أنا والبحر ..........
،،،أنا والبحر ،،،
. **قال: دخلتُ البحر ،،أعوم وأنظرُ إلى موجه العالي وأضحكُ له ،، كنتُ فتىً قويا تغريني قوّتي بالعراك ،،أريد أن أعارك دائما شيئا لا أراه ،،وكنتُ أحبّ البحر ، أحبّ أن أنظر في مداه ،،وأظلّ في مداه ولا أعود ،،! ،،وسبحت إلى الأمام أعلو موجه وأهبط ،،حتى ابتعدتُ في العمق ،،صرتُ في وسطه ولم أعد أرى الشاطىء ،، ! أنا في البحر ،،لا أحد معي !! أنا والبحر فقط . ،،أحسستُ كأنّ البحر حوتٌ عظيم ،،وأنّي مع الموت نفسه ! ،،وكيف أعود إلى الحياة ،،التى تركتها على الشاطىْ ،،! ذلك الشاطىء الحبيب ،،صار في عيني كأنّه حافّة جَنّة ،،،! . تصلّبَتْ عضلة ساقي اليسرى وتذكّرتُ رواية -الشيخ والبحر - وأنّ الأناة والصبر والحكمة ،،،هي طُرُقٌ للحياة لا تزلُّ ولا تُخطِىء ،،،وصرتُ أريحها وأعوم بساق واحدة بهدوء شديد ،،وفجأة قرَّرتُ العودة إلى الأرض ،،! . لا أدري لماذا أحسسْتُ بالحزن ،،أترك البحر وعراك الموت ،،،!فمن أعارك ،،! ليس في الأرض شيء تعاركه سوى نفسك ،،! فالحكيم لا يعارك سوى نفسه والسفيه يعارك الآخرين ،،!ولكنّي أعاركها أحثّها لتصل أقصى ايمانها وعلوّها ،،لا أحثّها لتتلطَّخ بشهواتها ،،! وانثنيتُ لأعود من هذا الشيء الذي لا ينتهي الى الأرض المحصورة في قدمي ! ،،أحزنني أن أترك البهو المديد الذي كان يذكّرني بالخلود وعمقه واتساعه ،،،وقلتُ - وأنا في طريق عودتي الى الشاطىء ،،أعوم بساقٍ متصلّبة -،،: هذا الجسم مثل آنية الفخّار ،، يحاصر روحي التي تتمدَّدُ فيه ،،،أو تطير منه ،،! . ،،جسم من التراب يمرض كلّ حين وتبكي فيه الروح كلّ حين ،،،لا يساعد ني أن أدور في الأفق ،، أو أقطع البحر ،، أو أعلو إلى آخر السماء ……! يحاصرني هذا الجسم الترابيّ ،،ويحطّم قوّة روحي ،،ويمنع علوّها دائما ،،،،،،فلن أكون في داخله غير شيء حبيس ،،،وأعظم ما يعمله الحبيس ، أن يصارع حبسه ،،،،! . وكلّ من لا يصارع هذا الحبس هو روح ميّتة ،،،نريد أن نعود الى السماء ،،،بطهرها وصفائها وسلامها ،،،ونسكن فيها ،،،تريد الروح منزلها وعودتها ،،ولا تعود ،،،،إلاّ أن يُحبَس هذا الجسم في القبر كما يُحبَسُ مارد الشيطان ،،،فيسمح الله لنا بالدخول في عباده وجنّته ،،،، . ,,وبدأتُ أرى الشاطىء ،،واحسْستُ بالأسى ،،فشلتُ مرّة أخرى ،،لم ينجح فِراري من الأرض ،،أعود دائما كما كنت ،،! كما كنّا نعيش ،، يوما معروفا من أوّله إلى آخره ،،وأنا أريد الحياة الحيوان ،،التي تتجدّد لا تعيش فيها إلاّ لحظة جديدة ،،لا تُعاد إلى الأبد !! ،،،أحسسْتُ بأحدهم يقول لي ،،: أنت تستعجل الجنّة فقط ،،احساسك بجسمك قليل وتكاد تطير ،،! . وهناك أناس ،،يُعذَّبون بجسمهم كما تجُرُّ بحبل ظبيا على الأرض الوعرة ،، وتُحزنهم شهواتهم ،،لأنها تذكّرهم دائما أنهم ليسوا في السماء ،،هناك أناسٌ ،،كالمسافر الذي أرهقت الطريق قدميه ،ولكنّ عينه تنظر في الأفق يحلم دائما بوطنه ،، السماء وعلوِّها . ووصلتُ الشاطىء ،،،ودخلتُ في كلّ شيء ،،،أناسا وطُرُقا ،وجيوشا في الشوارع ،،ومنازل ،،،ولكن ليس شيء في الأرض إلاّ بدا لي كما تبدو الصورة في مرآة مهشَّمة ،،،،،،،،! جيوش لا تحمي بل تقتُل ،، ولو اجتمع الناس في صحراء ،،لأخذوا من بعضهم حقوقهم أكثر ممّا تؤدّيه الِدوَل ،،،،! . ...ورأيتُ وأنا خارج من البحر ،،فقراء ،،ينظرون إلى البستان ،،ولا يأكلون منه ! يقولون لهم : هو لفلان ،،! ،،،ولو ظلّت النعمة لله لما منعها الله ،،ولا يُعطي نعمة الله كما أخذوها إلّا الصالحون . ورأيتُ ظالمين يطحنون في طريقهم كلّ شيء ،وضعافا ،يبتعدون عن طريقهم ،،يهربون كالفئران الصغيرة ،فقلتُ : لو علم الله أنَّ الإنسان قادر على العدل لما أرسل ملَكَا من السماء ،،يقرأ على الناس شريعة عدله ،،،،،! فتعجَّبتُ كيف يقبل الناس معلّما للحقّ مهيبا لا تملك عصيانه ،،، غير الله ،،،أيقبل أحدٌ ظلمه وجوعه ،،،! ومهانته ،،، . ورايتُ وأنا خارج من البحر ،،أنَّ الموت لم يكن في البحر ،،بل في هذه الأرض ،،تلتمع عيون الموتى والجَوعى والمذعورين ،،،،،،،،!،،في شوارعهم المزدانة بالأضواء الكاذبة ،، . . . . الكاتب / عبدالحليم الطيطي |
رد: أنا والبحر ..........
صدقت.. الموت في الأرض وليس في البحر.. في الأرض التي ملأها الله خيرا ولكن ساكنيها يتنازعون هذا الخير كلٌ يريد الاستئثار به لنفسه دون غيره .. الأرض التي لو طبّقت فيها شريعة الله لغدت جنّة يسعد فيها الجميع، ولكن الطمع والأنانية حولّاها إلى مستنقع من الظلم والجبروت والطغيان
نص جميل جدا يأخذ المرء إلى رحلة سطوره على أجنحة الحروف السلسة بوركت ودمت طيب العطاء أ.عبد الحليم كل التقدير |
رد: أنا والبحر ..........
فلسفة عميقة في طرح علاقاتنا مع أنفسنا مع المادة مع الآخر
وتناسينا بل ربما غيبنا أهم علاقة هي العلاقة ما بين الفرد وخالقه ففيها تنثني كل العلاقات والمواطن والحياة برمتها هي بذرة عطاء لأنها تسوي الطريق استقامة ما بين كل العلاقات السابقة ولأننا غيبنا هذه العلاقة التي هي الحل والمفتاح للخروج من شرنقة الدوار / بتنا كما الغراب لا نمشي مشيتنا ولا نستطيع تقليد الحمامة نص فلسفي عميق إلا أنه أتساءل لم هو في الساخر ؟ تحيتي للمبدع الطيطي الفاضل |
رد: أنا والبحر ..........
في الدنيا غارقون
تائهون لا جبال تنقذهم نص فلسفي الرؤية رؤيا صدق راقية الرسالة |
رد: أنا والبحر ..........
اقتباس:
اشكر الفهم الجميل يا استاذة / خديجة وألف سلام اليك |
رد: أنا والبحر ..........
