۩ أكاديمية الفينيق ۩ - عرض مشاركة واحدة - الكتابة بكلام كان يريد أن يصبح قصيدة
عرض مشاركة واحدة
قديم 25-01-2019, 11:44 PM رقم المشاركة : 7
معلومات العضو
ثناء حاج صالح
عضو أكاديمية الفينيق
تحمل أوسمةالأكاديميّة للابداع والعطاء
سوريا
افتراضي رد: الكتابة بكلام كان يريد أن يصبح قصيدة

اقتباس:
المشاركة الأصلية كتبت بواسطة ياسر أبو سويلم الحرزني مشاهدة المشاركة


إهداء لأستاذتنا وشاعرتنا المبدعة ثناء حاج صالح






لا على منشط الوعي في الهذو ولا على مكره المعنى ، ولا على دربتي في شقّ نصيف الكتابة عن عورة بياضها ونفثي حرز قافيتي في صرّتها ، بل على "بسم الله الرحمن" مسرى النون ومجراها من مقلع النقش ومنبته إلى مستقرّه في حسرة الحجر ، ومن مشرق الصوت وشرقي في التهجّي إلى قيامي بـ"الرحمن" إماماً بلا أحد وبما تيسّر من طيوف خطرت بليل القرى عشاء ، أو قيامي كدمية أفرغها غيابهم للتوّ من قشّها ومن قصاصات قمصانهم أتهجّى وجوههم كما لو أريد أن أجوع لخبزهم ، أو كما لو أريد البكاء ، ولكنّي نسيت.


يا رب.
يا رب.


يا ربّ يسّر لفرس الكلام حسن منقلب ، ويسّرلي أخت عرب تنفث في عقدة لساني لعلّي آتي بكبش الكتابة معكوفاً وأعقد قرنيه بنيّة خير ، ونيّة ضيف ، وقِرى لقابلة عروس الكلام وعمّة معناه ، لعلّها حين تسمّيه تفطن إلى أنّها نسيت أن تسمّيني ، وتركتني على أهبة العابرين ، لا أنا عدت لأهلي ، ولا أنا لحقت بـ "الأوّلي".


يستعصي الكلام ، فأرتجل عوداً على بدء وأنوي إياباً ، وأستشتي سحاباً عابراّ شاقه هلال أو (هلالة) ، وأقطف في خضمّه برقاً يضيء عتمة نصّي الناقص بسرد هلالي :


كذا ، وأنا المشّاء
مشيت
وما زلت أمشي.


وكذا وأنا السالم من مضارع حكاياتهم ، ومن نطحة كبش عقيقتي ، أذكر أنّي حين كبرت قليلاً وراوغ وجهي بصقة الرقاة ، كبرت أكثر وأنا أبصق في وجه عرّاف القبائل الّذي بصق فصيلة دمي في كفّي : "هو منّا دعوه يمر" ، وأبيت أن أمرّ ، لا لشيء سوى أّنّي ابتنيت بيت شِعر وفيه سكنت ، وجاورت سكّان رأسي الّذي لم تسعفني عصبة الرأس في الشفاء من صداع ضوضائهم ، ولا طلاق أمّهاتهم في الخلاص منهم ، ورضيت ،
رضيت قليلاً.


كذا ، وأنا الغريب وبلادي بعيدة.


وكذا ، وأنا أمرّ وكلّ مروري خارج السياق ، هناك على هامش صفحة الناس أجوب بإسمي في الحيّين لعلي أجد له قبل أن ييبس صوتاً شاغراً ، أو أجد لي أهلاً يفضون إليّ بباب فأفضي إليهم بضيف ، وأصيخ لهم وهم يصيخون السمع لضربة الصوت : "في الإسم ، في الإسم".
ونبقى إلى أن تطلّ عليّ خديجة من شبّاكهم الغربيّ : (توضينا قوم أّذّن).


يا عيبة المعنى إذ يبهت العبارة ويجحد ما أقول.


