۩ أكاديمية الفينيق ۩ - عرض مشاركة واحدة - الطـــائر الغريق
عرض مشاركة واحدة
قديم 24-10-2018, 01:22 PM رقم المشاركة : 4
معلومات العضو
سيد يوسف مرسي
عضو أكاديميّة الفينيق
يحمل وسام الأكاديمية للعطاء
مصر
افتراضي رد: الطـــائر الغريق

اتخذت كاترين قرارها في داخلها وحفظته في صندوق جواهرها وأظهرت لعبد المعطي القبول بما فعل وتبسمت ابتسامة تخفي ورائها قراراً وعليها أن تتركه وتغادره للأبد ، وراحت كاترين تجهز أوراقها دون أن يحس بها عبد المعطي وبما تنوي فعله ، فقد ساقت عليه من الدلال والابتسام والمرح حوله وأمامه في وجوده مما جعله يطمئن تماماً أن ما حدث بينهما ما هو اختلاف محدود وقد مر مرور الكرام ، فراح يمطرها بالقبلات والأحضان والهدايا حتى استقر الأمر واطمئن تماما ً وعاد عبد المعطي لسالف عهده يخرج ويعود متأخراً من سهره وركضه خلف النساء في الملاهي والمتنزهات ...كانت كاترين قد رتبت أمورها بشكل جيد داخل مصر ورتبت أورقها للمغادرة وحددت الموعد
للخروج من مصر وطريقة إقامتها بعد العودة إلى موطنها خارج مصر ولن تعود مرة ثانية إليه ...
كان هذا قراراً اتخذته بينها وبين نفسها وقد عاونها صديق لها من جنسها لديه اتصال بالقنصلية والسفارة الإيطالية إضافة إلى معارفه بمصر ، وحان موعد خروجها وكانت سيارة تنتظرها على مقربة من (فيلا ) عبد المعطي ، ما أن وطئت قدمي عبد المعطي أرض الشارع ليقضي ليلته كما تعود أن يقضيها تقدمت سيارة فارهه سوداء اللون عليها لوحة تشير على أن السيارة تابعة لأحد الأشخاص الإيطاليين الذين يعملون في السلك الدبلوماسي لتنقلها للمطار دون رجعة أوعوده ... ولتحلق بقطار صواحبتيها وإن كانت كاترين قد عمرت مع عبد المعطي أكثر مما عمر غيرها ممن سبقها بالرغم أنه لم يجري عليها الطلاق كما أجراه على غيرها فقد خرجت كاترين ولم تنفصل عن عبد المعطي ...هناك عملت كاترين على أخفاء نفسها تماماً عن أي مستخبر عنها أو من يريد يستدل عليها بمجرد أن وطئت قدميها إيطاليا ، فقامت بتغير اسمها من كاترين إلى شيرين وكذا استطاعت
أن تختار مسكناً بعيدا عن الحي الذي كان مسقط رأسها وتعيش هي وأسرتها فيه منذ ولادتها ...
أما عبد المعطي فقد قضى ليلته يعاقر الخمر والنساء كعادته واللهو ولعب القمار ثم عاد ليلقي بجسده المترنح الواهن على السرير . عادة ما يجد البواب أو الحارس المكلف نائماً فيوقظه بنفير السيارة فيهب من رقاده مذعوراً مرتجفاً تحجب الرؤية عن عينيه كاشفات السيارة المسلطة فيضع يده أمام عينيه ليحجب وليخفف من حدة الضوء المسلط وليتثنى له فتح الباب ليدخل سعادة عبد المعطي بك لينام ، والريس حسين حريص كل الحرص على أن لا يغضب سعادة البيه خوفاً من قطع رزقه إن غضب عليه ،فتجده خاضعاَ خافض الجناح ، يلوح بيدٍ تارة ويدٍ يضعها أمام عينيه ولسان يعمل ليخرج أحلى الكلام بصعوبة متلعثم يتأسف ويعتذر ويقدم التحية والولاء تارة أخرى،
كان عبد المعطي بك قد دخل وأطفأ محرك سيارته ونزل مترنحاً واتجه إلى السُلم ليصعد فشد انتباهه بمجرد أن فتح الباب ووجد مصباح حجرة نومه مضاءة ، عادة ما الإضاءة خافته لأن كاترين لا تنام لا تنام على الضوء... فضولاً أحب عبد المعطي بك أن يستكشف الأمر ويرى .. ظناً أن كاترين ما تزال صاحية متيقظة تنتظره ، قبضت يده على مقبض باب الحجرة وضغط برفق وهو يقول حبيبتي أنت مازالت صاحية ..؟ ورفع إسبال عيناه ليرى الحجرة خاوية أدار رأسه يحاول أن يراها أو يجدها ثم خرج يتفقدها في الحمام أو المطبخ وهو ينادي عليها بصوت عالٍ مرتفع ،لكن لم يجد عبد المعطي كاترين ولا أثر لها فرجع إلى غرفة النوم وفتح دولاب ملابسها فإذا هي قد أفرغته وتركت الأرفف بالدولاب شبه خالية ... صاح عبد المعطي بك في العم حسين البواب منادياً .. أنت يا زفت أنت يا حمار ، سمع حسين البواب نداء سيده وكان مازال (بالغراش ) يسمح في الزجاج الأمامي للسيارة ليصفد أبوابها ، لبى الريس حسين النداء مسرعاً ...نعم : يا سعادة البيه عبد المعطي بك : أين المدام ؟. خرجت (معاليك ) إلى أين ..؟ مش خابر سعادتك ..! سعادتك ركبت سيارة (سودة 1) (زي2) (بتاعت3) الحكومة (ومعاها الشنط4) (باين5) عليها مسافرة حضرتك ، عبد المعطي بك : مسافرة (فين6) يا زفت الريس حسين : الله أعلم معاليك ..! ، رجع عبد المعطي بك منكباً إلى حجرة الاستقبال وجلس غارقاً مدة وسرعان ما انتابه النعاس وأخذه آخذ وغط في نوم عميق ....

________________

1- سودة = سوداء
2- زي = مثل
3- بتاعت = شبه ما مع الحكومة
4- معاها الشنط = تحمل معها حقائبها
5- باين = أعتقد وأظن
6- فين = أين

*****






قالوا :
لا تعاشر نفساً شبعت بعد جوع
فإن الخير فيها دخيل
  رد مع اقتباس
/