عرض مشاركة واحدة
قديم 13-03-2015, 01:38 AM رقم المشاركة : 66
معلومات العضو
نزار عوني اللبدي
عضو أكاديمية الفينيق
عضو تجمع الأدب والإبداع
يحمل أوسمة الأكاديمية للابداع والعطاء
عضو لجنة تحكيم مسابقات الأكاديمية
الأردن

الصورة الرمزية نزار عوني اللبدي

إحصائية العضو








آخر مواضيعي


نزار عوني اللبدي غير متواجد حالياً


افتراضي رد: قصة حب مختلفة،،،

[justify]وأما جميل، فكعادته يأخذ الأمور ببساطته المعهودة، ابتسم بهدوء، ولم يعلق بشيء، فالأمر لا يخصه، وعليَّ أن أنتزع أشواكي بنفسي، أو على الأقل، هذا ما قالته ابتسامته الجميلة.
وأما فوزي، ذلك الكائن العجيب، الذي لم أحدثكم عنه حتى الآن، وهو حكاية قائمة بذاتها، فمط َّ شفتيه بابتسامة شامتة، وقال: "خطايا بايتة!!" وفهمت أنه يشير إلى ما كان بيني وبين سهاد، ولكن، تلك حكاية أخرى.
وأما يحيى، أكبرنا سناً، وأكثرنا غموضاً، وهو كذلك حكاية أخرى، فقد أخذ الموضوع ببساطة، ولم يعره أدنى اهتمام، فقد كان غارقاً في قصة حب مأساوية، تشغله عن الاهتمام بغيرها.

وأما حضرتي، محور الأمر، الذي شرب المقلب حتى آخر قطرة منه، فقد حزمت أمري وقررت أن أخوض التجربة حتى نهايتها، فلم أرَ في استمرار علاقتي بسلوى من بأس لعلي أستطيع إقناعها بإنهاء علاقتها مع عادل.

أصبحت اللعبة مكشوفة للجميع، وصرنا حكاية الجامعة، وطالبات السكن الداخلي فيه، وكثر اللغط وعمَّ الحديث عن فاتنة تعشق واحداً وتحب آخر، ولا تستطيع أن تحيا بدون الاثنين.

واستمرت ريم في نقل ما يدور من أحاديث بين طالبات السكن الداخلي حول هذا الأمر لي، كانت تشفق عليَّ مما قد يؤول إليه الأمر، وتحاول أن تقنع أختها بالتعقل واختيار طريقي، لأنها تدرك سطحية ذلك الشاب، ومدى انجذاب أختها غير المبرر له في رأيها.

تخيلوا ما كنت أعاني منه وأنا معها، وذلك الشعور الغامر بأنني مضحوك عليَّ، ولي شريك فيها، تحبه كما تحبني، وتصارحني بأنها لا تستطيع تركه، ولا تستطيع تركي، ومع ذلك استمرت لقاءاتنا المسائية، وكنت أشعر بأعين الآخرين ترمقني بإشفاق ممزوج بالسخرية وأنا أتمشى معها في شوارع الجامعة، نتبادل الحديث، كأيّ عاشقين لا يكدر صفوهما شيء!!

تحديت الجميع بها، حتى إنني دعوتها مرة إلى الخروج مع طلبة قسمنا في رحلة إلى إحدى المناطق الجميلة، وجاءت هي متحدية كل شيء، وتغاضى جميع الزملاء والزميلات في الرحلة عن حضورها، على الرغم من أنهم أشعروها بعدم ارتياحهم لوجودها، وإمعاناً مني في تحديهم، لم أفارقها طوال الوقت، ولإغاظتهم أكثر، أسندت رأسي إلى حضنها وتمددت على العشب بعد وجبة الغداء الخلوية، وراحت هي تمسد شعري، وأنا أعلم كم كانت تشعر بالحرج، وكم كانوا جميعاً يشعرون بالغيظ.

ولكن كل ذلك لم يغير من موقفها العجيب شيئاً، حتى إنني في أحد مشاويرنا المسائية، أخذتها إلى مكان خال من الناس وراء مبنى المكتبة، ويدها في يدي، وجسمها الصغير يلتصق بجسدي، وعلى حين غرة، أدرت وجهها إليَّ، وضممتها، ورحنا في قبلة عميقة كانت قبلتي الأولى لامرأة، وعلى الرغم من أنها بوغتت بتصرفي الأرعن ذاك، إلا أنها لم تعلق بكلمة، واستمرت تسير إلى جانبي وكل خلية في جسمها ترتعش. ولكم أن تتصوروا حالتي أنا بعد ذلك، فقد كنت أهتز كريشة في مهب الريح، وأنا لا أصدق أنني فعلتها.

طال الأمر بنا على هذا المنوال، دون أن أحقق خطوة واحدة باتجاه ثنيها عن حب الاثنين، وضقت ذرعاً بذلك، فالحب امتلاك كامل لمن نحب، وليس نزوة نطفئها ثم نعود نمارسها كلَّ مرة مع شخص آخر في ما يلي من الوقت.

لم تمض أسابيع قليلة على بدء الحكاية كلها، حتى كنت أجلسها في مكان لا يبعد غير خطوات عن مكان اللقاء الأول، وعلى ذلك المقعد فوق المسطح الأخضر، قلت لها وقد انهمرت دموعها كالمطر، وراحت تهتز كورقة يابسة أسقطتها الرياح وراحت تعبث بها على الطريق: "لابدَّ أن تختاري يا سلوى! إما أنا وإما هو!"

لم أكن صارماً في حياتي كلها كما كنت في تلك اللحظة، وأصررتُ عليها أن تتخذ قرارها الآن، فلا مجال للتفكير، ولا مجال للمماطلة.

تمايلت السفينة فوق أمواج جبارة، وعصفت الرياح، وتحطم الشراع، وانتفضت العصفورة كالذبيح، وتم الاختيار. و تركتها تفرُّ هاربة إلى سكن الطالبات لتكمل نحيبها، وبقيت جالساً لا أصدق أن كل ما حصل قد حصل، وكأن الأمر لم يعد يعنيني، أشعلت سيجارة، ونهضت متثاقلاً، أتمشى في الحرم الجامعي بشعور غامر بالحرية لم أتمتع به منذ أسابيع طويلة.


(يتبع)[/justify]







أيها الشعرُ،
ما أجملك!


  رد مع اقتباس
/