها من بشر وأمكنة وروائح وتيه وضياع وأمل وخوف وجمال هي صورته السرية، هي متاهته الشخصية مثل أية متاهة أخرى، كمتاهات بورخيس، أو متاهات امبرتو ايكو، أو بصرياثا محمد خضير، فكل كاتب يصنع متاهته الخاصة بنفسه.
إنها مدينة، نص، ينتفح، وينغلق، على الروائي، وهذا التقلب هو سر الحنين الدائم في الهرب منها والعودة إليها من هذا القنيطري ( نسبة إلى بلدة القنيطرة المغربية التي ولد فيها زفزاف) ثم دخل في غرام البيضاء حتى يوم حفل التكريم الذي قال عنه ضاحكا( هذا حفل تكريم أم حفل تأبين؟!)لأن العرب لا يكرمون كتابهم إلا بعد قراءة آخر تقرير طبي يشير إلى الحالة الميئوس منها، أو بقايا الفقيد، وعندها تبدأ حالات تبرئة الذمة وحفل الزور.
هذه هي عادة زفزاف في كونه يضفي على الواقعي شكلا أسطوريا، أو يحول العادي إلى حكائي، سواء في الهامش النصي، أو في المتن، أو في الحقيقة.
إن مقاهي الدار البيضاء مثل مقهى لاكوميدي، المسرح البلدي، مقهى الكابتول، أو مقهى ميشيل، مدام غيران، ميرسلطان، مقهى الرونيسانس، أو الزنقات التي عاش فيها مثل زنقة البريني، أو زنقة ليستريل، أو زنقة الجبل الأبيض، والمطاعم التي كان يرتدها( هو غير محب للطعام) مثل مطعم التيرمينوس، كلها ستكون في نصوصه الروائية أمكنة أخرى مع الشخوص والروائح، رائحة الناس، أو رائحة النبيذ، أو رائحة الزمن الذي يمر على رصيف الأزهار السري حيث الخطى المتسارعة لأقدام الزمن.

وعودة إلى سلم منزل الروائي محمد صوف الشبيه بسلالم كافكا ( ضحك صوف كثيرا لهذا الوصف حين عثرت عليه في المقهى) فإن روايات زفزاف مشبعة بهذه الأجواء البيضاوية( نسبة إلى المدينة) حيث البحث عن مأوى وسرير وكأس نبيذ هي الخاتمة أو اللازمة التي تتكرر في جميع روايات هذا الروائي الكبير ولا أدري كيف حصل ذلك وهل كان واعيا به أول الأمر أم لا وحتى اليوم الأخير؟

هذا الهاجس الثلاثي( السرير والنبيذ والمأوى) هو هاجس شخصي قبل أن يكون روائيا، أي أن نصوص الروائي هنا تأخذ تطابقها( التطابق هنا ليس التناسخ بل التشابه وهذا افتراق عن الأصل) من التجربة الحية للروائي، وهذا هو هاجس السرية الذاتية الروائية.
أدناه نهايات سبع من روايات محمد زفزاف تبين بوضوح أن هذا الروائي المنهك بأعباء كثيرة كان يستعجل، يستعجل تماما، الوصول إلى الغرفة أو المدينة التي فارقها، أو السرير أو الدخول إلى بار أو كأس أو الأمل بالعثور على مكان دافئ نظيف حسن الإضاءة بتعبير أرنست همنغواي.

* رواية( أرصفة وجدران).
الخاتمة:
( في الشارع كان يتوه وحده. في اتجاه غير معين. يداه في جيوبه. وهو يفكر في أشياء..).
*رواية( قبور في الماء).
الخاتمة:
( وسمع نباح كلب بعيد، وشيء شبيه بمحرك سيارة قديم، لكن هذا الصوت نفسه اختفى. ثم ارتفع شخير عال، وارتفع شخير آخر بالقرب منه).
*رواية( الأفعى والبحر).
الخاتمة:
( كان أمامها آدم عملاقا.. ذا عضلات يدخل في الماء. يضرب الأمواج بذراعيه القويتين. يغطس. ثم أخذت الصور تتبدل. تتغير. تتلاشى. وذهبت سوسو في نوم عميق).
*رواية( بيضة الديك).
الخاتمة:
( شرب جرعة من الكأس. شعر بنشوة عارمة تغزو خلايا مخه. كانت الزجاجة قد فرغت.غمر البار ضوء..).
* رواية( أفواه واسعة).
الخاتمة:
( قطع الطريق إلى الرصيف المقابل باتجاه الحانة لكي يشرب قنينة نبيذ صغيرة كالعادة...).
*رواية( الثعلب الذي يظهر ويختفي)
الخاتمة:
( مددت يدي إلى كيس التبن، وناولني الرجل كأسا غير نظيفة. وقلت في نفسي" متى اصل إلى بيتي كي أستريح؟").
* رواية( محاولة عيش).
الخاتمة:
( تصور الزجاجات المليئة، وأنصاف الزجاجات، ثم ضغط على الدواسين بقوة لكي يسرع، سوف يشرب، ويشرب، وسوف ينام نوما عميقا في تلك الغرفة).
آخر مرة نام فيها محمد زفزاف نوما عميقا جدا، مثل ثعلبه الجميل، والمدهش، لكنه هذه المرة لم يستيقظ رغم مرور كل هذا الوقت الذي لا يصلح لمزحة ثقيلة كالموت( هل كان هو الذي يصعد سلالم شقة الروائي محمد صوف في تلك العتمة الباردة؟ أم أنه الشبح أو الظل؟).
هرب، هذه المرة، إلى البنفسج، والأزرق المعتم، لكنه سيظهر يوما في الحكاية الجديدة كنهر القنيطرة سبو!

وثائقي يعرف بالاديب الروائي محمد زفزاف

http://www.youtube.com/watch?v=sdhzyN7_C2Q

محمد زفزاف في نوستالجيا رشيد نيني
http://www.youtube.com/watch?v=fBGgI21oiEA

هشام بن الشاوي
جدل حول رواية مقررة في برامج التعليم، جعل الدخول الدراسي في المغرب، هذا العام، ساخنا، والسبب مطالبة جريدة "التجديد" الناطقة باسم "حزب العدالة والتنمية"، الحزب الإسلامي المتخندق في المعارضة.. بشطب رواية "محاولة عيش" للروائي المغربي الراحل الكاتب الكبير، محمد زفزاف،

