۩ أكاديمية الفينيق ۩ - عرض مشاركة واحدة - قراءة الأستاذ المبدع / محمد خالد بديوي لنصي /حين تغيب شمس الحقيقة
عرض مشاركة واحدة
قديم 25-01-2021, 04:16 AM رقم المشاركة : 1
معلومات العضو
نوال البردويل
عضو أكاديمية الفينيق
عضو تجمع أدب الرسالة
فائزة بالمركز الثالث
مسابقة القصة القصيرة2018
عنقاء العام 2016
تحمل وسام الأكاديمية للابداع والعطاء
عضو لجنة تحكيم مسابقات الأكاديمية
فلسطين

الصورة الرمزية نوال البردويل

افتراضي قراءة الأستاذ المبدع / محمد خالد بديوي لنصي /حين تغيب شمس الحقيقة

قراءة الأستاذ المبدع / محمد خالد بديوي لنصي / *حين تغيب شمس الحقيقة*/ القصة البرونزية لشهر أيار 2018

رابط النص

http://www.fonxe.net/vb/showthread.php?t=64183


القراءة :

( في بداية مسابقة القصة القصيرة، وعدت بالعودة لبعض النصوص
بعد أن قمنا برفعها للواجهة.. وبفضل الله تعالى عدنا لقراءة أخرى لهذا النص
ونصوص أخرى قرأنا بعضها ..وبإذن المولى تعالى سنقرأ ما تبقى منها.. راجيا
أن نكون قد وفقنا بالاقتراب من رسائل هذه النصوص وأهدافها)


عــندما تــغـــيـب شـــمــس الحقـيقـة


هذا النص تم ترشيحه لمسابقة القصة القصيرة
التي أقامتها أكاديمية الفينيق للأدب العربي مشكورة،وقد
تم إعلان نتائج هذه المسابقة قبل أيام. هذا النص
للأديبة المكرمة نوال البردويل، فاز بالمركز الثالث
وبهذا كانت القصة البرونزية لهذه الدورة، على أمل
أن تستمر هذه الفعاليات لما فيها من إثراء للكتابة
والقراءة معا
[/center].

من العنوان نرى أن الناصة تؤكد على هذا الغياب وأبعاده
كمؤثر قوي في صناعة الأحداث التي نجمت عن هذه المؤثرات
ومدى اصابتها لقلب الحياة الطبيعية المعاشة ضمن مساحات معروفة
وظروف ومناخات خاصة كان من الممكن أن تستمر بهدوئها، قابضة على سعادتها
عبر تكيفها مع الواقع ومعطياته..وما يستجد فيه

ــ غياب الشمس وحده، يمثل غيابا للحقيقية..حقيقة النور..حقيقة الدفء
حقيقة العيش والحياة.. وغيابها يثبت عدم حقيقة الظلمة القائمة، المنتشرة
في أركان المكان..ومدى تأثيرها في المكان المقيمة فيه الى حين..مدى تأثيرها
في الزمن الذي ستقيم في دقائقه وتفاصيله.
وماذا لو كان العنوان ـــ عندما تغيب الحقيقة ــ؟!
سيبقى
المعنى في ظاهر الأمر كما
هو
(حقيقة غائبة)
كما الكثير من الحقائق.. ينطبق هذا أيضا على العنوان المفترض
ــ عندما تغيب الشمس ــ لأن بغياب الشمس تغيب الكثير من الحقائق التي لا تقوم إلا
بالإبصار.. بالنور .. بالرؤية الواضحة الدقيقة.