اقتباس:
ما أعمق الفهم وما أبلغ الكلام ،،،وألف شكر للزهراء الأديبة وألف سلام **وأمّا الساخر ،،،فلأنّ الفلسفة كلّها سخرية يا استاذة ،،،لأنّها عالَم نظريٌّ ،،،لا يُطالُ ،،،ولا يعيش على الأرض ،،،بل في خيالنا فقط ،،،،كما لايكاد يعرف الجمهور من الأديان ،،،إلاّ بعض الخير ويسمّونه حلالا ،،وبعض الشرّ ويسمّونه حراما ،،،،،،،،،،،،،،،،،،أمّا العلاقة الربّانية التي يجب أن تكون بين الإنسان وخالقه ،،،كتلميذ مخلص ومعلّم لا يُخطِىء ،،،فهذا لا يفهمه إلاّ قليل ،،،كما لا يفهم الناس بحث الفلسفة المطلق ،،في الأسباب والحقيقة ،،،،وينتظرون إشارات إلى بعض الخير وبعض الحق ،،،،،،،،،،،،، |
رد: أنا والبحر ..........
اصعب شيء ان تشعر بالموت
وانتَ حي ومع من مع من تحب جميل هذا البوح المثقل بحقيقة واقعنا المرير دمت وهذا الابداع الانيق دم جميل مبدعاً كما أنتَ دائماً محبتي وتقديري أستاذي |
رد: أنا والبحر ..........
نص جميل عميق
دمت يألق الحرف وسمو الأفكار مودتي وتقديري |
رد: أنا والبحر ..........
اقتباس:
،،،ألف شكر للفهم وللقائك وألف سلام اليك |
رد: أنا والبحر ..........
اقتباس:
،،،،،،،،،،،،ألف شكر لثنائك وشرحك ،،،،وللطفك وألف سلام اليك |
رد: أنا والبحر ..........
نص لاذع بسخريته الفلسفية لمعنى الحياة والموت
دمت أنيق الحرف مبدعا فيه |
رد: أنا والبحر ..........
اقتباس:
،،،ومودتي ولك ألف سلام أخي العزيز / غلام |
رد: أنا والبحر ..........
اقتباس:
ودمت يا استاذ/ قصي ولك ألف سلام |
رد: أنا والبحر ..........
أنا غريب ..أذهبُ بسرعة
وفي لحظة واحدة .. قد لا أكونُ هنا و لحظةَ ..أكونُ ترابا بلا سمع أو بصر فلا تنادني ...في القبر وقد اندلقت عيناي .. فقد لا أجيب … فقلبي الذي كان يسمعك صار ترابا..! |
رد: أنا والبحر ..........
بوركت وجميل وما يسطر قلمك
ومزيد إبداع |
رد: أنا والبحر ..........
اقتباس:
الف شكر يا استاذة خديجة ,,والف سلام |
رد: أنا والبحر ..........
.
ورايتُ وأنا خارج من البحر ،،أنَّ الموت لم يكن في البحر ،،بل في هذه الأرض ،،تلتمع عيون الموتى والجَوعى والمذعورين ،،،،،،،،!،،في شوارعهم المزدانة بالأضواء الكاذبة ،، . |
رد: أنا والبحر ..........
.
،،هناك أناسٌ يحييهم الله مرّة واحدة - هنا في الدنيا فقط -،،وهناك مَن ،،يقومون من الموت ويستحقّون مع الله الخلود والعيد ،،، . . . |
رد: أنا والبحر ..........
اخي الكاتب عبدالحليم الطيطي قصة نعيشها في واقعنا سكبت بحبكة فنية راقية.. تحياتي الحارة
|
رد: أنا والبحر ..........
اقتباس:
|
رد: أنا والبحر ..........
[quote][/quote
اتسمع الآن لأجراس أعيادهم |
الساعة الآن 08:37 AM. |
Powered by vBulletin® Version 3.8.7
Copyright ©2000 - 2024, Jelsoft Enterprises Ltd.
جميع الحقوق محفوظة لأكاديمية الفينيق للأدب العربي
يرجى الإشارة إلى الأكاديمية في حالة النقل
الآراء المنشورة في الموقع لا تعبر بالضرورة عن رأي الإدارة
بل تمثل وجهة نظر كاتبها فقط