۩ أكاديمية الفينيق ۩ - عرض مشاركة واحدة - أنّات في صَدر الثرى
عرض مشاركة واحدة
قديم 09-07-2019, 07:09 PM رقم المشاركة : 31
معلومات العضو
جهاد بدران
عضو أكاديمية الفينيق
تحمل أوسمة الأكاديمية للابداع والعطاء
تحمل صولجان القصة القصيرة أيار 2018
فائزة بالمركز الثاني
مسابقة الخاطرة 2020
فلسطين

الصورة الرمزية جهاد بدران

افتراضي رد: أنّات في صَدر الثرى

اقتباس:
المشاركة الأصلية كتبت بواسطة ناظم الصرخي مشاهدة المشاركة
أنّات في صَدر الثرى


قَــدْ كــان يـومًــا عـاشِـقًــا طَـــرِبــا
خـاضَ البحـــــارَ وأرخصَ التـعبـــا

مـــرّتْ عــلى أيـامــــــهِ مـحــــــــنٌ
لكنّــه مــا خَــــافَ أو هَـــربَــــــــــا

يـصحـــــو عـلى تَرْنيِــــمِ فاختـــــةٍ
تَحْــــدو بــهِ وتـؤجِّــــج اللَـهَبَــــــا

حتـى أجـيـــجُ المـــــاء يـوقـظـــــهُ
والهمــسُ بلْ ما خُـــطّ أو كُتِـبَــــــا

قَـــدْ كــانَ مَــأســــورًا بطيـبـتـــــهِ
لَـمْ يَرْتَكـــبْ ذنـبًـــــا ولا رَغِـبَــــــا

سـتــون والدُنـيـــا تُمــــــاطلـــــــه
لَـمْ ينــأَ عَـنْ حُــلـمٍ ولا اقْــتَـرَبَـــــا

ســتــــون والبـلـــــوى تحــفّ بــهِ
فـكــأنـــه من ضَرْعِــهــا شَــرِبَــــا

ما فـارَقَــتْـــــــهُ ولا لـثــــانـيـــــــةٍ
حتّى اسـتـشَـاطَـتْ روحُـــهُ عَـطَـبَـا

يَـمْـــشـي عـلى هَـــــمٍّ يُرافِــقَـــــهُ
مُنْـذُ الصِبَــــا للآن مـا غَـــرَبَــــــا

يسْــــعَـى بـدربٍ كـلّـــــه وَجـَــــــعٌ
مسْـتَـبْـــشِـرًا أمــــلًا وما انْـتَحبَـــا

مـا هــــزّه زلْــــزالُ نائِـــبـــــــــــةٍ
لكنّما غــــــدْر الــذي اصْطـحَـبَــــا

أبنــــاء آوى والـهــوى فِـتـــــــــنٌ
نَصَبـوا الشِّــراكَ لطعْــن مَنْ نَجُبَــا

حـاطــوا بـواحَـتِـــهِ التي نَضَـــرَتْ
واسْـتَعـْذَبــوا كيـــــدًا لمِــنْ تعِـبَـــا

هــو نـادمٌ لــو كـــــانَ قــلَّـمَـهَـــــا
(أظفــارهـمْ) مـا صَــارَ مُغْـتَـــرِبَــا

لكنّــــهُ والــرفــــــــقُ حَـــــادَ بـِــهِ
لَمْ يَبْـتـعــــدْ عـنْ كلِّ مـا وَجَـبَــــــا

هيَ طيْــبــــةٌ جُبِـل الشـــقـيُّ على
إروائِهـا وبِـمسْـكِــهـا اخْـتَـضَـبَــــا

مَا كَــانَ يَـحْـسِبُ أنَّ مـنْـقَــلَبـًــــــا
يُـبْــــلي الكُمَــــــاة ويرْفع الذَنَبــــا

حتى رأَى تَحْتَ الثَّـــرى وطنًـــــــا
بيَـدِ الـرعــــاعِ وكــلِّ مَـنْ دَبَـبـــــا

روضُ الأحبَّـــــةِ مُـقْـفِــــرٌ يَـبِــسٌ
حتـى كـــــأنّ الله قَـــدْ غَـضِـبَـــــــا

الكامل الأحذ
أنّات في صَدر الثرى...
ما أجمل هذا العنوان الذي يتفتق منه كل أوجاع الأمة، عنوان ممتلئ بأسفار الوجع في كل اتجاهاته، ويوحي للخيال ألف حكاية، ويفرز من الفكر ألف ملامة، ويعتق القلب من كل مسرة..

