۩ أكاديمية الفينيق ۩ - عرض مشاركة واحدة - يُزعجني العطر المسروقُ !
عرض مشاركة واحدة
قديم 09-05-2019, 09:48 PM رقم المشاركة : 1
معلومات العضو
د. نديم حسين

فينيق العام 2011
عضو تجمع أدباء الرسالة
يحمل وسام الأكاديميّة للابداع الادبي والعطاء
عضو لجان تحكيم مسابقات
شاعر/ شاعرة الوهج 2011 / شعر الرسالة /الومضة الشعرية / الومضة الحكائية
فلسطين

الصورة الرمزية د. نديم حسين

افتراضي يُزعجني العطر المسروقُ !

يزعجني العطر المسروقُ !
...............................

نديم حسين
..............

( إزميلية على صفحة الماء )
.....................................


يخرجُ " الجليلُ " في رحلة ربيعيةٍ إلى تراب جسدي .. يشعل موقدا في مسارب القلب ، يحصي عصافير البلاد كلَّها ، فتطرح العصافير كلها على " رامتي " السلاما !
وأكون حليفَ الجبالِ ، حبيبَها ، لصيقَ قاماتها ، رفيقَ مساربها ... أسوقُها إلـيَّ ، وتأخذني إليها .. تدلـُّني عليها .. ولي أصدقاء في سريرة البحر المتربصِ بي زرقـةً .. ولي " حيفا " .. ولي " عكا " .. ولي يقينٌ يشبهُ الشكـَّا .. أحادثُ سرو البلادِ ، ويهمس ليلُها بياضَ الأمنياتِ في أذنيـّا .. أبكي عليهِ قليلاً ، ويبكي من فرحٍ عليـّا .. هذا الليلُ الهادئُ طَبعي ، يحفظُ عن ظَهرِ قلبٍ " شـآما " !
أهدأ قليلاً ، وأنا يُسعدني القليلُ من الهدوءِ .. يضـِجُّ المخلوقُ الكونيُّ القابعُ حَولي .. هل لهذا الكون روحٌ مثل روحي ؟ ويعودُ يجرحني شوكُ الربيعِ ، وهو كأزهارِ الخريفِ لؤمـًا .. هو كاذبٌ وموجِعٌ ولئيمٌ .. يجرحني ، وتُسعِدهُ جروحي .. ريثما تُشفي الدواءَ جروحي .. فهل لهذا الكون روحٌ مثل روحي ؟ وهل يكون الوردُ في غمدِ العطورِ حساما ؟
لي صاحبٌ ثقيلُ الظلِّ أدعوهُ الأَرَقْ ، ولي بحيرةٌ أجثو على ركبتـيَّ لأشرب من مائها حـدَّ الغَرَقْ .. تُغرقُني .. تشربُني .. فيُخرجُني ماؤها من " رُبعي الخالي " ، فأصيحُ : يا ضيفةَ القلب ، يا بحيرتي الوحيدة ، أنتِ بيتي .. كنتِ .. تهليلةً توقِظُ من نومي المـَناما !
ويعود " الجليلُ " من رحلتهِ إلى أعشابِ روحي ، يزورُ في شغفٍ ضريحي .. وبعد صيفٍ واحدٍ يأتي الخريفُ .. يضعُ إكليلَ وردٍ على قبري ، وأنا يزعجني العطرُ المسروقُ ! ولو شاءت الأقدارُ أن أحيا وحيدا وبعيدا .. لو شاءت الأقدارُ ، سأقولُ : يا ولدي أعـِدني بعد موتي إلى " خشخاشةِ " البلـدِ !! فلي فيها من كرمها ثمـَرٌ ، ولي فيها نثرٌ وأشعارُ ! ولي فيها أهلٌ وزوّارُ ! ولي فيها ما ليس فيها : حياتي .. وحفنةُ نبضٍ لقلبها الميتِ من حزنٍ عليَّ .. ولي فيها ما شاءت الأَقدارُ ! وفيها يولـَدُ " الجليلُ " من قصيدةٍ لي .. وفيها يكبرُ " الجليلُ " وينضجُ الحبقْ !! ويُرهِقُ الصمتُ الكلامـا !!..
......................................................

( صنع في فلسطين - 1987 )






 
/