۩ أكاديمية الفينيق ۩

۩ أكاديمية الفينيق ۩ (http://www.fonxe.net/vb/index.php)
-   ⊱ تجليات ســــــــــــردية ⊰ (http://www.fonxe.net/vb/forumdisplay.php?f=89)
-   -   في الطريق إلى قصة/ روضة لفارسي (http://www.fonxe.net/vb/showthread.php?t=63956)

روضة الفارسي 25-02-2016 06:17 PM

في الطريق إلى قصة/ روضة لفارسي
 


وقفت في الشرفة أفكر في بداية قصة قد أرهقتي منذ أيام دون أن أجد لها فكرة ولا بداية وحين أحسست بصداع توقفت عن التفكير بالقصة وبدأت أتأمل السماء ، كانت مزدانة بالغيوم فغرقت في تفاصيلها دون أن أكترث للسعات البرد تتجاوز ملابسي القطنية وتتمركز في أضلعي.
سحرني الفضاء الشاهق وأشكال الغيوم السابحة فوق صفحة السماء. ثم بدأت تتحول إلى نهر أبيض حوله ترعى خرفان بيضاء وديعات بمنتهى الجمال والشفافية ورويدا رويدا انتبهت لرجل ذي لحية ووقار وجمال ينفخ في نايه. فجأة سقطت علبة السجائر من بنطالي فأنحيت لألتقطها، وحين رفعت عيني للسماء لم أجد الخرفان ولا النهر ولا عازف الناي ولا ذلك الرجل الوقور الجميل كثيف اللحية.حزنت وتوترت أعصابي. كانت الغيوم تواصل رسم أشكالها السحرية دون أن تهتم لحزني. أشعلت سيجارة ورحت أنفث الدخان إلى الأعلى ورويدا رويدا بدأت السماء ترسم لوحة أخرى فإذابي أرى بحرا أبيض ممتدا فيه تسبح طيور بيضاء وتطير فوقه طيور رمادية وبيضاء، وفجأة انتبهت لفتاة ذات شعر طويل تجلس وحيدة فوق صخرة رمادية. أحسست بنشوة عظيمة وسحر لا يقاوم واستمتعت بذلك أيما استمتاع. فجأة تبعثرت لوحة الغيوم و بدأت لسعات البرد تقرصني أكثر فدخلت لأرتدي معطفي وكشكولي داعيا الله أن يعيد إلي تلك الفتاة فأجدها تجلس في السماء على صخرة قرب ذلك البحر.شعرت أني تعلقت بها بسرعة وأحسستها فتاة أحلامي،.طالما حلمت بفتاة هادئة رومانسية مثلي، فتاة تفتش عني كما أفتش عنها، فتاة أجدها ذات يوم تجلس صامتة على حافة بحر أو نهر تنتظرني، فتاة لا مثيل لها، حالمة صبورة يبعثر شعرها النسيم، فتاة تجلس في صمت وتنظر.
ارتديت معطفي وكشكولي، وحين خرجت للشرفة وتأملت السماء لم أجد أثرا للفتاة و لاللبحر ولا للطيور ولا حتى للخرفان والنهر وعازف الناي ذا اللحية الكثيفة، فقط رأيت إمتدادا من السواد وأحسست ريحا باردة .وأن الصقيع قد اشتد بصورة لا يحتمل فما كان مني إلا ان دخلت غرفتي مهموما حزينا ثم نزعت معطفي وتمددت على فراشي وتدثرت ونمت.
يتبع

يوسف قبلان سلامة 25-02-2016 08:52 PM

رد: في الطريق إلى قصة/ روضة لفارسي
 
سلام الله استاذنا الأديبة روضة الفارِسي المحتَرَمة،

تحيَّة طيّبة وتقدير لِنَصّكِ الأدبيّ الرَّائع ببلاغَتِه الفريدة المعهودة من حَضرتكِ والمُشوّق بِقصَّته الباهِرة التي ننتظر بفارِغ الشَّوق بقيَّة أحداثِها وما ستحمله من قيمة دونما شَكّ على الإطلاق.

بكل إحتِرام وتقدير،

يوسف سلامة

روضة الفارسي 26-02-2016 02:09 PM

رد: في الطريق إلى قصة/ روضة لفارسي
 
اقتباس:

المشاركة الأصلية كتبت بواسطة يوسف قبلان سلامة (المشاركة 1549770)
سلام الله استاذنا الأديبة روضة الفارِسي المحتَرَمة،

تحيَّة طيّبة وتقدير لِنَصّكِ الأدبيّ الرَّائع ببلاغَتِه الفريدة المعهودة من حَضرتكِ والمُشوّق بِقصَّته الباهِرة التي ننتظر بفارِغ الشَّوق بقيَّة أحداثِها وما ستحمله من قيمة دونما شَكّ على الإطلاق.

