عرض مشاركة واحدة
قديم 29-07-2011, 05:09 AM رقم المشاركة : 33
معلومات العضو
زاهية بنت البحر
عضو أكاديميّة الفينيق
تحمل أوسمة الأكاديمية للابداع والعطاء
رابطة الفينيق / آرام
سوريا
إحصائية العضو







آخر مواضيعي


زاهية بنت البحر غير متواجد حالياً


افتراضي رد: بانتظار الأمل( رواية لزاهية بنت البحر)


قبل مغادرتها الحارة كانت الطريق خالية من المارة إلا منهما، رفعت منديلها الأسود عن وجهها، نظرت إليه بعينين واجفتين، ودقات قلبها تخفق بشدة، اقتربت منه، مدت إليه يدها.. أسرع إليها وأمسكها بكلتا يديه.. مرت لحظات صمت بينهما.. تعلقت عيناه في عينيها، حاولت أن تبتسم.. ارتعشت شفتاها بعجاف السنين.. فشلت.. حاولت ثانية فخذلت بها أيضا.. لماذا تهرب منها في وقت حاجتها لها؟ ولماذا لم يقبض هو على ابتسامة يرطب بها قلبها الحزين عليه؟!!
أحياناً تموتُ البسمة ُفوقَ شفتي ِطفلٍ صغيرٍ.. تنوبُ عنها دمعة ٌفي عينيهِ كانت تلوبُ بوجعِ الحرمانِ، وفقدِ الأملِ فيما يريد، فلاهي تهمي فتطفئ حسرةً، ولا هي تختفي فتريح من وقدٍ مؤلمٍ لا يحسِّهُ إلا البؤساء.
خانته ابتسامته في وجهها، لكن دموعه كانت سخية فوق ظهر يدها وهو يقبلها.
- تعالَ يا صغيري.
- مشى معها وهي تمسك بيده، لم تشعر بالغثيان من ثيابه المتسخة، ولم تبعد يدها عن يده المعفرة بالتراب.
سألته: مضى زمن لم أرك فيه، أين كنت غائبا.
- لم تسمح لي بالخروج من البيت.
- وكيف خرجت اليوم؟
- ذهبتْ لزيارة أمها.
- من ساعدك بالهروب؟
- عثمان السلاوي عندما ناديته.. انتظرها حتى خرجت من الحارة فنزل إلي في حوش البيت من على سطح مطبخهم، فك قيدي وهربنا معا.
- سيكون عقابك شديدا عندما تعود إلى البيت..
- لن أعود إليها.
- لا مأوى لك غير منزل أبيك.
- فيه حية سامة، سأنام في الجامع.
- تقفل أبواب الجامع بعد صلاة العشاء.
- أنام فوق السطح.
- مازال الطقس باردا، وجسمك الضعيف لن يحتمل البرودة.
- لن يكون أشد برودة من حوش البيت.
- سأعيدك إليها في طريق عودتي.
- لا تفعلي ذلك، فهي ظالمة.
- سأشفع لك عندها.
- وعندما تذهبين ستعيدني مقيدا إلى الحوش والصراصير، والفئران.
- لا لن يحدث هذا بعد اليوم، اطمئن ياصغيري.
أدخلته وجيهة الحمام وأعطته ثيابا نظيفة من ملابس أولادها. وعندما خرج منه نظيفا أسرع إليه الأطفال وراحوا يلعبون معه بينما جلست وجيها تحدث أمها بصوت منخفض في ركن جانبي من الغرفة.
تحدثتا طويلا واتسع وقت الحديث لأكثر من فنجان قهوة وكأس شاي، كانت تحضرها لهما راوية ابنة وجيهة البكر.
قالت أم عادل: لا تخبريه شيئا قبل التأكد من صحة الخبر.
تأكدت منه من عدة مصادر.
- تمهلي قليلا.
- لا أستطيع.
- على أية حال إن كان مانُقل إليك صحيحا فهو لم يتم بعد، وبشيء من الحكمة يمكن غض الطرف عنه.
- جل ما أخشاه أن تقع الفأس بالرأس بين ليلة وضحاها.
- لاتخبريه شيئًا، سأتدبر الأمر بمعرفتي.
- لن تستطيعي منعه صدقيني، فهو إن وضع فكرة في رأسه واقتنع بها فلن يتركها مهما حصل.
- إلا إذا اقتنع بما يسمع من كلام محدثه.
- ولكنه لن يفعل، وأنا بصراحة لن أسكت بعد اليوم وسأضع حدا لكل شيء.
- إياك أن تفعلي ذلك، وإلا ندمتِ.
- لماذا سأندم وأنا على حق؟
- علَّمتني الحياة ياابنتي أن أجد للآخرين عذرًا كي لاأجرح شعورهم بكلمة أو عملٍ لايليق بي، وعلَّمتني أيضًا المرونةَ في وقت الشِّدة والصلابةَ في وقت الخطر، وعلَّمتني أن أسمع نصائح من هم أكثر مني علمًا وتجربة في الحياة .
- نِعمَ ماعلمتك الحياة ياأمي، ولكن هل أتركه يجرح شعوري بكل غلظة وقسوة ويخرب بيتي بما علمتك الحياة؟ّ!! أنا زوجة وأم ولي كرامة.
- وهو رجل وله أيضا كرامة، لم يكن تعدد الزوجات يوما من الأيام انتقاصا لكرامة الزوجة، فلا تحرِّمي ما أحلَّ الله.
- إذا وجدت الأسباب التي تبيح التعدد أما إذا لم….
- التعدد مباح شئت هذا أم أبيتِ، فاعقلي ولا تنغصي عليك حياتك.
- لن أسكت والله ولو وصل بنا الأمر للطلاق.
- دعيني أتدبر الأمر، فإما أن أقنعه أو يقنعني. طعامك اليوم زائد الملوحة.
بقلم
زاهية بنت البحر
يتبع






  رد مع اقتباس
/