۩ أكاديمية الفينيق ۩

۩ أكاديمية الفينيق ۩ (http://www.fonxe.net/vb/index.php)
-   ⊱ المدينة الحالمة ⊰ (http://www.fonxe.net/vb/forumdisplay.php?f=7)
-   -   شجيرة التين (http://www.fonxe.net/vb/showthread.php?t=77268)

فاطِمة أحمد 21-02-2021 11:08 PM

شجيرة التين
 
أخرج من البيت؛ فأتحاشى الاحتكاك بالفروع المدببة للتين الشوكي الذي يكبر بجوار منزلنا، زرعه أبي..
أحب الشجر، الأرض تدب فيها الحياة. لكن شجيرة التين تنمو وتمد السيقان والوريقات الشوكية عرضا وطولا كل يوم
أمي تتضايق منها.. ورغم حبي لثمرها الصيفي الشهي انزعج من أغصانها المتشابكة؛ تتاخم بيتنا..صار فناء دارنا أضيق..
لا تفتأ الأشواك تفلق كرتي بين الحين والحين وصار لنا جدار طويل من أشواك التين
أقطف ثمارها..يجرّح يديّ ..أجلس عشية النهار بعد يومٍ بدأ باكرًا.. ألتقط دبابيسه الناتئة من كفيّ
والدي يحبها.. يبيع ثمارها ثم يقول: الأولاد الأشقياء ما كانوا ليقتربوا من بيتنا وحتى اللصوص.
لكن أمي تتذمر .. وعند كل صيف وقبلي تقذف رياح الجنوب رؤوس الأشواك.. وصرنا نتذمر معها
"لا تدخلوا التين للبيت" تقول هذا وهي تهرش جسمها ما أن ترى ثمار التين.. يعلو صوت أمي كل مرة يقطف فيها أبي التين لجلبه لاحقا للسوق
كانت عادته في موسم التين.. تلح.. فيفكر أن يقطعها لترضى..
الحياة لا تدوم على حال بل تدور.. بقيت شجيرة التين وتوفي والدي.. وأحبت أمي فيما بعد الإبقاء على الشجيرات التي لطالما تذمرتْ منها
تتمتم كلما تمر بالقرب منها "اتركوها إنها من ذكراه"
الشجيرة تخبرها في كل مرة أنه كان موجودا هنا..
.. آثارهم التي لم تكن لتروقنا تصير عزيزة حين يتوارون إلى خيالات وأشباح بعيدة المدى
وما عدت أتذمر من شجيرات أبي
سنوات ووهنت أمي ..لم تعد تخرج للبستان صباحا ومساء
قالت: اقتلعوها إذا شئتم . وما شئنا لتحيا ذكراه
بهتت أمي.. ذوت رويدا .. ضعف بصرها.. صارت تمشي على ثلاثة
ثم لم تعد تمشي .. وفي النهاية حملناها على أكتافنا بغزير الدمع .. صارت ترقد بجانب أبي
أطمئننا على مرقدها بجواره وعدنا
راقبت شجيرات التين عند عودتي بصمت واعتنيت بها... كان لا بد من تقليم فروعها الممتدة في الاتجاهات؛ فتفسح الطريق
أمسكت مقص التقليم .. وأنا ألاحق غصن تعثرت لأغوص وسط أشواك التين الكثيفة .. تردد صدى صراخي فجاءوا مسرعين
كانت قد نالت مني .. لم أقدر على فتح عينيّ.. حملوني ..
يومين عصيبين.. بالكاد كتمت أنيني
"هل أقسم ألَّا آكل التين أبدا؟!"
تعافيت.. حملت فأسًا ذا ذراع طويلة وتوجهت إلى تلك الناحية بإصرار .. "ضقت ذرعا بهذه" ..غفلت هواجسي..آن الأوان لأتحلى بشجاعتي أو قسوتي لا أدري..
واقتلعتُ شجيرات التين
صار الفناء براحًا كبيرًا بنيت فيه منزلا لأتزوج ..
وانجبتُ طفلا وطفلة ..
وصارت تحوم في المراح أطياف أمي وأبي,

قصي المحمود 23-02-2021 01:39 AM

رد: شجيرة التين
 
نص..سرديته رائعة..تجعل القاريء يختم النص بشغف
لا أدري ما رمزية النص..فأن كان من السيرة فذاك بحث آخر
وإن كان له رمزيته ..فلي وجهة نظر..
أنتظر مداخلات الزميلات والزملاء ..حينها أعود
تحياتي لأديبتنا الفاضلة

