۩ أكاديمية الفينيق ۩ - عرض مشاركة واحدة - صحيفة بانوراما تلتقي هادي زاهر
عرض مشاركة واحدة
قديم 17-12-2008, 08:55 PM رقم المشاركة : 1
معلومات العضو
هادي زاهر
عضو أكاديميّة الفينيق
يحمل أوسمة الأكاديميّة للابداع والعطاء
فلسطين

الصورة الرمزية هادي زاهر

إحصائية العضو







آخر مواضيعي

هادي زاهر متواجد حالياً


افتراضي صحيفة بانوراما تلتقي هادي زاهر

: بانوراما تلتقي هادي زاهر

--------------------------------------------------------------------------------

أجرى الحوار: رزق حلبي

الكاتب هادي زاهر من قرية عسفيا مارس جميع أنواع الإبداع الأدبي وتميز بالأدب الساخر وهو ِِكاتب مثابر يكتب زاوية أسبوعية ناقدة في كل الاتجاهات منذ أكثر من عشر سنوات ، وقد تعرف عليه القراء أيضا ككاتب مسرحي وككاتب قصة قصيرة ، ولعل ما يميزه اختياره لقضايا حياتية لم تطرق من قبل من خلال حبكة فنية قصصية وقد فاجأنا مؤخراً بكتابه الثامن وهو عبارة عن رواية إنسانية اجتماعية تتناول قضايا شعبنا وهمومه خلال الربع الأول من قيام دولة إسرائيل ، قضايا معقدة ومثيرة للغاية منها ، إن "جميلة" العربية تصبح خليلة رجل المخابرات اليهودي "سامي" ثم جاسوسة على أهلها ، كيف ستتطور الأمور هذا ما سنحاول أن نكشفه من خلال حوارنا التالي مع الكاتب .

س : أولاً نبارك إصدارك الجديد رواية "السر الدفين" أنت اليوم تصدر رواية تاريخية بعد أن أصدرت عدة كتب في الألوان الأدبية الأخرى ، لماذا اتخذت هذا المنحى ؟

ج : لقد أردت التطرق إلى جوانب عديدة من حياة شعبنا وخاصة الإشكاليات التي مر بها في سنوات الخمسين من القرن الماضي وهذا بحاجة إلى الكتابة الروائية حيث انك لا تستطيع التطرق إلى عدة قضايا من زوايا مختلفة إلا من خلال حبكة فنية روائية ، بالنسبة إلى مفهوم الرواية بالتاريخية فاني أختلف مع الكثيرين حول ذلك لان الكاتب حين يكتب روايته يكتب بحس عميق بالتاريخ دون أن يوثق ، حتى لو صورت الرواية الواقع ضمن فترة زمنية محددة أو تقاطعت مع الأحداث ، ولو أخذنا مثلاً كبار كتابنا العرب ، فطاهر وطار حين كتب روايته " اللاز" صوّر بشاعة الاستعمار الفرنسي عندما تحدث مثلاً عن حالة أصدر فيها الضابط أمره للجندي باغتصاب فتاة جزائرية بعبارة "أزرع أبنك في رحمها "وهو هنا لا يوثق وإنما يصور بشاعة الاستعمار، ولو أخذنا من الأدب العالمي أيضا بعض النماذج فحين كتب "باسترنيك" "الدكتور جيفاكو" صور الأجواء التي سبقت الثورة الفرنسية وكذلك"همنغواي"صور في مؤلفاته الأجواء التي هيئت للحرب العالمية الثانية ، أنهم لم يكتبوا تاريخاً فهذا من واجب المؤرخين ولكن قد نساعد بعضنا البعض ،هم يمدوننا بالحقائق ونحن نمدهم بالحس المطلوب لفهم التاريخ من جوانب قد تكون خفية عنهم .

س : لو استعرضنا الرواية نجد أنك نجحت في استفزاز مثير لمنطق القارئ، ثم إن هناك مفارقات عجيبة وعلى سبيل المثال "جميله" بطلة الرواية التي يغتصبها "سامي" رجل المخابرات تسبه وتحاول قتله ولكنها تستسلم له كلياً في مرحلة لاحقة وتصبح جاسوسة ؟!!.

ج : لقد أردت أن تتجلى المأساة بكل أبعادها الإنسانية والوطنية عبر بطلة الرواية "جميله" فهي القضية وهي المغتصبة، إنها مأساة الزعامة العربية التقليدية ، حيث يغتصبها المستعمر وتعشق مستعمرها .

س : هذه فلسفة برغماتية ، اجبني على السؤال ، بشكل عيني ، كيف استسلمت "جميلة" ل "سامي " بهذه السهولة .

