![]() |
ذاكرة مثقوبة ،،،/ زياد السعودي
- بلدية الخربة ترحب بكم - ... أوقف سيارته قرابة الشاخصة واسلم وجهه لانزياح الريح القوية ، اشتد عليه السعال وراح ينظر من أعلى التـلة إلى تلك القرية من خلال ذاكرة مثقوبة ... غادرها فتياً بعد أن حُرم من صنوبرها، تينها، وعيون مائها العذب، وهو الذي ولد في بيت من بيوتاتها الطينية ، غادرها مطرودا هو ووالده " طبيب العرب " فقد أخفقت أعشابه للمرة الأولى في علاج احد أبناء وجهاء القرية الذي وافته المنية ، لتبدأ رحلة اغتراب صابر الحالكة . في تلك القرية .. كان الناس يعيشون كما اتفق .. صباحاتهم كئيبة مليئة بالغيبة والنميمة ، وأمسياتهم استكمالا لصباحاتهم ، وصابر يحلق بعيدا عن كل هذا ، وتحت شجرة توت قديمة كان يزرع ليل ليلى بالقوافي والأغنيات ويستلهم من حضورها شكلا آخر للحياة . ـ انه الرحيل يا صابر !! أشعرُ بان روحي تنتزع مني !! استل صابر نايه الحزين من جنبه واسلم كتفه لجذع " التوتة " ، وراح ينفخ فيه بكاءه الجاف واشتعال أنينه.. " يا سفرهم آه يا سفرهم كان بعز الليل وكان القمر غايب " التفت حوله لم يعد هناك غير بقاياه والناي إذ ذاك... دوت صرخة محمومة اخترقت الوديان المؤدية للقرية ـ ليلى ........ ليلى سأعود يا ابنة القلب سأعود ودخل صابر القرية من جهتها الجنوبية ، ورغم مرور عقدين لا زالت تحتفظ ببعض ملامحها ، على هذه الزاوية كان الحلاق " أبو داود " يفتح كرسيه وتستسلم الرؤوس لماكينتة ، كان الأولاد يتلمسون رؤوسهم بعد الحلاقة تعتريهم ضحكة ساذجة. وهذه بقالة " أبو ركاد " الذي ما انفك يعزو أسباب تدهور مشروعه إلى أن الأولاد يشترون بقرش ويسرقون بخمسة مستغلين ضعف بصره . وهناك على تلة منعزلة بقايا منزل " أبو عوينة " يقبع منفردا فهو صاحب قدرة على الحسد وإلحاق الأذى بلحظة عين .. استصدروا فتوى و صلوا عليه صلاة الجنازة رغما عنه تفاديا لشره وهو حي يتمدد أمامهم مذعورا دون حراك ، انتهت حياته بانتهاء صلاتهم دفنوه وحمدوا الله على نهاية شره وحسده لكنهم ظلوا يخشون الاقتراب من منزله ، ظنا منهم أن روحه لا زالت هناك تهدد وتتوعد كل من شارك في الصلاة عليه . أوقف سيارته أمام منزل أبو صايل المختار حيث كان القرار ــ يا أبو صابر الجماعة مصرين على "الجلوة " حاولنا معهم بدون فايدة ... والله انك خسارة كبيرة للقرية. ــ الخيرة فيما اختاره الله يا مختار صايل وصابر في ساحة الدبوان ــيا صايل ... ما بقدر اعيش برات القرية ... رغم أن العالم يتسع بعد الخروج من ممراتها إلا أني اشعر بالاختناق حين اخرج منها ــ ولا يهمك ابوي رح يتابع ويظل وراهم ... بلكي ترق قلوبهم.. سنة زمان بتهدى النفوس ــ اللعنة على الشيح والبابونج واللبخة ، اللعنة على الخشب والجبيرة ، اللعنة على الحبة السمرة ومخاط الكي اللعنة علي. ــ اهي القرية ؟ يا صابر ام ليلى ؟ ــ القرية ليلى يا صايل !!! العيون تحملق في هذا الزائر والشفاه تتمتم .. - هذا اكيد مندوب الحكومة جاي عشان الشارع اللي طالبنا فيه من سنوات - لا يا جماعة بدو يكون خبير جاي عشان الاشعاعات اللي بيحكوا عنها - هذا من أثرياء المدينة جاي يشتري ارض ويحفرلو بير مثل اللي سبقوه مع انه كل ما نراجعهم بيقولو ممنوع حفر الآبار !! ـ يا عمي شايفين كيف مشخص أكيد الدكتور الجديد .... اثأر هذا الاستنتاج حفيظة عزمي الممرض في عيادة القرية الوحيدة . تحدث صابر الى عدد من سكان القرية بحذر استفسر وتقصى بذكاء وعرف ما يريد ...