المقررة منذ ثلاث سنوات في منهج السنة التاسعة بالمرحلة الإعدادية، في مقال نشر على صدر صفحتها الأولى يوم 25 سبتمبر2009، تحت عنوان : "استنكار اعتماد رواية لا أخلاقية..."، ملتمسة إبعاد الرواية من المناهج الدراسية لأنّ أحداثها "تدور في الحانات والبارات.. وتحرّض على تعاطي الخمر والتدخين والزنا وعقوق الوالدين"، وتساءلت: "ما الذي يُنتظر من متعلم في سن المراهقة، يُعرض أمامه نموذج خجول سلبي لا موقف له مثل شخصية بطل الرواية، ثم تمضي أحداث هذا العمل الأدبي التي تدور معظمها في الحانات والبارات، لتنتهي في الأخير إلى أن هذا البطل اكتشف ذاته واكتشف العالم من حوله من خلال علاقته الجنسية بمومس، بل تقدم له الرواية الاستسلام للخمر كحلّ للمشكلات النفسية التي تعترضه؟".
صحيفة "الاتحاد الاشتراكي"، الناطقة باسم حزب "الاتحاد الاشتراكي للقوات الشعبية" المشارك في الحكومة،-والتي كان الأديب الراحل ينشر قصصه في ملحقها الثقافي إبان مجدها، حين كان الحزب في المعارضة، وكانت الأكثر مقروئية وقتها- دافعت عن رواية محمد زفزاف بتخصيص ملف استطلعت فيه أراء نقاد وكتاب أعربوا فيه عن قلقهم من عودة محاكم التفتيش، واعتبرت الجريدة اليسارية أن هجوم الصحيفة الإسلامية على الرواية يتأسس على معايير أخلاقية لا تستقيم بالضرورة مع المعايير الجمالية للأدب والتحليل الأدبي ولا مع الشرط البيداغوجي للعملية التربوية التي لا تستجيب للشرط العلمي الأكاديمي البعيد عن أية حسابات سياسية أو معايير أخلاقية، و يخلص الناقد عبد الفتاح الحجمري أحد المشاركين في الملف الى أن "الأدب ليس عقيدة، ومجاله ليس الإيمان. الأدب تربية وتكوين للوجدان، ومعرفة مشرعة على الممكن والمحتمل برؤية انتقادية ضد كل أنواع التصديق، ولا ينبغي أن يدرس الأدب كفكرة نمطية، ولذلك لابد من الدفاع عن التخييل، وأن نعلم التلميذ، لا أن يحب النص الأدبي، بل أن يسائله بقلق..".
تدور أحداث الرواية حول شخص حميد الشاب، شاب في الثامنة عشرة من عمره، من أسرة فقيرة تعاني الفقر وتسكن ''براكة''(مسكن صفيحي)، يبيع الصحف ولا يحصل من عمله إلا بضعة دراهم لا تسمن ولا تغني من جوع، وتدور معظم أحداث الرواية وسط الحانات والبارات، وتصور الرواية مراحل تطور عمر هذا الشاب الذي كان متعففا يلتزم تعليمات والدته بالامتناع عن الخمر والتدخين والزنا، ليغادر البيت والعيش في أحضان مومس تسمى غنو، ويختار بعد أن وجد عروسته ''فيطونة'' غير عذراء طريق الخمر والعودة مرة ثانية إلى حضن المومس.
واقتطعت "التجديد" بعض الفقرات من سياقها الفني والدرامي، و اعتبرتها تعتمد الحياد الإيجابي إزاء ظواهر شرب الخمر والاعتداء على الوالدين، كما في مشهد الحوار الذي يقول فيه أحدهم لبطل الرواية:
"هل تسكر؟
- لا.
- مزيان أيضا، ولكن هذا غريب. إن الحثالة من أمثالك يكونون قد تعلموا هذه الأشياء قبل بلوغ العشرة. لا علينا. إذا لم تكن قد تعلمت هذه الأشياء فالطريق أمامك مفتوحة. ستعرف كل أصناف البشر، اللصوص، الموظفين، الجنود الأمريكان، المومسات، إنه عالم كبير ينتظرك، ستحتك به بعد حين".
وفي ردها على جريدة "الأحداث المغربية"، المستقلة ذات التوجه الليبرالي العلماني كتبت "التجديد" تحت عنوان : " ليس كل إبداع صالح للتداول التربوي "، مشيرة إلى أن" المشكلة، أن البعض لا يميز بين النص الروائي كنص مقروء، وبين النص الروائي كنص تربوي، إذ لم يعترض مقال ''التجديد'' على حق الروائي في أن يكتب سيرته بالشكل الذي كتب به الروائي الراحل محمد زفزاف ، ولكن وجه الاعتراض في أن يكون هذا النص المشحون بقيم تخالف قيم المنظومة التربوية، نصا مقررا على الناشئة التربوية تستلهم منه القيم والنماذج التربوية"، وأوضحت أن من الخطورة أن تستلهم الناشئة تلك القيم. وفي عدد يوم 29/09/2009 كتب بلال التليدي عن توصل الجريدة بشكاوى عدد من الآباء اعتبروا الرواية "تقدم نماذج تغري المتعلمين بالجرأة على مخالفة تعاليم الدين الإسلامي وضرب أسس المواطنة الصالحة"، ووصفوا رواية محمد زفزاف بأنها ''سوقية من الغلاف إلى الغلاف''، وبأنها ''تنوه بالممارسات اللاأخلاقية، وتقدمها للمتعلمين في صورة نموذج للاقتداء''.
للإشارة، فقد اشتهرت قصص وروايات محمد زفزاف بواقعيتها، وابتعادها عن دغدغة العواطف.. كتابة حيادية المعالجة، لا تسقط في فخ الوعظية ولا النبرة العالية.. ولا تضع مكياج الطوباوية والطهرانية ولا تزيف الحقائق. كان صاحب "الثعلب الذي يظهر ويختفي" من أوائل من حرّروا الأدب من المعالجات الساذجة، التي تحاكي قصص أفلام الأبيض والأسود، كان زفزاف -صحبة إدريس الخوري ومحمد شكري- أول من التفتوا إلى "كومبارس" القاع، والمسحوقين في الأحياء الخلفية، فجاءت كتاباته صادقة، بعكس الكتاب المرضي عنهم، الذين يعيشون في أبراج عاجية ! حتى أنه عاش بؤس شخوصه ومعاناتهم نفسها، في شقة متواضعة بحي المعاريف بالبيضاء، مفضلا فيها العزلة على نميمة الكتاب، "أنا رجل حسّاس ولا أريد النميمة ولا الغيبة من المثقفين، صديقي القلم وأوراقي، وبطبيعة الحال العلاقات الإنسانية مع بعض الأصدقاء"، يقول زفزاف.. الذي كانت تجمعه علاقة وطيدة ومتميزة بالأطفال من أبناء الجيران، الذين كان يساعدهم في مراجعة دروسهم، وأيضا مع سلاحفه التي قال عنها : "أنا أفضل أن أعاشر السلاحف على بعض الأنواع من البشر، ليس كل البشر.. هناك بشر لا يستطيع الإنسان أن يحتملهم".
عن خوف الإسلاميين على أخلاق الناشئة، نهمس في آذانهم- حتى تطمئن قلوبهم- أن لا أحد يهتم بقراءة الأدب المغربي، فأشهر كاتب مغربي يجد صعوبة في تسويق أكثر من ألف نسخة من روايته، حتى لو كتب عنها النقاد صباحا ومساء في الجرائد والمجلات..الاستثناء الوحيد هو "الخبز الحافي" الرواية التي قرأها كل المغاربة، والعرب والعجم أيضا، رواية محمد شكري، الصديق الحميم لزفزاف.. لكن تعامل الجميع معها، كما يتعاملون مع أفلام البورنو، حيث يتم تداولها بين الأيدي خلسة، دون أن يفطنوا إلى ما وراء السطور... معتبرين "الخبز الحافي" كتابة استمنائية لاغير !!...
لكن ما نستغرب له هو صمت بلال التليدي كل هذه المدة، ما يجعلنا نتساءل: أين كان قبل ثلاث سنوات؟!
أخيرا وليس آخرا، أود أن ألفت انتباه قائد الحملة التليدية إلى تعليق لأحد القراء جاء فيه : " ليست كتب زفزاف هي التي ستفسد الخلق... بالله عليكم هل كل البنات اللواتي يخرجن كل مساء للوقوف على الأرصفة درسن كتب زفزاف أو شكري... أغلبهن لا يفرقن بين الألف والعصا"، والجملة الأخيرة كناية عن أميتهن وجهلن.
إن ما يؤلم -حقا- في هذه القصة كلها، بعد أن كرّم زفزاف رمزيّا بعد رحيله- هذا إن اعتبرنا تدريس روايته تكريما-، وهي عادة عربية سيئة للأسف، أن يطالب الأخ بلال التليدي بقتله مرة أخرى، فنظلم كاتبنا الكبير حيّا وميتا، لكن أبشع ما في هذا التكريم أن الناشر وحده المستفيد، وكان الراحل لا يتوانى عن وصف الناشرين باللصوص، حتى أمام كاميرا التلفزيون.

ونتابع بحول الله لاحقا عن مسيرة هذا المبدع الرائع الذي بصم تاريخ الابداع المغربي والعربي بالكثير

نص من المجموعة القصصية لعنة باخوس/ أحمد بلكاسم /
مهداة إلى روح الراحل محمد زفزاف
لعنة باخوس