لكن الفرق سيكون شاسعا حين نتوغل الى لبّ النص لندرك أن العنوان كان يجب أن
يكون كما جاء ليعبر عما أحدثه هذا الغياب ومدى تأثبره في قلب كثير من المفاهيم
والمعاني.. وكيف أنه ومن خلال استغلال الهوة السحيقة ما بين الحقيقة وما يناقضها
في المعنى والوجود قد أحدث شرخا بطول مئات السنين وبعرض مساو له. فالشمس
حقيقة .. وغيابها غياب للحقيقة.. وعندما تغيب الحقيقة لا ترجو أن تجد شمسا دافئة
ولا أجواء سليمة ومناسبة للعيش في حياة كريمة.إذن غابت الشمس وغابت الحقيقة.!!
وكان مناسبا والى أبعد حد أن يكون العنوان ــ عندما تغيب شمس الحقيقة
فمن خلال هذا العنوان ــ غابت الشمس و ــ غابت الحقيقة ــ فحل مكان الشمس (العتمة .. الظلمة )وحل مكان الحقيقة ــ الجهل .. والظلم ــ) ــ
فما الذي كان ـــــ نجد المراد في قفلة النص..وهذا ما يحسب "للناصة" وباحترافيتها
بجعل نتيجة غياب (شمس الحقيقة) في قفلة النص... ــــــ


{{ كانت الفكرة تكبر في رأسه وتسيطر على كيانه ويزداد تصميمه يوماً بعد يوم،
وعلى حين غرة ودون سابق إنذار انطلق مندفعا دون اكتراث لكل توسلاتها..
غادر حاملاً بندقية وحقيبة على كتفه، والدمع ينزف من عينيها..
مضى لا يلوي على شيء سوى ما كان يداعب مخيلته من ثراء سيجنيه كما فعل
فلان وفلان ... كم كنت أحمقاً قالها وهو يترنح.... غير قادر على هضم ما حدث
ثم أسدل جفنيه على الصورة ملقياً نصف وجهه الأسفل في ياقة قميصه وغاب ....}}

إذن عندما تغيب شمس الحقيقة.. تكبر الفكرة في رأسه .. تتسع..تشغل مساحات أكبر
وأكثر ..تسيطر عبر تشكيككها بصحة ما يعتقد وتلك خطوة أولى.. ثم تجد ما شككت به
قد أصبح لينا طريا من السهل ن تنتزعه .. وهل هناك أسهل من زرع مساحة فارغة..!!
تلك المساحة التي كانت تمتلئ بما يعتقد أنه الصواب..كم مضى على غرس بذور ذلك الذي
نزعته الظلمة وقوانين الجهل المحركة لأشباح الظلام الساعية الى تدمير كل صحيح
لتبني مكانه مفاهيهمها العقيمة والسقيمة. ومادامت بهذه القوة وبهذا التأثير هذه القوى والتي
لا تعمل في النور فما هي أسلحتها ومقوماتها.هنا وفي هذا النص جاء (الثراء) ليجيب عن
هذا السؤال.. المال وسطوته ..سحره العجيب في النفوس.. رغبة المرء في القفز عن الصبر والعمل
وكل الأسباب التي تمثل (فرضا) عليه وعلى مسيرته في الحياة.. انطلق مندفعا نحو ثراء سيجنيه كما
فعل ــ فلان وفلان ــ هناك أمثلة حاضرة عززت هذا الرؤية وهذه القناعات بأن القفز خير من الأخذ
بالأسباب ..
{{ مضى لا يلوي على شيء سوى ما كان يداعب مخيلته من ثراء سيجنيه كما فعل
فلان وفلان ... }}

ولأن الثراء كان الهدف .. كان عليه أن يناله عبر الوسيلة.!!
وما هي الوسيلة..من الذي سيقررها.. هل هي وسيلة مشروعة في العرف
والدين وكل المورثات التي بذرت فيك مفاهيم الخير والصلاح.!!

لا شك أنه لم يكن على استعداد للإجابة على أي سؤال يعيق تقدمه نحو الهدف
فلا وقت للتأمل.. عليه أن ينجز ما كُلف به لينال ما سعى إليه..!!

في ما يلي تنبئنا الناصة عن ريشة ذهبية (تمتلكها بل هي ريشة سحرية
فقط.. تضع ريشتها على الورقة فتقوم الريشة بقراءة الصورة التي تريدها
الناصة، ثم تختار لها من الأوصاف أدقها..ومن اللغة أقوى المفردات..ومن الصور
أوضحها وأصدقها....