بكل إحتِرام وتقدير،

يوسف سلامة


ما أسعدني بك مبدعنا الرائع الخلوق جدا يوسف
احترامي وتقديري وتحايايا

روضة الفارسي 26-02-2016 02:11 PM

رد: في الطريق إلى قصة/ روضة لفارسي
 


أفقت على صوت المطر يقرع شباكي، نهضت من مكاني وأعددت كأس شاي وجلست في مكتبي وفتحت دفتري وبدأت أترشف الشاي وأدفئ به يديّ وأنظر للخارج عبر زجاج النافذة. سحرتني حبات المطر التي كانت ترتطم بالزجاج وبعث صوتها انتعاشا داخلي وطمأنينة. خيل إلي أني سمعت اصوات تلاميذي مع صوت المطر فأحسست بشوق لهم، منذ أسبوع حلت العطلة وماكان أحوجني للسكينة وللراحة بعد التعب والإرهاق . ما إن حلت حتى زرت عائلتي في دوار الخروبة لكني سرعان ما سئمت البقاء هناك و عدت إلى بيتي بعد أن قلت لأهلي كاذبا أن زميلي و رفيق السكن قد بقي وحيدا حزينا ، والحقيقة أنه سافر مذ حلت العطلة إلى موطنه بالجنوب. استأجرت هذ المنزل منذ عشر سنين ولكنه سكن معي منذ ثلاث سنوات فقط في هذا المنزل الضيق الذي يقع في العاصمة والمتكون من غرفة وصالة ومطبخ.
توقفت عن تأمل المطر عبر زجاج النافذة وأمسكت قلمي ونظرت لدفتري مفكرا مرة أخرى في موضوع لقصتي ، عما سأكتب يا ترى؟ هل أكتب عن قريتنا، عن كفاح أبي الذي كان يعمل في الحقل ليوفر قوته وقوت عشر أطفال وأمهم، عن رائحة الشكشوكة وخبز طابون أمي، عن دجاجاتنا و عنزاتنا و حمارنا الذكي وكلبنا الوفي وشجراتنا الفاتنات الوديعات، و المسلسلات الدافئة الحميمة التي كانت تشبهنا و تجمع ليالينا و رائحة الليمون في بيتنا والصدق و الحب و الفل و الياسمين.
ولكن هل يمكن أن يكون كل هذا قصة؟ لا أظن. إذاً سأكتب عن سارة، تلك الفتاة التي أحببتها حين كنت أدرس في معهد محسن العياري، لكن قصتي مع سارة لا أحداث فيها ولا تشويق، بل ليس لها نهاية ولا حتى بداية،كل ما في الأمر أني عشقتها سنتين كاملتين دون أن أعبّر لها عن ذلك، لم أتجرأ حتى على مجرد تلميح بسيط يوحي لها عن حبي المتوهج العميق الكبير. كنت أرتبك كلما رأيتها وتتبعثر أقدامي وتتعالي خفقات قلبي ويجف ريقي. كانت ابنة مونفليري، توصلها سيارة أبيها المرسيدس إلى المعهد كل يوم رغم قرب منزلها، وكنت أسكن في دوار الخروبة الذي يبعد عن العاصمة ثلاثون كلم، و أقطع مسافة كلم ونصف كي أصل للحافلة التي ستقلني قريبا من المعهد،كانت أنيقة دائما، وكنت دوما أرتدي جوارب ممزقة وبنطال بال قديم ملّني ومللته، و حذاء مهترئ،كلما أصلحته ابتسم لي شامتا بعد يوم أو أكثر بقليل، وفي الشتاء كنت أضطر للارتداء معطف أمقته، معطف تعيس اللون والشكل والرائحة، معطف عاشق للبؤس،وفيّ للفقر أيما وفاء. كانت سارة شقراء جميلة تفوح منها رائحة البرجوازية، بشرتها مرهفة بيضاء وردية و تبدو دائما منشرحة سعيدة..وأنا اسمي سعيد لكن السعادة ضلت طريقها إلي.،أسمر نحيف، طويل طول أكره كما أكره طول أنفي، وريفي بامتياز.
فجأة وضعت القلم فوق الدفتر ووقفت متسائلا" ترى أين سارة الآن؟ أكيد أنها متزوجة برجل غني وتسكن حيا راقي اوفيلا فخمة ولها أطفال ، ترى هل يمكن أن يجمعني بك القدر يوما يا سارة؟ قرصني الجوع بغتة، فنظرت في هاتفي الجوال فإذا هي الساعة الواحدة، تذكرت أني لم أتناول إلا قهوة وقطعة كرواسون قبل السابعة صباحا فقد أفقت هذا اليوم باكرا. ارتديت معطفي وكشكولي وقصدت المطعم.
طلبت صحفة لبلالي و أشعلت سيجارة ووقفت أنتظر دوري. خرجت من المطعم حاملا الصحفة الساخنة شهية الرائحة . وأنا أصعد بها السلالم عائدا إلى بيتي لاحظت أن المطر قد توقف تقريبا ، فكرت أن أذهب إلى مدينة سيدي بوسعيد، فقد زرتها في الصيف عديد المرات ولكني لم أزرها في جو بارد ممطر كهذا اليوم، وقلت ربما بعد زيارتي لسيدي بوسعيد أستطيع كتابة القصة التي شغلتني.
بعد الغداء غيرت ملابسي وقصدت محطة القطار
والقطار يسير بي وبالركاب رأيت المطر يقرع بلور نوافذه و يتساقط من جديد على المنازل والبحر والفضاء و الأشجار البسط بقوة وانتشاء.