الرجل ذو القامة المديدة الناحل الجسم الشاحب اللون، ذو الرأس المغشى بالبياض والعينين الضيقتين والشاربين الأصهبين، يبدو أنه قد خطا خطوات حثيثة في عقده الخامس، خرج كالسهم من الدار البئيسة وترك الباب مواربا عن قصد أو عن غير قصد، كان يرتدي بذلة رمادية، اقتطعها من سحابة كئيبة، وينتعل حذاء أسود ،حرص على تلميعه، يحدث طقطقة مع كل خطوة كان يخطوها في الزقاق الضيق الطويل ، كان يرضع سيجارة شقراء، ينفث دخانها من فمه الأترم في كل اتجاه، ويرفع رأسه هنيهة، ثم يطرقه وقتا طويلا، ناظرا إلى الأرض، كعالم كبير يبحث عن حل لمشكلة عويصة ،مثل ثقب الأوزون.
قبل أن يبتلعه الزقاق الضيق الطويل، أدركته سيارة وانتشلته من فم الزقاق، ما إن ربط حزام السلامة وأسند ظهره إلى المقعد، بادره السائق:
- تبدو شاحبا ومتوترا؟
- الولد تشاجر مع أخته.
- ................!؟
- كأني به يغار منها.
- ................!
- الولد كما تعلم بلا شغل، وأمه بدل أن تفض الشجار، راحت تصب جام غضبها علي، وتلومني، كوني لم أساعده على الهجرة إلى الخارج.
- تقصد "لحريك"؟
- إنها تنكأ الجراح وتدميها.
- هون على نفسك يا صاحبي، لدي البلسم الشافي لجراحك، وفي أرقى مشفى.
- آ آ آ آ آ آ آه
- لن نذهب إلى الزاوية المعتادة.
- لماذا؟
- سنغير العتبة.
- ولكن، أنا جيوبي مجروحة هي الأخرى.
- ما ولكن والو، واحد الهمزة جابها الله ،ساهلة ،ماهلة.
- ربما الخيول التي علفتها من زمان سمنت و لم تخيبك .
- لا خيول ولا هم يحزنون، إنما توسطت للحاج فلان، ودور معي تدويرة صحيحة، الله يخلف عليه.
- بصحتك، تستاهل.
تندلق من الفم الأترم ابتسامة لا لون لها، ثم يعقبها سؤال مباغت من صاحب الهمزة:
- قل لي، هل تشاجرت مع أحد ما فأفقدك جل أسنانك؟
- نعم تشاجرت... مقهقها ها ها ها.
- مع من؟ وقيل مع شي بوكسور قوي!
- لا. مع بوكسورة...
- مع من الله يخليك؟
- مع زجاجات الجعة، كلما حاولت نزع سدادتها بأسناني، نزعت لي هي سنا حتى صار فمي كما ترى.
- أصبح مثل البزطام.
- قل أترم.
- لغة الكتب ها ها ها ... ما عطاتك والو أصاحبي.
- صدقت، أنا أعرف فقط كيف تكتب الهمزة، أما أنت فتعرف كيف تكسب الهمزة، ها ها ها .
قهقهة كأنها حشرجة الموت.
في الزاوية المصنفة، اتخذا لهما مكانا مرموقا، هرع إليهما النادل، فنقده ذو الهمزة الساهلة الماهلة ،وطلب منه الكثير من الزجاجات، وذو الفم الأترم ازدادت عيناه ضيقا، بينما انبسطت أسارير وجهه المكدود، وكلما ناولهما النادل البلسم الشافي ،كلما انحلت عقدة الفم الأترم.
من الباب الذي ترك مواربا، خرجت فتاة هيفاء، ممشوقة الجيد، رشيقة القوام، في ذروة الطراوة، مرفوعة الرأس. التفاتاتها ونظراتها إلى المارة ،تنم عن كبرياء مفضوح. كانت ترتدي قميصا حريريا نصف كم، مطرزا بالأبيض والأسود، كأنما قدّ من جلد نمر، وسروالا لاصقا ،بلون أبيض، يتراءى من خلف هذه الثياب الشفيفة،قدها المصقول. ما إن خطت خطوات محسوبة، في الزقاق الضيق الطويل ،حتى تلقفتها سيارة عصرية،مكشوفة الغطاء.
- ما بك يا جوهرتي؟
- أعصابي متوترة أف ف ف ...
- لم هذا التوتر والتأفف يا لؤلؤتي النفيسة؟
- أخي يحرجني أمام الوالد والوالدة، دائما يعيد أمامهما أسطوانته المشروخة.
- أفصحي؟
- يسألني من أين لك هذا؟ وهي تشير إلى هاتفها الخلوي، ومن أين لك هذه ؟وهي تمسك بالسلسلة الذهبية المتدلية على الصدر بلا مبالاة، ومن أين لك هذا، وهي تحرك الخاتم في الأصبع الوسطى في اليد اليسرى تمنيت لو أنه"حرك" بحال قرانو.
- "صبري شويه، داب يتهرسو لو القرون" وهو يركن السيارة بمحاذاة الزاوية .
- أوكي ، باي.
ودعته بقبلة على الخد الحليق، ابتسمت ثم حملقت في عينيه، بادلها الابتسامات والنظرات، حتى وصلت باب الزاوية، غمزها غمزة برتقالية بعين السيارة.
قبل أن تباشر عملها المعتاد ،حرصت على تعكير الشفتين بلون البن ،وتكحيل العينين بلون الليل، ورسمت على الخدين ظلين محتشمين، وصففت شعرها الأثيل، ذا اللون الحجري، ثم أسدلته على الكتفين، وتعطرت بعطر الإغراء والإثارة، وشدت أزرها ،بحزام يخاله الناظر هالة تطوق كوكبا. تذكرت لهنيهة تلاسنها مع أخيها، رغم أن كلماته كانت تخرج من فمه موؤودة مثل شهادته الجامعية. تنهدت وزمت شفتيها كأنها تتذوق طعم بنّهما.
باشرت عملها في الزاوية المصنفة في خمسة نجوم، حيث ذو الهمزة ما انفك ينقد النادل نقدا على بلسمه الشافي، وذو الفم الأترم ينقده ابتسامات لا لون لها، وكلاهما يطلب المزيد من الدواء، والنقد والابتسامات حتى إذا ما رأى ذو الفم الأترم، الهيفاء تتلوى كأفعى في- جامع الفنا- قام يريد مراقصتها، لم تسعفه قدماه ، وإن أسعفته الكأس، كانتا تنثنيان واهنتين ،كأنهما مصنوعتان من الشمع.
مثل ديك مذبوح ،نشر جناحيه على ذراعي الأريكة ،وبسط إلى الأمام الساقين الرخوتين، مثل خشبتين متوازنتين. لفظ أنفاسه دفعة واحدة ،وترك رأسه الثقيلة تتدلى نحو الصدر، لقد انتقل إلى عفو باخوس في ملكوته الأعلى، حيث رآه رأي العين، يطير ويرف بجناحي ورق الدالية ،ورأى عينيه ترشح منهما بنت الكروم النواسية المعتقة. دنا منه فضمه بين جناحيه، وأعطاه مفتاح المفاتيح، فشكر باخوس على جوده وكرمه، فالمفتاح الذي طالما تمناه ملكا له،ها هو الآن بين يديه، سيخلصه من ذل الكراء، وسيضع حدا لشجار الأخوين، كما سيضع خمسة ممتلئة في فم الزوجة الشامتة، وسيريحها من اللجوء إلى قاموس الاعتذار للكاري. نفض جناحيه، وصاح ملء منقاره الزجاجي أين أنت يا صاحبي؟ يا ذا الهمزة؟ بحث عنه ليريه مفتاح الأزمات، بحث عنه بين العيون الحمر، والرؤوس المترنحة في تثاقل، والبطون المنتفخة، وبين الزجاجات الملأى، والفارغة.
رمقه وسط سحابة دخان كثيف من الألوان القزحية، كان يراقص أفعى، ويده تدس أوراقا بنكية تحت ورقة التوت الشبقية. تقدم نحوهما متمايلا، ثملا، يريد مجاراتهما في التواءاتهما. حدجته الأفعى، فزعت لرؤيته ،فتوارت عن الأنظار، سأل صاحبه عن سبب نكوصها، لم يلق منه جوابا، بل رد عليه مازحا:
- ربما خافت من فمك الخرب، وجسمك النحيل كعود ثقاب.
- وحق باخوس ما أردت إلا مراقصتها.
ما كاد ينهي كلامه ،حتى امتدت إليه يد "الفيدور" السليطة الطليقة ،فكمشته كمشة واحدة، وألقت به خارج الزاوية المصنفة.
بعد غيبوبة استفاق ،وقام كما يقوم كلب تجرع سما، وهو يرتعش زائغ النظر، تائه الخطو، ودوار شديد يعصف برأسه. وبينما هو يبحث عن بوصلته، إذ بدورية أمن تنتشله من دوامته، سيق إلى مخفر الشرطة ورجلاه لا تطاوعانه صعودا ونزولا، وانعطافا في المخفر، لما طلعت عليه شمس الصباح، وجد نفسه يقاوم أسئلة محرر المحضر.
- ما اسمك؟
- حماد الراوي.
- ظاهر عليك راوي، راوي مزيان.
- اسم أبيك ؟
- قويدر الراوي .
- اسم أمك ؟
- حدهوم بوشارب.
- ما فيه شك شربت حتى رويت.
- ماذا تشتغل؟
- لماذا أنا هنا؟
- أريد جوابا لا سؤالا مفهوم؟
- أستاذ.
- أين تسكن؟
- حي الكرم، زنقة التيسير رقم1. لماذا أنا هنا؟
- بل قل لماذا ذهبت لتعثو فسادا في الزاوية؟
- لم أفعل شيئا، إنما أردت أن أرقص.
- بتصرفك هذا، تضع العصي في عجلة تنمية البلاد.
- أردت فقط مراقصة إحدى الحيات.
- أنت لست-عيساويا-؟ كي تفعل ذلك.
- راه اتقينا فيك الله، ما بغيناش نخرجولك على خبيزتك ، مفهوم؟
- نعم فهمت، شكرا.
- احذر لعنة باخوس، هيا انصرف.
- باخوس، باخوس!
خرج لا يلوى على شيء، لما ولج الباب الذي تركه مواربا، رأى الأفعى الراقصة، التي كانت تتلوى على خشبة الزاوية، في شجار عنيف مع ولده، دنا منها وهو يقول: إن الحيات تشابهن علي، حتى إذا ما صار قاب قوسين أو أدنى من القميص الحريري المطرز بالأبيض والأسود المقدود من جلد نمر، والسروال الأبيض اللاصق الشفيف، والقرطين الدائريي الشكل ، المعلقين بشحمة الأذنين، والمتراقصين بلا توقف، كلها شهود إثبات على إدانة الأفعى، لكن لسانه تصلب، وارتعش جسمه، وشحب لون وجهه. تخشبت الألسنة كلها؛لسان الأب،لسان الأم،لسان البنت ولسان الولد، فنابت عنها لغة العيون... عيون تستنكر، عيون تبرئ وعيون تدس العار في الصدر على وهن.
أخرج سيجارة شقراء، وألقى بنفسه في الزقاق الضيق الطويل، تاركا الباب مواربا خلفه، أدركته سيارة ذي الهمزة.
- قل أين اختفيت البارحة ؟
- شفطتني الفاركونيت.
- تكرفسو عليك؟
- لا، إنما حذروني من وضع العصي في عجلة تنمية البلاد ،كما حذروني من لعنة باخوس.
- آش يكون هذا باخوس؟ شي ولي صالح؟
- سأكلف كَوكَل بالبحث عنه.
- شنو هذا كَوكَل عاودتاني؟
- غول، غول كبير، فمه أترم مثلي.
- أترم. لغة الكتب اللي ما عطاتك والو...!
- أترم وحيد القرن ها ها ها .
- ها ها ها كركدان تعني؟
- لا، أترم وحيد السن مثلي تماما.. ماشي كركدان .
هامش:
-همزة:فرصة سانحة ومربحة
-جابها الله أتى بها القدر
- ساهلة ماهلة :يسيرة بلا تعب
-وقيل:ربما
-لحريك:الهجرة السرية
-دابزت :تخاصمت وتضاربت
-راوي :شارب
-مزيان:جدا
عيساويا: نسبة إلى فرقة عيساوة وهو أحد مروضي الأفاعي في المغرب
-شفطتني الفاركونيت:أقلتني سيارة الشرطة
-تكرفسوعليك:أساءوا معاملتك
- آش يكون :من يكون
-شنو:ماذا
-والو :لاشيء

