الموضوع: صفقة القرن
عرض مشاركة واحدة
قديم 19-02-2020, 09:55 PM رقم المشاركة : 1
معلومات العضو
احمد المعطي
عضو أكاديمية الفينيق
عضو تجمع أدباء الرسالة
يحمل أوسمة الأكاديمية للابداع والعطاء
الاردن
إحصائية العضو







آخر مواضيعي


احمد المعطي متواجد حالياً


افتراضي صفقة القرن

عندما تمر من أمامك مفردة "صفقة"، يخطر على بالك صورة رجلي أعمال، يجلسان على طاولة ومن حولهما سكرتيرتان فائقتي الجمال، وكل منهما تتكئ على كتف "مديرها"، وتضع قلم التوقيع في يده مع ابتسامة "توقع الطير" .
وحين تشنف صيوان أذنك كلمة "القرن" ستتنازع ذهنك على الفور صورتان، أحداهما إما للكركدن -او وحيد القرن- ذلك الحيوان الضخم ضعيف النظر، أو للثور الاسباني ذائع الصيت في حلبات مصارعة الثيران الاسبانية.
ترى كيف يمكنك أن تجمع المفردتين لتكوّن منهما صورة ذهنية واحدة؟ وكيف يمكن ان تسوِّغ تواجد وحيد القرن أو الثور ذو القرنين - أحدهما أو كلاهما معا - في المكتب الانيق الذي يجلس فيه رجلا الأعمال وسكرتيرتيهما صارختي الجمال، ولا أدري ماذا ستكون ردة فعلهما، عندما يتجسد الثور، او وحيد القرن أمامهما، وهو يضرب الأرض برجليه لترتج أرض المكتب من عنف الضربة، ويزفر زفيرا يوشك أن يطير أوراق العقد التي هما بصدد التوقيع عليها...وخطر ببالي ان وحيد القرن سيخر مغمى عليه، بمجرد أن يشم رائحة العطر الفرنسي الذي تضعه إحدى هاتين السكرتيرتين، لأن أنفه شديد الحساسية،وليس معتادا إلا على رائحة الروث في بيئته، في حين أتصور أن يذوب الثور رغبة "ويسخسخ" عندما تقترب منه السكرتيرة الثانية، لتتلمس رأسه برقة، وتطبع قبلة بين عينيه قبل أن تمتطي ظهره، وهي تدلي رجليها ممسكة بقرنيه بدلال صارخ، مشيرة إلى أحد المصورين الحاضرين لالتقاط صورة توغر الصدر حسدا، لتنشرها في مجلة البلايبوي على غلافها الأول.
ما زلت أبحث في زوايا عقلي المشتت عن صورة لهذا المشهد السيريالي، ولا أظنني أتجاهل أن أرى المشهد بكامله من خارج الإطار، فترتفع عدسة "الدرون" الذهني الذي أوجهه، لكي أرى في خلفيته سُهوبا واسعة أو أدغالا إفريقية كثيفة، وأسمع زئير الأسود ونهيم الفيلة ونباح الكلاب البرية..بصراحة لقد تعبت وأنا أجمع أشتات الصورة وألملمها في اطار قابل للاقناع او التصديق...أخ يا رأسي!!!
لا بأس فهذه سريالية الواقع التي تتجسد في صفقة القرن إياها..فالصفقة تعني اتفاقا تجاريا بين تاجرين، بما فيها من اشتراطات وموافقات وتوقيعات من خلال صادرات واستيرادات، أما أن تكون الصفقة سياسية بين اليد اليمنى واليد اليسرى، لشهبندر تجار أصبح بقدرة قادر رئيسا لدولة عظمى، فهذا أدعى إلى الاستغراب!!، وأن تمنح اليد اليسرى ارض الغير هدية –ما من وراها جزية- لليد اليمنى وسط تصفيق حاد، بحضور شهود الزور من أصحاب البشوت المقصبة والعمائم المذهبة، وابتسامات السكرتيرات بحضور عدسات المصورين فهذا لعمرك أدعى الى العجب والصيام في رجب.
غير أن العجب العجاب ما زال في الطريق، والآتي أغرب وأعجب..لقد تبين أن العقد كان عقدا أحاديا لصفقة ليست بالصفقة، بل لقطة في مسرحية لها بطلان، وكلا البطلين مأزومين، وأن صاحب المسرح كان مغيّباً، ولا علاقة له بالمسرحية من قريب أو بعيد..
هذه التداعيات الذهنية التي خطرت في ذهني ولن أتطرق الى ما تبقى من التداعيات التي ما زالت تتوارد الى ذهني لعلي أتطرق إليها في في غفوتي القادمة .. وإلى ان اصحو في ذلك الحين سامحوني.






  رد مع اقتباس
/