ثم غادر متجها الى شجرة التوت .. وما ان وصلها حتى ترجل من السيارة اخرج نايه واسلم كتفه لجذع " التوتة " وراح ينفخ فيه أشواقه واشتعال حنينه "سافروا ما ودعوني ... سيبوني وراحوا " وراح ينظر من أعلى التلة إلى تلك القرية من خلال ذاكرة مثقوبة ... |
رد: ذاكرة مثقوبة ،،،
عميدنا الراقى والعزيز زياد السعودى
وكانت رحلة اغتراب صابر صورة ناطقة .. معبّرة رسمها قلمك الذهبى المبدع بأسلوب غاية فى التشويق حتى عشنا مع نقاء حرفك السرمدى تفاصيل القصة وكأننا هناك. أحييك عميدنا الجميل على روعة وتألق قلمك دمت مبدعاً ودام حرفك يرفل بالجمال والألق كان لى شرف المصافحة الأولى لدرر حرفك تقبل مرورى مع وافر تقديرى واحترامى أميرة الإحساس http://m.elshabab.com/docs/karecateu...ges/flower.gif |
رد: ذاكرة مثقوبة ،،،
القصة تقول لي ان الذاكرة ( مألومة ) لا ( مثقوبة ) ربما هناك شيء بعينيه في معنى العنوان ابتغاه العميد للقصص
مودة عميدنا |
رد: ذاكرة مثقوبة ،،،
و كم منـّا يغادر الوطن بذاكرة مثقوبة برصاصات الواقع
الخراب في أصعدة عـدّة !! و كم يعيدنا إليه الحنين إلى بعض جمال كان و الأمل بكثير جمال نأمل أن يكون !! و كم .. و كم .. لنرحل عنه ثانية بذاكرة الرصاص و قد صار ثقبها رصاص الخيبة ليتسّع الألم .. !! ما لفتني هو دقـّة اختيارك للأسماء لترصد الوضع السياسي و الاقتصاديّ و الاجتماعي من خلالها .. و على الرغم من كلّ ما رصدته القصـّة من الخراب المتنامي هناك ما أثار تفاؤلي حيث شجرة التوت بكلّ ما تحمله من دلالات مازالت متكـّأ لظهره .. و وحدها من يفهم أنـّاته .. و كلـّما ارتحل سأرى الآلام تعيده إليها ليشعل الناي غنـاء .. عميدنا المكرم زياد السعودي .. و على صورته تحت التوتة سأبقى .. علـّه يلتقي بصابرين و يتغيـّر لون الغناء .. أقول علـّه بدمعة تعاندني و تقول : هيهات .. قصـّة متكاملة العناصر .. و بناء الأحداث فيها متماسك و عرضها جاء زاوج بين طريقة البناء الهرمي و طريقة الخطف خلفاً .. بوركت حروفك .. و سلم إبداعك و يراعك يا أخي و لك كلّ المودّة و الاحترام . همسة : رغم = كره .. لذلك القول السليم هو على الرغم من . همزات الوصل و القطع تحتاج إلى عناية ( كيلا يغضب الأخوة ). |
رد: ذاكرة مثقوبة ،،،
سلاما العزيز عميدنا زياد
الناي وشجرة التوت جمال الغنة الصادقة من صدر الناي وصداقة التوتة السند . اما ما تحويه القصة من ألم فهو نموذج من أي قرية عربية تعيش التخلف والعلاقات الاجتماعية المازومة والادهى من هذا تلك الإشارات الى بيع الارض لغني مجهول ..بيع لبئر نفط اوقطعة ارض لدفن نفايات ..أولصفقة ما، تحصل في غفلة عن متساكني القرية البسطاء لكن الامل يكمن في اخضرار التوتة وثباتها. |
رد: ذاكرة مثقوبة ،،،
اقتباس:
المشاركة الأصلية كتبت بواسطة عبير محمد http://www.fonxe.net/vb/images/FH_Ab...s/viewpost.gif عميدنا الراقى والعزيز زياد السعودى وكانت رحلة اغتراب صابر صورة ناطقة .. معبّرة رسمها قلمك الذهبى المبدع بأسلوب غاية فى التشويق حتى عشنا مع نقاء حرفك السرمدى تفاصيل القصة وكأننا هناك. أحييك عميدنا الجميل على روعة وتألق قلمك دمت مبدعاً ودام حرفك يرفل بالجمال والألق كان لى شرف المصافحة الأولى لدرر حرفك تقبل مرورى مع وافر تقديرى واحترامى أميرة الإحساس http://m.elshabab.com/docs/karecateu...ges/flower.gif الوارفة عبير اضاءة طيبة من لدنك اتت اثراءً ننشده كل التقدير |
رد: ذاكرة مثقوبة ،،،
اقتباس:
تحيتي لمرورك الطيب |
رد: ذاكرة مثقوبة ،،،
. ذاكرته المثقوبة لم يسقط منها سوى ليلى ...فما زال الحنين للقرية "وصنوبرها، تينها، وعيون مائها العذب، وهو الذي ولد في بيت من بيوتاتها الطينية " اعتماد تقنية الاسترجاع أوالفلاش باك في السرد كانت موفقة جدا ، المشهد الأول كان اختيار محترفٍ بالقص، الخاتمة حزينة ولكن عودته مرة أخرى لقريته وقد حقق لنفسه بعض المجد كما يبدو من هيئته التي أشغلت سكان القرية . أمنية تمنيتها وأنا أقرأ هذه القصة الجميلة ، لو أنك أستاذنا زياد السعودي كتبت ألحان الناي حين عزفها بكلماتك وأشعارك وأنت القادر على ذلك . شكرا لمتعة القراءة ، وأجمل الأمنيات احترامي |
رد: ذاكرة مثقوبة ،،،
عميدنا العزيز
لقد اكتشفت مجدداً، من خلال قصتك بان واقع شعبنا في كل مكان لا يختلف عن بعضه البعض ولكن لماذا الذاكرة مثقوبة؟!! محبتي هادي زاهر |
رد: ذاكرة مثقوبة ،،،
قصة قصيرة وجميلة حملت في ثناياها واقع المجتمع الذي نحياه مشكلاته وظروفه التحكم العشائري الذي يجبر أهل البلدة وأبناء ترابها على الرحيل سيطرة الأثرياء على الأرض وعلى القرار بؤس الفقراء وطيبتهم ومن خلال الذاكرة المؤلمة كانت الذاكرة المثقوبة لمواطنين تسربت من ذاكرتهم صورة وذكرى ابن لهم ابنا للخربة التي يحلم من خلال الألم لخدمتها فرحل الحلم بين القسوة والظلم كما رحلت ليلى التي مثلت البلدة زياد |
رد: ذاكرة مثقوبة ،،،
في قصة صابر
الثورة على التقاليد جاءت باسلوب قصصي شيق من قلم العميد تحيتي وتقديري عميدنا |
رد: ذاكرة مثقوبة ،،،
بشرى بدر : قصـّة متكاملة العناصر .. و بناء الأحداث فيها متماسك و عرضها جاء
زاوج بين طريقة البناء الهرمي و طريقة الخطف خلفاً .. كثيرا اثمن طيب تعقيبك واعتز بما اوردتِ من ملاحظات فنية يوردها الخبير كل التقدير |
رد: ذاكرة مثقوبة ،،،
التريكي :
الناي وشجرة التوت جمال الغنة الصادقة من صدر الناي وصداقة التوتة السند عمق تناول اغبطني عليه كثير ود للتريكي |
رد: ذاكرة مثقوبة ،،،
العميد الغالي زياد السعودي ..مساء رقيق
رسمت بريشة مبدع الحدث كيف بدأ بموال وانتهى بموال رغم الذاكرة الثقوبة يبقى للأصل والمنشأ سحره الذي لا تعوضه أيّ غربة ولا أيّ مكسب مهما كان دمت بخر أخي الغالي زياد |
رد: ذاكرة مثقوبة ،،،
يالله... المسافة بين اللعنة والإياب رغم طولها , لكنها لم تقف لصابر حجر عثرة.... كل شيء كما عهدة رغم الإغتراب, تفاصيل القرية , الجهل , الأفواه , الفقر , الآمال المتهاوية , والوعود التي مازال أولئك الرهط يحلمون بها ولم تأتِ ...! وليلى... الجزء الحزين.. الحنين المفقود من النص , لكأنها رغم الغياب سرّبت الحياة لشجرة التوت... كأنما أوصتها بصابر خيراً ... هو الأمل ,,هو الأمل ,,هو الأمل... لا أستبعد أبداً أن تأمل صابر أن تسقط حجرة من شجرة التوت ليلى جديدة.... لاأعرف ما أثرت في نهله هذه القصة... ربما تكون الذاكرة التي أعادت صابر ,نفسها وتري الحساس ...! ياعميد.... تكتب , فيخلع النرجس عنه نرجسيته... ويصبح أكثر عطاءً... |