ج : أنها لم تستسلم بسهولة ، بالعكس تماماً لقد عانت كثيراً ولزمت الفراش جراء العذاب الشديد الذي اجتاحها ، لقد توغلت في نفسيتها وانتحلت شعورها ، وأسهبت في وصف أزمتها النفسية ، وكيف أنعكس ذلك على جسدها ، لقد ظهر ذلك أيضا بوضوح من خلال حوارها الذاتي الأليم ، وحالة الهذيان والهلوسة واللجوء إلى البصارة والاعتماد على الشعوذة الخ من سخافات ، ولكن هناك عوامل كثيرة جعلتها ترضخ لاحقاً ، أهمها الخوف من تهديده بفضحها أمام أهلها وهي حالة موجودة على أرض الواقع فلماذا الاستغراب ، صحيح أنها كانت من الممكن أن لا ترضخ للإغراء المادي وصحيح أنه من ناحية مبدئية كان يجب أن لا تستسلم ولكن كلنا نعرف التقاليد في مجتمعنا العربي التي تُرغم الفرد على التصرف خلافاً لرغبته في أمور أقل حساسية من الحالة التي تطرقنا إليها ؟ .

س : آلا تعتقد أنك أطلقت العنان لخيالك ،خاصة وأن مثل هذه الأمور قلّما تحدث ؟

ج : الخيال أحد العناصر الأساسية في عملية الإبداع الأدبي فالكاتب يجب أن يتمتع بخيال واسع يعلو به حيناً فوق الواقع ويحط فيه حينا ًآخر ليغوص في أعماقه، ليخرج من بين ثناياه ما يدخره من خفايا ، ثم إن الواقع اغرب من الخيال والمخفي أعظم ، من ناحية أخرى نحن لا نريد أن نصحو ، نريد أن نتحاشى المواجهة ، أن تعصبنا القومي يفرض علينا عدم استيعاب الكثير من الحقائق وكأننا محصنون من الشوائب الأخلاقية ، والحقيقة هي أن "اقرب الناس أخر من يعلم" لذلك نحن ندفع الثمن غالياً في مرحلة لاحقة ولو كانت الحالة معكوسة وكانت العلاقة بين عربي ويهودية كان الأمر مستساغاً لدى الكثيرين وربما كانت فشة غُل على ما نعانيه من مظالم في هذه البلاد ، ثم لو فرضنا إن الأمر قلّما يحدث فعلاً ، فهل هذا يعني إننا يجب أن لا نطرقه في أدبنا ؟ بالعكس إن واجب الأدب أن يتطرق إلى الشاذ أيضاً بل من المفروض أن يتطرق إليه لان الإبداع عادة ما يتطلب الانزياح عن المألوف .

س : ولكن الأمر يصل أحيانا حد الجنون ؟

ج : هي شعرة تفصل العقل عن الجنون ،"إن ما يحلم به العاقل في الليل هو نفسه ما يحلم به المجنون في النهار" ، يعني الجنون هو أمر واقع أوليس كذلك ؟ هناك من يعتقد أن الصراحة وقاحة وهناك من يذهب أكثر من ذلك ويعتبرها جنوناً ، خاصة عندما يتعلق الأمر بمواضيع حساسة كالتي تطرقت إليها ، ولا أكشف لك سراً ، المبدع الحقيقي فيه مساً من جنون ، خذ مثلاً عميد الأدب الأمريكي ً"نورمان ميلر" الذي رحل مؤخراً ، وهذا ينطبق على المبدعين في شتى المجالات ، ولو عدنا إلى الوراء إلى كافة الألوان الإبداعية نجد أن الرسام الشهير"فان جوخ" قطع أذنه وحملها ليهديها إلى حبيبته بعد أن طلبت منه ذلك ؟!! ونجد إن الموسيقي "شارلزمينجوس" كان غريب الاطوار وكذلك وفي المجال التكنولوجي "نيكولاتسلا" مكتشف اللا سلكي والمذياع الخ ..

س : هناك شرح مستفيض في أمور صغيرة ، ألا تعتقد انه كان من الممكن الاستغناء عنها ؟

ج : هذا من بين الامور التي تميز الكتابة الروائية عن غيرها من الألوان الادبية الأخرى فالقصة وخاصة القصيرة ،عادة ما تهدف إلى تقديم حدث واحد بحيث يتوفر فيها عنصر الكثافة وهي عادة ما تكون عبارة عن صرخة الم ، والقصة الطويلة عادة ما تتطرق إلى مواضيع محددة وتندفع بها إلى الأمام بدون تعقيد ، أما الرواية والتي هي أصعب الألوان الأدبية فبحاجة إلى نفس طويل وعلى الكاتب أن يستطرد في عدة مواضيع ويحبكها من كافة جوانبها ، عليه أن يصور الأحداث بدقة أحيانا كثيرة ، النسيج الدرامي للرواية يتطلب انتهاج هذه الآلية ، وبدون ذلك لا يمكنه تصوير العادات والتقاليد التي يمارسها السكان في الفترة الزمنية التي يتحدث عنها ، لا يمكنه أن ينقل القارئ إلى مناخ عمله أو أن يهيأ ذهنية القارئ ليجعل الأحداث تنساب بسلاسة وان يعد العدة لحدوث الحدث أو الأحداث المركزي .

