۩ أكاديمية الفينيق ۩ - عرض مشاركة واحدة - قصة حب مختلفة،،،
عرض مشاركة واحدة
قديم 03-03-2015, 12:45 AM رقم المشاركة : 21
معلومات العضو
نزار عوني اللبدي
عضو أكاديمية الفينيق
عضو تجمع الأدب والإبداع
يحمل أوسمة الأكاديمية للابداع والعطاء
عضو لجنة تحكيم مسابقات الأكاديمية
الأردن

الصورة الرمزية نزار عوني اللبدي

افتراضي رد: قصة حب مختلفة،،،

جلستْ، فرشتُ لها أعصابي، وأمرتُ جوقة دمائي الموسيقية أن تصطف أمامها، وتعزف لها احتراقي، وبكل بلاهة سألتها: "كيف حالك ؟". حالها!!؟؟ كيف حالها؟ تسألها عن حالها؟ اسأل عن حالك أنت أيها المسكين، هي في أحسن حال، أما تراها يانعة، مشرقة، هانئة البال، مقبلة على الدنيا؟؟ هل شكت لك من قبل؟ هل أشعرتك أن ثمة هناك ما قد يقلقها؟ حتى تسألها الآن عن حالها!
أما أنت، فقد صرت في حالة يرثى لها، فمنذ هبطت عليك من عالم الغيب وأنت لا تدري ما حصل لك، كنت ممسكاً بزمام أمور حياتك، تعرف ما ينبغي عليك أن تفعل في يومك وليلتك، أمورك محدودة، مشاغلك تتكرر كل يوم بالإيقاع الممل نفسه، وقلبك خاوٍ مقفر كخرابة تراكم عليها مرّ السنين، فلم يعد العابر من أمامها يعرف إلى أي عهد تعود.
والآن، ماذا حلَّ بك الآن؟ لا تخرج من البيت قبل أن تطمئن إلى أنك في أحسن مظهر تستطيع أن تسبغه على هيكلك الذي بدأ يعلوه الصدأ، وفور أن تدخل مكتبك ترش معطر الجو في أرجائه، تتفقد سحنتك في اليوم عشرات المرات، تتأكد أن الأخاديد التي تركتها الأيام على جبينك لم تذهب ببهاء وجهك، تجلس إلى مكتبك ساعة، وتدور في أرجاء وساحات دائرتك الوظيفية ساعات، تخرج إلى الساحات، ترقب الطرق، تفتش بين الوجوه، بين آلاف الوجوه عن وجهها المضيئ، وحين تفشل في العثور عليها، تعود منكفئاً على خيبتك، تمسك بالقلم وتستحلف القصيدة أن تمنحك بعض الهدوء.
تسألها عن حالها يا مسكين؟ وحالك أنت؟ ألا ترى ما حلَّ بك؟
"أنتَ كيف حالك؟"
جاءه همسها الممزوج شهداً، فارتعشت دماؤه نشوةً، ماذا سيقول لها؟ هل يبدأ في التمسكن والتشكّي؟ هل يكتفي بحمد الله؟ هل ..؟؟ ماذا يقول؟؟ أسعفته الكلمات البلهاء: ماشي .. يعني ..
ماشي .. يعني .. ماذا تقصد يا رجل؟ أي انطباع تريد أن تعطيها عنك؟ تماسك واستعد نفسك، واستدركَ: مشتاق لك!
لتنطبق السماء على الأرض، ولتنشق الأرض من تحته وتبتلعه، ولتثر كل براكين العالم وتحرق الأرض ومن عليها.
رمقها بطرف عينه ليرى تأثير عبارته الأخيرة عليها، فجاءه الجواب ينساب من بين أجمل شفتين رآهما في حياته: وأنا اشتقت لك!
يا كل عشاق العالم، لتعلموا أنني سلطانكم الآن، وأن عليكم أن تأتمروا بأمري، ففي هذه اللحظة توجتني فداء إماماً لكم، وعليكم أن تضعوا لي السمع والطاعة.
- خبريني، ماذا فعلت خلال اليومين الماضيين؟ هل قرأتِ أحلام مستغانمي؟
- قرأت، كلامها رائع، وكتابتها راقية.
- هل لاحظت كيف تطوّع اللغة لما تريد أن تقول؟
- والله شيء جميل، يعني يشد القارئ إلى درجة كبيرة. ولكنها تتحدث عن الثورة الجزائرية أيضاً.
- هذا ما يسمى مزج الخاص بالعام، أحلام بنت الثورة الجزائرية، ولاحظي أنها تتحدث عن انهيار القيم التي قامت الثورة على أساسها، وما أدى له ذلك من انسحاب رجالات الثورة الحقيقيين إلى الظل.
نعم! تفلسف، واستعرض عضلاتك عليها، وأنت تراها تستمع إليك في لهفة وشغف، كأنك تلقي إليها بجواهر نفيسة، كأنك معلم كبير، وأستاذ قدير، وهي التلميذة المسكينة ترتعش رهبة بين يديك، وتظن أنك تمنحها من خفايا علمك المكنون، أيها المدّعي، تفلسف، واسرح بها في متاهات المصطلحات النقدية البائسة، ولكن تذكر، هذه الجوهرة الثمينة لن تستوعب من كلامك شيئاً، فهي أبسط بكثير من هذا الهراء النقدي الذي تمطرها به، انظر إليها كيف تتململ، وعلى حين غرة فاجأته:
- على فكرة، دخلت النت أمس، ووضعت اسمك على محرك بحث الغوغول، ويا ستار .. ما هذا يا رجل؟؟ في كم موقعٍ تكتب؟؟ وقرأت في موقع لا أذكر اسمه لقاء أجري معك، تعرف؟ أريد أن أعرف عنك كل شيء.
ها أنتم ترون كم سأنفش ريشي بعد هذه العبارات، تريد أن تعرف عني كل شيء، ولماذا يا قرة عيني تريدين أن تعرفي عني كل شيء؟ هل بدأت أصبح مهماً عندك لهذه الدرجة؟ يالك من أبله، كأنك تقع في الحب للمرة الأولى، هذه الهبة الإلهية القادمة من وراء سحب الغيب، تريد أن تعرف عنك كل شيء، ومن أنت؟ هيا قل لها إنك مجرد ذئب جائع تعوي في دمائك الرغبة في ضمها، والتهام شفتيها، وهصر خصرها بيديك القاسيتين، وأن كل ما تحاول أن تبهرها به من العلم والمعلومات لا يعدو كونه وسيلة لتخديرها، قبل التهامها.
- ولم تذهبين إلى أي موقع لتعرفي عني كل شيء، فقط اسأليني وأنا أجيبك.
- سأسألك، ولكن قل لي، كيف قضيت اليومين الماضيين؟


(يتبع)







أيها الشعرُ،
ما أجملك!


  رد مع اقتباس
/