أحمد علي 23-02-2021 02:18 AM

رد: شجيرة التين
 
حضور للتهنئة على النص الرائع
ولي عودة بحول الله وقوته
تحياتي أ. فاطمة أحمد

فوزي بيترو 23-02-2021 02:31 PM

رد: شجيرة التين
 
التين الشوكي ، نقول عنه في بلدي فلسطين وبلدي الثاني الأردن
نقول عنه الصبر .
أتذكر بياع الصبر وهو يمر بحارتنا يروّج لبضاعته وكأنه يغني قائلا :
ــ اليوم يومك يا صبر ، اسم الله حولك يا صبر
وللصبر عندنا ذكريات بعضها أليم بسبب أشواكه التي كانت تصيب
العين ، وكان أبي أحد المصابين فرحل النظر عن إحدى عينيه بلا رجعة .
وللموسوعة الفلسطينية رأي بهذا الأمر :
تردد في فلسطين مصطلح " الصابرا " وهي كلمة مشتقة من نبات الصبار أو التين الشوكي .
وهي تطلق على التلاميذ " اليهود " من مواليد فلسطين الذين يحسون بنقص حيال التلاميذ اليهود
المهاجرين من أوروبا . فدفعهم هذا النقص بتحدي أولئك التلاميذ بأن يقوموا بالإمساك بثمرات الصبر
وتقشيرها بالأيدي العارية . وبذلك صار يطلق مصطلح الصابرا على جميع اليهود الشرقيين والذين
يولدون في فلسطين .

القصة هنا ربما تحكي لنا عن معاناة هذا الرجل وكيف أن ثمرة الصبر هذه كانت مصدر رزقه
وحاميته من الدخلاء .

السرد القصصي هنا محبوك جيدا
أحسنتِ أخت فاطمة
فوزي بيترو

خالد يوسف أبو طماعه 23-02-2021 07:38 PM

رد: شجيرة التين
 
هذا سرد قصصي
قصة متكاملة ولي عودة لهذا التسلسل بإذن الله
ربما أعود ببعض ملاحظات إن كان في العمر بقية
كل الاحترام والتقدير

فاطِمة أحمد 24-02-2021 11:20 AM

رد: شجيرة التين
 
اقتباس:

المشاركة الأصلية كتبت بواسطة جمال عمران (المشاركة 1923294)
سرد راق ورفيق يستحق
(تثبيت)


شكر لثقتك الأدبية وأرجو استحقاقها أخي جمال
امتنان للتثبيت

فاطِمة أحمد 24-02-2021 11:27 AM

رد: شجيرة التين
 
اقتباس:

المشاركة الأصلية كتبت بواسطة قصي المحمود (المشاركة 1923448)
نص..سرديته رائعة..تجعل القاريء يختم النص بشغف
لا أدري ما رمزية النص..فأن كان من السيرة فذاك بحث آخر
وإن كان له رمزيته ..فلي وجهة نظر..
أنتظر مداخلات الزميلات والزملاء ..حينها أعود
تحياتي لأديبتنا الفاضلة


تحياتي أديبنا قصي
يشرفني حضورك وتثري المعنى نظرتك
لعلها قصة لها مكانة عندي
وإن كانت من السيرة إلا أنني أتصور أن ثمة ما يؤذينا على حبنا له
وثمة ما يقتلع للضرورة المحتمة
امتنان لقراءة في العمق

فاطِمة أحمد 24-02-2021 11:30 AM

رد: شجيرة التين
 
اقتباس:

المشاركة الأصلية كتبت بواسطة أحمد على (المشاركة 1923452)
حضور للتهنئة على النص الرائع
ولي عودة بحول الله وقوته
تحياتي أ. فاطمة أحمد

والنص هنّأ حرفه لرضاك
تحياتي وتقديري لك

فاطِمة أحمد 25-02-2021 03:31 PM

رد: شجيرة التين
 
اقتباس:

المشاركة الأصلية كتبت بواسطة فوزي بيترو (المشاركة 1923506)
التين الشوكي ، نقول عنه في بلدي فلسطين وبلدي الثاني الأردن
نقول عنه الصبر .
أتذكر بياع الصبر وهو يمر بحارتنا يروّج لبضاعته وكأنه يغني قائلا :
ــ اليوم يومك يا صبر ، اسم الله حولك يا صبر
وللصبر عندنا ذكريات بعضها أليم بسبب أشواكه التي كانت تصيب
العين ، وكان أبي أحد المصابين فرحل النظر عن إحدى عينيه بلا رجعة .
وللموسوعة الفلسطينية رأي بهذا الأمر :
تردد في فلسطين مصطلح " الصابرا " وهي كلمة مشتقة من نبات الصبار أو التين الشوكي .
وهي تطلق على التلاميذ " اليهود " من مواليد فلسطين الذين يحسون بنقص حيال التلاميذ اليهود
المهاجرين من أوروبا . فدفعهم هذا النقص بتحدي أولئك التلاميذ بأن يقوموا بالإمساك بثمرات الصبر
وتقشيرها بالأيدي العارية . وبذلك صار يطلق مصطلح الصابرا على جميع اليهود الشرقيين والذين
يولدون في فلسطين .

