۩ أكاديمية الفينيق ۩

۩ أكاديمية الفينيق ۩ (http://www.fonxe.net/vb/index.php)
-   ⊱ تَحْتَ ظِـــلِّ النَّبْض ⊰ (http://www.fonxe.net/vb/forumdisplay.php?f=24)
-   -   يُزعجني العطر المسروقُ ! (http://www.fonxe.net/vb/showthread.php?t=73408)

د. نديم حسين 09-05-2019 09:48 PM

يُزعجني العطر المسروقُ !
 
يزعجني العطر المسروقُ !
...............................

نديم حسين
..............

( إزميلية على صفحة الماء )
.....................................


يخرجُ " الجليلُ " في رحلة ربيعيةٍ إلى تراب جسدي .. يشعل موقدا في مسارب القلب ، يحصي عصافير البلاد كلَّها ، فتطرح العصافير كلها على " رامتي " السلاما !
وأكون حليفَ الجبالِ ، حبيبَها ، لصيقَ قاماتها ، رفيقَ مساربها ... أسوقُها إلـيَّ ، وتأخذني إليها .. تدلـُّني عليها .. ولي أصدقاء في سريرة البحر المتربصِ بي زرقـةً .. ولي " حيفا " .. ولي " عكا " .. ولي يقينٌ يشبهُ الشكـَّا .. أحادثُ سرو البلادِ ، ويهمس ليلُها بياضَ الأمنياتِ في أذنيـّا .. أبكي عليهِ قليلاً ، ويبكي من فرحٍ عليـّا .. هذا الليلُ الهادئُ طَبعي ، يحفظُ عن ظَهرِ قلبٍ " شـآما " !
أهدأ قليلاً ، وأنا يُسعدني القليلُ من الهدوءِ .. يضـِجُّ المخلوقُ الكونيُّ القابعُ حَولي .. هل لهذا الكون روحٌ مثل روحي ؟ ويعودُ يجرحني شوكُ الربيعِ ، وهو كأزهارِ الخريفِ لؤمـًا .. هو كاذبٌ وموجِعٌ ولئيمٌ .. يجرحني ، وتُسعِدهُ جروحي .. ريثما تُشفي الدواءَ جروحي .. فهل لهذا الكون روحٌ مثل روحي ؟ وهل يكون الوردُ في غمدِ العطورِ حساما ؟
لي صاحبٌ ثقيلُ الظلِّ أدعوهُ الأَرَقْ ، ولي بحيرةٌ أجثو على ركبتـيَّ لأشرب من مائها حـدَّ الغَرَقْ .. تُغرقُني .. تشربُني .. فيُخرجُني ماؤها من " رُبعي الخالي " ، فأصيحُ : يا ضيفةَ القلب ، يا بحيرتي الوحيدة ، أنتِ بيتي .. كنتِ .. تهليلةً توقِظُ من نومي المـَناما !
ويعود " الجليلُ " من رحلتهِ إلى أعشابِ روحي ، يزورُ في شغفٍ ضريحي .. وبعد صيفٍ واحدٍ يأتي الخريفُ .. يضعُ إكليلَ وردٍ على قبري ، وأنا يزعجني العطرُ المسروقُ ! ولو شاءت الأقدارُ أن أحيا وحيدا وبعيدا .. لو شاءت الأقدارُ ، سأقولُ : يا ولدي أعـِدني بعد موتي إلى " خشخاشةِ " البلـدِ !! فلي فيها من كرمها ثمـَرٌ ، ولي فيها نثرٌ وأشعارُ ! ولي فيها أهلٌ وزوّارُ ! ولي فيها ما ليس فيها : حياتي .. وحفنةُ نبضٍ لقلبها الميتِ من حزنٍ عليَّ .. ولي فيها ما شاءت الأَقدارُ ! وفيها يولـَدُ " الجليلُ " من قصيدةٍ لي .. وفيها يكبرُ " الجليلُ " وينضجُ الحبقْ !! ويُرهِقُ الصمتُ الكلامـا !!..
......................................................

( صنع في فلسطين - 1987 )


الساعة الآن 05:07 PM.

Powered by vBulletin® Version 3.8.7
Copyright ©2000 - 2024, Jelsoft Enterprises Ltd.
جميع الحقوق محفوظة لأكاديمية الفينيق للأدب العربي
يرجى الإشارة إلى الأكاديمية في حالة النقل
الآراء المنشورة في الموقع لا تعبر بالضرورة عن رأي الإدارة بل تمثل وجهة نظر كاتبها فقط