لله دركم كيف تتقنون فنّ التعايش والتعامل مع الكلمة المؤثرة، وتدركون أبعاد كل لفظة، وهذا يحسب على فطنتكم وذكائكم في تفصيل النسيج الملائم لخيوط حرفكم، مبدعون في كل ألوان الشعر، وتغرسون للعبرة والحكمة منافذ جليلة يتغنى بها الفكر وتُحسب في مراتب الشعر الراقية..

القصيدة بتأويلاتها وأبعادها المتشعبة جاءت كضوء يضيء للنفس إرادتها، ويشحنها بشحنات من وجع، مع نفحات عتاب للأخلاء كي يرجعوا عن مسارهم المتعرج، ويدركون أهمية العلاقات الصالحة والأخوة التي تجمعهم في رباط مقدس لا يدرك قيمته إلا من به خشية الله وورعه..
إلا أن مثل هذه المحن تكون مدرسة للذات، كي تنعم بنعمة الابتلاء والذي يخرج النفس من ضيقها لنور ربها، وذلك من خلال غربلة الأفراد الذين نتعامل معهم، كي نستطيع الوقوف بقوة في معترك الحياة..فلا نأسف على من باع أصحابه ولا أهله، لأنهم ليسوا أهلا بالصحبة والتضحية لأجلهم، ومع ذلك يجب التفاهم قبل إصدار الحكم عليهم خوف التظالم والظلم الذي يفرز الحقد واللؤم..

القصيدة ممتلئة بالصور الجمالية، والبلاغة التي جمعت بين حلاوة المعنى وحرفية التراكيب البنائية المبدعة..
فقد جاءت الحروف جامعة لكل وجع ، جمع بين أنات الأرض الدامية وأنات النفس التي تتنفس من صدر الثرى ليكون الوجع مضاعفاً، وما أكثر الوجع وهو يئنّ في صدر الأمة كلها، فقد تغيرت موازين الحياة وانقلبت خيراتها نقمة على المواطن الفقير من قِبَل قادة لم يرحموا شعوبهم بل وضعوا السكين على رقابهم..فكيف لا يكون في صدر الثرى وجعاً، وكيف ستعيد لنا اخضرارها وقد داسها الأنذال عديمي الضمير والإنسانية...

اللغة جاءت تفتح ذراعيها بألفاظ مؤثرة وصور جمالية بأفكار تحمل العبر بين طياتها لتوقظ المشاعر تدفقاً في قلب المتلقي من خلال تلك الحالة التصويرية التي اتكأ عليها الشاعر كي تهز الضمائر وتصحو القلوب التي تفقه الواقع باتجاهاته المختلفة، من خلال شحنه للكم الهائل من الألفاظ بدلالاته المعبرة في واقع اختلفت قبلة الشرق لتحيك ثوب الغرب والطغاة ثوبا يفخرون به ويزينون أيديهم بالبطش في الإنسانية..
مفردات القصيدة كانت تحمل انسجاما متينا بين الحس الذاتي الداخلي والحس العام الخارجي ليكونوا في بوتقة واحدة تحت سقف الجمال والإبداع، في تفاعل متين مع عناصر النص ومفرداته النابضة..

الشاعر الكبير المبدع
أ.ناظم الصرخي
نسجتم ثوب الجلال والوقار وأنتم تحيكون عرش القصيدة بخيوط من ألق وإبداع..
بورك بكم وبحرفكم المتين، ووفقكم الله لنوره ورضاه


جهاد بدران
فلسطينية






  رد مع اقتباس
/