الموضوع: مناضل
عرض مشاركة واحدة
قديم 30-12-2018, 01:46 PM رقم المشاركة : 11
معلومات العضو
عبدالرحيم التدلاوي
عضو أكاديميّة الفينيق
عضو لجنة تحكيم مسابقات الأكاديمية
يحمل أوسمة الاكاديمية للابداع والعطاء
المغرب
إحصائية العضو







آخر مواضيعي


عبدالرحيم التدلاوي متواجد حالياً


افتراضي رد: مناضل

اقتباس:
المشاركة الأصلية كتبت بواسطة عباس العكري مشاهدة المشاركة


[justify]عبدالرحيم التدلاوي
مناضل
(ظل
يناضل دهرا
للتخلص من
الخيوط التي تكبله
وتعيق رؤيته للشمس.
بقي على هذه الحال إلى أن
صار عنكبوتا.)


هكذا تكون الخيوط وكذلك تكون العناكب!
لعلنا جميعا نناضل من أجل ما نراه صائبا ولكننا قد نكون في النهاية أحد الضحايا... أو أحد المجرمين...

هكذا يسعى (التدلاوي) من خلال نصه(مناضل) وبتكثيف االنص بالرمزيات (العنكبوت، الشمس) مما أعطاه بعدًا آخر وقراءات متعددة فترى القارئ يغوص باحثا عما توارت خلفه المعاني من حجاب...

فبدءا من العنوان: (مناضل) الاسم النكرة المفرد، يتبادر للذهن من أنّ بطل النص: (مناضل) وهكذ وبكل ماتعنيه الكلمة من معنى النضال ومن اللمحة الخاطفة يخيّل لنا انكشاف غاية السرد من عنوانه الواضح البعيد عن الإيحاءات والرمزيات والتأويل والغموض، فالمناضل من يبذل حياته من أجل قضية عادلة، ويضحي من أجل الكشف عنها، فلقد توارت خلف خيوطعدة قصة نضاله، ويسعى بطلنا لأن تبدو للعيان ساطعة.

ولعل القارئ يتساءل: ما عساها أن تكون تلك الحقيقة؟ ويا ترى ما المانع لأن تظهر؟ ولماذا يسعى من أجلها كل تلك الفترة؟ وهل سيظفر بذلك في نهاية الأمر؟

وهل حقا: أن الحقيقة لابد أن تبدو للعيان يومًا ما وإن طال الدهر عليها.
إنها قصة مناضل لا ندري بعد أهل كان الضحية فيها أم الجلاد...

إن بطلنا يمر بأزمة (خيوط تكبله). وما عساها تكون تلك الخيوط؟ وها قد عرفنا أنّ الخيط سهل التمزق والحل عندما يربط، ولايعد بالأمر الصعب تمزيقه أو الفكاك من قيده، بل هو هين وسهل، وما عساها تلك الخيوط وإن اجتمعت من ربط وغل لليدين، وها قد مضى عليها دهر وهي تكبله فلا بد أن تنفك العقد، وأن تنفرج الأمور.

وهل تكون خيوط نسيج العنكبوت بتلك القوة! وهي من أوهنها.
وما عساها تلك الخيوط من أن تمنع رؤية الشمس للناظرين...

لربما هي ليست بخيوط الغزل والثياب، ولا تلك بشمس النهار. ولعلها أفكار الظن والشك والريبة، وتلك شمس الحقيقة لا النهار، ولابد للمنطق والتفكير الصحيح من أن يقضي على عناكب الزيف والأقلام المأجورة التي تحيك الأفكار السامة كما يحيك العنكبوت نسيجه أو يبث سمه في ضحاياه.

ومع تراكم الأفكار الزائفة تتوارى شمس الحقيقة عن أعين الغافلين البسطاء، ويسعى (المناضل) المفكر لأن يظهرها عبر كتاباته ويضحي من أجل ذلك.

إلاّ وأنه كيف يمكن تفسير ما آل وصار له الأمر من أن صاحبنا المناضل أصبح عنكبوتا، وهل كيف يمكن ذلك، وبعدما عانى ما عاناه وبذل غاية جهده وأقصى مناه، وأصبح له مناصرون ومؤيدون، ومن يثق به ويراه رمزا وطنيا وقوميا... أوهل كيف يمكن تفسير كل ذلك!

أو يمكن أن نفسر كل ذلك بسهولة، وما أسهله من تفكير: بأنه أصبح عنكبوتا بحسب وجهة نظر المخالفين له وممن كانوا يعادونه، ويحاربونه، فهم يرونه من أنواع العناكب الناشرة للضلال وممن يخالف أفكارهم التي تربوا عليها ونشأوا لايرون سواها شمسا للحقيقة، وهكذا انتشرت المقالات والأقلام المأجورة تحيك حوله وتصوره بالعنكبوت...