س : يلاحظ القارئ الذي يعرفك بان هناك تناقض بين وجهة نظرك المعروفة، وبين ما جاء في الرواية ، لقد صورت رجل المخابرات في لحظات إنسانية ؟

ج : هنا تحديداً تكمن قوة الكاتب، من يريد أن يمتهن مهنة معينة عليه أن يتقن الآليات التي تقتضيها مهنته ، فأنا الكاتب قد لا أمت بصلة إلى أنا السياسي ، إن تداخل الكاتب في نصوصه يُهبط من مستوى عمله لذلك عليه أن يضع رأيه على الرف ويترك الأحداث تنساب بمنأى عن رغبته وإلا فمن الأفضل أن يكتب المقالة وفيها يستعرض وجهة نظره ويحاول أن يقنع بها ، بالنسبة للشق الثاني من سؤالك فأنا أعتقد إن النفس البشرية واحدة وقد قال الرسول (صلعم) "في كل إنسان لاميتان ،لامية الملاك ولامية الشيطان وهاتان اللاميتان في صراع دائم، واحدة منهن ستنتصر وذلك تبعاً للأجواء وللإرادة" لذلك فأخلاق الإنسان بين مد وجزر وعلينا أخذ الظروف والإشكاليات المحيطة بعين الاعتبار، من هنا أعتقد أنه لا غرابة في أن أصور رجل المخابرات في لحظات إنسانية ، طبعاً غضبي القومي على ممارسات إسرائيل واضحة ولكن هذا لا يعني أن تجرفني عواطفي بعيداً عن الأدب .

س : حسناُ بما أنك تحدثت عن "حالة انفصامك" ألا تعتقد أنة " في كل عرس لك قرص" ،اهتماماتك المتشعبة ،عضوية في بلدية الكرمل ، انخراطك في لجان الآباء ، عضوية في سكرتارية لجنة المبادرة ومندوباً عن الجبهة في منطقة سكناك إضافة إلى الكتابة زاوية أسبوعية منذ أكثر من عشر سنوات آلا تعتقد أن كل هذه الفعاليات تؤثر سلباً على إنتاجك الأدبي ؟

ج : قد تبدو لأول نظرة بأنها تحد من مستوى الإنتاج ، خاصة وإنها تحتل مساحة زمنية طويلة من يومي ، ولكن العكس هو الصحيح حيث إن النشاطات المتشعبة تكسب الكاتب الكثير من التجارب والخبرات الحياتية وتكشف إمامه عوالم متنوعة كانت خفية عليه وهذا يفيد المشروع الأدبي جداً ، لان الكاتب يستمد إيحاءاته من كل هذه الحقول من هنا أقول إنها تؤثر فعلاً ولكن في الاتجاه الايجابي وكتابة الرواية تحديداً يتطلب متابعة وتجربة حياتية غنية لأنها ليست مجرد تعبيراً عن حالة وجدانية أنية قد تتغير ، وإنما هي كتابة حياة

س : قارئ روايتك يشعر بأنه يحضر فلماً ، خاصة وإنها انتهت بشكل تراجيدي وتركت العقدة الرئيسية بدون حل حيث أعترف "سامي" الأب ل "سامي" الابن بأنه والده الحقيقي وتركه فريسة للوجع والعذاب ؟

ج : لقد أردت للقارئ أن يتخيل النهاية التي يريدها ، أردت أن أثير فضوله، أردت أن يفكر تفكيراً عميقاً في كيف ومن أين سيأتي الحل ، من ناحية أخرى قد أُُلحق روايتي هذه برواية أخرى اختمرت فكرتها في رأسي ، بحيث يصاب "سامي"بانفصام في شخصيته ليضيع بين الانتماءين .

س : هل هذا معناه بأنك ستلحقً روايتك هذه برواية أخرى قريباً ؟

ج : لا..لا هذا مشروع للمستقبل البعيد ثم إني وما زلت أفتش عن الأحداث لهذه الرواية ، وأنا عاطل عن العمل ، المطالعة والكتابة تلتهم وقتاً طويلاً من ساعاتي ، ولدي العديد من المخطوطات تنتظر اللمسات الأخيرة ،

س : حدثنا عنها قبل أن ننهي لقائنا وقل كلمتك الأخيرة.

ج لدي مجموعة قصص قصيرة ، قصة للأطفال ، مجموعة مقالات أجتأبية ، مجموعة مسرحيات قصيرة ، لست أدري أي منها سيغزو الفضاء أولا ، ولكن المهم هو أني لن أرضى أن يكون مستوى أنتاجي متواضعاً وما لفت انتباهي إن موقع "مسرحيون " وهو أكبر موقع فكري عربي الكتروني نشر لي مسرحية قصيرة تحمل عنون "العصفور" وهناك سجلت أعلى نسبة مطالعات ضمن مجموعتها لذلك قد أعمل على نشر المسرحيات القصيرة أولاً.. أما كلمتي الأخيرة فهي دعوة شعبنا إلى الاهتمام بما تبقى لنا من أرض وثقافة والعمل على زراعة أشجار الزيتون والتين اللتان باركهما الخالق ، وعلى تنمية الأجيال الصاعدة بروح الاعتزاز والمناعة الحضارية والانتماء للجذور القوميّة المتعالية عن المذهبية للوقوف في وجه موجة الذوبان الثقافي وشكراً لكم .



بانوراما تلتقي هادي زاهر






  رد مع اقتباس
/