۩ أكاديمية الفينيق ۩

۩ أكاديمية الفينيق ۩ (http://www.fonxe.net/vb/index.php)
-   ☼ بيادر فينيقية ☼ (http://www.fonxe.net/vb/forumdisplay.php?f=31)
-   -   مجالسة زهراء لنصوص أعضاء الفينيق الأكارم (http://www.fonxe.net/vb/showthread.php?t=76304)

فاطمة الزهراء العلوي 06-10-2020 12:51 AM


مجالسة لنص *مكلوم النفس*
الناص:امصطفى الحمصي
المجالسة: زهراء


النص:

مكلومُ النَفَس :
ــــــــــــــــ
يا أنفاسي الموجوعة
يتلقّاني صقيعُ الفراغ
ينمو في كهوفي الجرداء
المتّسخة بنفايات التِيْه !

أيُّها اليمّ .. !
لا تنتظرني وأنت ممشوق الصمت
لا تغرقني في عباب ألمك
فالمعابد عطشى
والشواطئ ثكلى
ذلك الخيط الذي اقتحم خدر قصائدي
لا زال يُزجي جوفي حيث الليالي
ليتراقصَ على وقعها سراب الفَرَاش !

أنا لغةُ السكون المكلومة
ينتابني المنفى ... يجتاح صميمي
تقتفي قهوتي أثري
شيء مني ينتظرني
في متحف ذاكرتي يشيخ الشوق
كلُّ ما حولي يشي بدنوّ الرّيح
تجاعيد العمر ترهق أغصاني
ألتفتُ حولي هنيهة
أرى شعاع الربيع
مَغاوِرُ الصمت تهطلني عَطَشَاً .

هل سيُقيم الألم طويلاً عند نافذتي .. ؟
الأمكنة تكتظُّ بالفقد
وتفتقد الاكتظاظ
نبضي مبتور المعاني
مكسور النغمات
في هشيم الريح أنساني .
دعني ونبضي أيُّها اليراع .. !


المجالسة:

منذ البداية أوقفتني هذه الجملة الشاعرية الجميلة جدا:
يا أنفاسي الموجوعة
هي عتبة النص لانها أتت بالعنوان وبما تحمله الصورة ككل في النص
هي الاستهلال الذي يجهز المتلقي
ففي هذه الجملة بداية الحكاية :
هي مجموعة أنفس في نفس واحدة وجسد واحدا
يا لهذا الجسد كم يتحمل من تعب ...
فـــــــــــ هذه الانفاس مكلومة
الجملة اسمية تبدأ بنداء من الجواني إلى الجواني
وكأننا في ديالوج حتى وإن كان المخاطب * بفتح الخاء* ضمير مستتر في عمق الخطاب الموجه إليه فهو يبدو لنا حاضر في هذه الياء : ياء النداء
يا أنفاسي
نلاحط عودة الصورة المنادي / ضمير المتكلم / الى منبع ندائه فالصصوت من غلى الداخل جواني بامتياز هنا
ومن هنا قلت من الجواني إلى الجواني

من جهة أخرى ..
تتخلى عن الفعل لتؤكد انصهارها المباشر في الجسد
فهذا الجسد تنمو فيه المواجع صقيعا ويبحر بها في منه وإليه
وهنا نتحول من الديالوج إلى المنولوج وندرك بــــ أننا في مناجاة ذاتية تحاور نفسها بتعرية ما في دواخلها
دواخل لانها أنفاس كثيرة وبذلك هي دواخل كثيرة أوتوماتيكيا في جسد واحد
وهنا منبع الألم
نقرأ:
أيُّها اليمّ .. !
لا تنتظرني وأنت ممشوق الصمت
لا تغرقني في عباب ألمك
فالمعابد عطشى
والشواطئ ثكلى


تبقى الجملة الشعرية على ريتمية الخطاب : النداء
أيها اليم
ويتبعه أمر بالتوقف من متباعة نشاطه نحو هذه النفس او الانفاس المكلومة فلواعجها يقبرها هذا اليوم بصمته
نقرأ:

لا تنتظرني وانت ممشوق الصمت
تاتي صفة ممشوق لتدين هذا الصمت


فــــــ ممشوق كناية عن لامبالاة البحر لهذا الوجع الممتد حتى الشواطىء
نقرأ:

والشواطئ ثكلى

وكل هذه الصور تتناسل عبر جسد القصيدة نحو الهبوط الى جثة الوجع
فهي في قبضة أمكنة مكتظة بها ومنسية أو لنقل مهمشة من الجميع:
نقرأ:

الأمكنة تكتظُّ بالفقد


ثم قفلة تغلق النص على هذا الوجع فنعود إلى ما قلته في البداية
هذا الحوار المزدوج منولوج 8 ديالوج من الجواني إلى الجواني نحو البراني ، في توليفة جمع الضمائر حيث كل متلقي ربما قد يجد نفسه في أوجاع كهذا أحيانا
ظروف الحياة تدور وفي كل دورة تحط عند شخص ما ثم تلف و لكل دوره
قد تتعدد الاسباب لكن الوجع واحد
قال تعالى:
{وَتِلْكَ الأيام نُدَاوِلُهَا بَيْنَ الناس}

فكرة النص : موغلة في الوجع
قد تكون تجربة ذاتية لكنها تحمل في جوفها احتمال كل الضمائر فننتقل من المفرد الى الجمع

الريتمية:
ريتمية الخطاب في النص تمشي على وتيرة ساكنة ،حيث لا نبرح ما يعتمل في الداخل ونتنقل من صورة إلى صورة على خط مستو
تؤسسه قفلة كانت وفية لعتبة النص


نص رغبة للشاعر عبد الأحد بو دريقة




رَغـــــــبَــــــــــــة





أرغــبُ..
كمَا نُور فَجـر
ألاَّ أفتحَ عيْني على صُورة دمَاء
أقرَأ الجَريدَة ولا أقَع في بُقعَة أشْلاء
أرَى العـَالم يتـنفّسُ
صُورَ الرُّوح
النهرُ الملآنُ بضيّاءِ القمَـر
الطيورُ تتشبثُ بالرَّبيع
الشّفقُ يُحاورُ ارتدادَ المَوج
والحبّ ..بياضُ الأصل
شعاعٌ يُضيءُ بقَلب الإنسَــان
.
.

وأشياءٌ كثيرة..
يخلقُها اقتصادُ القَـتل والسِّلاح
أريدُ - كمَا نيرُودا *-أن أنسَاها !
.
.
قدْ أَتـوهَّـمُ..؟
.
.
وليكـُـــــنْ..

ما أفظعَ جمالَ كتابـَـة الوهـْم !}}


المجالسة :
حين مررت بنص المبدع الشاعر سالم رزقي ، *رغبة * حضرتني رغبة القراءة والمكوث فيه زمنا أكبر وأطول ، نظرا لما يحتويه من عمق فكري و/ حلم جماعي /..
{ أعـقد الأشياء هي الأشياء المألوفة } وربما خروجا من هذه الصعوبة ارتأيت هذه المغايرة...
ارتأيت أن أقرأ * الرغبة * من خلال كواليسها في احتمالات القراءة ، وبعيدا عن تحليلها من خلال مجموعة الألفاظ والصور التي حملتها إلينا ...

ثلاثية عميقة أسست قراتي لهذا النص الجميل :
الأرض/ الحلم/ الإنسان

1..الأرض
/ المكان / التجبر / الظلم/ الاعتداء / الوحشية/ التدمير / التقتيل / التصحر الإنساني- إن صح التعبير -
{ هناك صحراوان " صحراء طبيعية خلقها الله للتوازن الطبيعي وصحراء البشر...} وهذه أقسى وبلا واحات استراحة ، لقد دمرت الأرض والإنسان والعلاقات ...

.2.الإنسان
يد التدمير في و /على/ الأرض { أراد دائما أن يتغلب عليها " الطبيعة "فدمرها بأنانيته } بانفراديته ..بإقصاء الصوت / الآخر /
فما مستقبيلة هذه الأرض في ظل غياب الاستماع إلى الصوت الأخر ؟؟
ما مستقبيلة حضورنا وأشلاء الأبرياء تمتد على أمتار بلا حدود في جبة صمت خنوع ؟
تجيبنا * الرغبة * بحضور المؤسس الآخر لهذه الثلاثية ، والمهم جدا : الحلم نستطيع بالحلم

والومضة عميقة، من حيث كونـُها أحدثت فارقا كبيرا على مستوى الذات : بدأت منها وتخلت عـنها لتشمل * نحن* نون جماعية في هذه الرغبة تتصل ولا تنفصل مع و / بـ / الجمع /
ابتعاد كلي عن الأنانية لأن { كل أنانية في شتى طرق التعامل والحضور ،هي هادمة للفكر وللإنسان }
فالإساءة تحدث حين نمتهن الأنانية في رفض الأخر والإنصات إليه ..في حزنه وفرحه وكل مواطن الحياة فيه
{ تبلغ إساءة استخدام المعرفة منتهاها عندما تمارس القوة بطشها ضد المعرفة ذاتها } د.نبيل علي
ولنسقط الصورة على ما يحدث اليوم في وطننا في بعض أجزائه
قاتمة الصورة ... قوية... قاتلة ...مدوية بصرخة الأبرياء ومنحط فيها الإنسان لأنه اختار الغباء بـ الصمت الجبان وتكملة دورة الحياة حتى دون هذا الحلم في أن نكون في عمق هذا الإنسان

نقرأ:

أرغــبُ..
كمَا نُور فَجـر
ألاَّ أفتحَ عيْني على صُورة دمَاء

هنا يتحقق ضمير الجمع وهنا تبرز رغبتنا جميعا لاجل نور فجر لا يتصفح اشلاء الابرياء
رائعة الصورة هنا قوية في دلالتها الانسانية العميقة وقال ما يجب أن يقال لأنه
{ يستحيل وجود أدب بمعناه الحقيقي إن لم يتضمن فكرا فلسفيا والنتيجة أن كثيرا مما يطلق عليه أدب كرس نفسه لما لا ينبغي أن يقال} بيار مارشي فيلسوف فرنسي
لذلك
يأخذنا نص رغبة للمبدع *سالم رزقي *بالقوة وبالفعل ـ ونحن ننصت إلى ذبذبة عمقه في هذه النون الجماعية ، حلما بغد أفضل ، بعلاقات إنسانية أفضل ، بوطن عربي كبير أفضل ، بإنسان أفضل...ما أجمل هذا الحلم وهذه الرغبة في أن نكون ..

نقرأ:

النهرُ الملآنُ بضيّاءِ القمَـر
الطيورُ تتشبثُ بالرَّبيع
الشّفقُ يُحاورُ ارتدادَ المَوج
والحبّ ..بياضُ الأصل
شعاعٌ يُضيءُ بقَلب الإنسَــان
إنها { الإقامة في الكتابة } من خلال هذا الموقف الإنساني الملم بوجع الأمة العربية والمفتوح على كل الابعاد الحلمية الجماعية
أسجل بـأن نص * رغبة * تتفوق اللغة فيه على اللغة ، فهي ليست ركاما من ألفاظ بل تتعدى - هذه الألفاظ - إلى { جوهر الكائن الحي } ، وكل ما يتعلق بالجوهر يبقى عصيا على الفصوص الملساء حتى وإن كتب بها
{ وظيفة الشعر الخلق وليس التعبير }
فإذا غابت هذه النون الجماعية ، نكون في حضرة انفرادية لا تغني ولا تسمن من جوع وفي حضرة مأساة الرفض تجاه ما يحيط بنا..
{ إن دور الشعر اليوم يكمن في إعادة فتح سؤال الكيان في مجتمع عاد لا يدرك سوى " الشيء" ، الشيء الذي يمكن شراؤه أو بيعه ، أي القابل للاقتناء وذلك هو العدم }
غابت الكثير من قيمنا ومن أخلاقياتنا ، هدمناها بالأنانية
" مصيبة وآفة هذه الأنانية " حين تمفصل الحضور وتؤسس للعلائق ما بين البشر
حتى اللغة والتي منهجت متننا الحضاري / الإبداعي / عبورا رطيبا ، صارت اليومَ محطة نزاع ما بين الشعوب و ما بين الإخوة ولم تعد سكنا { لا تبقى اللغة ملاذا حين تتوسلها الشعوب لتبادل الكراهية والتنازع والتقاتل { دوبرافكا اوجريسيك

أستحضر مقطعا شعريا للكبير الفيتوري يناجي رسول الله صلى الله عليه وسلم وفي نفس الصدد :
يا سيدي
تعلم أن كان لنا مجد ضيعناه
بنيته أنت ، وهدمناه
واليوم ها نحن
أجل يا سيدي
نرفل في سقطتنا العظيمة
كأننا شواهد قديمة
تعيش عمرها لكي
تؤرخ الهزيمة

ابك لنا
وادع لنا
فالعصر في داخلنا جدار

هو الجدار إذن كل بجداره كل منفرد بما يهمه " أنا ومن بعدي...فليكن الطوفان حتى"
ترتد النفس التواقة غلى هذا الحلم إلى ذاتها وتبع في انتظار الحلم
العرب اليوم مجبولون على صياغة الواقع بهذا الحلم الجميل الذي عبر عنه نص *الرغبة* لأجل تحقيقه لأن هذا الواقع { في أوج تمزقه القومي والحضاري والعربي يعيش هذا التمزق حائرا ، مبلل الرؤية مقيدا إلى ذلك أو مشردا ، يقول لكنه لا يقول شيئا ، يثور لكنه لا يعمل شيئا ..} أدونيس

والحلم هنا عميق الأبعاد ، إنه اكبر من الحلم الذي يجتبينا كلما أسدل الليل عباءته وأرخى علينا ظله ، إنه الحلم الذي يجب أن يكون ، الحلم الجماعي / الحلم الإنسان / وفي أعمق حضوره ...