محمد زفزاف شاعر الرواية المغربية
محمد زفزاف شاعر الرواية المغربية
شاكر فريد حسن*****


محمد زفزاف قاصّ وروائي مخلص للكتابة الادبية الابداعية الملتزمة بهموم الانسان، كان له حضوره الواسع ومكانته البارزة في المشهد الادبي المغربي. وقد حظيت نتاجاته واعماله القصصية والروائية باحترام الاوساط الثقافية والشعبية في الوطن العربي.
قدم الى الحياة سنة 1945 من قاع الشعب وعمل مدرسا ثانويا ثم ترك العمل وتفرغ للادب والكتابة، فكتب الشعر والمقالة النثرية والقصة القصيرة والرواية وانتمى للوعي النقدي والادب الواقعي الذي يعبر عن القضايا الشعبية والهواجس والعذابات الانسانية، ووقف بحزم ضد الكتابة المأجورة والمدجنة والمداهنة والمراوغة.
حاصره البؤس والفقر والقهر وعاش فقير الحال لا يهتم بشكليات الحياة، وفي اواخر عمره صارع المرض والموت الى ان لفظ انفاسه الاخيرة سنة 2001. وكان زفزاف على علاقة خاصة ومميزة وواسعة مع بسطاء الشعب والفقراء والمهمشين والمحرومين والمنكسرين والباعة المتجولين ومع اطفال الحارة والزقاق الذين كانوا يقبلون يده وقد عرفه الناس من ملابسه الخشنة ولحيته الطويلة وعينيه النابضتين بالحياة. وجعل محمد زفزاف من التمرد شعارا له، ورغم طباعه الهادئة ورقة مشاعره – كما وصفه مريدوه – الا انه كان غاضبا ومتمردا ومتفجرا ومناهضا لقيم المجتمع البرجوازي القائم على الانحلال والفساد والاحتيال والغش والخداع والظلم والتسلط القمعي والتهميش واستغلال القطاعات الجماهيرية الكادحة والمنسحقة والتلاعب بمصيرها.
ولمحمد زفزاف اضمامة من المجموعات القصصية والروائية والكتب الادبية التي صاغ ونسج خيوطها وحروفها بخياله الجامح ودبجها بيراعه الحاد والنقي ونذكر منها "افواه واسعة، بائعة الورد، المرأة والوردة، الغابة، بيضة الديك، محاولة عيش الحي الخلفي، الثعلب الذي يظهر ويختفي، سيرة الدار البيضاء، مدينة المفارقات، مدينة الاسمنت، وغيرها".
محمد زفراف يقف في خندق الواقعية ويستقي ويستلهم موضوعاته وعناوينه ومادة نصوصه من حركية الواقع الاجتماعي الزاخر بالتناقضات، وينقل الحكايات والصور الواقعية المثيرة للاهتمام والفضول ويرسم المشاهد من حياة المقهورين والمنبوذين والمقموعين والمضطهدين والمطاردين في الشوارع والارصفة والازقة ويعري اخلاقيات وسلوكيات العناصر والقوى والفئات البرجوازية والاقطاعية التي تستغل وتضطهد الفقراء والعمال والشغيلة وتسلب كرامتهم وتفقدهم حريتهم، ويطرح قضايا اجتماعية وهموما حياتية يعيشها المجتمع المغربي والعربي.
ويمتاز زفزاف بلغته التعبيرية الشاعرية البسيطة والشفافة والسلسة والصافية والمدهشة ذات الحميمية والدفء الانساني الخاص والجمالية الفنية القريبة من الروح والنفس البشرية الجريحة والمعذبة، ويمكن القول بانه شاعر الرواية المغربية.
محمد زفزاف كاتب انساني ملتزم وملتصق بقضايا الناس والشارع والمجتمع والحياة، لم يغب الانسان المهمش والمعذب في أي عمل من اعماله، وهو نموذج متفرد للكاتب الجاد والحقيقي الذي يغوص في الاعماق ويعيش واقع القهر والبؤس والحرمان الاجتماعي ويعبر بكل صدق ووضوح وشفافية وبمهارة فائقة عن حياة البؤساء المتطلعين الى المستقبل الزاهر والوضاء ويؤسس لمملكة جديدة تدين بالاخلاق الانسانية والولاء للقيم الثقافية والابداعية والحضارية ونشدان الحرية والدمقراطية والعدالة الاجتماعية. الرسالة

فاطمة الزهراء العلوي 19-11-2014 01:46 PM

رد: الفينيق محمد زفزاف يليق به الضوء
 
محمد زفزاف في ذكرى رحيله الرابعة: منجم صبر ظل يحمل هموم البسطاء في كتاباته حتى الرمق الأخير
عن الر قمية: مغاربية


كتب محمد زفزاف عشرات الروايات وعشرات القصص. كان استاذا في مدرسة إعدادية قبل أن "يترقى" ليصبح أمين مكتبة التلاميذ. ولما كان طلبة اللغة يودون إنجاز رسائلهم الجامعية، لم يجدوا أدبا أحلى من ذاك الذي خطه محمد زفزاف.

قدم زفزاف من مدينة القنيطرة واستقر بالدار البيضاء ومنها كان يبعث قصصه ومقالاته و ترجماته من عيون الأدب. عاش "بوهيميا" لا يعرف غير الكتابة بين شقته ومقاهيه المفضلة مثل مقهى ماجستيك بحي المعاريف بالدار البيضاء.

الفوضوي المنظم، كان بنظر الكثير من النقاد العرب، أحد أكبر كتاب المغرب. وظل طيلة حياته لا تستسيغه مدينة الإسمنت ولا يستسيغها. كان دائما يمثل الوجه الاخر. الصورة المتناقضة مع "ثقافة المدينة" وبريقها الخادع وأصحاب البدلات الشيك والجهل الثقافي المطبق. كيف لا يراهم جهلة وهم من هدموا مسرح المدينة الوحيد في الثمانينات؟
قول الكاتب العراقي فيصل عبد الحسن: "كنت أعرف ان المبدع محمد زفزاف كريم اليد ويجود بما يملكه، كان بيته ممتلأ دوما بالأدباء الشباب الذين يأكلون معه في صحن واحد ويدخنون من علبة سجائره ويشربون معه بذات القدح.. لكنه، بسبب افتقاره الي مورد مال ثابت كان لا يستطيع في بعض الأحيان حتي شراء الجريدة."

زفزاف، الذي لم يحظى بأية جائزة أدبية وطنية في بلاده. يعكس حالة معروفة تماما في الأدب العربي بشكل عام. فالثقافة واجهة للسياسة وساحة لها أيضا. وليس ثمة رابط حقيقي بين الإبداع والشهرة.

يفسر الشاعر العراقي الكبير سعدي يوسف قلة الإهتمام بزفزاف ويرجعها إلى سببين: الأول أن أعمال زفزاف العفوية الصادقة تحترم جمهورها وتعنى بقضاياه ولا تقدمها كما يشتهي الآخر، والثاني: أن زفزاف لم يكتب بلغة أجنبية

من بين كتّاب القصة المغاربة، ظل محمد زفزاف الأكثر نصَباَ ازاء الفن، يحزم أمره، ويأخذ نفسه بالشدة.

ومن بين كتاب القصة المغاربة، ظل محمد زفزاف الأكثر وفاء لمسحوقي شعبه، حريصا الحرص كله على ان يظل هذا الوفاء متألقاً واضحاً عبر الفن، لا عبر البيان الصحافي او السياسي.

يقول سعدي يوسف في رثاء زفزاف: تشبّثه بالحرية، حرية الفنان والمواطن، أورده شظف العيش، بل المقاطعة والعزلة أحيانا. وبينما كانت النُّهزة سبيلاً الى الرفاهة كانت الشدة لدى محمد سبيله الى قامة الفنان الفارعة.
http://magharebia.com/awi/images/200...01-271_179.jpg
لقد كان الأدب المغربي بحاجة الي مسيح، يعذبه الفقر والمرض، ويموت بدلا عن جميع الكتاب والأدباء المغاربة، ويتحمل بموته عذاباتهم وغربتهم وقلة حيلتهم ازاء واقع متغير لا يرحم أحدا.