إنّ (التدلاوي) يرسم لنا حياة المناضل، ويصف النضال من أجل الحقيقة الضائعة فيما بين الكتاب والعناكب التي نسجت خيوط أفكارها حول النا، فكل عنكبوت ينسج غزله وكل منا يرى ويلبس ما يراه وما يناسبه، وللآخر نسيج وخيوط وأفكار نسعى للفكاك منها ونسعى لنخلص الضحايا منها بل وان نلبسهم ما نراه.

إلاّ أننا سنعود لنتأمل مرة أخرى فيما سرده: (التدلاوي) في نصه (مناضل) حينما قال: (وتعيق رؤيته للشمس) فعلاما يعود الضمير هنا: (رؤيته: هاء الغائب) أفهل يعني أنّ بطلنا له رؤية فكرية خاصة به هو و يسعى لأن تكون هي الحقيقة المنفردة، وأنّ خلاف سواها زيف وباطل؟

أو ليس احتكارالحقيقة في فكر واحد هو من الزيف والضلال؟ أو ليس الادعاء بأننا نملكها دون سوانا هو بهتان؟ أو ليس العيب في بطلنا ومنطقه الضعيف، حيث أنه لم يستطع أن يظهر الحقيقة بالرغم من ضعف الباطل وطول الدهر الذي حارب من أجله!

إلا أن سؤالا آخر يظهر من جديد، إنّ السارد للنص يقول: (رؤيته) وإن الضمير عائد ( لمناضلنا) وإنها ليست العينية الباصرة بل الرؤية الفكرية المتأنية الذهنية، وأن المقصود (بالرؤية) أنه هو من لايرى ولايعي وأن ليس لديه الحجة الكافي بل أن خيوطه ونضاله وأفكاره مزاعم عمي وضلال وقلة فكر ووعي. حتى أنه أصبح من رموز نشر الجهل والفساد الفكري وأصبح عنكبوتا ينشر غزله وأوهامه هنا وهناك. فهو حينها إذن ليس من الضحايا بلا شك ولاريب، بل هو من أكبر العناكب التي تصطاد وتحيك خيوط أفكارها حول ضحاياها وتنسج الشباك والنسيج و الأوهام.

فلنتريث قليلا حينما نعيد قراءة النص مرارا، فلربما كان صاحبنا مناضلا من أجل الحق والعدل والخير كعادة المناضلين كما يقال، ففي بدايات مشوارهم يسعون للتغيير ويضحون من أجل نشر الحريات كأسلافهم من الكتاب أو السياسيين الشرفاء، وهكذا كان كغيره، ومن ثمة حصل أمر ما كعادة مايحصل، فآيس من النجاح مع مرور الدهر وكثرة العناكب، حتى اشتبهت الأمور عليه ونحى نحوهم وسار في ركابهم وغدا ينشر ما كان يحارب ضده! لا برغبته بل بالرغم عنه، بعدما تدثر بالشهرة ومغريات الثروة من خيوط عدة انهالت حوله من أنظمة فاسدة ودور ناشر مارقة! فغدا كبير السحرة... ومن منّا يقدر على تلك العناكب! وعلى تلك الخيوط! ومن ذا الذي يقدر أن يرى الشمس عندما تقيده الخيوط! إذن لربما نتفق على ذلك التفسير.

لا ندري أكان ضحية من الضحايا كغيره من سعى أم هو أكبر دجال قضى حياته من أجل الدفاع عن الرذيلة لغاياته ومآربه. ولكنه لايعدو إلا عنكبوتا بشريا يسهل دعسه والتخلص من نسيج أوهامه، هكذا يقول البعض، وأما القارئ الواعي سيظل متيقظا مرة أخرى ليعطي حكما أخير حول نسيج (التدلاوي).

(ظل: دهرا./ صار: عنكبوت. / الشمس: تعيق رؤيته. / الخيوط: تكبله) إنّ غاية القص في نهايته، وها قد صار مناضلنا عنكبوتا، ومن ذا الذي يتبادر لذهنه من أن يكون العنكبوت ضحية وناشرا للعدل إلا في حكايا الأوهام التي صنعت منه بطلا مشهورا يروى للأطفال عنه في رموز كارتونية وأفلام مترجمة.

ولعل الكثير منّا قد اصطبغ فانسلخ عمّا كان عليه لما آلت إليه أموره. فهي قراءة موجهة لأن نعيد التفكير في أحداث أمورنا وفي النظر لأهدافنا التي نسعى لها لنتاكد أننا على مسار المشوار الذي بدأنا من أجل النضال فيه والسعي من أجله، كيما نتأكد أننا نسير في الطريق نحو أهدافنا التي ضحينا من أجلها دهرا كيما نخسر ما مضي من العمر الذي لم يبق منه شيء. لربما من سخرية القدر ن يكون النص ساخرا بما تؤول لها الأمور من مجريات...

28/12/2018
عباس العكري[/justify]
أخي سيدي عباس
كلمة الشكر لن توفيك حقك.
قرأت تحليلك العميق لحظة نشره، فلم أستطع الرد لأني تأثرت ولم أجد الكلمات المناسبة لذلك.
كل ما أستطيع قوله، أنك منحت حرفي عمقا، وزدته جمالا.
بوركت
تقديري






  رد مع اقتباس
/