وهنا النص حقق هدفية الكتابة ، والإقامة فيها كما ذكرنا سابقا ، لأنه أتي بالبديل في ما يجب أن يكون ، والتخلي عما موجود ، لأنه انتهت صلاحيته هذا الموجود وتكسرت طاولات "صلحت فقط للعب البلياردو والنرد واما الوطن فقد كان تحت غطاء الطاولة "

الشعر يجب أن يأتي { قصيدة سابحة في الحرائق} ، كي تولد الأمنيات الخضراء ، ولادة طبيعية أصلية حقيقية شرعية هادفة..
لأن

{ الإنسان الذي لا يقوى على معارضة ماضيه لا ماضي له أو بالأحرى لن يتمكن أبدا من مغادرته ، إنه يعيش فيه باستمرار}. شيلينغ

والمعارضة هنا ليس بمعنى الرفض ، إنما الإقامة فيه – هذا الماضي - للخروج بثوب أفضل ، وفي هذا الحلم تكمن المعارضة : / الإنسان الحلم /
أخي سالم ، استوقفني نصك الجميل بهذه الصورة ،
وحاكيته بهكذا طريقة
ربما لم أصل إلى كنهه ، لكنه أوصلتني إلى عمق الإنسانية المنشودة في عالمنا وأرضنا وكوكبنا

مجالسة قصيدة لم يكمل السؤال
الناص :الشاعر الدكتور نديم حسين
فاطمة الزهراء العلوي
النص :


لـَم يُكمـِل السؤال !

حلِمتُ ذاتَ غَفوةٍ بأنني غزالْ
يمشي على اثنتَين في مساربِ الخـَيالْ
ويمسحُ الضَّبابَ عن أروقَةِ التـِّلالْ
عَصاهُ ساقُ أُقحوانةٍ ذَوَتْ ..
وأرضُهُ إنْ سُئـِلَتْ عن عمرِهِ : نَفَتْ !
يصطادُ ألفَ قريةٍ مُهَجـَّرَه
سفوحُها مَطالِعٌ مُشَجـَّرَه
مُقَيـَّدٌ ويُعلنُ استقلالَهُ في دَولةِ الجِبالْ !

******

حلِمتُ ذاتَ صَحوةٍ بأنني غزالْ
قَرناهُ يبكيانهِ على جِدارِ القاتِلِ الغريبْ
وجِلدُهُ يَحضنُ شيئًا يُشبِهُ النـَّحيبْ
يموتُ جوعًا حاضِنًا أعشابَها ..
يلكِزُ ريحًا داعَبَت أبوابَها ..
ونَحلةً تُلقي رحيقَ زهرةٍ في جَرَّةِ الشَّمالْ !

******

أدركتُ ذاتَ مرَّةٍ بأنني ،
نِصفانِ لا يُشابِهانِ جُثـَّةَ البلاد
وُلِدتُ نِصفـًا أعزَلاً في ساحةِ القِتالْ
ومتُّ نصفـًا نازِفًا ذَهابَهُ ،
لرأسِ رُمحٍ مُلتـَوٍ كأنـَّهُ علامَةُ السؤالْ
" أينَ بقايا منزِلي .. وطِفلتي .. وفرشَتي .. ولُقمَتي ..
ودَولتي .. وقُبلَتي .. وقَفزَتي .. وليلتي .. وأمـَّتي ..
والأَسرِجـَهْ ،
وَ ..؟؟؟ "
اقتَرَبَ التُّرابُ من أنفاسِهِ المُسْرِيـَةِ المُعَرِّجـَهْ ..
ليَسمَعَ السؤالْ !
لكنَّهُ لم يُكْملِ السؤالْ !
رصاصةُ الصيـَّادِ والصَّمتُ الشَّديدُ قَطـَّعا مَنامَهُ ،
وشَوَّهَتهُ الحَشرَجـَهْ !
لم يُكمِل السؤالْ !!.


الضوء مجالسة :

قصيدة ملغومة بالوطن وملغومة ب : نحن..

...ويطل علينا الحلم
نحن في رحابه
الحلم = هنا يخرج من توليفته التي تعيد ترتيب أوراق النهار، ويتعدى ماديته المعروفة المحسوسة في تغييب الإدراك لثوان.. لساعات
إنه هنا أكبر من مجرد أمنية تختمر في الذاكرة تغيب في الواقع ، ثم تفصح عن نفسها في عوالم الحلم
هنا الحلم له طعم آخر
طعم = الهوية

ثمة نصوص تـُوقِف ُ القراءة وتجعلها تستقيم
وتجعلها تنتج حين تفتح لها أبواب الولوج عبر خط دينامية حركتي الدال والمدلول في أبعادهما الكثيرة

نقرأ :

حلِمتُ ذاتَ غَفوةٍ بأنني غزالْ

تتسع حدقة اللغة في مفردة { الغزال } و تأتي بدلالات الدال
ينتقل المعنى من المحسوس الواقعي للمفردة إلى عمق ما ترمي إليه = الحرية
وهنا نثبت ما سبق ذكره
تؤكد هذا قفلة المقطع الأول:
مُقَيـَّدٌ ويُعلنُ استقلالَهُ في دَولةِ الجِبالْ !

فـــــــــــــ{ العالم العربي عالم مفكك أسير معادلات سياسية صعبة } د.عبد الله تركماني

وللخروج من هذا الأسر بحثا عن فضاء حرية بلا مراقبة حصار جواني وبراني والوجع فيه مضاعف إلى الانطلاق وليكن { دولة جبال }

والهروب هنا ليس ضعفا بل خروج من ألياف رمادية تعسفية قاهرة
العود أحس بهزيمتنا وأسس عليها قوته
وهذه الهزيمة فينا = عن الهزيمة السياسية التعثرية المششتة أتحدث
تـُرَحـِّل ُ الجميعَ إلى خارج الوطن لملاقاة فرج ما :/ الوطن/.

ويعود الحلم بالقوة إلى حاضر الواقع الذي ردمته الأوجاع والقهر والحزن والسواد ليحقق وجوده وهذه المرة استغناء عن اللاشعور المتقدم في تحقيق مجالات الفرح
ونقرأ:

حلِمتُ ذاتَ صَحوةٍ بأنني غزالْ
قَرناهُ يبكيانهِ على جِدارِ القاتِلِ الغريبْ
وجِلدُهُ يَحضنُ شيئًا يُشبِهُ النـَّحيبْ


الحلم وفي لهذا { الغزال } = الحرية الانطلاق

رسالة الحلم هنا ليست شيفرة ولا تمارس تداعيات التغييب
إنها تبحر في الواقع لأجل تغييب سواد أطاله

{ للخروج من أزمة ما ، لابد من الدخول فيها }
وليكن هذه المواجهة عبر حلم يقظ
نقرأ :

أدركتُ ذاتَ مرَّةٍ بأنني ،
نِصفانِ لا يُشابِهانِ جُثـَّةَ البلاد
وُلِدتُ نِصفـًا أعزَلاً في ساحةِ القِتالْ
ومتُّ نصفـًا نازِفًا ذَهابَهُ ،

إدارك بالواقع إنصاف له



وستبقى الكلمة رصاصة مضادة لكل اعتداء
تكمل السؤال


وَ ..؟؟؟ "
اقتَرَبَ التُّرابُ من أنفاسِهِ المُسْرِيـَةِ المُعَرِّجـَهْ ..
ليَسمَعَ السؤالْ !
لكنَّهُ لم يُكْملِ السؤالْ !
رصاصةُ الصيـَّادِ والصَّمتُ الشَّديدُ قَطـَّعا مَنامَهُ ،

ورغم انهزامية القفلة في هذا الجو المشحون بالسواد ، حيث النهاية موت اقترفته الأيادي السوداء
فالنص / القصيدة/ تخرج من درب الانكفاء على الذات ورسم المواجع واقعية هزيمة
إلى صرخة محمومة بالواقع من جهة ، وتدين التقتيل من جهة أخرى ، وتمسرح الصورة بانضمام التلقي إليها كلية..
فنكون إزاء شعر لا يهادن ..
وإزاء وحلم لا يموت مع كل فجر وصياح ديك
لأنه الحلم = التغيير = الغد الحامل للحلول والرافض لما هو موجود
من الموت تأتي الحياة
ولم تكمل القراءة حضورها ..فــــــالسؤال كان أكبر منها

مجالسة الزهراء لنص : فزع

الناصة/ ازدهار السلمان

النص :


فزع..!
عالقٌ في مسارب أزمنة ولّت ، أفزعه وجهٌ عجوزٌ خالي الوفاض ، فبكى ! "ولات حين مناص .." !

المجالسة : فاطمة الزهراء العلوي

المجالسة :


النص متحرك عبر مشهدية الصورة / صورة الفزع / التي تطرحها / العتبة / في المحتمل من المتخيل
فالقارىء يشده هذا الفزع ويتربص بالحدث إصغاءً حتى ضربة الختام
هناك شخوص :
المتحدث عنه وضميره جاء على لسان الراوي وفي القص لسان الرواي يمنح تلك المساحة الحيادية للسرد عكس ضمير المتكلم الذي ينضوي تحت العاطفة
المتحدث عنه : يحضر ومعه الزمان والمكان
الزمان : فترة الماضي
والمكان يتشخص في الشخصية الثانية . العجوز
وندر ك من خلال المكان ، سيرة الزمان المختلفة ويدلنا بعمق على الوقت / الزمنية
العجوز: لاحط وصف الوجه : عبارة عن تجاعيد مخيفة والتجاعيد كناية عن الزمان وهي تشخص المكان أيضا : الحاضر
لدينا أيقونتان للزمان والمكان ، تسيران على خطين متوازيين من حيث استقلاليتهما في النص عبر وشيجة الحدث / ويتمسرحان في انفصالهما الذي يؤكده العنوان كمدخل / استهلال والخاتمة
لا يمكن لنص سردي ما ، أن يتحرك إن لم يتوفر على خاصيتي الزمان والمكان كـ خصيصة ضرورية لبناء العمارة
فالزمكانية حاضرة بقوة كما رأيت َوتتجلى في دائرة الدال وفي رحم المعنى .
محنة البحث للشخصية البطل تتمرأى في هذا الفزع الـ وجّه دفة الحديث الى قفلة عميقة مقتبسة من الخطاب القرآني الكريم وإسقاطها على الصورة / المحنة / جاء موفقا ودائرة الزمان / المكان تمحوران الفزع كـ محرك أساس / موتور / الحكاية / الحدث / الصورة .
لقد
استطاع هذا النص على قصره أن يطرح علاقة الانسان بجسامة تدبيره المتوتر/ والتوترهنا يحرك النص نحو الاتجاه النفسي للشخصية البطل
هذا الاتجاه يستقر عند حمولة ندم في القفلة
لقطة عميقة وبارقة واقتصاديتها موفقة
ورب فزع يخلق بياتا على ندم
واستفاقة بالقوة ولو بعد جزر
همسة:
فقط تمنيت ولات حين مناص أن تكون ما بين مزدوجتين

ديك الجن في حانات اللجوء
الناص: رائد حسين عيد

النص:



ديكُ الجنِّ في حانات اللُّجوء

شعر : رائد حسين عيد

غريبٌ وهل للغريبِ وجودُ ؟
فلا النَّاسُ ناسٌ ولا العيدُ عيدُ
تمرُّ العيونُ عليهِ مِراراً
ولا قلبَ من حزنهِ يستزيدُ
دعيهِ لأحزانهِ واستريحي
فحزنُ الغريبِ الملاذُ الوحيدُ
*
أنا يا فتاتي استعرْتُ شفاهي
فلا يوهمنَّكِ هذا النشيدُ
فلا الوجهُ وجهي ولا الصوتُ صوتي
وحبري دمٌ ورجائي بعيدُ
أرى النَّاسَ حولي وهم لا يروني
وأصرخُ لكنَّ صمتي يزيدُ
أحاولُ أن أستردَّ وجودي
وهيهاتَ أن يُستردَّ الفقيدُ
أحاولُ أن أستردَّ حياتي
من الوهمِ لكنَّ موتي أكيدُ
غريبٌ أنا .. مدني أنكرتني
وكلُّ المنازلِ عنِّي تحيدُ
وتهربُ منِّي العصافيرُ خوفاً
وتجفلُ إمَّا رأتني الورودُ
أنا يا دمشقُ سقيتكِ حقدي
فمِتُّ بحقدي .. كذاكَ الحقودُ !
طعنتُكِ في الظَّهرِ ألفاً فماتت
بوجهي المروءةُ ألفاً تزيدُ
وحسبي من الموتِ أنِّي غريبٌ
وحسبي من الذلِّ أنِّي شريدُ
*
لمن يا دمشقُ سأكتبُ شعراً ؟
وكلُّ الجمالِ إليكِ يعودُ !
وكلُّ العواصمِ بعدكِ عهرٌ
قوامٌ ثقيلٌ وسعرٌ زهيدُ
"قحابٌ " تبيعُ حليبَ ضناها
وفي كلِّ صبْحٍ "زبونٌ " جديدُ
لمن يا دمشقُ سأكتبُ شعراً ؟
وهل أنتِ إلَّا الحبيبُ الوحيدُ !
أنا في الغيابِ فقدتُ كياني
وما عدتُ أعرفُ ماذا أريدُ
فقدتُ مكاني فقدتُ زماني
فلا شيءَ غيركِ عندي أكيدُ
حبيبةَ عمري خذيني إليكِ
فعمري غبارٌ وقلبي جليدُ
لمن يا دمشقُ سأكتبُ شعراً ؟
وكلُّ ملوكِ الزَّمانِ عبيدُ
وأتفهُ ما في الرِّجالِ العقولُ
وأثمنُ ما في النِّساءِ النُّهودُ
لمن يادمشقُ سأكتبُ شعراً ؟
وبنتُ السَّلامِ سباها اليهودُ !
تموتُ كرامتُنا كلَّ يومٍ
ونحنُ الجناةُ ونحنُ الشُّهودُ
لمن يا دمشقُ سأكتبُ شعراً ؟
زمانٌ عقيمٌ وشعبٌ بليدُ !
فلسطينُ يا أتفهَ الخلق ضاعت
أما آن عن غيِّكم أن تعودوا ؟!



المجالسة :

أجمل الشعر أصدقه
وأصدق الشعر من رحم المُعاش / الواقع/
ما يحدث اليوم من مآسي وتفكيك - بالقوة - ما بين المواطن والوطن، نتيجة حتمية لمسار تاريخي أجبرنا عليه : حيث الوافد البراني و/ الداخلي / بنو الجلدة/ فتحوا نوافذ على صد الطريق...

الشعر يفتح مسامات هذي الملتويات من المسارات /
تسيل المرارة حتى المنفذ الأخير حيث الضوء: اللجوء
وتستهل القصيدة الحكاية / الواقع / المرارة ب:
غريبٌ وهل للغريبِ وجودُ ؟
سؤال إنكاري / يشكل عتبة النص ويأخذ مكان العنوان
فـ العنوان أحيانا ، يترك العتبة لاستهلالية داخل الحكاية
فـــــ
حين يثخن القلب بالجراح / يتوسد مكانا آخر / وفي الانتقال / من / إلى / تحدث المفارقة ما بين الذات والذات في هذا الترحيل القسري
لا نرحل عن أوطاننا لأننا نريد
فكل الأسباب هي في الحقيقة قسرية
اجتماعية كانت أو سياسية أو شيء من هذا القبيل
وهنا نقف على الغربة والرحيل والهجرة من منظور سياسي قاتم / ضبابية فيه الرؤية / واسودادية تلوك الجوار:
دعيهِ لأحزانهِ واستريحي
فحزنُ الغريبِ الملاذُ الوحيدُ
الخطاب يوحي بحضور هذي التي لم تتوان لحظة في الانفصال عن الذات /
هي / الحبيبة / الأم / التربة / الأرض
وسبحان الله خلق فينا هذا الحب الأبدي لأوطاننا
ومهما تكن البدائل فحبنا أبدا للمكان الذي ولدنا فيه ، ونمونا فيه ، واشتقت أشياؤنا من رحـِمه
وصعب جدا الفكاك منه .
وحين يحدث التفريق ما بيننا وبين هذي / الحبيبة / نعيش اللواعج الكظيمة وترتد إلينا أشياؤنا اسودادا:
أحاولُ أن أستردَّ وجودي
وهيهاتَ أن يُستردَّ الفقيدُ

إن
الواقع : يؤثث للعنف : عنف يتخذ مستويات عالية من الهبوط
والشعر : يمتح ُ من هذا الواقع / ليؤسس لحالة تضامن ، مع النفوس المقهورة المغتربة المفقودة في هذا الاغتراب
فضمير المفرد في هذا النص / هو ضمير الجمع / وياء النسب نقطة التقاء لهذا الجمع
كما أنها تتلاءم والوجع بامتياز
ما يحدث للوطن / وسنتخطى جغرافية سوريا كبقعة منه / فـــــ ما يحدث لدمشق يحدث ويسري في دمنا جميعا
والإثم إذن جماعي / مسئولة عنه كل القوى الفاعلة في هذا الوطن
غريبٌ أنا .. مدني أنكرتني
وكلُّ المنازلِ عنِّي تحيدُ

حين تكون مساحة الوطن في قبضة صمت / فكل المدن / بكل ما تحويه لا تسع أوجاعنا
وهنا إشارة عميقة لما يحدث : اللجوء الى ديار أخرى وكان الأحرى أن تكون ديارنا الوجهة المؤسسة للاحتواء
فنحس بالضياع وبالقهر وبوحدتنا القاتلة
وحدة الغربة واللجوء والوجع

أسترجع مقطعا شعريا للشاعر **/ عبد الكريم شمس الدين/ يتقاطع وما جاء في قصيدة شاعرنا الرائد:
أحس أني الوحيد
فمن يؤسسني في ما تبقى لي من زمان
أجهل هل يقصر أم يطول
ولست مالكا حولا ولا طولا
الكل قد أطاعني واستسهل العصيان
وها أنا ذا في وحدتي ووحشتي أفتقد الحنان
احش أن شارفت النهاية وضاعت البداية
والقلب ما عاد به حب ولا غواية*


حين ينكسر الوطن / تنكسر أجسادنا وتمنياتنا وأحلامنا
وللخروج من هذا المأزق ، تأتي القصيدة متكأ / لهذا الموت / الساكن مساحات وعبور وجسور الوطن
هذا الضمير / الجمع/ سيـُعلنُ عنه في القفلة / حيث دمشق تصب في فلسطين وفلسطين القضية
والخروج من مازق التردي الحاصل / لابد من انفتاح على بوابة الخروج من قيد اليهود
هنا كل الحكاية...

لا أعرف هل قبضت على جرح الجسد في هذي الصرخة الكظيمة
وأقف احتراما لشعر هادف صادق كتب بـــــ **أشفار القلب والعين والدمع
وتلقيناه بنفس الأشفار **

النص :
ــــــــــــــــــ

هذيان من حنين ..... حبات هال / محمد بديوي


حبات من الهال،ما زالت تقرع في ذاكرتي جرساً كبيراً، شهوتها ورائحتها، من كف امتدت إلى كفي، تهز قلبي وتروي للعشق قصة لم تكن طويلة. حبات من الهال، أيقظت في ذاتي نشوة. وكيف يولد الممكن من المحال، ونبضي أسرع من عجلات المركبة التي حملتنا، وجمعتنا، الشتاء يرقص بحباته على سقفها، نرسم واقعاً حياً، وهمسنا الخجل وصوت الرعد يطرد من دفئنا سطوة الخيال. حبات من الهال، ما تزال في صمتها المطبق على صدري كالجبال، وذكرياتها العفوية، وذاكرتها، الشتوية، ورائحتها تلك التي عششت في الطريق، والبال. برد ينخرعظامي، وهواء أشعر أنه يمزق وجهي،كثبان السحب السوداء القادمة من الغرب تكاد تسرّب مني الأمل بأني سأحظى بما أتمنى. الانتظار كان يزيد من إحساسي بالبرد والخوف. بذلت جهداًإضافياً لأشعل سيجارة لم يكن لها أي طعم، سائقو السيارات كانت أنظارهم تتجه صوبي، فقد كنت الوحيد الذي يقف متسمراً بينما الكل يمر بسرعة أو يركب المركبة المخصصة للمكان الذي يريد. كنت أحاول أن لا أجعل نظري يلتقي أنظارهم. صاح أحدهم وهو ينظر إليّ: البقعة؟ ابتسمت: لا يا سيدي! فوجئت بأحدهم من خلفي: الزرقاء آخر راكب!"كلا، شكراً!" أزحت بوجهي لجهة أخرى إلا أن الأصوات كلها انطلقت مرة واحدة: إربد، الرصيفة، الزرقاء. كل ذلك دفعني أن أمشي باتجاه الأكشاك وأنا أحدث نفسي: ماذا لو ابتعدت قليلاً وحظيت بفنجان قهوة مسائي رديء. طلبت من البائع فنجان القهوة وأنا أرقب هاتفي بدقة، كنت أرجو أن يظهر الرقم الذي أريد،أو إشارة لرسالة قصيرة. الشمس سقطت في عشها الأخير، درت ببصري أفتش بين المارين، لمت نفسي كثيراً لماذا لم أسأل عن لون الملابس مثلاً،أو عن الجهة التي ستأتي منها، وابتسمت وأنا أجيب بنفسي عن سؤالى: وهل سيكون للّون أي معنى مع انتشار هذه العتمة وهذا الفيض من الناس. وأوقف تساؤلي البائع وهو يعطيني كأساً كرتونياً بداخله شراب ساخن يحمل بذاكرته طعم القهوة.حبات المطر الصغيرة بدأت تتساقط، نظرت باتجاه عامود يحمل بقية مصباح يعمل بهدوء،كانت حبات المطر كأنها ألعاب ورقية، بقية الضوء تكشف عن حجم فراغ بسيط بينها، أبقيت وجهي ممدوداًإلى السماء، وشعرت بسعادة والماء يقفزعلى وجهي. ازداد حجم حبات المطر وبدأت أشعر أن الفراغ الذي بينها بدأ يضيق، لم أعد قادراً على فتح عينيُّ على اتساعهما. وجاء صوت هاتفي وكأنه ساعة منبه وأنا نائم في فراشي. "أين أنت ؟!" ، "أناتحت المظلة عند موقف الباصات الكبيرة". استدرت،كانت تبدو مثل عصفور بلله القطر، تضاءل حجمها من شدة البرد، مشيت مسرعاً باتجاهها، وقفت أمامها وأنا أقول: تأخرتِ ؟ أنت مبللة ! أردت أن أخلع سترتي لتلبسها، لكنها رفضت، وهي تعتذر عن تأخرها، بعفوية حاولت أن أضع يدي على كتفها لنبدأ مشوارنا لكنها ابتعدت، توقفنا لم أعتذر ولم تغضب. اضطراب كان يلفنا، ومطر يغسلنا،برد يمر من عظامنا ودفء يفور من فؤادينا، فاجأنا صوت سائق وكأنه قرأ عنوان محطتنا: إربد؟ قلت له: نريد المقعد الخلفي كاملاً لنا؟ ابتسم وهو يقول: أهلاً وسهلاً، لننطلق إذن فالمقعد الأمامي مليء. تصاعد صوت المطر في الخارج، ودفء كان يغمر المركبة، السائق شغل مذياعه، رفع صوته بخبث وأخذ يتجول بين المحطات وعجلات مركبته ترشق الأرصفة، مرعن صوت محطة القرآن مسرعاً، واستقر أخيراً عند أغنية قديمة. كان فراغ في المقعد بيني وبينها،هذا هو موعدنا الأول، والمسافة إلى إربد لن تأخذ أكثر من ساعة، وربما يسعفني أن المطر سيجبر السائق على تخفيف السرعة لأحظى بربع ساعة أخرى. انعكاس ضوء المركبات الأخرى يكشف عن فراغ في المقعد ظل بيني وبينها، حدثتها عن المطر في بدايته وكيف تضاءل فراغه فابتسمت، سمع بعض همسنا السائق فطلبت منه أن يرفع من صوت المذياع، فرفع مرآته إلى الأعلى وهويقول للذي يجلس بجانبه: أين تعمل ؟ كان شوقنا قد كبر حجمه فضاع الفراغ، ومن تحت الشال الذي غطى تلاقي كفينا شعرت ببرد تمكن من كفها، انطفأ صمتنا مع صوت الرعد وضوء البرق، وجنون الشتاء، وحديث مرتفع في المقدمة، وأظن السائق كذب غيرَ مرة وهو يروي للذي بجانبه بعض بطولاته الخرافية، شعرت أن كل شئ في هذا الوقت يريد منا أن نقترب، وشاع بيننا عشق غرد في قلبينا أنه لن ينتهي. أخرجتْ من حقيبتها الصغيرة حبات من الهال وهي تقول: كيف هي أسنانك؟! قلت: بخير. فابتسمت وهي تضعها بكفي، وضعتُ واحدة بفمي، طعمها كان كافياً لأنسى رداءة طعم القهوة التي شربت، ووضعت الباقي في جيبي. حرارة الحديث ترتفع حتى نسينا أن أحداً يشاركنا هذه الرحلة، وعلى الرغم من الفرح الذي ساد إلا أن بعض الحزن كان يتسرب، كالبرد المتسرب من شقوق أبواب المركبة! أن تحكي في ساعة واحدة كل عمرك! لوكان كله فرحاً لأحزنك! كم نحتاج إلى زمن إضافي لنقول كل شئ. دخلت المركبة إلى إربد والرحلة تلفظ آخر دقائقها، ولم يسعفني الوقت لأسرد كامل مشاعري.نزلنا من المركبة وهي لم تقل بعد:أحبك! بضع خطوات ونفترق، وكفّي ما زالت عالقة بكفها، والمطر كأنه يحتفل، منعنا أن نصمد أكثر،أعاد الفراغ إلى جسدينا، وقلبي ما زال يحدث قلبها، ودعتها وأناأوصيها خيراً بنفسها، وهي تذكرني بموعدنا. ابتعدت حتى تضاءلت وابتلعت العتمة ظلها، تحسست نفسي، كنت أقطر ماء وحزناً،أخرجت حبة هال وضعتها في فمي، وركبت إلى رحلتي الأخرى.
بالأمس، وأنا أفصل ما بين ملابسي الصيفية والشتوية، عثرت كفّي في جيب قديم على حبات من الهال كانت قد اقتربت كثيراً حتى تماسكت، لم تترك أي فراغ بينها، وضعت واحدة بفمي لتنطق ذاكرتي بكل لحظة مرت، استعدت ذلك المطر القديم، وكيف مر كل هذا الزمان. الرقم لم يظهر ولو مرة واحدة على هاتفي. كيف انقطعت كل الرسائل القصيرة؟! كم انتظرت في ذلك المكان ولم تأتِ! حين اضطربتُ وصار لا بد من أن أعرف، قال أحدهم: إنها في ليلة ماطرة دخلت الحي مبللة فرحة،كانت تضحك وتركض في شوارع الحي وكأن مساًأصابها، لم تنتبه إلى سيارة كانت تأتي من الشارع الآخر بأقصى سرعة لتصدمها. بحادث سير قتلت! وعندما فقدت صوابي أراد آخر أن يخفف عني وقال مكذباً رواية الأول: إنها تزوجت وإلى خارج البلاد هاجرت. "ببساطة، هي هاجرت"، مضيت وأنا أراها مخضبة بدمائها، وصوت الوجع الذي دق عظامها يفرم قلبي، وما زالت روحي تقول لي كلما صفوت مع نفسي: أنت من قتلها. موعدك هو ما أخرها، هو ما بللها وأفقدها قدرتها على التماسك لتغفل عينها عن الرؤية. ما زلت أرى جثتها مخضبة بدمائها، وما زلت أقنع روحي أنها خارج البلاد وأنها هاجرت، وقلبي يقول: ما بقي الهال، سيبقى طعمها أينما رحلت.