{{جلس على كرسيه وحيداً..
يحدق فيما حوله من أشياء.. ما زالت تلك المدفأة القديمة تبث الدفء وتبعث
بحرارتها كما في كل شتاء... على سقف المقهى الذي قام بتجديده...
يراقب حركة الظلال المتماوجة وكأنها رسوم متحركة...
تروح وتجيء مع تمايل لهب النار...
صار يمتلك المال بعد عودته من الحرب،
تصطف فناجين القهوة وأكواب الشاي على الرفوف ككتيبة جنود تعودت الاستعداد
تنفيذا لأوامر سيدها...}}

وحدة .. يحدق فيما حوله .. ــ ما زالت المدفأة ..الى المقهى الذي قام بتجديده ــ
محاولة للهروب من الأولى : ــ الوحدة والمراقبة ــ وها هو يشير الى ما أنجز وقد
أشار الى التجديد.!!
يراقب حركة الظلال.. ــ لم يتمكن من التملص من هذا الحال المسيطر على كيانه ــ
محاصر بالشرود.. وأسئلة كثيرة ليس باستطاعته أن يجيب على أضعفها .. الظلال:
ــ المتماوجة وكأنها رسوم متحركة...لماذا يا النوال ــ كأنها رسوم متحركة.. وليست
كالأشباح..فالرجل وحيدا تتقاذفه الأفكار السيئة .. ــ لأن كف الناصة وصلت الى
اللا وعي فتناولت من الماضي البيعيد أجمل الصور المختزلة..الصور التي اختزلتها
ذاكرة البراءة والطهر..ولأن البطل في حالة صراع مع الذات..المعركة التي بدأها هناك
لم تنتهي هناك.. ـــ القاعدة تقول : ما بدأته هناك سينتهي هنا ــ وما بدأته هنا .. انتهى
هناك..!!

{{ كأنها رسوم متحركة...
تروح وتجيء مع تمايل لهب النار... }}

ولهب النار لا يمكن أن يكون رسوما متحركة.. لا يمكن أن يكون إلا لهبا .!!

{{{ صار يمتلك المال بعد عودته من الحرب،}}}

تحقق الهدف ولم تخبرنا عن وسيلتك أيها الفارس العائد من معارك حاسمة..هل
انتهت تلك المعارك بالفعل ..

{{تصطف فناجين القهوة وأكواب الشاي على الرفوف ككتيبة جنود تعودت الاستعداد
تنفيذا لأوامر سيدها...}}
ما زالت المعارك في رأسك مشتعلة.. كنت تنفذ أوامر سيدك ..وهذا وضع طبيعي
لكن من كان سيدك ..وأين كانت معرتك .. من هم قتلاك .. وإذا كنت قد خضت حربا
شريفة تستحق تضحيتك.. فلماذا قبضت ثمنها المال.. الثروة كانت الحلم منذ البداية
كنت موافقا على كل خراب أحدثته..وعلى كل وقت أهدرته.. لماذا لم تتمكن حتى اللحظة
ورغم ثروتك من التخلص من المعارك الدائرة في رأسك.!!

{{ المكان أصبح شبه مهجور بعد الذي حدث في القرية بفعل بعض المخربين واللصوص
... كانت نظراته لا تفارق ذاك الحاجز الزجاجي اللامع الفاصل بينه وبين العالم الخارجي،
يأخذ برأسه بين كفيه متمتما بقهر: ليتني ما... أنا الجاني... مر وقت لا يعلم طوله أو عرضه
وهو على تلك الحال..}}

المكان مهجورا .. بفعل المخربين واللصوص..!! ليتني ما .. أنا الجاني ..!!
اعتراف بجنايته .. قهر وهزيمة..والأعمق هو أن كل ما فيه نتيجة لما فقد ..
فمن فقد حتى وصل الى هذا الحال ــ وقبل الاعلان عمن فقد ما هو الحال الذي وصل
إليه بعد ــ الثروة ــ

