۩ أكاديمية الفينيق ۩ - عرض مشاركة واحدة - الطـــائر الغريق
عرض مشاركة واحدة
قديم 24-10-2018, 01:20 PM رقم المشاركة : 2
معلومات العضو
سيد يوسف مرسي
عضو أكاديميّة الفينيق
يحمل وسام الأكاديمية للعطاء
مصر
افتراضي رد: الطـــائر الغريق

*****
ورث عبد المعطي ثروة لا بأس بها تقدر بالملايين ما بين أموال نقدية بالبنوك
وأرض زراعية تعد بالعشرات من الأفدنة كانت تدر الكثير من ثمار المحاصيل والحبوب بالرغم من خسارة أبيه الكثير من الأموال والأسهم في البورصة نتيجة المضاربات وهبوط بعض أسهم الشركات في السوق لعدم استقرار الوضع الأمني بالمنطقة عموما وزعزع الوضع الأمني في البلاد ولتدني الوضع الاقتصادي مما أضر بالحال العام في سوق الأسهم وتبادل الأوراق المالية ، هذا المال الموروث جعل عبد المعطي ينفق ببذخ وإسراف وهو المدلل لأبيه فهو وحيده ووريث عرشه وممتلكاته ، لذلك انتهج نجهاً غير سوياً ، ولم يكن مثل أبيه فأهمل كل شيء وغرره اللهو والسهر والتعاطي وانسلت الأرض من تحت يديه قطعة بعد قطعة وفدان بعد فدان وقل التحصيل الوارد من الأرض ،حتى ناظر عذبته لم يدخر جهداً في الاستيلاء على بعض القطع من أراضيه التي لم يعرف عنها شيئا وبيعها دون أن يدري أو يعلم عنها ، لقد أوكله عبد المعطي وسلم له الأمور يتصرف كيف يشاء وكما يشاء وما عليه إلا يقبض ويوقع على عقد البيع لينفق على ملذاته ونساؤه المعجبات والساقطات . والآن وقد فرغت أكياسه واستدان واقترض فتفرق الأصحاب من حوله فلزم السجن
الطوعي لنفسه وجلس في بيته وقد أصبح حديث الناس في مجالسهم يضربون به المثل وكأنه ينتظر النهاية ويعد ما تبقى له من عمر وأجل يمنى أن يخرج منها ولا يرى وجوه الخلق ولا نظرة عيونهم نحوه فإن خرج سيخرج غير مأسوف عليه ، ما قهقهة تبقت تعاوده من حين لأخر تحوي في داخلها الحميم ليهب واقفاً ويفزع ليطفئ نار جوفه .....
*****

تحرك الشريط السينمائي ليعرض فصلاً من فصول ومشاهد المسرحية والذي كان عبد المعطي بطلها ونجمها ، بدأ الفصل والمشهد عندما رن تليفونه وهو يمسك به ويحمله في بطن راحته وهو يحدق بعيداً عنه في سماء الحال الملبد بالغيوم ، لم يكن الرقم المتصل بالمحلي أي في حيز حدود الوطن بل بل كان رقماً من خارج الحدود لم يعهد به من قبل ، ألقى ببصره يتعرف عليه
قبل أن يفتح ليتلقى منه مكالمته فلما وجده غريباً عليه آثر تركه حتى سكت التليفون عن الرنين لكنه عاود المتصل اتصاله من جديد كأنه مُصرٌ على محادثته لمس بأصبعه سطح التليفون ورفعه قريباً من أذنه وكأنه غير عابئ بمن يتكلم من الجهة الأخرى وخرجت من شفتيه : ألو ألو ... وجاء صوت المتكلم من الضفة الأخرى فإذا هو صوت أنثى بلغة غير عربية ألو : مستر عبد المعطي ..! نعم : أنا قرب التليفون إلى أذنه وتأهبت حواسه وبرقت عيناه
ونشطت دورته الدموية جاء صوت المتكلمة يحدد ويضع توضيحاً ِلهاجس وظن عبد المعطي فلا تبدو المتكلمة من المعجبات أو المغرمات به بل امرأة متقدمة في السن ويبدو خلفها أمرا مهم ...! فلينتظر ...ليعرف ما وراءها من أمر ....قالت :السيدة أنا فيكتوريا صديقة كاترين هل تذكرها مستر عبد المعطي لحظة مرت طويلة كأنه يسترد ماضية ويستدعي الذاكرة وجاء الصوت مرة أخرى هل تذكرها ..؟ نعم نعم مدام أذكرها جيداً ولم أنساها قط ، لقد ماتت كاترين منذ شهر تقريباً وتركت لي وصية أن أبلغك بأمرها وهي رسالة هامة بالنسبة لك ...!
حينما غادرتك كاترين ورحلت عنك إلى إيطاليا واختفت عنك غيرت أسمها من كاترين إلى شيرين وتزوجت بمستر روفائيل وكان يدير مطعماً كبيراً بالمدينة وعندما وضعت طفلها نسبته لزوجها ودعته بجون روفائيل ، استيقظ عبد المعطي على صوت فيكتوريا وهي تقول لقد أبلغتني كاترين أن أن أعلمك أن جون هذا هو أبنك الشرعي منها ابن منها وقد بلغ الخامسة والعشرون من عمرة وقد كتب مستر روفائيل كل أملاكه له وهو الآن يدير مطعما كبيراً بمدينة ميلانو وقد أبلغته كاترين بذلك وقمت أنا بزيارته وأقر بمقابلتك والتعرف عليك وهو في انتظار أن يراك وتراه وإذا أردت أن تراه وتقابله أبلغني عند وصولك إيطاليا واتصل بي على نفس الرقم وسأحدد لكما ميعاد للمقابلة ... تلك وصية كاترين وقد أبلغتك ... (قُد باي ) مع السلامة وغاب صوت المتصلة وانقطع ....!
وقع الخبر على عبد المعطي وقوع الصاعقة وانتفض من مكانه وهو يصرخ بكل قواه ليسمع المارة
بأعلى صوته معي َأبن ولن ينقطع نسلي وسيكون ليَ أحفاد سأعود به إلى مصر سأرفع رأسي
من جديد ، سأعوض ما ضاع مني وأمطرته الأماني بالنشوة واحمر وجهه وراح يهتف ويكبر وجرى اسم الله على لسانه وكأنه يطوف بالكعبة في رحاب الحرم ورطب لسانه وراح يعدو في الطريق ويركض ويريد أن يأكل الطريق أكلاً من شدة فرحه ، لم ينتظر ولم يضيع وقتاً وراح يعد حقيبة سفرة وهو يمني نفسه الكثير وقد اتسعت أساريره وانزاحت الغمة من على صدره وراح يغني ويطرب تارة ويهتف تارة أخرى ، وما هي إلا ساعة من الزمن مرت عليه مثل ثانية وقد حجز مقعداً في الخطوط الجوية الايطالية على متن طائرة البوينج رحلة الواحدة من بعد الظهر ....

*****






قالوا :
لا تعاشر نفساً شبعت بعد جوع
فإن الخير فيها دخيل
  رد مع اقتباس
/