لقد خسر الأدب العربي محمد زفزاف مبكرا وربما ربح العرب والمغاربة "اسطورة أدبية"، كما فعل العراقيون حين ربحوا بموت السياب المفجع نموذجهم الأدبي الخاص بهم.

ستظل نصوص زفزاف عالقة في الأذهان لا تنسى. تلك النصوص التي تحكي عن مواطن عربي مهلهل الملابس يتلفت خائفا وهو يعبر إلي وسط الشارع ثم يتقيأ، ويظل يتقيأ حتى النهاية.

يروي زفزاف كفاح الشعب العربي اليومي.

فاطمة الزهراء العلوي 12-10-2017 01:34 AM

رد: الفينيق محمد زفزاف يليق به الضوء
 
https://www.almrsal.com/wp-content/u...8%B9%D9%87.png
https://www.almrsal.com/wp-content/u...9%81%D9%8A.jpg
https://www.almrsal.com/wp-content/u...8%AF%D8%A9.jpg

https://www.almrsal.com/wp-content/u...9%81%D9%8A.gif

محمد الصالح الجزائري 12-10-2017 05:48 AM

رد: الفينيق محمد زفزاف يليق به الضوء
 
ملف شيّق مشوّق، ممتع ماتع..وللأدب المغاربي سحره أيضا..شكرا لك جارتي الغالية الأستاذة فاطمة الزهراء العلوي..

فاطمة الزهراء العلوي 12-10-2017 12:53 PM

رد: الفينيق محمد زفزاف يليق به الضوء
 
اقتباس:

المشاركة الأصلية كتبت بواسطة محمد الصالح الجزائري (المشاركة 1689636)
ملف شيّق مشوّق، ممتع ماتع..وللأدب المغاربي سحره أيضا..شكرا لك جارتي الغالية الأستاذة فاطمة الزهراء العلوي..

مرحبا بـ خويا وشاعرنا العزيز السي محمد
شكرا على هذه الطلة الرائعة والتي جاءت بملف أخر رائع:
حيث طرحت السي محمد نقطة مهمة وهي هذه البقعة من الوطن العربي /المغرب العربي / فهي لم تاخذ حقها في الاعلام العربي في كل مواطن الحياة
لقد انجبت كبارا في الابداع العربي بل سبقت احيانا في هذا الابداع
لكن للاسف مغيبة ربما عنوة ربما إهمالا
شكرا السي محمد افرحني حضورك
ورحم الله السي محمد زفزاف

