عرض مشاركة واحدة
قديم 07-08-2011, 12:59 AM رقم المشاركة : 58
معلومات العضو
زاهية بنت البحر
عضو أكاديميّة الفينيق
تحمل أوسمة الأكاديمية للابداع والعطاء
رابطة الفينيق / آرام
سوريا
إحصائية العضو







آخر مواضيعي


زاهية بنت البحر غير متواجد حالياً


افتراضي رد: بانتظار الأمل( رواية لزاهية بنت البحر)

دخلت أم عادل المطبخ وهي تحمل السلم الصغير من الدار.. رأتها سراب.. أسرعت لمساعدتها.. أبعدتها درة عنها خشية أن تؤذي نفسها به.. وضعته على الحائط الشرقي وصعدت بواسطته إلى السقيفة وسراب تمسك بها.. غابت عدة دقائق عادت بعدها بأركيلة كاملة لم تشاهدها سراب من قبل عند حماتها، لكن شكلها يدل على أنها قديمة لكنها غالية الثمن فهي من الكريستال الأصلي.. سألتها عن سبب إنزال هذه الأركيلة، فأخبرتها بأنها ستقدمها لشيماء الرابح لتدخن بها نفس، وهي قديمة عندها اشتراها أبو عادل ولم يستعملها، فسألتها سراب :
- ألم تدخني يوما بها يا امرأة عمي.
- لا.. أنا ضد التدخين للرجال والنساء معا، أحمد الله على أنني لم أدخل إلى رئتي دخانا ولا نيكوتين، فليس منه إلا الضرر والأمراض وحرق المال بلا فائدة.
- وعمي ألم يكن مدخنا.
- لا. ولكنه اشتراها ليقدمها للزوار إن جاءنا من يدخن، فأهل الجزيرة كما تعرفين كلهم تقريبا مدخنون إلا من رحم ربي. عادة سيئة لا أحبها، ولا أحب رائحتها ولا رائحة الفحم.
- فلمَ إذا ستقدمينها لشيماء الرابح دون سواها ممن يأتين لزيارتنا، وأغلبهن مدخِّنات.
- لأنها لا تشرب قهوتها دون أركيلة.
- وهنَّ كذلك.
- لاأدري ، سأكرمها فقد أرسلت لك الببغاء.
- أتكرمينها بما يضرها؟
- معك حق، ولكن نفس عندي لن يقدم ولن يؤخر فهي مدمنة أركيلة.
- لا أوافقك الرأي يا امرأة عمي.
- سراب دعينا من المجادلة وحضري لها بعض الحلوى فقد اقترب موعد وصولها.

حديث سراب جعل حماتها تفكر بكل كلمة قالتها فوجدتها على حق وهي على غيره، وردَّدت بينها وبين نفسها:
- جلَّ من لا يخطئ، فقررت أن تعلن انسحابها من دائرة الخطأ هذه، فالإنسان يجب ألا يكون بوجهين فكيف بمن يتخذه الكثيرون لهم قدوة؟ ف
وجدت درة نفسها بحاجة للتفكير لإيجاد الطريقة المثلى للتصرف بأسلوب راقٍ لا يترك ندوبا في نفوس الآخرين خاصة فيمن يعرفون بشفافيتهم ورقَّة الأحاسيس.
دخلت سراب المطبخ وراحت تحضر طبقا من الحلوى لتقدمه لشيماء الرابح، بينما كانت حماتها تسقي الحوض الترابي وتنظف الدار، وصوت الببغاء يملأ الأجواء زعيقا ونداءات أدخلت السرور إلى قلبَيْ المرأتين، فراحتا توجهان له نداءات مماثلة يرددها بصوت رفيع.
أحبَّتْ سراب الببغاء هذا الحيوان الناطق، الذكي جدا حسب ظنها.. شرد ذهنها بهذا الحب فسألت ذاتها عن الحب الذي سيكون لابنها عندما يأتي إلى الدنيا، فهي منذ الآن تحبه وترسم له صورة لايشبهها أحد من الناس، سيكون ابنها طفلا استثنائيا أو ليست أما؟ والأم لا ترى أجمل من طفلها بين كل الأطفال ولو كان أقلهما جمالا.
أشعلت أم عادل الفحم.. صار جمرأ.. خرجت من البيت لبضع دقائق عادت بعدها وفي يده كيس صغير فيه علبة تنباك عجمي نقعت قليلا منه في صحن صغير ثم جهزت الأركيلة بانتظار الزائرة الكريمة، وكأن الببغاء أحس بأن سيدته ستحضر عندما وصلت إلى أنقه رائحة الفحم والتنباك فراح يصفر دون انقطاع، فاقتربت منه سراب ووضعت له شيئا من بزر دوار الشمس طعامه المفضل فتلهى بها موقفا وصلة الصفير المزعجة إن هي استمرت طويلا.






  رد مع اقتباس
/