۩ أكاديمية الفينيق ۩

۩ أكاديمية الفينيق ۩ (http://www.fonxe.net/vb/index.php)
-   ☼ بيادر فينيقية ☼ (http://www.fonxe.net/vb/forumdisplay.php?f=31)
-   -   سيرة التّكوين (http://www.fonxe.net/vb/showthread.php?t=73309)

طارق مخيبر قطف 23-04-2019 10:49 PM

سيرة التّكوين
 
( سيرة التّكوين )

مع الشاعرة مرام العمري
***
قلنا في منشورنا السابق ( الى الرائعين فقط ) إن : ( المقدمة هي مدخل ذهن المتلقي الى مناخ النص و جوّه العام
كما يعمل على تهيئته نفسيّا ً و فكريّا ً للخوض مع الكاتب لتلقّي الرسالة ........... و الصورة الأولى له تُحدث ارتباطا ً
فما أن تباشره بالصورة الأولى يكون قد أمسك بيدك و أمسكت بيده لتمضيا في الرحلة معا ً بين تضاريس النص )
..... ( الارتباط ).......
نتناول القصيدة من هذا الجانب فقط في عُجَالة
الارتباط بين الكاتب و المتلقّي و التسلسل الدرامي و ترتيبه الصوري الذي تكلمنا عنه وندع ما يحمل و يختزن النص من جواهر و لآلئ ودرر و أدوات و براعة في الاستخدام و التوظيف وغيرها الكثير إلا ما يستوجب ذكره خدمة للفكرة و الموضوع المتناول لأنه لا يسعنا تناوله جميعا ً في هذه العُجالة .
كما أَوَد أن أُذَكّر و أقول : أنا لست ناقدا ً
أنا شاعر و قارئ لست ناقدا ً
.........................................
( سيرة التَّكوين )
**
مـا لَـهـفةُ القـرطـاس للتدوينِ
إلا انجـذابُ الطينِ نحو الـطينِ
هذه البداية وهذا المطلع و المدخل و المفتاح شكل إعاضة عن العنوان الذي اسقطته الشاعرة عند النشر وقام مقامه لأنّنا نجد القصيدة تدور في هذا الفلك و ذات المحور و المعراج و لا تخرج عنه .
هذه القصيدة شاهد على ما نذهب إليه ونقول فيه
مـا لَـهـفةُ القـرطـاس للتدوينِ
إلا انجـذابُ الطينِ نحو الـطينِ
هذا تشخيص و رؤية و إن كانت التجربة شخصية إلا أنها تنسحب على الجميع في مشاركة الشاعرة هذه الرؤية فلولا التدوين و الكتابة كما نعلم جميعا ً لم ولن يكون هناك علوم ومعارف و تطور و حضارة
هذه الرؤية التي كنّتها باستعارة و أعقبتها بمجاز
لَـهـفةُ القـرطـاس للتدوينِ
هي انجـذابُ الطينِ نحو الـطينِ
هذه الصورة بِرُمّتها تدخل في المجاز وهذا المجاز في الواقع حقيقة لأن التدوين ضرورة من ضروريات البشرية و الاستمرارية و التقدم و البناء سيّما إن كان بنّاءاً و يخدم الإنسان في كل المجالات و منها نشر الحب و الفضلية رمزت إليه الشاعرة ب ( قلب سمائي الشعور ) و ( الحب ) .
ثم أننا نجده فيما بعد تعليلا ً يعلّل سبب التدوين ( لأطـفِـأ جـمْـرةً تكـويـني ) لإولئك الذين هاجت وماجت نفوسهم و أعترضوا على هذا القلم الجميل
ولهذا جاء المطلع قصيدة وحده.
مـا لَـهـفةُ القـرطـاس للتدوينِ
إلا انجـذابُ الطينِ نحو الـطينِ
مـزجٌ تـرابـيُّ الأصـول لنـطفـةٍ
كـانت أنـا فـي سيـرةِ التكـوينِ