فاطمة الزهراء العلوي 20-10-2017 11:30 PM

رد: الفينيق محمد زفزاف يليق به الضوء
 
محمد زفزاف و«أقنعة الرواية»
مفتتـــح
يشغل المنجز الروائي للكاتب العربي المغربي الأشهر « محمد زفزاف»، حيزا من الوجود البارز على ساحة الرواية العربية، على مدار تاريخه المحدث، منذ أن أصدر أولى رواياته في العام 1972، الذي سبقت به رواية «المرأة والوردة» لتكون أولى رواياته المطبوعة، وآخر هذه الروايات «أفواه واسعة» في العام 1998، فمن خلال تسع روايات، تشكلت من خلال زخم العلاقات الإنسانية والثقافية والتأثيرية، التي تلاقحت مع روافد الإبداع الأدبي لديه، كشاعر بالأساس، وكمترجم منفتح على ثقافات الآخر من خلال ترجماته المتعددة في شتى مجالات الإبداع، التي يُذكر له في مجال ترجمة الرواية، ترجمته لرواية «كنولب» للكاتب الألماني «هرمان هيسة»، والتي صدرت عن دار الشؤون الثقافية ببغداد(1)، وكإنسان له من العلاقات والحضور الإنساني اللافت على المستوى العربي والعالمي، وكقاص له من الحضور القصصي ما يكفي لوضعه بجدارة في مكانة لائقة على خريطة الإبداع السردي العربي بصورة عامة.
إلا أن محمد زفزاف روائيا، يشغل مساحات من البحث والدرس التي تجعل من كتاباته الروائية نموذجا جديدا لهذه التلاقح الحضاري والإنساني، من خلال تجاربه الروائية التي واكبها الناقد المغربي محمد عز الدين التازي منذ بداياتها بقراءاته النقدية، في كتابه الهام «السرد في روايات محمد زفزاف»، والذي تناول فيه ستاً من أعماله الروائية بدءاً من «أرصفة وجدران» إلى «بيضة الديك»، وهو يعتبر أن زفزاف استطاع أن يحقق تراكما هاما في التجربة الروائية وتطورا في مفهومه للكتابة ورؤية العالم. كما أن هذه التجربة تراوحت في التعبير عن المأزق الفردي لنموذج البرجوازي الصغير، كمثقف، وبين الانفلات نحو ملامسة الهموم الاجتماعية عند نماذج شعبية ترتبط بفضاء مغاير، بحيث تحيل على الثقافي، سواءً من خلال التعابير التي يستخدمها السارد، أو تستخدمها الشخصيات، أو بواسطة الإشارات الثقافية إلى الكتب و الروايات وأسماء الأدباء(2).
كما تمثل شهادة الكاتب المغربي إدريس الخوري، المجايل لزفزاف، قيمة تاريخية وأدبية دالة على مدى العمق الذي كانت تتمتع به كتابات زفزاف في نقلها لفضاء القنيطرة كمكان، وجزء من جغرافيا المغرب الطبيعية والإبداعية، من خلال إبداعه الروائي والسردي على وجه العموم، وعلى نحو ما يقول :
« بظهور زفزاف، الغرباوي الأصل كشاعر ثم قاص وروائي، بدأت القنيطرة تتسرب إلينا عبر شخوصها.. إن فضاء القنيطرة ليس فضاء غنياً متعدداً، بأزمنته وأمكنته وشخوصه، فهو بدوي بربري، فاسي، يهودي، أمريكي، خليط من الأحياء والأمكنة الرمزية المستقرة في الذاكرات، وكون مدينة القنيطرة مدينة حديثة، قياسا إلى المدن التاريخية الأخرى، فهذا يعطيها وجها فسيفسائيا يعكس البعد الجغرافي والبشري لساكنتها»(3)
المرأة والوردة ( 1972)، وكتابة المستحيل
تشكل هذه الرواية، باكورة العلاقة بين محمد زفزاف والعالم الروائي والتي عرف من خلالها زفزاف روائيا، لتجوب شهرته بها المشرق والمغرب، من خلال عدة طبعات، كانت الأولى منها عن دار النشر العربية المتحدة، ثم أعيدت طباعتها في بيروت بدار جاليري(1)، بدعم من الشاعر يوسف الخال، كما صدرت طبعتها الثالثة بالمغرب 1987، بالشركة المغربية للناشرين المتحدين، بالرباط، بتقديم الناقد أحمد اليبوري. كما صدرت هذه الرواية مترجمة إلى الأسبانية عام 1997، في ترجمة مشتركة لمولينا رويدا بياتريز، وزهير الوسيني الكاتب والصحفي المغربي، عن منشورات الوكالة الأسبانية للتعاون الدولي، وكانت مقررة ببعض الجامعات الأوروبية منها جامعة بوردو بفرنسا، وجامعة ليدن بهولندا، وبعض الجامعات المغربية(4)، وقد اعتبرها بعض النقاد كتابة المستحيل، لتوافر شروط نجاحها على المستويين الفني والتقني.
وقد تبدو فيها نزعة التأثر برائعة الكاتب الأسباني الأشهر سرفانتيس «دون كيشوت» على النحو الذي استعان به في رسم مشهد من مشاهد الفصل الثالث من هذه الرواية، حيث يقول:
«مشينا في المنحدر. ثم توقفت سوز عند الواجهة وأخذت تتأمل أشياء من الصناعة التقليدية. رأينا تمثال دون كيخوتي مصنوعا من الأبنوس. قالت: أوه رائع. دون كيخوتة دي لا مانشا نعم .فوق حصانه.نعم…رائع أليس كذلك»(5).
كما تبدو هنا نزعة التأثر، من خلال تيمة التجريب الذي يحاول زفزاف في استثمار إمكانيات التعدد اللغوي لـ « تطويع اللغة للتعبير عن أدق المواقف»، بحسب تعبير الناقد المغربي أحمد اليبوري(6)
كما تبدو هذه النزعة من خلال بعض المقاطع الدالة من متن الرواية، على التأثير الذي تخلقه حركة التواصل الثقافي والمعرفي في تكوين الروائي الذي ينهل من الإبداع والثقافة ما يمكن تضمينه والاتكاء عليه من خلال التعانق مع الحالة النصية التي ترتبط ارتباطا تضمينيا للحالة، وتناصيا مع رواية «بيير بول»، «كوكب القرود» (1963) والتي تسوقها هذه العلاقة في هذا المقطع من الرواية:
«كانت الكراسي الحمراء قد ازدحمت الآن على إفريز مقهى بيدروس، وازدحم فوق الكراسي رهط من الناس يتكلم بلغة غريبة. وتذكرت بلا سبب رواية كنت قرأتها و أنا صغير لبيير بول، عنوانها « كوكب القرود» وتخيلت أن كل الناس الآن قرود لأنهم لا يستطيعون أن يفهموا بعضهم البعض إلا بالحركات»(7)
يقول زفزاف عن هذه الرواية :
«كانت أول رواية نشرتها هي «المرأة والوردة» (1972). وقد واجهت هذه الرواية بعض الصعوبات والمشاكل ذلك أن دار النشر، وهي دار النشر العربية المتحدة، تنكرت لها. فالناشر نشر الرواية دون أن يطلع على فحواها. وعندما صدرت قرئت له فتنكر لها»(8)
أرصفة وجدران ( 1976)، والاستغراب الفلسفي
نشرت هذه الرواية ببغداد، عن وزارة الإعلام العراقية في 115 صفحة من القطع المتوسط، والتي يقول عنها زفزاف في مقدمتها:
«كتبت هذه القصة ( الرواية ) بمدينة القنيطرة ما بين 1966/ 1967 وأعيد النظر فيها بسان روكي بأسبانيا خريف 1968، وبمدينة الدار البيضاء خريف 1971»(9)
كما يبدو فيها هذا التأثر بفلسفة سارتر الوجودية، حيث يقول عنها الدكتور عبد الله الشارف(10)، في معرض قراءته النقدية، ومن خلال تحليله النفسي للشخصية الواقعة تحت تأثير الاغتراب النفسي :
تعتبر رواية «أرصفة وجدران» لمحمد زفزاف من بين الروايات المغربية الكثيرة التي تجسد الاستغراب الروائي شكلا ومضمونا. وقد اختار الكاتب الروائي الفلسفة الوجودية على الطريقة السارترية «ج بول سارتر»، إطارا لتصوير أحداث الرواية، ومجالا فكريا مؤسسا للحوار. إن بومهدي- البطل الأساسي لرواية «أرصفة وجدران»- يكره العالم ويجرده من كل قيمة: «إن العالم مهترئ وقديم، بل عادي جدا» ولا يستثني في كراهية العالم حتى أمه: «إني أكرهها وأكره حتى البيت الذي يجمعني وإياها، إنها تعطف علي، ولكني أعتقد أنها لا تصلح لعطفي عليها، إنها لا تعجبني، لست أدري لماذا»(11)
كما يبدو التأثر بالثقافة الميثولوجيا اليونانية القديمة، واضحا في هذه الرواية التي ربما استعان فيها الكاتب، على نحو من التضمين الدال على ثقافته ورؤيته المنفتحة على العالم وثقافاته، من خلال حكايات إيسوب مرتبطة بحكايات الفلاسفة والمفكرين، على نحو ما يقول: «ركل كتابا بقدمه كان قد تعب من قراءته، ثم نهض مفككا الحكيم أيزوب وسقراط.. لا شيء قد تغير. إن القيم هي الأخرى قد اهترأت باهتراء العالم»(12)
قبور في الماء (1978)، وتحولات
الخطاب الروائي المغربي
صدرت هذه الرواية عن الدار العربية للكتاب (ليبيا/ تونس)، في 100 صفحة من القطع المتوسط، وهي الرواية التي يعتبرها الناقد المغربي محمد غرناط: «محطة بارزة في التحولات التي عرفها الخطاب الروائي بالمغرب، وأساسا من حيث كونها تستوحي من منابع مختلفة، نذكر بالخصوص حركة الرواية الجديدة، الفن السينمائي، الفنون التشكيلية…»(13)
كما يقول عنها الكاتب القاص إدريس الخوري، محللا وموجزا حول سمات المجتمع البحري الذي تدور فيه أحداث الرواية وتعالج إشكالياته النابعة من وجوده الجغرافي والطبيعي عند مصب نهر سبو بالقنيطرة بالمغرب، حيث يظهر البطل الجماعي للرواية في الصورة الشاملة لأهالي المنطقة من البحارة، كاشفا عن أجواء الرواية: «ففي قرية المهدوية، القريبة من القنيطرة، سيكتشف السكان، وأغلبهم بحارة وصيادون أن مركب العياشي لم يعد من البحر، عشرة أيام ولا أثر فيها للمركب..»(14)
كما يقول عنها الناقد المصري شوقي بدر يوسف، راصدا ملمحا من ملامح الكتابة الروائية لدي زفزاف، وهو سيميائية المعنى، وما تحدثه في فضاء النص من علاقات، تشكل آلية من آليات الكتابة الراهنة الحديثة التي يعد زفزاف أحد فرسانها، من خلال ورقته النقدية التي قدمها بالملتقى الذي أقيم للاحتفاء بذكرى محمد زفزاف بالقنيطرة بالمغرب يناير 2010.
«إن فعل السرد فى هذا النص يفرض على المعنى سيميائية خاصة تمتح منها قضايا الواقع بكل تأزماتها وتمحوراتها على الواقع والشخصية كما جاءت فى متون النص، فليست إشكالية الموت والمجهول وسطوة الواقع المعيش والحصول على أبسط متطلبات الحياة وهو (الطعام) ووقائع الفساد المتناثرة هنا وهناك والقبح بصوره المختلفة فى شتى أنحاء القرية إلا علامات ترفد نفسها على واقع النص من خلال آلية فعل السرد الذى وجهها الكاتب لتقول من خلال الحوار الدائر بين الشخوص، وفى بؤرة الحدث الرئيسي وممارسات الشخصيات البسيطة كل ما يريد الكاتب أن يعبر عنه»(15).
الأفعى و البحر( 1979)،
والعناق بين البحر وتيمة الحيوان
صدرت هذه الرواية في مايو 1979، عن المطابع السريعة بالدار البيضاء بالمغرب، في 120 صفحة من القطع المتوسط، وهي بحسب ما قيل عنها بقاموس زفزاف العالمي: «رواية تبحث في الأنفس، وتقيس التغيير، وتلامس الخطابات، وتعتني باليومي، وتسهم في دمج اللغات الممنوعة جريا وراء المزيد من الألفة بين القارئ ومغامرة النصوص الجديدة»(16)
