[ثناء حاج صالح]

خافي عَليَّ..
(في أعقاب مجزرة نيوزيلندا)
مُهداةٌ إلى أُمِّي/ أُمَّتي عتاباً
لمَ تُرْسِلينني إلى (هناك) وقد تَعْلَمين مَغَبَّة الفِراق؟!


1
خافي عَليَّ من الـ( هناكَ ) ورجِّعيني من غدي
فهناكَ أمشي باقتفاءِ تَردُّدِي
وهناكَ إن هَبَطَ الظلامُ على الزُّحامِ وما وَصَلتُ بموعدِي
مُدِّي ذراعَكِ واسحبيني من يدِيْ

2
خافي عَليَّ من الخيامِ، اْلقَيْظُ حامٍ والعِظامُ مُذابَةْ
وأنا طَلَبْتُ من الصَّنَوْبَرِ جَلْسَةً في الفَيْءِ لم يَرْدُدْ عليَّ جَوابَهْ
حتى كتبتُ لمن بنى قُرْبَ الترابِ من السَّحابِ قِبابَهْ
أرجوه لو نمضي النهارَ على يسارِ الإنتظارِ سَحابتين وغابَةْ
فأجابني بالرفضِ لكنْ...
لم يُبِن أسبابَهْ

3
خافي عليَّ، اْلبَحْرُ أخزى راكبيهِ وكلُّ رَكْبٍ سارَ فيه إلى الضياعِ مَآلُهْ
وأنا ضَلَلْتُ عن المكانِ وضَلَّ عنه مسافرانِ: مُهاجِرٌ وخَيالُهْ..
وظللتُ أرتَقِبُ الخَلاصَ لطائرٍ أَمِلَ المناصَ بِلَيْلِهِ يُحشَى الرصاصُ بِفَجْرِه يَغتالُهْ..
خافي عليَّ من الـ (هناكَ) سأقتفي رَملْاً سِواكِ وما أرى رملاً عَداكِ يُرَدُّ عنه غَزالُهْ..


4
خافي عليَّ ،اْلقَزُّ يَعْتَصِبُ الجروحَ وما أزالُ أشيحُ عنه وأدَّعي:
أني اعْتَزَلْتُ الجِلْدَ مُذْ شَقَّتْ بمِنْجَلِها الغَشاوَةَ أضلُعي
وأصابعي ليست معي ..
والجِلْدُ مَزَّق جُبَّتي، يا خَيبتي بِتَصَنُّعي
لم تُبْطِئِ الأرياحُ دَلَّتْ للعباءةِ سُلَّماً من فَوْرِهِا
وقِصارُ خيطانِ الخِمارِ تَبَخَّرَتْ في إثرِهِا
وأنا التي ألبَسْتُ نفسي من مَلابسِ غيرِها
ما زلتُ أُبْدِي عن مُلابَسةِ الحريرِ المُستَطيرِ تَمنُّعِي

5
خافي عليَّ من الـ(هناكَ)، اْلبَردُ يَذْرو في الشتاءِ صَقيعَهْ
وتظلُّ تُحزنني الطُّيورُ ولو تَلوذُ إلى الصَُخورِ ولو تخَِرُّ صَريعَةْ
وأرى المُحَكَّمَ كالسَّفيهِ وقد مضى في كلِّ تيهٍ، ليس دارٌ تحتويهِ عن الدخولِ مَنيعَةْ
وهبيني آثرتُ الرجوعَ فما أراني أستطيعُ وليس عندي ما أبيعُ سوى الرؤى المقطوعةْ
فَتَحَسَّسي دَمْعاً همى من كُلِّ أقْطارِ السَّما وابكي عَليِّ فإنَّما؛
أضحى الرجوعُ من الـ( هناكَ) مُحَرَّما
والشمسُ أَضْحَتْ في الضحى ممنوعةْ .

متفاعلن وجوازاتها

ثناء حاج صالح
كاسل / ألمانيا
23. 03. 2019