الثاني يوضح ال ( انجذاب ) بأنه ( مـزجٌ تـرابـيُّ الأصـول ) مع اشارة تعريف ثم أنهما الأول و الثاني بدأا بالميم و إن ( الطاء و السين و التاء والياء و الواو و النون ) ومفرداتها تشكل وقعا ً و تناسقا ً في اللفظ و موسيقاه العروضي .
إن الألفاظ و المفردات في العربية تستدعي و تستحضر بعضها بعضا ً في وجدان الشاعر عندما يكون مخزونه وافرا ً من المفردات فلا تعوقه مفردة أو لفظا ً تعمل مع الموسيقى و تؤدي المعنى ذاته الذي يريده الشاعر لسعة ألفاظها ومفرداتها التي تنفرد بها عن لغات العالم
لهذا نقول أن القصيدة هي حالة انفعالية و أن العروض وموسيقاها و الألفاظ ومعناها هي أدوات طَيِّعة بيد الشاعر المتمكن القدير كما نراها بيد الشاعرة مرام .
مـا لَـهـفةُ القـرطـاس للتدوينِ
إلا انجـذابُ الطينِ نحو الـطينِ
مـزجٌ تـرابـيُّ الأصـول لنـطفـةٍ
كـانت أنـا فـي سيـرةِ التكـوينِ
كـانتْ بـدايـةَ قصـةٍ محفـوفـةٍ
بالـفكـرِ والخطـواتُ تَستَـدَعيني
لازلنا نسير على ذات الخط ونصعد ذات المعراج في فلك القصيدة .
كانت ....
كانت ....
تشكل أوتادا ً وعصبا ً مع ما سبق من الحروف و المفردات التي ذكرنا قبل قليل يشدّ بعضه بعضا ً في الوقع المتناسق في اللفظ و موسيقاه العروضي وتعمل عليه القصيدة وتحافظ عليه للنهاية في حضور المفردات و الألفاظ و الصور التي تستحضر بعضها بعضا ً كما قلنا.
ونلاحظ القديرة مرام تعتني بضبط الشكل بالحركة لدرايتها بفعل الحركة إن حُرِّكت بخلاف المقصود و المراد و أثرها في قلب الصورة
فلو قرأنا ( الخطـواتُ ) بالكسرة بدل الضمة لعطفنا الخطوات على الفكر و كان الفاعل (بداية قصة ما) ( تستدعيني )
وهذا يُضعف الصورة فنّيّا ً في البناء و لكنها تريد ( الخطوات ُ ) فاعلا ً هي التي ( تستدعيني ) لأن هناك غاية نبيلة و قصد كريم وفكر جدير بالنور في قلب الشاعرة يستدعيها الى ( التدوين ) وهذا يعطي الصورة الفنية في البناء جمالا ً أكثر لم يَفُتْها .
مـا لَـهـفةُ القـرطـاس للتدوينِ
إلا انجـذابُ الطينِ نحو الـطينِ
مـزجٌ تـرابـيُّ الأصـول لنـطفـةٍ
كـانت أنـا فـي سيـرةِ التكـوينِ
كـانتْ بـدايـةَ قصـةٍ محفـوفـةٍ
بالـفكـرِ والخطـواتُ تَستَـدَعيني
قـلْـبٌ سمـائيُّ الشعور ومسحةٌ
للـروح ترفض في المـدى تقنيني
نلاحظ أن السماء جاءت بالمدى و المدى بالأجنحة و المجال و الشمس و الغيم و الأجواء و شباط و العباب و البحار و السفر و السفينة
فشكلت طقسا ً واحدا ً ومناخا ً متناغما ً متناسقا ً عملت عليه الصورة و اللفظ و الموسيقى معا ً بتناسق سحري لدى الحس الشعري الفطري للشاعرة مرام لأن الصورة تفعل كما تفعل المفردات و الألفاظ في استحضار بعضها بعضا ً
وهي لا تنفصل عنها لأن المفردة في الأصل هي صورة .
فكانت هذه الإستفاضة الواسعة في عرض تجربة الشاعرة مع الكتابة شجيّة عذبة رقيقة سلسة خفيفة الوقع موسيقيا ً عميقة الصورة ذهنيّا ً مترابطة ترابطا ً وثيقا ً متسلسلة تسلسلا ً مُدهشا ً لعبت به الشاعرة بمهارة وفن و قدرة و إتقان المتمكن من أدواته
ثم وقفت بنا على :
( توضـحُ المَحكـيَّ في التضمينِ )