وهي التي يستفيد منها الكاتب على المستوى الفني والتقني من ماهية وجود الحيوان التي لها عميق الأثر في الآداب القديمة التي مهدت طرقا عديدة للإبداع والتجديد، من حيث أن «المتأمل لموضوعة الحيوان في أدب زفزاف يصل إلى قضايا عميقة في الوجود الإنساني برمته، فهي تدل على رؤية العالم بالنسبة للكاتب، بحيث يصبح عالم الإنسان في مواجهة مع عالم طبيعي، من أجل المقارنة أو المفاضلة و أحيانا يصل الترابط إلى حد تبادل الأدوار… وفي كل حالة توضع إحدى طبائع الإنسان تحت مبضع التشريح والمساءلة والسخرية اللاذعة»(17)
تلك النزعة التأثيرية أيضا بمنطق عالم الحيوان التي تعامل بها زفزاف مع نماذجه الروائية المشتبكة مع هذا المفهوم من خلال هذا نموذجين روائيين سيأتيان في السياق هما «بيضة الديك»، و«الثعلب الذي يظهر ويختفي»، فضلا عن هذا النص الذي، يمتح أيضا من عالم البحر الذي يشير إليه الناقد المغربي حسن المودن من خلال مداخلته النقدية في الندوة المحورية التي نظمها فرع اتحاد كتاب المغرب بأسفي حول الكتابة والبحر (يوليو 2003)(18)، بأن رؤية زفزاف بحرانية شديدة التعلق بالبحر بالحياة الأولى البعيدة عن الثقافة والحضارة والمدنية، وهو الملمح الذي ربما تحتفي به الرواية من خلال العودة بالإنسان إلى الحياة الأولية العفوية والبسيطة البعيدة، مع فرضية انتقال الإنسان إلى عالم آخر سحري أشبه بعالم الحلم، وأن البحر يسمح بالعودة إلى حالة التخلص والعودة للانفتاح على اللاوعي والانفلات من مراقبة الوعي، فالبحر في هذا الموضع بحسب تعبير المودن يحيل إلى قيمة رمزية تتعلق بهذا العالم الأصلي والأصيل، وهو صورة استعارية تنسج الرغبة في الحلم، الذي تتحقق فيه الرغبات وتستباح فيه اللذات.
محاولة عيش (1980)، والبنية
الاجتماعية المنغلقة
صدرت هذه الرواية للمرة الأولى عام 1980 بمجلة الأقلام العراقية ضمن عدد خاص بالأدب المغربي المعاصر، كما أعيدت طباعتها في كتاب مستقل عن الدار العربية للكتاب( ليبيا/ تونس) 1985، كما صدرت طبعتها الثانية في كتاب عن منشورات الجمل بألمانيا (2006)(19)، وهي الرواية التي قال عنها الناقد عبدالعالي بو طيب أنها: «تمتاز على صغر حجمها، بسمات فكرية وفنية فريدة في مسيرة صاحبها الإبداعية الطويلة، نذكر منها على الخصوص: أنها الرواية الوحيدة التي تتضمن أكبر عدد ممكن من الشخصيات، يفوق 150 شخصية، موزعة على أصناف عديدة ومختلفة، وأنها الرواية الوحيدة التي تغطي بحكيها الأول فترة زمنية طويلة نسبيا،.. والخاصية الثالثة المميزة لهذه الرواية، عن باقي أعمال زفزاف الروائية الأخرى، تتمثل في كون أحداثها يؤطرها فضاء واحد كبير(مدينة القنيطرة المغربية) بكل ما يعتمل داخلها من تفاعلات، وما يتولد عن ذلك من إفرازات تجعلها تنشطر داخليا لمكانين مختلفين ومتكاملين»(20)
كما تقدم الرواية في رؤية نقدية مشتركة للكاتب الصحفي لحسن العسبي، الصحفي بجريدة الاتحاد الاشتراكي المغربية، مع الكاتب سعيد منتسب(21)، حيث يتحدد الهامش الاجتماعي من خلال فضاء القاع المجتمعي الذي يعالجه زفزاف في هذه الرواية التي تقول عنها الدراسة: «ومحمد زفزاف خير من حدد الظاهرة إبداعيا وكشف عن نظام العلاقات داخل بنيتها الاجتماعية المغلقة. فالكتابة في رواية «محاولة عيش» عن (حميد) ومجتمع السكارى والمنحرفين، وعالم «أحياء الصفيح» لا يريد إثارة عاطفة لدى القارئ بل يريد أن يعري واقعا قائما بذاته. وقد اعتمد محمد زفزاف على الأوصاف الناقصة والسالبة للشخصيات (الأعرج، المسلول، الكسول، السليط اللسان…)، وعلى نمط العلاقات بين سكان دور الصفيح (حديث الجارات، ادعاؤهن، النميمة والغيبة…)، وعلى الوظائف الاجتماعية البائسة (خادمة، بغي، عاطلة، بائع صحف…)، وعلى الأماكن السفلى (البراكة، الحانة، الغرفة الضيقة…)، وعلى السلوك الشاذ المنحرف (المرتشي، الجبار المعتدي…). إنه عالم يقوم على نظام خاص، وليس حالة تستدعي العاطفة الإنسانية»
بيضة الديك ( 1984)، والرواية البوليفونية
صدرت هذه الرواية التي اعتبرها محمد زفزاف «رواية معذبة» حيث استغرقت كتابتها أربع سنوات سنة 1984، عن منشورات الجامعة بالدار البيضاء، في 81 صفحة من القطع الصغير. ويبدو من عنوانها الدال ما يشير إلى بلاغة الاستحالة كما تتوافر فيها ميزة تقنية تعدد الأصوات (أو ما يسمى بالرواية البوليفونية ) والبنية الكرنفالية والحوارية، والتي يقول في شهادته عنها الكاتب العراقي عبد الرحمن مجيد الربيعي: «اختار زفزاف بضع شخصيات في روايته «بيضة الديك» التي وزعها إلى أبواب ثمانية. كل باب تروي فيه إحدى الشخصيات الوقائع من خلال وجهة نظرها الخاصة. والأمر هنا لعبة تكتيكية اختارها زفزاف قناعة منه بأنه، ومن خلالها يستطيع أن يقدم كل شخصية وفق أبعادها التي أرادها لها. على الرغم من أن هذا التكتيك كان مألوفا جدا في الرواية العربية إثر تعرفها عليه لأول مرة من خلال «رباعية الإسكندرية» للورانس داريل، ثم «الرجل الذي فقد ظله» لفتحي غانم، «ميرامار» لنجيب محفوظ، و«خمسة أصوات» لغائب طعمة فرمان، وأعمال أخرى كثيرة.. لكن زفزاف صانع ماهر ودقيق جدا في فهمه لشخصياته، لا من خلال السرد فقط. بل ومن خلال الحوار الذي يديره بشكل عفوي ولكن تصاعدي وعميق، وهذا أهم ما يؤشر لصالحه في روايته هذه»(22)
وقد يكون زفزاف بحسب عبد القادر الجاموسي(23) قد راهن في بيضة الديك على تحقيق معادلة صعبة تروم التوليف بين المضمون الاجتماعي والتقنية الروائية العالمية، ولعل اختياره لهذا العنوان جاء كرد فعل بطريقة فنية على بعض النقاد الذين اعتبروا روايته الأولى في تاريخ الطبع المرأة والوردة 1972 بيضة ديك محمد زفزاف اليتيمة، فأبى ديك زفزاف إلا أن يبيض ثانية نصا شيقا وإنسانيا إلى أبعد الحدود.
كذلك يبدو تأثر الكاتب بآراء الكاتب الروسي الأشهر توليستوي من خلال الرواية التي أبدى فيها زفزاف إعجابه بهصراحةً ودون مواربة في عبارة أتت على لسان إحدى شخصيات الرواية: «إني لست من ذلك النوع من الرجال الذين تحدث عنهم توليستوي في «سوناتا إلى كروتزر» قليلة هي الكتب التي قرأت ولكن أروعها هو سوناتا إلى كروتزر أقرأه وأعيد قراءته»(24)
وهي الرواية التي ترجمتها إلى الإيطالية دار ميزوغيا 2001.
الثعلب الذي يظهر ويختفي (1985)،
وهندسة الفراغ السردي
صدرت هذه الرواية، السابعة في ترتيب روايات زفزاف عن منشورات أوراق بالدار البيضاء بالمغرب، في 93 صفحة من القطع الصغير، وتم تدريسها في جامعة السوربون بباريس، وبعض الجامعات بالولايات المتحدة الأمريكية.. ومن المقاربات النقدية التي عالجت الرواية، مقاربة الناقد عبد اللطيف النكاوي(25) التي يقول فيها، مؤسسا للعلاقة بين الفضاء النصي ومفردات الأشياء التي تدور في فلك الرواية: «إن العلاقة مع الفضاء والأشياء في الثعلب الذي يظهر ويختفي تأخذ صبغة مباشرة، فجة وحميمية تضاعف من طبيعتها المجردة من كل «فزّاعات» الحضارة المدنية مما يفسر الحضور الحيواني المكثف في النص، حضور يدفع باستراتيجية الإقصاء إلى حد المسخ أو تماهي وتداخل الحقائق والهويات كآخر ترسانة ضد سلطة الإقصاء الساحقة…
ينتظم الفضاء في الثعلب الذي يظهر ويختفي حول ثنائية الانغلاق والانفتاح أو الرغبة في الانعتاق من قبضة الحصار والضيق، رغبة تأخذ في النص شكل عودة نحو إقصاء وانغلاق جديدين: إنه الصراع الدائم من أجل استرداد طبيعة ضائعة، بين فضاء القناع وفضاء الطبيعة أو الحقيقة…
وإذا كانت كل هندسة للفضاء مهما أوتيت من الحرية والجرأة لا تستطيع أن تفلت من قبضة هندسة ومعمارية المتخيل، فإن في دينامية فضاء «الثعلب الذي يظهر ويختفي» صدى لدينامية فضاء حضاري عربي وإسلامي تشكّل فيه جدلية الانفتاح والانغلاق عنصرا حيويا ومحددا.(26)
كما تبدو نزعة التأثر بالثقافة الفرنسية من خلال كتابات أندري جيد، وألبير كامو، بتضمين بعض الأقوال وخلاصات القول أو معارضتها أو الاتفاق معها من خلال بعض المقاطع التي تأتي في سياق الرواية، على نحو ما يقول: «إذا كان أندري جيد قد قال في كتابه «لو أن الحية لا تموت» إن للعربي شيئا آخر، فإن كامو حول ذلك الشيء إلى سكين في يده. كلها أشياء إذن. ولابد للعربي من أن يكون له شيء يميزه»(27)
الحي الخلفي ( 1992)،
والواقع الاجتماعي الموبوء
صدرت الرواية عن منشورات دار الصحافة بالرباط، في 91 صفحة من القطع المتوسط، وهي الرواية التي اعتبرها الناقد حسن بحراوي أنها:
« تمضي بعيدا في تعرية الواقع الاجتماعي الموبوء الذي تعاني منه الشرائح الاجتماعية المهمشة وتكشف عن مظاهر التسلط والاضطهاد التي ترهق كاهلها»(28)
وفي حوار مع محمد زفزاف أجراه معه د.حميد أتباتو، في جزئية تختص الرواية بالنقد والهجوم العنيف عليها، في معرض السؤال: «أثارت بعض كتاباتكم الأخيرة مثل «الحي الخلفي» أسئلة كثيرة خاصة أن هناك من رأى أن إبداعية الكتابة عندكم تراجعت في هذه الأعمال ما رأيكم ؟» فأجاب قائلا :
« هذا رأي النقاد ومن حقهم ذلك, ومن الذي يمنعني من القول مثلا أن تولستوي كاتب فاشل. فهذا الكلام الذي أسمعه منك الآن, سبق أن سمعته من أحد الشبان الذين يكتبون. حيث قال: لو محونا اسم محمد زفزاف من ظهر غلاف «الحي الخلفي» لقلنا هذا كتاب لمبتدئ ورديء… الخ, رغم أن هذا الكتاب كتب عنه نقاد بشكل جيد وحبذوه, لكني أعتقد أن هذا الكاتب الشاب (نشر رواية), كتب فيما بعد في جريدة أنوال – وأنا لم أقرأ ما كتب – أنه يعتذر للعم زفزاف. ليس بالضرورة أن يكتب نجيب محفوظ روايات جيدة. قد نكبوا أحيانا, وأنا مثلا لم أسمع إطلاقا بالكاتب الذي فاز بجائزة نوبل مؤخرا, وقد حدثتني عنه إحدى الصديقات الفرنسيات التي عاشت 10 سنوات بالبرتغال. فمن حق الإنسان أن ينتقد الكتب المدنسة بل إنهم ينتقدون حتى الكتب المقدسة».(29)