القصة هنا ربما تحكي لنا عن معاناة هذا الرجل وكيف أن ثمرة الصبر هذه كانت مصدر رزقه
وحاميته من الدخلاء .

السرد القصصي هنا محبوك جيدا
أحسنتِ أخت فاطمة
فوزي بيترو

شكرا لهذه القصة من فلسطين
تخيلت تفاصيلها في فلسطين الغالية
التين او الصبار
حلت مكانه بنيان مرتفعة
ما يزال عالقا في ذاكرتي
بذكرى بيت الجد

شكرا لقراءتك المثمرة والمثرية للنص
تقديري واحترامي الأخ فوزي بيترو

أحمد علي 25-02-2021 04:21 PM

رد: شجيرة التين
 
نص رائع واستحق التثبيت بجدارة

أشكر أ. جمال عمران
على ذلك كثيرا ..


شجيرة التين

كانت قصة دللت على مقدرة رائعة من الكاتبة على نسج خيوط قصة قصيرة مميزة
يكون بطلها شجرة ..


لامست صراع بين القديم والحديث في القصة ،
في كلمات أخرى : صراع بين الموروث من الأفكار والعادات والتقاليد ،

وبين فكر شاب جديد بكل ما فيه من عنفوان الشباب وأفكاره التي قد تبدو مجنونة ،
وبين الفكر التقليدي والعادات المتوارثة من الآباء

وليس كل حديث سيء فـ فيه الجيد وفيه ما يجمع بين عراقة القديم والتطور الحديث للفكر وتحسين
الصورة والاستفادة من مساحة معينة..
هذا النمط لا بأس به ..
بل هو محبذ ومطلوب في حدود المعقول والمنطقي ..
سرد رائع وشيق ..
حبكة معقولة تنامت بشكل بطيء نوعا ما ولكنها احتفظت بتوهج النص العميق المدلول ..
وقفلة ممتازة أكدت الفكرة التي تناولتها من وجهة نظري ..
أحيي الكاتبة جدا على فكرة القصة التي دارت بينها
وبين شجيرة التين ،
حيث كانت الشجيرة بطلا للقصة بجوار البطلة أو البطل ..
وقد تم استبدال ذكرى الأبوين بأطفال من دمهم يحملون بعض صفاتهم الوراثية
شكلا وسلوكا ..

رأيتها قصة رائعة تستحق القراءة لأكثر من مرة ..
وليس بها أي حشو يذكر ، لغة راقية سليمة ..
شكرا لك هذه القصة الجميلة وهذا العطاء
ا. الأديبة / فاطمة أحمد
مع تحياتي وتقديري لك

قصي المحمود 26-02-2021 02:49 AM

رد: شجيرة التين
 
الحقيقة حدث عندي سوء فهم للتين الشوكي
فهمته نوعا من أنواع التين !!!
بعد مداخلة الأخ فوزي...اتضح مغزى النص عندي
(للصبر حدود) ....نص رائع في رمزيته..
تعجبني مثل هذه النصوص الرمزية ذات الحبكة العالية
بسردية متقنة
كنت قد وعدت بالعودة ..فوفيت بها
اديبتنا الفاضلة
تحياتي وتقديري

فاطِمة أحمد 27-02-2021 12:22 PM

رد: شجيرة التين
 
اقتباس:

المشاركة الأصلية كتبت بواسطة خالد يوسف أبو طماعه (المشاركة 1923589)
هذا سرد قصصي
قصة متكاملة ولي عودة لهذا التسلسل بإذن الله
ربما أعود ببعض ملاحظات إن كان في العمر بقية
كل الاحترام والتقدير

حييت أخي خالد
ومرحبا على الدوام
وبانتظار القلم والمسطرة
لاكتمال المشهد
من زاويتك
تحياتي وتقديري

فاطِمة أحمد 27-02-2021 12:23 PM

رد: شجيرة التين
 
اقتباس:

المشاركة الأصلية كتبت بواسطة أحمد على (المشاركة 1924146)
نص رائع واستحق التثبيت بجدارة

أشكر أ. جمال عمران
على ذلك كثيرا ..