{{ كان يحدق خارج الزجاج حين لاح له ذلك الظل الذي يعرفه تمام المعرفة،
بل إنه يحفظ تفاصيله عن ظهر قلب، لم يصدق ما رأى... هل حقيقة ما لمحت
أم أنه نسج خيال! همس لنفسه وصاح بأعلى صوته مناديا يحاول أن يوصله..
عيناه تزوغان في كل الاتجاهات، لكن قدميه لم تسعفاه على حمل جسده المتهالك،
كان يريد اللحاق بذلك الظل الذي لم يتوقف، بل راح يسرع الخطوات وبلمح البصر
اختفى دون أثر،}}
هو ــ ظل ــ وما يرسمه الوهم من أجسام تبدو معروفة ومتحركة.. هذا التعب ليس
بسبب تعب الجسد.. هذا الأثر من تعب الروح والنفس والإحساس بمرارة الظلم
الذي اقترفته يداه .. أنانيته ..سعيه غير المشروع نحو ثروة تجري فيها دماء
الأبرياء.. الهدف الذي دفع ثمنه أجمل ما كان يملك ـــ

ـــ في تلك اللحظة صار عقله مسرحا، انزاح الستار ليبدأ شريط الذكريات بعرض
الصور والأحداث.. ـــ

{{ كم حاولتْ استعطافه وثنيه عن قراره إكراماً لها ولأطفاله الذين كانوا يخطون
خطواتهم الأولى في الحياة، لكنه كان يرفض وبإصرار معتقداً أنه يفعل عين الصواب..
بشتى الطرق حاولت إغراءه من أجل البقاء واخترعت كثيرا من الحيل والمغريات،
لكن دونما جدوى..}}

ولم تبخل الناصة بفتح أبواب التأويل أمام المتلقي ليدرك العبر..وليقرأ الرسائل على
أقل من مهله .. مضيقة في ذات الوقت ممرات العبور حتى لا يتخطى القارئ حدود المساحات المعنية
والأهداف التي تركتها هناك ..وكأنها كانت توصينا " بأن لا تخوض حربا ليست حربك
لا تجعل الثراء هدفا وموت الأبرياء وسيلة.. لا تترك عقلك لمن تاجروا بالأديان والناس
وقلبوا كل المفاهيم وما ربينا عليه سنين طويلة.. كان عليك أن تعتني بأبنائك وزوجتك
وأن ترضى بما قسمه لك العدل .. القفز عن الأسباب كالقفز عن الحدود الشائكة..كانتهاك
المحرمات .. كالقاء النفس في المهلكات.. وكان الجزاء أن حفظك الله تعالى وأبقاك ..لكنه
أبقاك وحيدا.. وأخذ منك كل ما وهبك .. واليوم أنت لا تملك إلا الندم والبكاء على ما فات..!!
فهل وصلت الى هدفك.. !!

لمن يؤمنون بالسلام ورسالته .. لمن يؤمنون بالإنسان وقيمته .. لمن يؤمنون بأن الله
العدل الحق .. هذا النص الرائع المتقن .. المكتوب بنضج وأدوات المتمكن .. هذه الاسقاطات
الرائعة والتشبيهات الشاهقة.. وقدرات مائزة جعلت العنوان موحيا بعمق الغياب المراد
وربطه بضربة ختام موفقة .. تاركة ما بينهما حلقات وصل تفسر بعض الأحداث وتمحو بعض
الصور .. لمن يريدون للمفاهيم أن تتطور بسلام ..كما نشأت من السلام .. هذا النص ورسالته
الكبيرة والكثيرة .

للأديبة القديرة نوال البردويل :

أجمل التحايا وأصدقها ..

سلمتم وسلمت روحكم النقية محلقة

احترامي وتقديري






  رد مع اقتباس
/