أفواه واسعة ( 1998)، والعلاقة بين الذهنية وإشكالية الموت في الكتابة الروائية
أخر روايات محمد زفزاف، وصدرت عن مطبعة الجنوب بالدار البيضاء، في 96 صفحة من القطع المتوسط، وهي:
« رواية يهيمن عليها الطابع الذهني، تأسيسا من كون محور موضوعها يدور حول الكتابة تعريفا وإنتاجا وتداولا»، وهي بصيغة أخرى:» درس الكتابة الذي يصدر عنه الروائي، والذي يبلغه في الوقت نفسه إلى كل الممارسين لفن الكلمة»(30)
وهي الرواية التي يقول عنها الناقد المغربي صدوق نور الدين: «تبقى تجربة «محمد زفزاف « في «أفواه واسعة « تجربة ذهنية مدارها الأساسي الكتابة.. إنها بصيغة أخرى درس الكتابة الذي يصدر عنه الروائي، والذي يبلغه في الوقت نفسه إلى كل الممارسين لفن الكلمة.. من هنا، فإن هذه الرواية التي جاءت عقب «الحي الخلفي» لا تنخرط في ذات السياق والهم الذي انشغلت به بقية الروايات،من حيث أبعادها الاجتماعية والسياسية، وإنما تنفرد بخصوصياتها الموضوعية والجمالية.. وبذلك، تنضاف إلى تراثه الروائي وآثاره الجمالية، بل إنها الإضافة المشتغلة بالشكل، وهو مسار بدأت تشقه تجارب روائية عربية على تفاوت غاياتها ومقاصدها.»(31)
كما تقترن الكتابة بمفهومها الصرف، مع تيمة التعامل مع إشكالية الموت في كتابة هذه الرواية التي ختمت مشوار زفزف الإبداعي والحياتي على نحو من الارتباط الذي يشير إليه عبد الرحيم العلام في قوله:
« وإذا كانت قضية «الكتابة» قد شغلت الراحل محمد زفزاف في العديد من أعماله، وتحديداً في روايته الأخيرة «أفواه واسعة»، باعتبارها موضوعاً للمساءلة والانتقاد، فإن سؤال «الموت» قد جثم بدوره على هذه الرواية، وكأن زفزاف قد أحس بثقله عليه ففجره إبداعياً فيها وبشكل لافت وحدسي، حيث يخيم الموت كعتبة لتحريك العديد من الأسئلة المسكوت عنها والمرتبطة بسؤال الكينونة خصوصاً، فالموت في هذه الرواية يصبح أحد هموم الكتابة عموماً، بما هو سؤال جوهري، في ارتباطه خصوصاً بمسألة القلق والوجود والحياة والعالم الآخر، فـ «النصر للموت في آخر الأمر»، تقول الرواية (ص68): هكذا تشاء المصادفات أن تكون آخر موضوعة تحتفي بها آخر رواياته هي موضوعة «الموت»(32)
وفي معرض سؤاله حول هذه الرواية يقول زفزاف:
«لا أستطيع أن أتحدث عن هذا العمل, وقد سبق أن تحدثت عنه في بعض اللقاءات التي أجريت معي, ولكن هذا العمل يجب أن يعطي فيه النقاد رأيهم, لأنه لا يمكنني أن أنتقد عملي هذا , كما لا يمكنني أن أتحدث عنه. فقط أود أن أشير إلى أن بعض النقاد قد كتبوا عن هذا العمل, وقد اطلعتم بدون شك على الدراسة التي كتبها صبري حافظ حول « أفواه واسعة » في عدد أخير من «أخبار الأدب». وفي رأيي, فما كتبه صبري حافظ هو دراسة جيدة قاربت بالفعل هذه الرواية.(33)
خاتمة
يقول محمد زفزاف في معرض إجابته عن سؤال د. حميد أتباتو:» بعد «المرأة والوردة» و«أرصفة وجدران» و«الأفعى والبحر» و«غجر في الغابة» و«أفواه واسعة»… هل قال محمد زفزاف الأشياء التي كان يرغب في قولها؟
أجاب زفزاف : « كما سبق أن قلت لك. لم أقل كل ما أريد أن أقوله, ولا يمكن لكاتب أن يدعي أنه قال كل ما يريد قوله… فهو يستمر في الكتابة ويستدرك ما فاته».(34)
الهوامش
1- قاموس زفزاف للأدب العالميإعداد عبد القادر الجاموسيمنشورات عكاظالرباطالمغربطبعة أولى 2010
2 المرجع السابق ص39
3 المصدر السابق ص58
4 المصدر السابق ص102
5 المصدر السابق ص71
6 المصدر السابق ص71 كما تجدر الإشارة إلى أنه يعتبر أحمد اليبوري، أو«أستاذ الأجيال»، كما ينادونه في الأوساط الجامعية والثقافية، من بين أبرز الأسماء التي ساهمت في بناء صورة المغرب الثقافي، وفي ترسيخها وتعزيزها داخل الجامعة المغربية وخارجها.
7 المصدر السابقص 32
8 المصدر السابقص24
9 المصدر السابق ص10
10 أستاذ بكلية أصول الدينجامعة تطوان المغربية
11 الاستغراب الفلسفي في رواية « أرصفة وجدران»عن موقع الدكتور عبد الله الشارفhttp://www.charefab.com/Page6-5.htm
12 قاموس زفزاف للأدب العالمي.. ص20
13 المصدر السابق ص88
14 المصدر السابق، نفس الصفحة
15 سيميائية المعنى في الرواية المغربيةمحمد زفزاف نموذجاشوقي بدر يوسفملتقي القنيطرةيناير 2010
16 قاموس زفزاف العالميص11
17 المصدر السابق ص54
18 البحر في روايات محمد زفزافرواية الأفعى والبحر نموذجاـ حسن المودناتحاد كتاب المغربفرع أسفى2003
19 قاموس زفزاف العالميص100
20 المصدر السابق
21 محاولة عيش .. عالم ينبعث من فضاء المدن السفلى، والهامش الاجتماعي.. لحسن العسبي/ سعيد منتسب.. http://www.dafatir.com/vb/showthread.php?t=138352
22 قاموس زفزاف العالميص35
23 المصدر السابقالمؤلفص35
24 المصدر السابقص44
25 عبد الطيف النكاويباحث وأستاذ عربي، نشر العديد من الكتابات والدراسات في مختلف المجلات والصحف العربية والفرنسية، دكتوراه فرنسية في الدراسات اليهودية والعبرية، إجازة في اللغة العربية وآدابها، يعيش ويدرّس في فرنسا
26 دينامية الفضاء في رواية « الثعلب الذي يظهر ويختفي» لمحمد زفزاف.. موقع رابطة أدباء الشام. . http://www.odabasham.net/show.php?sid=12656
27 قاموس زفزاف العالمي ص52
28 المرجع السابق ص54
29 حوارمع الدكتور حميد أتباتو منشور في موقع مطر، على الرابط: http://matarmatar.net/vb/t16337/
30 المصدر السابق ص11
31 محمد زفزافأفواه واسعة، وإنتاج الكتابةـ صدوق نور الدينمجلة نزوي العمانيةالعدد التاسع عشرـ يوليو 1999
32 محمد زفزاف .. مغامرة الكتابة في تلويناتها العديدةعبد الرحيم العلامجريدة الشرق الأوسط اللندنيةالعدد 8033ـ 22 أغسطس 2002
33 حوار مع الدكتور حميد أتباتو منشور في موقع مطر، على الرابط: http://matarmatar.net/vb/t16337/

34 حوار مع الدكتور حميد أتباتو منشور في موقع محمد أسليم، على الرابط: http://aslimnet.free.fr/ress/h_tbatou/tba5.htm

محمد عطية محمود
قاص وروائي من مصر


الساعة الآن 06:24 AM.

Powered by vBulletin® Version 3.8.7
Copyright ©2000 - 2024, Jelsoft Enterprises Ltd.
جميع الحقوق محفوظة لأكاديمية الفينيق للأدب العربي
يرجى الإشارة إلى الأكاديمية في حالة النقل
الآراء المنشورة في الموقع لا تعبر بالضرورة عن رأي الإدارة بل تمثل وجهة نظر كاتبها فقط