وكذا ، وكما أنّني ما زلت لا أقول شيئاً مفيداً وأخرج عن سياقه ، أقول : ما أجمل النثر حين يصير حلالاً لما أريد أن أقول ، والله لو يسعفني لسمّيت طفلة كانت تريد أن تصبح ابنتي "مريم" ، أو أسمّي إسمها بها وأناديه بها ، ولقمت أحجّ بها وأحاجلها في الحطيم : "والرب معطيني ، معطيني طير اخضر ، يمشي ويتمختر" ، وأعيدها إلى أمّها وأمرّ ، أعيدها إلى أمّها مرّتين وأمرّ ، كذا والسلام عليها ، ومثله على التي لم تخبرني باسمها ، ولم تحجل معنا في الحطيم.


أو كذا ، أبقى أمرّ وأنا الّذي لم يزل سالماً من مضارع حكاياتهم ، ومن صيحة نائمهم حين أعود من ليل الصعاليك : "شوي شوي عالباب" ، إلى أن تستوي الأرض ، كلّ الأرض درب رجوع ، وإلى أن يصبح زادي من حنطة أبي خبزاً لكلّ جوع ، أو أقوم قيام الّذي لم يعط سؤله ، فأخافت القول وأصير إلى التلعثم وأرفع لوارد السراب عين بكاء : "لهم ، لهم ، إذا صار الباب محض تخمين وصار بعض الإسم ظن ، ولمآلات أعينهم والسلام عليهم وعلى ما يرون وما لم يروا ، وعليّ إن صار الإسم أو بعض الإسم ظن".


أمّا أنا ،
(أمّا أنا والله ما ملّت لساني ذكركم / وحين توادعنا ، توادعنا ونفسي راضيه)*
والله العظيم.


وكما لو كتبت بكلام كان يريد أن يصبح قصيدة ، فأفضى بصوتي إلى جهة اللامعنى وإلى محافل الهذيان ، فلا أنا صرت شاعراً ، ولا أنا هذيت كما ينبغي ، لكنّني أستفتح كما يستفتح الناس بـ "يحكى أن" ، وأختمها قبل نهايتها بـ "يبكى أنّ ، وما أصعب الكتابة ، والسلام".



مأخوذهم أنا كابراً عن كابر ، ما هبّت هبوب الشمال ، وما انعقد وشم حرفي في أناشيدهم
هذا يميني ، وعلى من ينسى السلام والبيّنة.


هكذا لا على مهل المسافة ، ولا على مهلي ، بل لعلها خبط عشواء الكتابة ، ولعلّها حطّة لي ولقرين المسافة ، أو علّها دستور خواطر الّذين تركوا أبوابهم مواربة ، وباتوا يحرسون نار قِرى العابرين من رياح الشمال.
هكذا ، وأنا المشّاء ، والمسافة تقطعني وأقطعها ،
هكذا ،
وأنا المشّاء وهاؤم ظلّي
هاؤم ظلّي ، وتلك الدفوع الّتي وقفت بعصاها في ندوة المعنى ما بين القبائل والقوافل تؤدّي دية المسافة ، أعرفها ،
وأعرف بحّتها :
أنا عمّة هذا في البدو ،
وقِرى الناس عليّ.
لإيلافكم ،
والله غالب.




.
.
كلامٌ تجلَّى ببراءته الشاعرية على شكلٍ يشبه الندى الرقيق الشفاف فوق أوراق نباتات المعاني الغضة . ومن يلامسه المعنى يصبه رذاذ الأحاسيس الوجدانية النقية المنعش.
هكذا هي الفطرة الشاعرة ، وهكذا تتجلى في كامل رونقها وبهائها الطفولي، الذي يكتشف الدهشة ويثيرها في كل ما يصطدم به الفنان الشاعر، مما لا يلتفت إلى ثرائه المعنوي سواه.
أستاذي الأديب والشاعر المبدع المتميز ياسر أبو سويلم
من بعد شكري لكم على الإهداء الكريم الذي أقدِره وأثمِنه عالياً ، فإنني أقول ما أتنبَّأ به لكم إذا ما أخلصتم لهذا الأسلوب الشفيف في تلمُس المعاني ، وهو التميُّز والفرادة في شخصية أدبية إبداعية، لا يشارككم في ملامحها أحد .
لكم مني ما يستحق قلمكم العبقري من التقدير والاحترام
وأطيب الأمنيَّات والتحيات






  رد مع اقتباس
/