عرض مشاركة واحدة
قديم 29-11-2018, 03:27 PM رقم المشاركة : 12
معلومات العضو
جهاد بدران
عضو أكاديمية الفينيق
تحمل أوسمة الأكاديمية للابداع والعطاء
تحمل صولجان القصة القصيرة أيار 2018
فائزة بالمركز الثاني
مسابقة الخاطرة 2020
فلسطين

الصورة الرمزية جهاد بدران

إحصائية العضو








آخر مواضيعي


جهاد بدران غير متواجد حالياً


افتراضي رد: في مدينة الضّباب

اقتباس:
المشاركة الأصلية كتبت بواسطة زياد السعودي مشاهدة المشاركة
(الحلم من عشّ الّليل)

لأن الليل
مستودع الأحلام
كان لا بد ان تنزاح الشاعرة الجهاد
نحو الحلم بمدلول عشّ الّليل
لتحقن الاستهلال بمنسوب دهشة

(ضاعت الأمنية بين شقوق الغمام..
بينما هو يصارع المطر)


ومن العش
تنطلق بنا الشاعرة
نحو صورة تمزج السماء بالارض
بدلالة الغمام / المطر

(أكمام الغياب / كفّ النّسيان)

تنتقل بنا الشاعرة الى صورة حسية
بدلالة موادها أكمام / كف

(الضّباب المتراكم في عيون الشمس)

أنسنت الجهاد الشمس
من خلال استعارة مكنية
شدّت من أزر البديع في النص

(وقد أضاع صوته الغثاء..ونسيَ طقوس الدّفاع
وهو بين الرّجاء والهجاء..
بحرها ينفث أمواجه في جسدي دمعاً..)


تتابعات "جرسية"
موسقت السياق وفرضت ايقاعها


(وحدي ألوك المسافات من مزامير الصّمت في أزقّتها الخالية..
وأنا أمتصّ منها لهيب الشّكوى بشوك اليتم والذّكرى.)


بدأت بـ كنّا.. ونرسمه ..يباغتنا ..تبحث وجوهنا
كضمائر جمعية
لتعود الى الذات من خلال توجع وجداني
ينسحب على الضمير الجمعي أيضا بالنتيجة

(فهل تعود لحبيبتي يد الحدثان تعاقر صفائح الدّجى من رئة الّليل..
وتحتطب من ذاكرة النهار نور الشّمس؟!
كي تمسح عنها ما علق من ألسنة الزّمن الهارب..
من زغب الطّين وشحوب الجهات)


أطلقت العبارات الشاعرية المنفلتة
لحصد المعنى المُراد
من خلال أسلوب استفهام
قفز الى التمني كمعنى بلاغي

(أَأَبيع المدينة أجراساً تقرعها الأعداء؟!
أم أشتري الثّريّا فلا تجد من تُخرس بها الأفواه السّوداء؟!
أم أعتكف عند أقدام الرّصاص صلاةً.....؟!)


كثفت الشاعرة اسلوب الاستفهام
بجرس الهمزة المسبوقة بالألف
لتحمله استنكارا ايقاعيا مُعلَنا

(فحبيبتي قدسيّةٌ ..
قلبها يُضخُّ من السّماء..
عناقها نورٌ
وقبلاتها ضياء
ضفائرها ياقوت وجبينها الإسراء والمعراج
قلبها جمرٌ يحترق عليه كلّ الأعداء
قامتها لا تنحني
جذورها عذراء
وفرعها ثابتٌ ورأسها في السّماء)


ويأتي التقرير مشفوعا بالفاء
لتغدق الجهاد على النص
بايقاعات سالفة الجرس

(فتهيّئي ... وتهيّئي )

وتختم البدران نصها بتباشير الواثق
من خلال نسق تكراري
متسق مع حيثيات المقاومة
التي تحمل شرعية التباشير


حركت البدران أدواتها
في السهل الممتنع من الكلام
وأثرتنا بنص وطني يحمل الوجع العربي العام
وجع فلسطين
وجع قضايا الأمة العربية

اتمنى قبول هذه المجالسة
وكل التقدير للجهاد

ما أبرع هذا القلم الذي يحرك المفردات وفق سياق نقدي متميز..من خلال الأدوات الفنية في تشريح الكيان الأدبي المتمثل في هذه الخاطرة.. التي يبرع فيها الناقد كأسلوب فني يُشكّل رؤيته وقراءته ومادته الزخمة التي تعتمد على موهبة وثقافة وتجربة..وهنا وجدت عميد الفينيق الشاعر الكبير
أ.زياد السعودي
في حراسته للنصوص واستخراج مكنونها كنتيجة تنساب من الحروف المعلقة على النص
للمهارة التي يملكها في تحريك أدوات النص..وهذا التحريك لاشك أنه يغبط ويفرح صاحب النص لأنه يساعد في استخراج خلايا النص للملأ واللعب في خيال المتلقي لتوسعة معالم الحروف وإظهار ما خفي منها من أدوات الأدب المختلفة..
قرأت هذا الإبداع فأضفى للنص روح ناطقة بألفاظها التي تعبر عن جوهرها وما حملته من واجهات أدبية مختلفة...
بهذا الفكر العميق والربط الثمين المغري بين ضلوع الكلمات.. وهذا الإبحار النقدي المتكامل بين خبايا النص..وما حرّك الناقد من مفاتيح الذهن والفكر والخيال نحو قراءة فاقت سماء النقد وأشعلت سبل التدبر والتفكر بين مسامات النص..
يا لهذه الروعة والجمال والتلاعب بين المفردات وربطها ما بين الذات المفردة وبين عالم الوطن الواسع وما يحمل من معالم حقيقية تعيد للفكر اتزانه وللأقلام حياتها..
قراءة متينة نقية لعبت دورها في ذات المتلقي في كيفية غزلها وتشريحها وتفصيلها المذهل..
وقفت أمام هذه اللوحة الجمالية..في قاموس أبجديتي..وأنا في تدبر لكل حرف..وتأمل في
أزاهير جمالية تروي الذائقة..لما لديه من قدرة إبداعية بارعة مدهشة في رصد أعماق النص..
هذه القراءة لا يقدر عليها إلا من تمكّن من الإبحار في علوم النقد والبعد التأملي والخيالي وتجنيد محركات البحث في الفكر عن استخراج درر النص بطريقة متقنة استحوذت منابتها على منافذ البوح والخيال مع عمليات الذهن الخلاقة...
بوركتم أستاذنا البارع قلمه والشاعر الفذ
أ.زياد السعودي
شكراً لكم وجزاكم الله كل الخير لغرسكم نخيل الفرح في عمق صاحبة النص ..
ووفقكم الله لنوره ورضاه وأسعدكم سعادة لا حد لها...






  رد مع اقتباس
/