المجالسة :
ــــــــــــــــــــــــــــــ


قصة قصيرة محبوكة بتقنية القص الجميل

القصة تحكي وجعا يحيى في الذاكرة /
سنكتشفه في لحظة الختام ,* القفلة * وهي تأتي ب / فلاش باك / للصورة التي مزقت النسيان وأعادت درب الحكاية إلى البدايات


التوطئة

التوطئة كشفت قفلة القصة وكشفت معاناة البطل وكشفت الحدث
مركزة على أن الخيط الرابط هو * حبة الهال او حبات الهال * والجمع هنا له حضوره الباني


بالنسبة للحظة الفلاش باك
ستكون عبر وشيجتي التوطئة وضربة الختام / لأن ما سبق شاهد عيان / على الذي يــــُرغم الفؤاد على التذكر وهو ما كان من دفء


الحكاية :

حكاية حب طيبة ما بين اثنين تمر عبر لحظات انتظار جميل
كل انتظار في الحب وجع محبب - إن صح التعبير - ودواؤه لقاء ودفء كفين توثقهما نفس الرغبة في أن يكون كلاهما معا...
وحضر اللقاء ما بين البطلين في الحكاية : ضمير المتكلم وهي الحاضرة الغائبة
هذه الحكاية تأتي بشهود عيان :

* * زحمة المدينة وبالاخص في رقعة الباصات * الحافلات* التي ترجعهما الى ديارهما او حييهما
والمطر ..حبات المطر وهي تنسرب الى جسديهما : فـــــــــــ الأول ترعشه وتبلله وتغمض عينيه من شدة هطوله ، والثانية تصغر حجمها
ونقرأ :
""ازداد حجم حبات المطر/
لم أعد قادرا على فتح عينيُّ على اتساعهما
تبدو مثل عصفور بلله القطر ، تضاءل حجمها من شدة البرد ""

** زحمة الهواجس في انتظار رنة الهاتف ورؤيتها..

كل هذه الصور نقلت المتلقي إلى عمق الجواني للضمير المتكلم
واستطاع ان ينقل لنا - نحن المتلقي* عمق ما يحدث في هذ الداخل العامر بـــــــ : *هي *


لكن

تنكسر موجة الحنين حين تتدخل لحظة الفلاش باك ، لتعزز التوطئة ، وتذكر بان هذا الهذيان يتوالد كل ثانية في لحظة ذكرى وانتهاء موجع لهذه القصة

حبة الهال او الهيل ..حبات المطر ...وفنجان القهوة
عناصر ثلاثة هي اعمدة القصة لذلك كانت مركزة عبر التكرير وليس التكرار
تكرير لنقسية الخطاب السردي أولا : لأنها شاهد على ماحدث
ثانيا :لأنها رفيقة درب الانتظار:

نقرأ:

"" وحظيت بفنجان قهوة مسائي رديء
وأوقف تساؤلي البائع وهو يعطيني كأسا كرتونيا بداخله شرابا ساخنا يحمل في ذاكرته
طعم القهوة // ""



ثم

وحبات المطر الصغيرة
كانت حبات المطر كأنها العاب ورقية
ازداد حجم حبات المطر

بالاضافة إلى حبة الهيل التي توجها النص سيدة الحضور

فــــ

قهوة المساء الرديء
لم يكن التوظيف هنا اعتباطيا بل مؤسسا * بكسر السين الاولى * لبنية القص من جهة ، ومنطقية الخطاب
فنحن إزاء ذكرى موجعة وفنجان القهوة شهد حضور تلك التي يتحدث عنها اليوم
بمعنى كل فنجان قهوة سيكون رديئا لانه يحمل وجعا
جميل جدا الوصف هنا

القفلة أو ما يسمى بضربة الختام :

موفقة جدا ومنفتحة على تساؤلات أشركت المتلقي في إنتاج عملية استكمال السرد


قصة حملت أشياء قالتنا في كثير من لحظاتنا أو في بعض لحظاتنا او في لحظة ما مررنا بها
فكم من مفرد مــــــــَر ليعانق جمعا
وكل نص يقول الجمع ينفلت من أنانية الحكي الذاتي ونسجم مع المتلقي في بعض من اشيائه او كلها

مآخذ:

بالنسبة للتوطئة لم يكن من الضروري ذكرها
لحظة الفلاش باك قالت كل شيء
لذلك بدت ثقيلة نوها ما في حضور الحظة الثانية مع ضربة الختام

بعض الهنات التي فلتت من قبضة البصر

ايقضت** أيقظت

برد ينخر بعظامي * ينخر عظامي
سائقو السيارات ** سائقوا
تضائل ** تضاءل **

المقعد ملىء * مملوء أو ملآن

النص :قصيدة ترفع للسماء سراً

الناص :الشاعر يحيى مطوال



أوشكُ أن أتخلّصَ
من شبحي..
بعيدًا عنّي
سرابُ غيبٍ
عتمةُ بدءٍ عتيق .

أستعيرُ بحّةَ صوتٍ
لأبوح ببراءة الحزن
ملءَ القصيد .

أوجِعني بذنب السُّؤال
علّني أفقَهُ
غرابةَ الكلام ،
ماهيةَ سلالتي
المطرّزةَ بالتمني ،
اِسمي المُكره
خرافةَ مجاز .

أعثرُ عليَّ
في اشتهاءِ الحيرة
لونًا كاذبًا ،
عبئًا باءَت بهِ التفاهة
لحبٍّ آسر .
حلٌّ محرجٌ
خارجَ تعب الفصاحة ،
غثيانُ حروفٍ "مؤرشفة "
أنهكتها أبجدية الملل .

أنا عبارةٌ
منزّهةُ التّأويل
نبوءةُ النّقيضِ القادم ،
جسارةُ ارتباكٍ
لجسدِ الخذلان ،
تمنّي الحسرةِ
في نقيضي " الكاريكاتيري " ،
نردٌ نجا بهبَته
من طوفان الشّعر ،
أيقونةُ نبضٍ
في مخيال الذبول .

أنا إياه أنت
ضميرُ كتابة ،
هوسُ تداعى
روحُ كلماتٍ نادرة .

أنت أنا إيّاه
قصيدةٌ ترفعُ للسّماءِ سري ،
نخبَ غبطةٍ
ذاتَ وداعٍ أوّاب .

المجالسة:

نحن في حضرة علو شاهق يعلن عنه العنوان : قصيدة ترفع إلى السماء
الفعل / ترفع/ ينتج حدوث الرفع ويلغي مظنات الشك فالقصيدة / شطحة روحية فوقية / تحدث التماس مع ما هو ترابي بعد إنهاء مهمة المخاض / من هنا تاتى الفعل وتأثثت القصيدة ديباجة : علوا
يبدأ العزف من عمق الذات قاب قوسين من حزن :

أوشكُ أن أتخلّصَ
من شبحي..


الشبح / الذات / الجواني /
والخلاص من جوانياتنا على وتر استحالة
فالعلاقة تكون عضوية بامتياز كعلاقة الصدى والصوت والوجه والقفا
يتبدى الحزن في ظُلة الغتمة تسربل المحاولة : محاولة الخلاص
ينتقل النص إلى الاتكاء على دعامة البوح مقامة للشبح للعتمة للحزن :
أستعيرُ بحّةَ صوتٍ
لأبوح ببراءة الحزن
ملءَ القصيد .
فـ البوح عملية فرز للغدد من شوائب ما يعكرها فالبوح نصف دواء
والداء المستفحل في مقاطع النص يتخذ نفس مقام العنوان في العلو
البوح انفجار ثورة على ما تحيكه العتمة من :
الألوان الكاذبة
العبء
والخرافة

وماهية الخرافية في عمقها هي تجريدة من واقع ، للخروج من أزمة ما
لكن هنا الخرافة /منهكة / وسافرة تعبا تبصر الجوانيات / وتزداد فيها خاثرة حد الخذلان : وسقوط الجسد
نقرأ:


أنا عبارةٌ
منزّهةُ التّأويل
نبوءةُ النّقيضِ القادم ،
جسارةُ ارتباكٍ
لجسدِ الخذلان ،


ومفردة الجسد هنا / تتحول من أدميتها إلى مجاز يعلن عن جسد القصيدة وكلاهما واحد / وهو ما قلت بداية عن العلاقة العضوية
هنا نجد ما تحدث عنه الناقد المغربي نجيب العوفي بتوظيف مفردة / التغامض / في الكتابة وهي عكس الغموض
فالمفردة مراوغة تاتي بالنقيض وتتشابك معه في تجليات كثيرة ، قد تصبح كما ورد في النص هنا : / نقيضا كاريكاتيريا /
والمراوغة جسر عبور إلى مد المتخيل وهنا براعة النص
حيث تبدأ / أنا / الآدمية لتتوحد مع أنا القصيدة ويلتحم الجسدان في جسد واحد / العلاقة العضوية /
فالشعر ليس مجرد فصوص ملساء ، تتكىء عليها الصورة /هو التحام بالصورة وتجسيد واقعي للصورة /وتمثيل لجوانيات الذات على مرأى البصر.. / شساعة / أفق / متخيل / سماء .؟
نحن في تدويرية النص / وصورته من العتبة حيث ترفد القصيدة فوق نحو السماء

وهذا ما ستعلن عنه ختمة النص بوضوح تؤكد العلاقة وتثبتها/
نقرأ:


أنت أنا إيّاه
قصيدةٌ ترفعُ للسّماءِ سري ،
نخبَ غبطةٍ
ذاتَ وداعٍ أوّاب .


