۩ أكاديمية الفينيق ۩ - بين الموصل وسوسة

بين سوسة و الموصل

من لعنات الواقع

قد يهبك الصبر الصبور والايمان بغد لحظة ضوء نورا احيانا تهدئ به نفسك من ضيقها وقلقها
و بعد طول صمود قد تشرق بسمة على شفتيك او بين ظهرانيك يخفيها القدر في طياته لليسر بعد العسر
لكن الآن ها انا احسّني مثقلة بوزري
فقد يزدحم الزمن في حنجرتي وتزدحم الحروب والغصّات ويلج الحضور والغياب متسللا من ثقوب الذكريات
منذ تلك اللحظة في سوسة ،ذات ملتقى مبدعات عربيات ،رسمت فينا الصداقة حكاياها ورسم فينا الشعر ارتجافات أحاسيسه العميقة ......
ومضت الأوقات واحترقت بيوت وغابات وواحات وغايات ،وكان العراق يئن بين الحروب والشعب بفيانقة وعنقاواته يعيش معجزات وجوده ...
وانا الحزينة تحزانا كنت اشرئب لهذا البلد المظلوم العظيم ،بلد كان من بناة الحضارة الإنسانية
كنت احلم ان اراه وازوره ولو في تحزانه وآلامه ،فالأوفياء لا يظهر معدنهم إلا في الشدائد ...

حتى جاء صدفة قرار السّفر مع الاتحاد العام التونسي للشغل لمساندة الشعب العراقي ،فطرت فرحا بل امطرني البكاء شوقا لشعب احببت صموده بقدر ما كرهت غاصبيه
ولمّا تحقق لي ما اردت لم اكن أشعر بالخوف ولو مثقال ذرة وقد كانت وقتها بلاد الرافدين تحت طائلة السهام الموبوءة بالقتل والهيمنة والغطرسة وانتهاك حقوق الشعوب وابتزاز خيراتها ، كان العراق الشقيق
في احلك الظروف بين الحصار والحروب .....ولكن كان همي ان اراه وقد سبقني حلمي لرؤيته قبل واقعي
و اخيرا رايت حلمي يتحقق وانا ادخل بغداد سنة 1993 لأوّل مرّة وتراءت لي عروسا ترفل في كبريائها متحدية كل مغتصبيها......

ثم مرّت سنين اخرى ودعيت لمربدين فعشت ما لا يوصف من حزن وصمود وتحدّ ....وفي خضم هذا اليمّ المتلاطم من الاحداث والمواقف والمشاعر كان الشعر معي وكانت الصداقة تنبض بقلبي .....
ففي بغداد سنة 1997 ذات مربد في أحد نزل العاصمة العراقية كنت اشرب قهوة وكانت صديقتي الشاعرة التي غابت عني طويلا تشرب قهوتها وتقلب فنجانها وتتحدث مع جمع من الأساتذة والمفكرين والشعراء،،ا
هي ام لا ؟ في الاوّل شككت
اترى هي ؟
وتاكّدت لما رايتها تضع فنجانها وانا كنت في رشفتي الاخيرة ...وصرخت في داخلي بلى بلى هي هي
ثم أعلنت ندائي : صديقتي
ياللصدفة كم يخفي لنا القدر من مفاجآته
.فتقدمت بفنجانها وتقدمت بفنجاني ورفعت عيني ورفعت عينيها فوجدتني أحضنها وتحضنني وكم كنت سعيدة ومندهشة أنادي ملء حنجرتي :بشرى
وهي كانت أيضا مندهشة بحضوري كانت ايضا تنادتني بارتجاف صوت غمره إحساس مباغت: نفيسة ....
نعم كان هكذا لقاؤنا الاول بعد سوسة وكانت قد انقطعت عني مدة طويلة كل أخبارها بسبب الحصار والحروب.....وما فعلته داعش بالموصل وكنت اتكتم على ذكر اسمها في وسائل التواصل الاجتماعي خوفا عليها من تلك الحملة المسعورة لقتل المفكرين والمفكرات والاساتذة والاستذات والاطباء والطبيبات والشعراء والشاعرات والقائمة طويلة جدا في القتل والتهجير والإبادة
وكم أنّت الايام انينها وناحت الاعوام وافترق الاصحاب والاحباب وغمرت دماؤنا العربية البريئة الشوارع أنهارا و انهمرت دموعنا امطارا وفقدّنا اعزاء بالموت أو بالشتات او بالغياب إلى حيث لا احد يعلم .
كم نتعذب في هذه الأوطان وكم نخسر وكم امتصّ العدى والاشقاء الاعداء على حدّ سواء دماءنا وقد قدّمها لهم خونة منا وليسوا منا على اطباق النسف
وكم وكم وكم ... ،،،،فالغصات شلّت حتى اصابعي وحروفي.....

ودارت دارت ا لأيام بأوجاعها وصمودها واختفت صديقتي عني مرة اخرى وعمّت الفوضى العراق واحترق قلبي احتراقا وواصلت بحثي من جديد في وساىل التواصل
بشرى اينك صديقتي هل و هل
وقادني التسال للتسال والحيرة للحيرة والقلق للقلق و لم استسلم و كنت حائرة أساءل هل هاجرت ؟اين رحلت ؟ ماذا فعلت؟كيف توارت عن عيون الافاقين والمجرمين والباطشين؟هل موجودة.؟هل مفقودة؟
رباه اجرني و وجّهني للوصول إى الحقيقية
وسالت كثيرين أعرفهم حتى توفّقت فسالت صديقا شابا معي في الفايسبوك يسكن الموصل له مطعم توقعت أنه يعرف كثيرا من الناس
فسألته/ بالله عليك هل تعرف استاذة جامعية شاعرة واديبة تعمل بكلية الموصل اسمها بشرى البستاني زارتنا ذات مرة بسوسة في ملتقى المبدعات العربيات وانسجمنا وزارت العائلة وأحببناها واحبتنا ثم فرّقت بيننا المسافات وقظعت الحروب اخبارها عني .وقد التمست من هذا الفتى العراقي الخلوق أن يسال عن صديقتي
كي اطمئن على سلامتها وذات يوم بعد سعيه مشكورا أخبرني بانها غادرت العراق وهي تقيم في مكان ما
من العالم و الأرجح انها في بلد عربي فاطماننت لكن بقي ان اطمئنّ اكثر ومشكورا مرة أخرى بحث عنها وسال في كلية الاداب بالموصل حتى عرف والحمد لله انها على قيد الحياة وبعث لي بصفحتها في الفايسبوك أخيرا اخيرا وبعد لأي ومعاناة وصلت لصديقتي الأديبة الرائعة والاستاذة الجامعية بشرى البستاني
6/3/2023
نفيسة التريكي
سوسة
27//10//2021
10//11//2021