هذه الخاتمة وهذه الوقفة من شأنها أن تجعلك تبقى في طقس ومناخ و جو القصيدة و لا تغادره فجأة كما يفعل المُلحّن الفنان في قفلة عمله الموسيقي ليبقيك في جوه و لا تغادره فجأة وهذا يصدر عن الذكاء و الفطرة لديهم ( أين وكيف يقف بك في الخاتمة ) .
إن مرام لعبت ببراعة وإتقان مع سعة خيالها على الخط الدرامي للقصيدة مسخّرة مؤهلاتها الواسعة في خدمة القصيدة
لذلك كان الإرتباط وثيقا ً بيننا لم نترك يدها و لم تترك يدنا منذ أن أمسكنا بأيدي بعض بل و أدهشتنا في هذه الرحلة الممتعة
........
( سيرة التّكوين )
**
مـا لَـهـفةُ القـرطـاس للتدوينِ
إلا انجـذابُ الطينِ نحو الـطينِ
مـزجٌ تـرابـيُّ الأصـول لنـطفـةٍ
كـانت أنـا فـي سيـرةِ التكـوينِ
كـانتْ بـدايـةَ قصـةٍ محفـوفـةٍ
بالـفكـرِ والخطـواتُ تَستَـدَعيني
قـلْـبٌ سمـائيُّ الشعور ومسحةٌ
للـروح ترفض في المـدى تقنيني
فتجنَّحتْ كل الرغائب داخلي
رَكِـبَتْ خيـالَ السِّحرِ كيْ ترضيني
واستمسكتْ بالحبّ في شطحاتهِ
فالـحُـبّ أنْ تَـمشـي بغَيْـر جَـبـيـنِ
والحبُّ أنْ تجدَ المجال مفوَّها
مــنْ جــاذبٍ مُـتَـمَـكِّـنٍ ومَـتـيــنِ
عبثا أروغ من انتباه مشاعري
لِــتَـقَـلُّـبِ الأيَّـــام والــتَّـلـويـنِ
تغتالني اللحظات عند بكائها
مثل اغتيال الشمس في تشرينِ
وتردني اللحظات عندَ تبسمٍ
حيـثُ اجـتمـاعُ الغـيمِ لا يلـغيني
عقلٌ شباطـيُّ المِزاج كمَولدي
وتَـقـلُّـب الأجــواء يستَـهـويـنـي
ووجدت في خوض العباب كتابةً
بـأسـا لأطـفِـأ جـمْـرةً تكـويـني
لما قرأت على البحار مكامني
وتَـلَوْت آيَ الروح فوق سفيني
هاجت، وماجتْ ،واستفزت هَوْجها
ريحـا ومـا للرّيـح أنْ تـثنـيـني
كنتُ المسافرَ والدليلَ لداخلي
حـتّى سكَـنْـتُ لـمضغَـةٍ تـؤيـني
خضتُ الحياة كأنَّ قلبيَ خالدٌ
حـزنـاً أمـوت ونَـبـضـةٌ تُـحيـني
هي سيرةُ الأيامِ تسردُ نفْسها
وتوضـحُ المَحكـيَّ في التضمينِ


الساعة الآن 05:51 PM.

Powered by vBulletin® Version 3.8.7
Copyright ©2000 - 2024, Jelsoft Enterprises Ltd.
جميع الحقوق محفوظة لأكاديمية الفينيق للأدب العربي
يرجى الإشارة إلى الأكاديمية في حالة النقل
الآراء المنشورة في الموقع لا تعبر بالضرورة عن رأي الإدارة بل تمثل وجهة نظر كاتبها فقط