الضمير هنا يلتصق بأجساد كثيرة / والقصيدة عبارة عن أصوات كثيرة متعددة متنوعة منفصلة متصلة / تتمدد في شهوة انطلاق الى حلم بعيد عن ترابية المعنى وترابية المكان وترابية الأنا الضيقة إنها/ أنا / جمعا وحلما وتغييرا


هناك نصوص تترك بصمتها القوية / ونكون فيها قراءة تدويرية مستمرة

محالسة نص على ضوء القمر لفاتي الزروالي
جنس النص : قصة قصيرة جدا

النص :
على ضوء القمر...//فاتي الزروالي


على ضوء القمر،بدأت تخيط الأزرار المنفلتة عن الوزرة الرثة .فجأة،انتصبت أمامها طفلتها وهي كلها حماس وفرح.
قالت لها:إنه الغد بأفق جديد أمي ؟؟
أجابتها وهي مقطبة الجبين:بل هو أفق مظلم قاتم يضيق كلما اتسعت العيون...
غضبت البنت وابتسمت الأم لتربت على كتفها هامسة:تنحي ...فأنت تحجبين ضوء القمر...

المجالسة :
الكتابة "" تسليك وتخدرك""
تمنحك فرصة التعمير / تعمير البديل / لبناء يَردِم ما يوجع
هي الضفة التي ترسو عليها الاحلام مستيقظة
يُفتح باب النص على الضوء / ونفسه هذا الضوء سنجده لاحقا كـ ختمة / قفلة / توزع المساحة عبر شبكية البصر وعبر مخيال القراءة / وكـ حل نهائي للخروج من أزمة الحوار الذي كان ما بين البطلتين في النص
نقرأ:
على ضوء القمر ..
حضور الضوء هنا ستفسره :الكسوة الصغيرة الرثة / فـ حضور القمر يشي بغياب الضوء وهنا روعة الصورة وعمقها فبحضور الضوء يعلن عن غياب ؟ غياب سنلمسه في ضوء القفلة وعبر ثنيات الحديث والحوار
الرثة : كناية عن الحاجة /
ضوء القمر : كناية عن غياب
وندرك العلاقة التي تربط ما بين طلة القمر وفقر اللحظة / فالقمر يأتي ليلا ،والليل كناية عن ظلمة حيث تُسدل الستائر وانبثاق / النهار / ضوء /
مفردة الرثة / ستوزع المعنى الدائر ما بين الصور وما بين الأم وابنتها من جهة / وتبني عقدة الدراما السردية وحبكة النص/ ففي هذه المفردة / رثة / تحدث القصة
نقرأ:
إنه الغد بأفق جديد أمي ؟؟
نلاحظ علامة الاستفهام التي انتهت بها تمنيات الطفلة / رغم غياب أداة الاستفهام وكـ أننا قدام حلم ينفتح من جوانيات الطفلة والأم معا على مرأى فنكون نحن فيه كقراء شهودا
الغد . حمولة جميلة لتوقعات الحلم
والغد ليس بمعناه الدلالي الوقتي / بل يتعداه إلى زمن آخر بديل عما تعيشانه البطلتان
الطفلة لا تسال إنها تؤكد positivement إيجابيا / احتمال
هذا الاحتمال سيمر من جسر نكسة نقرأ:

أجابتها وهي مقطبة الجبين:بل هو أفق مظلم قاتم يضيق كلما اتسعت العيون...
الجملة السردية الطويلة هنا تمعددت عبر انفعالات قوية متتالية تعكس ضوء القمر في غيابات كثيرة من جهة / وفي تضادية خدمت معنى الليل كلون قاتم في قلب المعنى /
مقطبة الجبين / حزن / وجع / غياب / انفعال / انغلاق ..
بل : تأكيد خلق أزمة الحوار
أزمة حوار : الفتاة ترى الانفراج بطلة القمر
الوالدة : ترى عكس الصورة / القتامة والأفق المنغلق والبشارة الداكنة /ومع ذلك تحاول الإبقاء على احتمال التغيير ، وتعبر ابتسامتها عن ذلك فـ الغد مهما طال غيابه لابد وأن يأتي وقد يأتي بالذي كان في جبة الحلم / أمنية /
الضميران في النص تتعدد معهما أصوات كثيرة ، ونكون في حضرة جوقة ضوئية ـ إن صح التعبير ـ
صوت الضوء
صوت القمر
صوت الأفق
صوت الاحتمال
صوت اليأس
صوت الغضب
صوت الابتسامة
وصوت الانفراج في القفلة :

نقرأ:


غضبت البنت وابتسمت الأم لتربت على كتفها هامسة:تنحي ...فأنت تحجبين ضوء القمر...

لمسة الحنان في ابتسامة الأم ستقلب موازين الغضب والنكسة / نكسة الحوار / وتسجل القفلة هدف الانتصار.

الرابط هنا

http://www.fonxe.net/vb/showthread.php?t=42571
النص
فاطمة الزهراء العلوي
أنا قتلتُ الإمبراطور !!

د. نديم حسين

المشهد الأول :
أنا لا أحد . كائنٌ لا يحترقُ ، فَلا تصدِّقي الدُّخانَ النافِرَ من جسدهِ كنداءٍ بَعيد !
ولا يجوعُ ، فلا تصدِّقي صحنَ حياتهِ الفارغَ !
ولا يعطشُ ، فلا تصدِّقي نِصفَي كأسهِ الفارغَين !
وأنا لا شيء .. أملكُ كامِلَ الغِيابِ - غيابَكِ . واللاشيء مكانٌ جميلٌ للتنَزُّهِ . مُريحٌ ، يمسحُ بكُمِّ قميصهِ تفاصيل كثيرة ، والتفاصيلُ منغِّصَةٌ كعُقَدٍ في خصلاتِ شَعرٍ تَمشُطهُ كفٌّ طموحةٌ .
أنا المَولودُ من رحمِ المسافاتِ الممتَدَّةِ من جِلدي إلى جِلدي ! أرضعَتني غزالةٌ في الضباب ، فما طَعمُ الحليبِ ؟ وما لَونُهُ ؟
أنا المتَّكئُ على جُرفٍ من ماءٍ وريح . أنا السائرُ على أطرافِ أصابعِ المحابِرِ كي لا تُفيق المصاطبُ النائمة . أحلِبُ الغَيمَ كي أحظى بما يُشبه الشَّبَع ! وأكتبُ وطنًا يُلقي عليَّ شوارعا مزدحمةً بغيابي . وألكزُ مِخيالي لأرفعَ جبلاً إلى مقامات حيفا . توسِّدهُ بَحرَها وغيابَها .. " كَرمِلاً " أسميهِ ، يسرقُهُ الغرباءُ من منامي ...
- وجدناهُ في سلَّةٍ خلفَ سور البلادِ .. يقولونَ ويكذبون علينا .
هم يصدِّقون الدُّخانَ النافرَ من جسدي ، وصحنيَ الفارغَ ، وكأسي العطشان .. يصدِّقون فيكذبون " عليهم " !
وأنا لا أزالُ " لا أحد " .. يسكنُ " لا شيئ " ..!
خانَني الإمبراطور !!

المشهد الثاني :

دَمٌ على عباءة الإمبراطور .. دمُهُ .. ودمعُ طفلةٍ بكت جثَّتُها المهروسةُ تحتَ عجلاتِ عربتِهِ المهَرولةِ .
- أنا البرئُ ! .. يصيحُ الإمبراطورُ . خيولي مُذنِبه !!
دمٌ ودمعٌ وذاكرةٌ خجلى على عباءة الإمبراطور .. وعرَقُ خيولٍ مُذنِبَه . هل دمُهُ دَميْ ؟ وهل سالَت حياةُ الإمبراطورِ من فَميْ ؟!
دمٌ يطلُّ من شبابيكِ البلاد القتيلةِ على جنازةٍ توقِظُ الأزقَّةَ النائمة . وأوردةٌ على بواباتها المفتوحةِ هائِمَة . وقنديلٌ مُرهَقٌ ينطفئُ ليستريحَ ويُريح . ودعاءٌ كسَهمٍ من نِشابِ الفَمِ يمضي ، وفي بدَنِ السريرةِ يرتمي . هل دمُ الإمبراطورِ دَميْ ؟
أرى جُبَّةَ فارسٍ حضَنَ الحريقَةَ فاحترق . دمًا أرى على ضوءِ الفوانيسِ الوحيدة ينطَلي . وأرى بَوحًا لحِبرِ الوهمِ مصلوبًا على فأسِ الورق . وعالَمًا تخثَّرَت ملامحُهُ على بُعدِ طعنةٍ واحدةٍ من نزيفيْ . أنا قتلتُ الصَّيفَ . وذبحتُ مع كاملِ العَمدِ والترصُّدِ خريفيْ . لأسُدَّ بدمِهِ طريقَ الربيع الحقير . ربيع مسيلمة . أنا الأعمى ، تعثَّرَت قدمايَ بالنورِ المسَجَّى على دروبِ الحُفَرِ .. أضيعُ في تلابيبِ التشَظِّي وأسقطُ مثلَ غربةٍ صفراءَ في وطني الأليفِ .
دمٌ على ليلةِ الإمبراطورِ .. نجمٌ تصوَّفَ فذاب . للمايا ممالكُها ، مصائرُها ، منابرُها ، مقابرُها ، وعابرُها .. ودَمي لن يُجديها عُمرًا وصوتًا وصمتًا .. دمٌ كثيرٌ على بزَّةِ الإمبراطورِ .. وبَحرٌ " ميِّتٌ " يتقِنُ المِلحَ ولا يُتيحُ الغَرَقْ . وحبري مصلوبٌ على زندِ الورَقْ .
هي وردةٌ فَصَدَت شرايينيْ ، ونضَّدّت في زُهريَّةِ الربيعِ الكذَّابِ سكِّينيْ . والرائحةُ الزرقاءُ ساومتْ بساتيني عن تراثِ العطرِ والثَّمَرِ المؤَجَّلِ .
يا " عزيزًا " ساقَهُ السيفُ دليلاً قاطِعًا على رحيلِ أبدانيْ ، وأسقَطَ الأقمارَ عن شَجَري وأَردانيْ ، يقومُ الليلُ من نَومي ليتلو فوقَ نافذتي ما قد تيسَّرَ من حَبَقْ ..
أيها السادَةُ المحلَّفون ،
أنا قتلتُ الإمبراطورَ !!! سيفُ عَدلي فوقَ صمتِ ضميرهِ الدامي نَطَقْ !!.


الضوء / المجالسة :


قبل البداية
أنا واقفة اللحظة وأقرأ بصوت عال وأسمعني ما أقرؤه

فالكتابة هنا أكبر من مد البصر وعلي أن أحتويها أيضا بجوانياتي فـ { النص المكتوب بأشفار القلب يجب أن يتلقى بأشفار العين والقلب }

ربما في رؤيتي ستأخذني سيميائية الكتابة وأراني في كتابة ممسرحة وعلى خشبتها تمر الصور والسيد الوطن ونحن والقصيدة
لذلك مُجـَمـًَع هذه الكتابة وعلينا أن ننصت إليها قعودا القرفصاء...


نقرأ :

أحلِبُ الغَيمَ كي أحظى بما يُشبه الشَّبَع ! وأكتبُ وطنًا يُلقي عليَّ شوارعا مزدحمةً بغيابي .

تبرق الصورة هنا وتهطل بالسيد الوطن وبالحضور الذي يفجره غياب متكرر

ونلاحظ توظيف المفردات بعناية كبيرة جدا وباحترافية شعرية رائعة

فمفردة / الشوارع /

المزدحمة بالغياب تحيل مباشرة إلى هذا الحضور الممتد على أرصفتها باغتيالات تبحر في جبة صمت جبان...
ويصبح اللفظ هنا - مزدحم بالغياب - مؤسسة للنقيض والتضاد ، لكن هذا التضاد ولود*وليس عقيما * .فمن عمق الغياب يتحدث عن حضور وماء القصيد شاهد وهذا الشاهد يروي = يحكي .. كل المشاهد عبر مداد شبكة توليفاته التحاما ما بين الدال ومدلوله...

لذلك :


يصدِّقون الدُّخانَ النافرَ من جسدي ...وأنا البريء

فالدخان هنا وشاية فاضحة لاغتيالاتهم هؤلاء الذين يختبئون في جبة الإمبراطور...
جميلة الصورة -هنا - في التوظيف وكمتلقي تجبرني أنانيتي أن أتحدث عن جمالية الصورة وهي الممتلئة بالوجع..
فالخطاب في هذا النص الكبير جد نواته الذات وهذه الذات هي جمع ولذلك يتمرأى النص في كل الأعين = أنا= وهذه أنا هي = السيد الوطن =

وحين ينطقنا الوطن تتماهى هويتنا في حضن الجمع
فــــــ { الكلمة هنا تكتسب دلالتها من السياق المتفاعلة فيه }
ولأننا إزاء مشهدين ممسرحين بالصورة الناطقة من عمق واقع معاش فإن البصر هنا له وظيفة النقل أيضا
حيث الصورة تتحرك وامتداد البصر معها يمتلئ.وتردد محكمة الحضور الصوائت والصوامت من مداد القول فتهتز النفوس لهذا الوهج القادم من غبار الاحتراق
وينتهي إلى السمع نواح من جنائز الدم البريء :

دمٌ يطلُّ من شبابيكِ البلاد القتيلةِ على جنازةٍ توقِظُ الأزقَّةَ النائمة .

