الموضوع: نبضات
عرض مشاركة واحدة
قديم 21-02-2017, 05:24 PM رقم المشاركة : 47
معلومات العضو
ادريس الحديدوي
عضو أكاديميّة الفينيق
يحمل أوسمة الأكاديمية للابداع والعطاء
المغرب

الصورة الرمزية ادريس الحديدوي

إحصائية العضو







آخر مواضيعي


ادريس الحديدوي غير متواجد حالياً


افتراضي رد: نبضات

و أنا أخطو شارد الذهن لمدة معينة، وجدت نفسي من وراء خيوط الظلام و بالتحديد من وراء ثقب منزل خلته فارغا، سيدة تعصر كبدها لتغذي طفلها بين أحضانها الدافئة الباردة .. تستنشق الهواء البارد و تعيده دافئا لتدفئ به أنامل طفلها الصغير !!
رغم الصقيع و ضعف الحال، كانت ابتسامتها كالشمس و هي تردد " الحمد لله".
وقفت من مكاني و الخجل يبكيني، بدأت أخطو خطوات و وجهي منغرس في الظلام، زخات مطرية تنهمر من بين رموشي :
- بأي وجه أواجه ضياء أمي، حزنها و تعبها المستمر!؟ كيف تحتمل شقاوتي " ورتوشاتي " السيئة!؟
كلمات خرجت من باطني كبركان متدفق و حسرة و حزن على أمي و على تلك السيدة المسكينة التي تسكن " براكة" متداعية بالية مليئة بالثقوب، بالقرب من حي جميل المنظر؛ منازله متناسقة لكنها هشة الأسس و الدعامات..!!
شعرت بحرارة شديدة تجتاحني أكثر، تفقدت جيوبي كلها، لم أجد سوى بعض الدريهمات القليلة التي نسيت أن أشتري بها الحلوى في المدرسة. هرولت نحو دكان لمحت ضوءه من بعيد، اشتريت لترا من الحليب و حبتين من الشكلاطة.. رمقني صاحب الدكان بنظرات غريبة ثم ابتسم في وجهي:
- ليحفظك الله تعالى، ألا تخاف من الظلام!
أخذت الحليب و الشكلاطة بسرعة و أنا أبادله نفس الابتسامة دون أن أقول شيئا، قصدت المكان نفسه والفرح يداعبني.
وضعت لتر الحليب أمام بابها القصديري بعد أن ضربته بقوة ثم اختبأت و راء هيكل سيارة قديمة.
خرجت السيدة منحنية الظهر قليلا، نظرت يميناً و يسارا لم تجد سوى لترا من الحليب، حملته بقوة و قبلته طويلا حتى كاد القمر أن ينشق في كبد السماء..!!
عدت مسرعا إلى البيت و ضعت هديتي لهما على مائدة العشاء و الخجل يلبسني، في حين كانتا مبتسمتان تنظران إلي بنظرات حب و بهجة .. قصت غرفتي دون أن أنبس بكلمة .. كانت ليلة مضيئة النسمات حتى الصباح ..!!






  رد مع اقتباس
/