روضة الفارسي 29-02-2016 02:56 PM

رد: في الطريق إلى قصة/ روضة لفارسي
 
اقتباس:

المشاركة الأصلية كتبت بواسطة عوض بديوي (المشاركة 1549996)
سلام الله ،
تجليات راقية راصدة
والتقاطات رائعة ...
يبدو أننا بانتظار نص من درر الحكي
أتابع بكل الود
رائعة أنت
شكرا لك
مودتي


مرحبا بك أستاذ عوض

أشكرك من أعماق قلبي

نوال البردويل 29-02-2016 10:05 PM

رد: في الطريق إلى قصة/ روضة لفارسي
 
تشويق وسرد جميل من خلال أحداث وشخصيات القصة بأسلوب راق
سنتابع الجديد بإذن الله
تحياتي روضة الغالية

روضة الفارسي 08-03-2016 05:22 PM

رد: في الطريق إلى قصة/ روضة لفارسي
 
اقتباس:

المشاركة الأصلية كتبت بواسطة نوال البردويل (المشاركة 1550867)
تشويق وسرد جميل من خلال أحداث وشخصيات القصة بأسلوب راق
سنتابع الجديد بإذن الله
تحياتي روضة الغالية



شكرا لك ايتها الحبيبة المحترمة نوال

كل الحب والتقدير

هادي زاهر 07-06-2016 01:29 AM

رد: في الطريق إلى قصة/ روضة لفارسي
 
عنصر التشويق شدني للمتابعة بتلهف.. تحياتي الحارة

روضة الفارسي 14-07-2016 07:10 PM

رد: في الطريق إلى قصة/ روضة لفارسي
 
اقتباس:

المشاركة الأصلية كتبت بواسطة هادي زاهر (المشاركة 1574894)
عنصر التشويق شدني للمتابعة بتلهف.. تحياتي الحارة



شكرا أستاذ زاهر على جمال الحضور والقراء

أحييك من الأعماق

الف شكر

عباس العكري 18-07-2016 07:30 PM

رد: في الطريق إلى قصة/ روضة لفارسي
 

عباس العكري 18-07-2016 07:51 PM

رد: في الطريق إلى قصة/ روضة لفارسي
 

روضة الفارسي 18-07-2016 09:15 PM

رد: في الطريق إلى قصة/ روضة لفارسي
 
شكرا صديقي العزيز عباس على هذه الهدية القيمة كم سعدت بها احترامي وتقديري وتحيااتي العميقة

فاطمة الزهراء العلوي 10-01-2018 05:48 PM

رد: في الطريق إلى قصة/ روضة لفارسي
 
توحشنا الجميلة الروض
عساك بخير
ونتابع معك

محمد خالد بديوي 07-06-2020 07:13 AM

رد: في الطريق إلى قصة/ روضة لفارسي
 
الأديبة الراقية روضة الفارسي

كنتم تطلبون منا التواصل ومشاركة الزملاء
طبعا كنا نعدكم بالمرور ثم نختفي..اليوم أنا من
يطالبكم بتفقد حروفكم والرد على من صافحها
ونطالبكم ايضا بما تبقى من هذا النص الجميل
فتخيلي يا رعاك الله :) هكذا هي الدنيا ...

سلمت وسلم نبض قلبكم الناصع
احترامي وتقديري

فاطمة الزهراء العلوي 11-08-2020 11:49 AM

رد: في الطريق إلى قصة/ روضة لفارسي
 
اشتقت حرفك يا الروض الجميلة
عساك بخير اختي


الساعة الآن 06:25 PM.

Powered by vBulletin® Version 3.8.7
Copyright ©2000 - 2024, Jelsoft Enterprises Ltd.
جميع الحقوق محفوظة لأكاديمية الفينيق للأدب العربي
يرجى الإشارة إلى الأكاديمية في حالة النقل
الآراء المنشورة في الموقع لا تعبر بالضرورة عن رأي الإدارة بل تمثل وجهة نظر كاتبها فقط