تلك أشياء واقعنا المملوء بالصراخ والألفة
صراخ يزهق الأرواح وألفة تستيقظ لتودع الموتى
وفي هذا الركب الجنائزي يُلقي بكل الخسارات إلى عمق الذات
تنكفئ وتتلمظ جرحها وتنتفض لتقاتل تجار الدماء ...

فلقد تعثر الجسد بالنور :

. أنا الأعمى ، تعثَّرَت قدماي بالنورِ
وتستحيل العودة إلى الوراء..

وأسترجع هذه الصورة لأدونيس :

يا لهب النار الذي ضمه
لا تكن بردا ولا ترفل سلام
في صدره النار لتي كورت
أرضا عبدناها وصيغت آنام
لم يفن بالنار ولكنه
عاد بها إلى المنشأ الأول
للزمن المقبل
كالشمس في خطورها الأول
تأفل عن أجفاننا بغتة
وهي وراء الأفق لم تأفل


فما بين الموت ونار الدخان انتفاضة وشمس أبدا لا تغيب
ربما المشهد مع ادونيس حكاية النهاية * الموت * المعرف بأل
وفي نص النديم نفسه الموت يتخذ مسلك القضاء على صانع الخواء
وربما من هنا حضر المقطع لسيد ادونيس

ولأن الشمس شمس الهوية لا تأفل فإن قتل الذي ظلم عدل في حق الإنسانية
والبادئ اظلم :


أيها السادَةُ المحلَّفون ،
أنا قتلتُ الإمبراطورَ !!! سيفُ عَدلي فوقَ صمتِ ضميرهِ الدامي نَطَقْ !

نص كبير جدا .. قوي جد..ا عميق جدا

الاشتغال رزين من شاعر اعتدناه بهكذا جبة
هدف مرسوم ولغة أبجديتها تتفوق على نفسها
وحين يكون النص بهكذا قوة
نعود إليه مرات ويلتصق بذاكرتنا إشارة خضراء تقول : إن الأدب والشعر بخير بألف خير

مجالسة /
نص : وردة لانتظار فراشة
الناص: نفيسة التريكي


النص:

وردة في انتظار فراشة

انتظرت وردة الحب فراشتها الحسناء و لكنّها تاخّرت عن موعدها الصّباحيّ
لم تكن وريدة الحنان تستاء من ملاعبة حبيبتها الملوّنة ومداعبتها بل كانت تحب ّان تنعشها برحيقها وتنتعش هي برقصاتها
أما اليوم فلم تاتها مجنّحة راقصة بل كانت ترقص بنصف جناح مرتخية حدّ الغيبوبة ،ولكن رغم كلّ هذا الوهن اختارت الرقيقة - لوفائها -وردتها لتحطّ عليها وأرست على بتلاتها كصدر حنون، فاستاءت الوردة الحنونة مما رأت وخاطبت صديقتها باعثة فيها النوروالسكينة عساها تبعث فيها والهواء والحياة
قائلة لها في محبّة:
فراشتي الجميلة
تنفسي
تنفسي
انظري لحسن الوجود وغضّي الطرف ولو لحين عن شرور الموجود
ارقصي
انتعشي من رحيقي
طيري
طيري
افرحي الأطفال ومرّي أمام الحزاني وأبهجي المكدّّرين بجمالك الفتان
إذا توقفت الفراشات عن الرقص فذاك نقص في الفرح وفي الوجود
نحن نحتاج لألوانك لرشاقتك شحنات الحبّ التي ترسلينها في الكون
سمعت الفراشة المرقّطة بالابيض والاصفر والاحمر والاسود ما قالته لها صديقتها الوردة الفوّاحة وبدأت تحرّك جناحها الأيمن فالأيسر ثم طفقت تتحرك وتحرّك اجناحيها أكثر فأكثر وكأنها استفاقت من غيبوبة طويلة شبيهة بما عاشه ثم أخذت نصيبها من رحيق الوردة ولثمتها لثم عاشقين عادا لبعضهما البعض بعد كآبة وغياب
ثمعادت لطيرانها لترقص وتتباهى بألوانها ولويناتها وخفتها ورشاقتها وتصفيق جناحيها كأنهما كفا صوفيّ يدور حول الواحد الاحد
وأقسمت مع الوردة ان تجمعهما البهجة دائما لتبسم الموجودات بالنشر الطيّب والألوان الزاهية والرقص الحاضن للكون واقسمتا بالجمال والمحبة أن تبعثا الفرح في الحزانى




المجالسة :



النص يحيلنا إلى الوجه الآخر للحياة
وللحياة وجهان :
وجه حالك تدعمه قوى الشر و تفتتن به
ووجه مستبشر يطل نافذة إغاثة / تصنع جسور عبور
القصة بسيطة جدا : تحكي صداقة مخلوقتين على هذه الأرض
تدعمان بعضهما البعض في تآزرجميل / قد يكون أنموذجا للصداقة في ماهيتها الشاملة
تحيلنا هذه القصة ـ أيضا ـ في تركيبتها والدرس الكامن فيها ، إلى خرافات لا فنتين les fables de la fontaine
وعلى رائعة كليلة ودمنة
فالصورة في المؤلفين / بسيطة جدا / تحكي عن مخلوقات لا إنسية /تتشابه في تعاملها مع الإنسان /حيث يسقط المؤلفان / بكسر اللام : حياة الحيوان على ما هو واقع في حياة البشر
هنا الفراشة والوردة إسقاط عميق على ما يحدث في علاقاتنا
هذا بالنسبة للنص محتوى

2
القصة القصيرة لها ميكانيزمات معينة : كبسولتها محددة
هناك حدث هناك بطل وهناك راوي وقد يكون الراوي هو البطل الورقي / الحقيقي
تعتمد على هذه الثلاثية بعيدا عن العنوان كـ عتبة وبعيدا عن القفلة كـ ضربة ختام
لا تعتمد عليهما كلبنات للتأسيس
فالمهم في القصة القصيرة الحدث والتركيز على شخوص البطولة ، وعادة ما يكون شخصية واحدة كما هنا:
الحدث : هنا أعمق من مجرد حوار ما بين اثنين فما خلف هذا الحوار / هناك مأساة تعيشها الفراشة / والفراشة هنا استعارة لحياة بشرية والاسقاط واضح وجلي / إسقاط الوجه الاسودادي للحياة :هنا عقدة النص
الوردة: الوجه الآخر او نصف الحياة المشرق:هنا مخرج للنص
تقنية السرد / لم تنهج الطريقة الكلاسيكية للقصة القصيرة
حيث اعتمدت على تجريد الهوة ما بين الراوي والمروي عنه / وكان الاتصال ما بينهما عبر حوار البطلتين
واتكا على النصيحة / وهذا الاتكاء دفع بالنص أن يبتعد عن تقنية القصة القصيرة ، حيث الوصف هنا سار على درب الخاطرالملغوم بالنصيحة
وهذا نجده خصوصا في قصص الاطفال / كـ تقنية سرد موجهة ـ بكسر الهاء ـ وتشتغل على تصحيح وتوضيح الرؤية لليافعين ومن هنا اراها قصة رائعة للطفل أيضا
3
يتميز النص برمزيته الجميلة التي تكشف الغطاء عن دواخلنا المكتنزة وجعا احيانا
زمكانية النص : غير محددة وهذا ما يفسر رمزيتها الجميلة / فالإنسان يعيش هذه الصور دون انقطاع ودون أركيولوجية زمانية
عدم تحديد الزمكانية للنص يقربه من الاقصوصة في عوالم الطفل الادبية / كما سبق الذكر
هناك فلاشات ـ إن صح التعبير ـ وردت بطريقة ذكية جدا وغير اعتباطية /
نجد هذا في تحديد لون الفراشة : /الابيض والاصفر والاحمر والاسود / لكل لون مساحات شاسعة في هذه الرمزية للنص
تبدأ بالابيض وتنتهي بالاسود كخروج منه للدخول في الأبيض كبداية
وهذا ما حدث للفراشة : كانت على حافة اسوداد ثم عادت بفضل صديقتها الى نقطة البداية وبداية الفراشة ضوء



همسة/
تغيب علامات الترقيم
وبعض المفردات ملتصقة ببعضها
رجاء تدبري أمرها

أخيرا
النفيس الغالية هذا النص / الأقصوصة / يليق كثيرا بساحة الطفل الادبية صعبة المراس
وأنصحك بكل حب أن تفكري في الكتابة للطفل ، فما احوجنا لعالم الطفل الإبداعي المغيب، ولديك كل المقومات لذلك.
تحيتي ومحبتي بلا ضفاف

النص / وهم طريق
الناص / رافت ابو زنيمة

بعد الشروق
أدار محرك مركبته
ثم جعلَ طريقهُ بمحاذاة طريق الشمس
بعد بضع ساعات
خرجَ عن المسار ارتطم بشدة
وهو يُحدق مصدومًا بالغروب
لم يستطع العودة...


القراءة العكسية :
كل شيء إذا لم نمنحه دراسة وتخطيطا ، لا تستقيم أعوادُه ، حيث سرعان ما نكتشف تسرعنا عند العثرات
حسنا
الفكرة جميلة وهادفة
لكن بعض التفصيلات كان بالإمكان الاستغناء عنها مثلا /
بعد الشروق
القراءة ستدبر أمرها في اكتشاف زمن البداية
فمفردة / الغروب / كفيلة بأن تساعد متخيل القراءة
فمنطقيا لا يمكن أن يكون هناك صدام بالغروب إلا إذا كانتِ البداية شروقا
ولذا الجملة هي تحصيل حاصل ، لم تسهم في تكثيف المعنى.
ثم
ارتطم بشدة / بالغروب
وهو يحدق مصدوما.؟؟ جملة تفسيرية لحالة المتحدث عنه / البطل
ومفردة بشدة كفيلة أيضا بتفسير ما عاناه صاحبنا عن الارتطام
إضافة إلى أن فعل الارتطام كان قويا بما يكفي لتسليط ، الضوء على جوانيات الشخصية / البطل /

طبعا هذه مجرد زاوية رؤية خاصة
تقديري كابتن رأفت

النص : تقي
الناص/ محمد خالد بديوي

النص : تقي




أطال السجود،ألح بالدعاء الى الله تعالى؛ ليفرج كرب جاره
(حفار القبور)
في الصباح : لم يتمكن "حفار القبور" من إخفاء فرحه بموت جاره
التقي.. أنشد..وأنشد حتى بكى..!

المجالسة :


الموقف دراماتيكي رهيب هنا
هي الحياة تمشي على تناقضات كثيرة ، قد تذهلنا حد البكاء ,, حد الانتشاء
حفار القبور :
يمتح من نهاية
وبداية كانت تمد الوصل بالدعاء

الرجل الصالح:
أضعف الإيمان يدعو
وما بين الدعاء والبكاء رعشة حياة
ملغومة جدا / الصورة / بحالنا الانساني الذي يصول ويجول في غياب اشياء كثيرة
لكن مهلا؟
لقد متح الحفار من نهاية التقي حد البكاء
ومفردة / بكاء / لم تكن اعتباطية وهي الـ مقرونة بالنشيد
فوظيفتها ـ هنا ـ تكرير للمشهد وتصويب لعدسة الكاميرا
الكاميرا تصوب نحو 360 درجة بعدة زوايا
وكل زاوية منفرج لمتخيل
لكن القفلة تعدل نحو 180 درجة / لا مساس فيها لخيارات
تقلب تكهنات القراءة وتمتحن درجة الصفر فيها
حيث تعود القراءة صفرا غلى بداية اللقطة في كل نهاية قراءة
شخصيا قرأتها مرارا وفي كل مرة أعيد العداد نحو صفر البداية
عاصفة قوية هذي اللقطة
هي ذي الق قج بامتياز
عتبة قفلة حدث وتصويب عدسة باقتدار
أستاذنا السي محمد تقديري

النص" نطقْ

قاب غفوة منها على وسادة من آسٍ طارح الحبق
اقتبست قطرات من عنبر تيمم من وجنتيها فائتلق
وحقنته في قلمي حبرا حتى اذا ما وشح الورق .. نطق

الناص: زياد السعودي


المجالسة :