رد: ذاكرة مثقوبة ،،،
العميد
أينما هطلت تناثرت طيوب الجمال نص قصصي جميل ود يليق .. |
رد: ذاكرة مثقوبة ،،،
ياسمين عبدالله :
اعتماد تقنية الاسترجاع أوالفلاش باك في السرد كانت موفقة جدا اثمن هذه الشهادة من لدن خبيرة كثير امتنان اخية |
رد: ذاكرة مثقوبة ،،،
هادي زاهر : واقع شعبنا في كل مكان لا يختلف عن بعضه البعض
مرحى يالوارف عزيز مرورك كل الود |
رد: ذاكرة مثقوبة ،،،
الوارف الجيوسي
ممتن لطيب مروركم ولك الود |
رد: ذاكرة مثقوبة ،،،
اهي القرية ؟ يا صابر ام ليلى ؟
ــ القرية ليلى يا صايل !!! قص محكم جمع بين تداعيات المكان في ذاكرة الانسان وذاكرة الإنسان التي ترحل ومعها المكان في القصة ثمة موضوعة انسانية (الجلوة)،تم تذويبها في القصة بشفافية ودون الأحساس بجمود الوعظ واستفزازه. بحق جميلة كروح صاحبها فقط ليست ذاكرة مثقوبة تلك التي تحتفظ بكل هذه الانسانية ....... ليس للروعة حادي إلاك قسيمها دمت مبدعاً محبتي |
رد: ذاكرة مثقوبة ،،،
العدنان
ممتن لطيب وعاطر تواجدك واعتز بما تورد في حواشي هذياني ود يطالك |
رد: ذاكرة مثقوبة ،،،
الهباش
رايك حافز اتوخاه ود يطالك |
رد: ذاكرة مثقوبة ،،،
اقتباس:
المشاركة الأصلية كتبت بواسطة نهله محمد http://www.fonxe.net/vb/images/FH_Ab...s/viewpost.gif يالله... المسافة بين اللعنة والإياب رغم طولها , لكنها لم تقف لصابر حجر عثرة.... كل شيء كما عهدة رغم الإغتراب, تفاصيل القرية , الجهل , الأفواه , الفقر , الآمال المتهاوية , والوعود التي مازال أولئك الرهط يحلمون بها ولم تأتِ ...! وليلى... الجزء الحزين.. الحنين المفقود من النص , لكأنها رغم الغياب سرّبت الحياة لشجرة التوت... كأنما أوصتها بصابر خيراً ... هو الأمل ,,هو الأمل ,,هو الأمل... لا أستبعد أبداً أن تأمل صابر أن تسقط حجرة من شجرة التوت ليلى جديدة.... لاأعرف ما أثرت في نهله هذه القصة... ربما تكون الذاكرة التي أعادت صابر ,نفسها وتري الحساس ...! ياعميد.... تكتب , فيخلع النرجس عنه نرجسيته... ويصبح أكثر عطاءً... الوارفة نهلة اغبطني كثيرا على هكذا قراءة تحية من بلور وكل التقدير |
رد: ذاكرة مثقوبة ،،،
عنوان جميل وقص اجمل
سعدت بالتعريج هنا تحيتي |
رد: ذاكرة مثقوبة ،،،
اقتباس:
المشاركة الأصلية كتبت بواسطة ضياء البرغوثي http://www.fonxe.net/vb/images/FH_Ab...s/viewpost.gif العميد أينما هطلت تناثرت طيوب الجمال نص قصصي جميل ود يليق .. البرغوثي اينما حضرت انرت ود يطالك |
الساعة الآن 12:23 AM. |
Powered by vBulletin® Version 3.8.7
Copyright ©2000 - 2019, Jelsoft Enterprises Ltd.
جميع الحقوق محفوظة لأكاديمية الفينيق للأدب العربي
يرجى الإشارة إلى الأكاديمية في حالة النقل
الآراء المنشورة في الموقع لا تعبر بالضرورة عن رأي الإدارة
بل تمثل وجهة نظر كاتبها فقط