الموضوع: شهريـار .. 2
عرض مشاركة واحدة
قديم 09-12-2019, 05:56 PM رقم المشاركة : 9
معلومات العضو
فارس رمضان
عضو أكاديميّة الفينيق
يحمل وسام المركز الثانية في مسابقة القصة القصيرة
مصر
إحصائية العضو








آخر مواضيعي


فارس رمضان غير متواجد حالياً


افتراضي رد: شهريـار .. 2

اقتباس:
المشاركة الأصلية كتبت بواسطة منجية مرابط مشاهدة المشاركة
شهريار .. 2

في شرفته على ضوء النصف الثاني للقمر ،
يغازل جارية حسناء ..
لحظتها تناثرت على مائدته
دماء ، جرّاء قصف قريب ..
جعل يمسح الدم عن قميصه حانقاً :
- قاتلكم الله ، عكّرتم صفاء خلوتي ..
- اللهم انصر إخوتي في إسرائيل !
القصة القصيرة جدا، رغم قصر حجمها، إلا أنها أصبحت قادرة على استيعاب كل المواضيع، سياسية كانت أو اجتماعية، ثقافية كانت أو فنية..، وباقتصادية شديدة يمكن لها أن تقول الكثير.
والنص الذي نحن بصدده (شهريار..2)، كالسهل الممتنع، يعلن عن نفسه ببساطة شديدة، وبأقل الكلمات ودون غموض أو تشفير، نص يحكي قصة، يحيل إلى أوضاع، يلمح إلى دول، ويشير إلى أشخاص بعينهم، نص يتحدث عن قضية كبرى من قضايانا العربية، قضية وطن مغتصب من كيان متبجح، وطن مستباح من إخوة الدم، وطن خذله الجميع.

العنوان«شهريار..2» يحيلنا مباشرة إلى قصة شهيرة «ألف ليلة وليلة»، ورجل دموي شهير «شهريار»، الذي كان يعشق القتل، قتل كل امرأة عذراء، لعقدة كانت بداخلة (خيانة زوجته له)، وإرضاءً لنزوة لا يستطيع كبح جماحها إلا بالسيف ورؤية الدم، فبدأ يقتل صورة زوجته في كل نساء العالم. و"شهريار..2» تعني أن هناك «شهريار..1»، فهل سيصل بنا الكاتب إلى ألف لقطة ولقطة من ليالي شهريار؟
النص يتكون من خمس عبارات دلالية، إحالية، وثلاثة مقاطع مشهدية: مشهد الشرفة، ومشهد المائدة، ومشهد القميص.
- الجملة الأولى، المشهد الأول/ في شرفته على ضوء النصف الثاني للقمر، يغازل جارية حسناء../ يشير فيها الانزياح (في شرفته/يغازل) إلى مدى اللامبالاة الغارق فيها شهريار، أما /يغازل جارية حسناء/ فعبارة- في رأيي- كانت خارقة، تحمل ما تحمل من توصيف، فالفعل يغازل له ما يوحي به، وجارية لها ما تشير إليه، وحسناء لها وقعها ودلالتها. أما عن دلالة الجملة فتدلل على مجون بطل الحكاية، والجملة برمتها تحيلنا إلى كل ملوك وحكام العرب قاطبة، إن لم يخدعني تأويلي.
- الجملة الثانية، المشهد الثاني، /لحظتها، تناثرت على مائدته دماء، جرّاء قصف قريب../ فتشير إلى أن هناك قصف، قصف قريب، هناك مائدة، وهناك دماء. هذا المشهد يحمل من القسوة ما يحمل، ليس فقط بسبب الدم المتناثر، ولا القصف القريب، ولكن لوجود المائدة في المشهد، ونسبها له (مائدته) تجعلنا أمام نوعية واحدة من البشر، نوعية لم يؤثر فيها الدم المتناثر، ولا القصف القريب بقدر ما أثر فيه إفسادهم لوليمته عليه فالرجل (عبد بطنه) إن جاز القول، فأصبح يتنقل بين شهوتين (المجون/شره الطعام)
- الجملة الثالثة، المشهد الثالث /جعل يمسح الدم عن قميصه حانقاً/ لم يبالي بالقتل الذي سببته الحرب، ولا بالدمار الذي خلفه القصف، واهتم فقط بقميصه (مظهره) فجعل يمسح عنه الدم، أما حنقه فكان على الضحية، لا على القاتل، كان على المجني عليه، لا على الجاني.

و/قاتلكم الله، عكّرتم صفاء خلوتي../ لها دلالتها ووقعها، أما القفلة /اللهم انصر إخوتي في إسرائيل!/ فكانت صادمة مباغتة، وصادمة.. لم يتم الإشارة لها، ويصعب استنتاجها على مدار النص.
في النهاية، اعتمد النص على اللغة الوصفية الناقلة للمعنى، بأسلوب سردي متقن اعتمد على المشهدية والإيحائية مما عكس العمق، أما نقاط الحذف فخلفت وراءها فضاءات يسبح فيها القارئ ليستشعر عمق الحكاية، وتحفز المتلقي على التخيل.
ومن ناحية أخرى، أرى أن (أولاد عمومتي) أفضل من (إخوتي)، أكثر عمقا، وأبرز دلالة، وأشد إيحاء وأقوى إظهارا للتناقض، وشرطتا الحوار جاءتا في غير موضعهما؛ فهي جملة واحدة لبطل أوحد وشخص واحد. وهذا لا يقلل أبدا من جمال النص وعمق الرسالة.
استمتعت بالنص، وبجمال السرد وإتقان الحبك والسبك.
دام لك الألق والرقي أختي الفاضلة منجية
كل التقدير






  رد مع اقتباس
/