حانية ورقيقة
والفعل فيها مكثف ، يقيم تميمته عبْر شرائِط المفردة
قاب
غفوة
وسادة
آس / حبق /
آس / حبق / كناية عن خضرة
وكل خضرة حياة ، وهنا كناية عن الحياة المريحة من حيث الحقل البصري والمعنوي معا وهذا ما يؤكد شرائط المفردة / فما بين الآس والحبق :حياة وتآلف وتعاضد من حيث : اللون : النكهة البصرية : الفائدة المعنوية والنفعية أيضا . / أيكولوجيا /
نقرأ:
قاب غفوة منها على وسادة من آسٍ طارح الحبق
هذه الجملة الشعرية الطويلة ، خصيصتها الدلالية تنتقل من الحقل البصري إلى عمق الذات فتؤسس الحس الجواني المنفرد لضمير المتكلم
تبدأ الجملة من: جمع مادي إلى حس معنوي / من الجمع إلى المفرد
قاب / دنو / المساحة ، هذه المساحة وظيفتها الدلالية تنهل من مجاز شاعري يؤسس لمفتاح البداية
فالغفوة سمحت باتساع المساحة في فعل / قاب/ ، إلى مدرك عقلي يحدث / فعلا / متحركا / اقتبس /

الاقتباس :
سيقوم برسم مجال الشاعرية على أفق منفتح على / الغفوة / كمساحة فيها حقق المعجم الشعري مرور حركية الفعل الذي سبق وتحدثنا عنه
نحن في فضاء الحلم
وهذا الفضاء تشير إليه / الغفوة/
لكن الحلم يرتكز على تضادية مزدوجة بين ضميرين متصلين منفصلين في عملية الحلم:
هي / غفوة / حلم حقيقي
هو / اقتباس : حركة / حلم يقظة يتحرك في مجال الغفوة
وهذا ما تقوم به شرائط المفردة في بناء النص والشعر
فـ "" الكلمة تكتسب دلالَتها من السياق المتفاعلة فيه"" محمد بنيس""
تحدثت عن حركة الفعل في الخط البصري للنص
وهذه الحركة ستتبدى أكثر في القفلة : نطق
ونطق / تحرك / كتب / قال / اعترف /
ونحن في فضاء الحب والاعتراف خصيصته الثابتة
همسة:

القفلة تأتي بعد نقطتين
وهنا أسال شاعرنا العميد
عن هاتين النقطتين
في الشعر الحر تقوم النقاط بعمل التفعيلة الناقصة ، فتؤسس لـ / وقفة البياض / وبذلك تكون في آخر السطر / قبل القافية / وتكون أكبر من القافية
كأنها تقوم بعمل القافية مع وجود تلك القافية
فهل هاتان النقطتان هنا بهذا الشكل أم هي فاصلة تأسيسية لانتظام النّفس.؟؟

قراءة في لوحة للفنان السائد على نص الشاعر النبيل النصر
اللوحة / سائد :
والنص / نبيل النصر

https://www6.0zz0.com/2021/07/03/07/192378301.png

القراءة :
لوحة رائعة من حيث :
التشكيل البصري /
من حيث الألوان القوية / و التي تلتقي هنا مع المدرسة الوحشية من حيث قوة الضوء
والضوء الأصفر / كناية عن الشمس / وشمس التربة وشمس القضية وشمس الحق لا تغيب أبدا
تركيب رائع ما بين الحبر : جبال بلعا واحة غناءة / الجبال رمز القمة والشموخ وللأرض فوق جبالها رداء الشموخ
الجبل الشامخ لا يهان /
ثم تساويا مع القمة توجد / البندقية
البندقية/ رمز الكفاح التصدي
ما أخذ بالقوة لا يمكن أن يعود الا بالقوة
الحمامة والخيل في اللوحة
رمز الحمامة ولونها الأبيض // رمز السلام
ويواجهها الخيل / فـ إذا تأملنا حركة القوائم / ندرك أننا في هذا التصدي العادل
نعم نحن شعب مسالم / والحمامة كناية / لكننا بالبندقية نعيد ما ضاع ، والأرض شرفنا وأمنا ، ولذا نحن مستعدون بالرصاص وبالحياة / حياتنا لاسترجاع تربتها
تقف القصيدة على شفا مواجهة :لا عودة إلى الوراء / فـ الأرض من أمامنا والأرض من ورائنا والأرض لنا وحقنا
ثم
الزهيرات التي تزين أسفل الصورة مع قوس أبيض يمتد من جهة الحمامة حتى أعلى قمم الجبال ، مرورا بالبندقية والسيدة الأرض بلباسها التقليدي الرائع
هذه الزهيرات هي الواحة الغناء احتضنت البندقية والرصاص والقمة والبياض والأرض

تحيتي فناننا السائد
وتحية للنبيل أخي النبيل

المــــــــــــاء ! // أحلام المصري ،،
الماءُ يشبهُني ،
سريعُ الغضبِ ، إذا ما عاندته الرياح !
الماءُ يشبهُك ،
صافي النوايا ، إذا ما ترقرق عشقا !

صوتانِ نحن ، و ماؤنا واحد . .
صمتين كنّا ، و الضوضاء رفاهيةٌ لا تليق بنا !
متى يحقُّ لأحصنةِ الوهمِ اجتياحُ ماءِ سكينتِنا ؟!
من يفتحُ أبوابَ الحزنِ بلا مبالاةٍ و ارتياب !

ليلُ القلقِ يحاولُ إغراءَ نجمةِ الروح ،
عطشٌ هي تفاصيلُ الوقت ،
أحصنةُُ الأملِ تعبرُ المفازات ،
تحطمُ تماثيلَ الفكرةِ المستنسخة ،
و الليلُ يعوي على أرصفةِ المواعيد ،

عند محطةِ الصمت ،
يكبّر الوجعُ على مئذنةِ الضجيج ،
أحدثُُك عنك ،
فلا تسمح للصمتِ برفعِ راياتِه فوقَ مساحاتِنا
التي نما فيها عشبُ الكلام !

الماءُ حين يغضبُ ،
يهدرُ و لا ينكسر !
الماءُ حين يغني ، ترقصُ نرجسةُ النور . .
في كفِّ الماءِ خطوطُ حياة ،
و ابتساماتُ ضوء . .
يمتدُ دربُ المنى نحوَك ،
متسعا بلا وجع !

لهفةُ الماءِ تشبهُ خطاي إليك !

المجالسة
نص يكتوي بنار العشق يأتي فيه الماء شاهدا
يبلل مساحات الانتظار ، ويفسح لظل الـ هما وارفات من ضوء لا ينكسر
حسنا
النص جميل وهادىء رغم ضجة العشق ، وتفنين الهمس
ولكن بدا لي متسرعا في الحياكة ، وكأن النص اشتغل عليه بسرعة
هناك بعض الصور متلاحقة بشكل تصاعدي / لاهث/ لا يترك المجال لعدسة الالتقاط بـ / استراحة /
وأقصد بالاستراحة : تنظيم نفَس الصورة مما أدى إلى اختلال نسقية الفكرة
مثلا :

صوتانِ نحن ، و ماؤنا واحد . .
صمتين كنّا ، و الضوضاء رفاهيةٌ لا تليق بنا !

في هذه الصورة يتلاحق الصوت والصمت
والضوضاء / معاندة تلحق بهما / كـ رفاهية لا تليق بالصمت؟؟
لا يستقيم المعنى هنا
إذا كان الصوت لإثنين والصمت يلاحقه فالضوضاء ليست برفاهية
الضوءضاء : مع الصوت والتلاحم ما بينهما عبر الصمت / خاسرة
ثم هنا :

فلا تسمح للصمتِ برفعِ راياتِه فوقَ مساحاتِنا
التي نما فيها عشبُ الكلام !

في هذه الصورة يخفت التكثيف الذي تتطلبه القصيدة النثرية
يصبح الكلام تفسيريا ويتحد والمباشرة ويتحرك في اتجاه الخط التعبيري الخاطري
مثلا قرأتها أنا هكذا:
فلا تسمح للصمتِ برفعِ راياتِه
فوقَ مساحاتٍ
نما فيها عشبُ الكلام !
نعدم تلك الأدوات التي اختل فيها التكثيف


،، حيــــــاةٌ أخرى ! // أحلام المصري ،،

.
.


حين يكون حضورك،
و حال الحال عشقي، و بكاء قلبي بين يديك..
لا شيءَ يشبهني في هواك،
إلا نبتةٌ باتت في ظلمة الطين عمرا،
ثم رواها مطر عطفك،
فتكلمت و ضحك الطين!

المجالسة:

جميلة وحانية وعامرة بصدق العاطفة
لكن بكل صدق قرأتها مرتين
مرة وقفت هنا كـ لحظة عامرة ومستقلة وممتلئة بالمعنى ولا تحتاج إشباعا:
حين يكون حضورك،
و حال الحال عشقي، و بكاء قلبي بين يديك..
لا شيءَ يشبهني في هواك،
ثم
ما تبقى مستقل وجميل ويحتاج فقط دغدغة السطر الثاني بقليل من التكثيف وتصبح ومضة شاعرية رائعة خصوصا وقفلتها مبتكرة: فلاول مرة أرى ابتسامة الطين
قرأت الثانية هكذا:
نبتةٌ في ظلمة الطين ،
رواها عطفك،
فتكلمت و ضحك الطين!
فبعض المفردات المؤسسة للصورة هي مفاتيح جميلة في الومضة لا تحتاج أدوات ربط مثلا
رواها
وظلمة

عامرتان بالمعنى وكفيلتان بما حذفته

مجالسة لنص في ساحة العشاق هناك
الناص : د. عايدة بدر
النص: في ساحة العشاق هناك
المجالسة: فاطمة الزهراء العلوي


النص :



ويبدأ الصباح
من ركني المعتاد بالمقهى
لازالت طاولتي تذكر أول مواقيت الشمس في عينينا
تثرثر لمقعدينا عن دفء الأنامل حين ارتاحت بين الأنامل
وكيف كان وجه البن سعيداً .... يبتسم

بجوار نافذتي المطلة على ساحة المطر
أجلس إلى طاولة الوقت السعيد
لنفس المقاعد ابتسم محيية فضولها
والبن في قاع فنجاني يراودني عن السؤال عنك
لكنه يتراجع بمقدار صمت
ربما يخشى الإجابة

بجوار نافذتي
نطل معاً أنا والطاولة ومقعدينا والفنجان
نتأمل تلك الساحة التي طالما عجت بكثير من أنفاس العشاق
نتأمل الثلج يفترش أرصفتها السرمدية الاستدارة
الزينات ترتفع ابتهاجاً لميلاد عام جديد قادم
المعاطف الملونة بالحب تعلو صياحات الفرح فيها
وضحكات يرسمها الأحمر فوق الشفاه
بين المعاطف
على الأشجار
وفي القلوب المعلقة فوق أشجار الميلاد

لعلنا كنا نبحث عنك بين الوجوه المارة
في ساحة الحب والمطر
في الوجوه المختبئة بين أغصان الوقت
المنتشرة فروع دقائقها فينا
أو لعلنا كنا نبحث عنك في تلك القلوب المغلقة على همومها
المرسوم فوق أديمها زيفاً بعض الضحكات

كنت أنا
والطاولة
المقاعد
الفنجان
الأشجار
المعاطف
الضحكات
الأنامل المشتبكة
الشفاه المتقدة
والعيون الحائرة
نبحث عنك حولنا


كيف لم ننتبه أنك حاضر معنا
وحين أتانا النادل يسألنا عن فنجان آخر من الشوق
لم تعره مسامعنا أي التفات ...!

ربما لأنك حين تأتي
تأخذني من بين كل هذا الضجيج
فيخرج انتباهي عن انتباهه
وألقاني بين ذراعيك غير التي تجالس الطاولة
غير التي تجرجر في انتظار مواعيدك
الطاولة
المقاعد
الفنجان
الأشجار
المعاطف
الضحكات
الأنامل المشتبكة
الشفاه المتقدة
والعيون الحائرة


وألقاني بين ذراعيك الممدودتين بالدفء
نراقص المطر في ساحة العشاق
هنااااك ...... دون انقطاع

المجالسة


نص جميل
أخذني ألى أجواء أحبها حتى الثمالة
أحب ارتشاف فنجاني كما فعلت بطلة النص / في انتظار القادم من ثنيات بعيدة
ذكرني النص بفجوات نقية كانت أيام آحاد كازبلانكا في زمن ولى ولن يعود
حسنا
النص جميل
اللغة جميلة وسليمة وطيبة وصور بلاغية رائعة
إلا أنه :
وبكل صدق لم أقرأ القصيدة بل قرأت حكاية
قرأت متنا خاطريا أقرب منه إلى القصة ، حيث السيد الفعل يؤثث للصورة ويهمين على البناء أفقيا رغم تسطير النص شاقوليا من خلال أصوات ، تحدثها المواعيد ما بين قلبيهما / ألـ هو الحاضر بقوة في النص وألـ هي /
ومن خلال البناء البصري
لكن الجملة السردية تتوحد وأفقية السطر

فالتوازي ما بين الفعل والتكثيف يغيب
والبناء / بناء النص أرضي لغة وتصويرا
والمساحة القليلة التي سمح بها الفعل للغة السماء كانت ضمن سياق السردية

النص جميل
لكن يحتاج تكثيفا وذلك بالاشتغال على نفس العناصر التي أسس بها البناء
حيث يمكن للفعل أن يأتي مصاحبا للغة السماء لكن في الوقت نفسه / يجب ألا يؤسس للهيمنة السردية
هنا / النص / تحكم السيد الفعل بقوة


همسة


لازالت طاولتي تذكر أول مواقيت الشمس في عينينا ؟
في عيوننا ربما

النص / حدود
الناص / أمل الزعبي
المجالسة : زهراء العلوي


النص


بينما كل يوم يفقد الوطن أحد أبنائه المرابطين على الحدود ، يعلو صوت الجدل في أحد القصور متى ستقلع الطائرة ليمارسوا هواية التزلج على الجليد .
،،،

صيغة أخرى للومضة ...