شجيرة التين

كانت قصة دللت على مقدرة رائعة من الكاتبة على نسج خيوط قصة قصيرة مميزة
يكون بطلها شجرة ..


لامست صراع بين القديم والحديث في القصة ،
في كلمات أخرى : صراع بين الموروث من الأفكار والعادات والتقاليد ،

وبين فكر شاب جديد بكل ما فيه من عنفوان الشباب وأفكاره التي قد تبدو مجنونة ،
وبين الفكر التقليدي والعادات المتوارثة من الآباء

وليس كل حديث سيء فـ فيه الجيد وفيه ما يجمع بين عراقة القديم والتطور الحديث للفكر وتحسين
الصورة والاستفادة من مساحة معينة..
هذا النمط لا بأس به ..
بل هو محبذ ومطلوب في حدود المعقول والمنطقي ..
سرد رائع وشيق ..
حبكة معقولة تنامت بشكل بطيء نوعا ما ولكنها احتفظت بتوهج النص العميق المدلول ..
وقفلة ممتازة أكدت الفكرة التي تناولتها من وجهة نظري ..
أحيي الكاتبة جدا على فكرة القصة التي دارت بينها
وبين شجيرة التين ،
حيث كانت الشجيرة بطلا للقصة بجوار البطلة أو البطل ..
وقد تم استبدال ذكرى الأبوين بأطفال من دمهم يحملون بعض صفاتهم الوراثية
شكلا وسلوكا ..

رأيتها قصة رائعة تستحق القراءة لأكثر من مرة ..
وليس بها أي حشو يذكر ، لغة راقية سليمة ..
شكرا لك هذه القصة الجميلة وهذا العطاء
ا. الأديبة / فاطمة أحمد
مع تحياتي وتقديري لك


أثمن القراءة والروح القرائية السخية التي تغدق
علينا بهكذا قراءات
لنعجز عن إيفائها شكرها

ممتنة للنظرة العميقة للنص أ. أحمد ولرأي أكثر من كريم


شكر لعطاء بسخاء

فاطِمة أحمد 01-03-2021 11:25 AM

رد: شجيرة التين
 
اقتباس:

المشاركة الأصلية كتبت بواسطة قصي المحمود (المشاركة 1924295)
الحقيقة حدث عندي سوء فهم للتين الشوكي
فهمته نوعا من أنواع التين !!!
بعد مداخلة الأخ فوزي...اتضح مغزى النص عندي
(للصبر حدود) ....نص رائع في رمزيته..
تعجبني مثل هذه النصوص الرمزية ذات الحبكة العالية
بسردية متقنة
كنت قد وعدت بالعودة ..فوفيت بها
اديبتنا الفاضلة
تحياتي وتقديري

نسيت أن أذكر أن هناك من يسميه الصبار
التين الشوكي أو الهندي
شكرا لقراءة جديدة وامتناني للعودة
كل التقدير

نوال البردويل 03-03-2021 12:22 AM

رد: شجيرة التين
 
نضطر أحيانا للتخلي عن بعض المقتنيات والأشياء التي يعز علينا فقدها
حين نجد أن ضررها أكثر من نفعها
وتبقى ذكراها عالقة في أذهاننا رغم كل شيء
سرد جميل
تحياتي غاليتي فاطمة

فاطِمة أحمد 29-03-2021 09:34 PM

رد: شجيرة التين
 
اقتباس:

المشاركة الأصلية كتبت بواسطة نوال البردويل (المشاركة 1925853)
نضطر أحيانا للتخلي عن بعض المقتنيات والأشياء التي يعز علينا فقدها
حين نجد أن ضررها أكثر من نفعها
وتبقى ذكراها عالقة في أذهاننا رغم كل شيء
سرد جميل
تحياتي غاليتي فاطمة

من واقع الحياة أديبتنا نوال
وبما أننا نفقد الاشياء طوعا او كرها
ف مع ستين سلامة!


حضورك أجمل غاليتي نوال ولك الود كله.


الساعة الآن 10:23 AM.

Powered by vBulletin® Version 3.8.7
Copyright ©2000 - 2024, Jelsoft Enterprises Ltd.
جميع الحقوق محفوظة لأكاديمية الفينيق للأدب العربي
يرجى الإشارة إلى الأكاديمية في حالة النقل
الآراء المنشورة في الموقع لا تعبر بالضرورة عن رأي الإدارة بل تمثل وجهة نظر كاتبها فقط