بينما كل يوم يفقد الوطن أحد أبنائه المرابطين على الحدود ، يعلو صوت الجدل في أحد القصور متى ستقلع الطائرة .



المجالسة

السلام عليكم
أول شيء لفت انتباهي هو :الصيغتان ولكنها صيغة واحدة رغم حذف مفردة / التزلج/
فلم يكن هناك فرق ما في الصيغة الثانية هي نفسها الأولى
ثم
بناء/ الجملة من حيث التركيب اللغوي والصياغة هناك خلل ما
بينما كل يوم؟؟
الحركة هنا في سبه الجملة متكررة
أ ـ بينما /

ب ـ كل يوم /

كل يوم هناك شهيد
كل يوم هناك موت


بينما كل يوم / هنا يكمن الخلل / وتؤكده الجملة الثانية التي تُعطف على الأولى توضيحا
بينما / يعلو صوت الجدل؟؟
اللامتجانس في هذا التركيب
أولا
الموت يحدث يوميا
والجدل على ركوب الطيارة يوميا ؟؟ والتلزج سيكون يوميا
فمنطقيا هناك موعد محدد للتزلج
ومن هنا التركيب ما بين شبه الجملة / بينما / هذه ""الظرفية الزمنية التي تتكي ءعلى عنصر المفاجاة "" في الجواب ـ إن صح التعبير ـ لم تخدم الجواب كمفاجاة
الجواب كيف
فـ حين نكتب بينما؟؟
نقول بينما ماذا؟؟
بينما كذا هناك كذا
ولكن الـ هناك في السطر الثاني لا تنسجم صيغة مع الظرفية / بينما /
لذا شخصيا / حسيت / بخلل ما في الصياغة

العنوان
يورطنا النص ويضعنا في قلب الحدث مباشرة من عنوانه
فنحن في قلب الحدث والحدث سياسي محض
نحن في قلب الأرض المغتصبة
نحن قدام واجهتين :
أ ـ واجهة نضال / كفاح / حق /
ب ـ واجهة احتلال / تقتيل / اغتصاب حق
وهنا يتدخل الموت شهادة من خلال دائرة الكفاح
والكفاح مع صاحب الحق موت
بينما مع المغتصب حياة

ما بين الحياة / بـالقوة / على أرض مغتصبة والموت بالفعل على أرض الانتماء
مسئولية تشتت وخيانة وجبن وفضيحة خذلان
فهؤلاء الذين يموتون على الحدود ، لا جدار يتكئون عليه تعاضدا / فالكل خان والكل ترك الحياة على مصراعيها للمحتل الغاصب وهنا نحن في قلب "" نميمة فاضحة "" على سماسرة الجبن
الانتقال من الحياة إلى الموت / هو سيرورة الدنيا
لكن هنا يحدث العكس فالموت للشهداء
بداية حياة للمغتصب
وهذه الضدية في الصورة تعلن بذكاء عن بداية ال


حدث
ينفتح العنوان على الحدود ويقول بانتماء والاحتلال كما سبق الذكر
وأيضا الحدود التي خلقها الصمت الجبان من بني الجلدة والخيانة
إذا فالحدود مهمتها : المكان
هو المكان وهو / الوعاء / في تأثيث الصورة
الصياغة


البناء /
البناء في السيدة القصيرة جدا ، هو عبارة عن بناء كامل له ميزة الاقتصادية اللغوية
لا أتحدث عن عدد السطور والتي حددها البعض في الرقم 7 / ربما تزكية بثقافة الرقم 7 عندنا
فلا يمكن لنا أن نحدد الإبداع في عدد ما / ولا أومن بهذه النظريات
الاقتصادية اللغوية : تضيق مساحة القص وتوسع من مساحة المتخيل مع القراءة
فترتكز على الخطوط العريضة عبر:
/ حدث /
شخوص /
حبكة درامية /
وقفلة /
مع عتبة مراوغة
وقفلة طبعا تحقق الصدمة

البناء
صيغة البناء في هذا النص فيه خلل ما
فالظرفيتان الزمنيتان/ بينما / وكل يوم / :
لم تخدما البناء بطريقة سليمة على الأقل بالنسبة إلي
ثم احد أبنائه ؟أيضا شكلت خللا لان البناء مع الظرفيتين الولتين لم يكن صحيحا ؟؟ سليما نحويا أتحدث وبناء
وقد رأيت الصورة هكذا باستعمال ظرفية كلما والتي تفيد الشرط / :
كلما فقد الوطن أحد أبنائه / ... كذا كذا ..
علا صوت الجدل ..

وكلما / ظرفية ألغت الظرفية الثانية / كل يوم / ولكن احتوتها في نفس الوقت وعامرة بها
فكانت الـ / كلما / مشعة بالزمنية متعدية ـ إن صح تعبيري ـ ولا تحتاج إلى / كل يوم / كتفسيرية زمينة أخرى/

الحبكة الدرامية /
لم أجدها قوية
حيث أن الصورة التُقطت بعدسة الوصف
ولم يوظف عامل السرد بطريقة مشبعة
فكنا قدام جملة وصفية خبرية أكثر منها قصصية
حتى مع وجود عنوان منفتح على عدة زوايا
القفلة
تغيب القفلة ولا يوجد فعل حركة صادمة في نهاية الصورة
ولذا شخصيا النص بصيغتيه يحتاج إعادة صياغة
ويبدو لي ـ من زاوية نظري ـ تحدد في الهمس الخاطري أكثر منه القصصيي
هذا لا ينقص من النص ولا من قيمته / ولكن تجنيسا ليس بـ قصة قصيرة جدا

مجالسة نص
النص : صاحب القلم
الناصة : إيمان سالم
المجالسة : فاطمة الزهراء العلوي

النص :


فكّر أن ينقل معاناة شعبه،
في الأثناء تعثّر بجائزة أفضل سائس أبجديّة،
تدحرج القلم و استقرّ خلف كومة معدنية..

المجالسة



نص عميق قوي ، يمنح القراءة كرسي حضور بالقوة وبالفعل
النص أخذني سيميائيا ورأيته من هذه الزاوية ..
الفعل /
فكر
الفعل يمارس نميمة فاضحة على صاحبه / البطل / ، ويطرح قضية المبدأ بقوة لكن ضمنيا ،وستعلن عنها القفلة علنا وبطريقة رائعة
التفكير :
معناه أخذ وقت للتأمل ولطرح الكثير من الأخذ والرد والتردد ، مع الفكرة نفسها وهذا يتنافى مع المبدأ
فالمنطقي هو أن: يبادر / صاحب القلم / بنقل المعاناة دون تفكير
ولكنه أبطا عملية الحركة واستمع / للغواية / وسنعود إلى الغواية لاحقا عبر تنامي الحدث
فـ
الفعل هنا لم يكتف يتقديم الزمنية السابقة لفعل النقل بل وكما سبق الذكر ، التمرد على البطل متحديا بذلك النية /
فالنية هنا لم تكن صافية
والنية هنا في نقل المعاناة تتحرك في فلك تردد وحيرة

العتبة :
صاحب القلم
العتبة / توزع الأدوار في هذه اللقطة البارعة ، بطريقة كرونولوجية جميلة
فكر/ تردد وحيرة / زمنية معينة تفصل ما بين الفعل والقيام به
ثم تفسح الطريق للقلم
القلم: يندغم والفعل / فكر/ انطلاقا من أن صاحب هذا القلم حامل رسالة
وحامل الرسالة هو حامل هموم الشعب
حامل الرسالة / أصوات متمعدد :
صوت النضال
صوت / حق مغبون
صوت الفئة غير القادرة على التفكير / على التغيير ونلاحظ هنا تدويرية المعنى والصورة عبر الفعل / فكر/
صوت المهمشين
وصوت الحق
كل هذه الأصوات ضائعة في تلك النميمة التي مارسها الفعل باقتدار تجاه / البطل / كاستهلال وبداية مؤسسة بكسر السين الأولى وفتح الثانية
فنحن ـ إذا ـ داخل سجن المتحدث عنه وخارجه
الداخل / تردد واستباق واجهة
والخارج/ معاناة لم تمسطرها القفلة سوى ضياع وغياب وتغييب فلم يتغير أي شيء ولم تنقل / الفعل مبني للمجهول هنا / المعاناة وأتوماتيكيا : غياب الحركة أي الانتقال من وضع إلى آخرهو :
غياب :موت الفكرة
وتغييب : إدراك في اللاوعي
وهذا الإدراك في اللاوعي سابق في زمنية التردد والحيرة
وعاء لاستقبال المستجدات والمستجدات : تغييب ركب موجة الـ جائزة

يقول المفكر الايطالي أمبيرتو إيكو فيما معناه
""
الأشياء الميتافيزيقية لا نستطيع رؤيتها بالعين المجرد ة ، ولذلك نتصورها وفي تصورنا لها : جهد وحركة للعقل والتدبير
بينما الأشياء التي نراها تأتينا دون جهد وتبطل الحركة ""

فالبطل هنا عاش لحظة ميتافيزيقية ـ إن صح التعبير ـ ما بين الإٌقدام والتراجع مع تغييب حقل كل منهما نتيجة
فكان التغييب تصورا في اللاوعي حدث معه انقلاب في الفعل / فكرا
ونتحدث هنا عن تكرير الفعل عبر آلية التدوير

الجائزة:
قوة الحبكة الدرامية في هذا النصيص هنا في هذه الكلمة المفتاح
فلكل نص مفتاح يفتح جميع الأبواب متعدد الاستعمالات passe partout
المفتاح
نقطة البياض الفاصلة ما بين التردد والحيرة وبين القبول واعتماد الجائزة جسر عبور جديد
وننتقل هنا من الإحساس بالجماعة والوحدة إلى الانفرادية التي باتت تؤسس لحياتنا وفي كل مواطنها :"" أنا ومن بعدي الطوفان ""

هذه الانفرادية تحيلنا على موقفين مهمين بالنسبة إلي
1 الأنانية
2الحاجة

والمبدع عادة ما يكون في الموقف الثاني في حاجة مادية رهيبة
قد تتحكم فيه ليلغي مبادئه كي يكون
نعود من جديد للمبدأ الذي أشرنا اليه بداية ،وهنا أيضا نتحدث مرة أخرى عن تدويرية المعنى وتكريره
التكرير:
يخدم هنا القصة ويمسرحها عبر فصول متداخلة من البدء عبر الثلاث دقات عتبة على اسدال الستار: القفلة / ضربة الختام
التحويل الذي هندس النص من التفكير بالجماعة الى الانفرادية وحيازة الجائزة :
حقق دهشة النص
وحقق نجاح البناء
فإذا كانت الكلمة المفتاح في قلب المسار وخط الحدث المتنامي
فأن القفلة تقف على قمة الدهشة عند مفردة / تدحرج القلم
وتستدعي العتبة للاحتفال باستقلالية كل منهما على حدة ، ورفع راية التداخل ما بينهما رغم الاستقلالية
المفردات التي اعتمدها النص منتقاة بعناية كبيرة :
صاحب قلم: مبدأ
معاناة شعبه / خصيصة المواطن
والهاء في شعبه تخدم هذه الخصيصة بالانتماء
جائزة : غواية / إغراء
تدحرج القلم : موات ونهاية
وقد لعبت / الغواية / وقد قلت سابقا بأنها الكلمة المفتاح / الجائزة /، لعبت دور البطل الحقيقي في هذا النص الرائع
وهو نموذج للسيدة القصيرة جدا بامتياز

همسة:
علامات الترقيم
جميلة وخصوصا الفاصلة التي تؤسس لاستراحة النّفس وتهيئة مناخ الصدمة في القفلة وباقي الأصوات الأخرى
علامة التعجب في الأخير تمنيت إلغاءها حيث أنها الكلمة المحذوفة نطقا والموجودة خفية : تدخل السارد في النص
تمنيتها بنقطتين كنهاية


الساعة الآن 02:36 AM.

Powered by vBulletin® Version 3.8.7
Copyright ©2000 - 2024, Jelsoft Enterprises Ltd.
جميع الحقوق محفوظة لأكاديمية الفينيق للأدب العربي
يرجى الإشارة إلى الأكاديمية في حالة النقل
الآراء المنشورة في الموقع لا تعبر بالضرورة عن رأي الإدارة بل تمثل وجهة نظر كاتبها فقط