۩ أكاديمية الفينيق ۩ - عرض مشاركة واحدة - قراءة لومضة استياء / عدنان حماد
عرض مشاركة واحدة
قديم 02-05-2018, 06:13 AM رقم المشاركة : 1
معلومات العضو
محمد خالد بديوي
عضو أكاديمية الفينيق
عضو تجمع الأدب والإبداع
يحمل أوسمة الأكاديمية للابداع والعطاء
رابطة الفينيق / عمون
الاردن

الصورة الرمزية محمد خالد بديوي

افتراضي رد: استياء

النّاص : عدنان حماد
النص : استياء
ــــــــــــــــــــــــــــــــــــــ

النص :
ــــــــــــــــــــــــــــ

استاء من الطرق اللولبية والكيل بخمسة مكاييل
ردد من سورة الصف قوله تعالى
بسم الله الرحمن الرحيم
(يا أيها الذين آمنوا لِمَ تقولون ما لا تفعلون. كبر مقتا عند الله ان تقولوا ما لا تفعلون) صدق الله العظيم
تنبه ان الخطاب موجه للمؤمنين
حوقل وأنشد
(وإن عناءً ان تفهم جاهلا
فيحسب جهلا أنه منك أعلم
وتشخص ابصار الرعاع تعجبا
اليه وقالوا : انه منك أفهم)


القراءة :
ـــــــــــــــــــــــــــــ

استياء من الطرق اللولبية.. صحوة وفوائد كثيرة.

أما الكيل بخمسة مكاييل.. ربما للمبالغة في هذه "اللولبية"

المتعارف عليه ــ الكيل بمكيالين ــ لبيان تناقض الحكم
على الأشياء.. وتناقض الرأي حسب المنافع.. وللأسف
هذا الحال من الواقع المرير، نلمسه ونعيش تفاصيله.



ردد من سورة الصف قوله تعالى
بسم الله الرحمن الرحيم
(يا أيها الذين آمنوا لِمَ تقولون ما لا تفعلون. كبر مقتا عند الله ان تقولوا ما لا تفعلون)
صدق الله العظيم


بعد أن ردد هذه الآية انتبه الى أن الخطاب موجه للمؤمنين


وكأنه يقرأها للمرة الأولى.!

حوقل وأنشد:

{{وإن عناءً ان تفهم جاهلا
فيحسب جهلا أنه منك أعلم
وتشخص ابصار الرعاع تعجبا
اليه وقالوا : انه منك أفهم}}


وهنا إشارة ذكية الى أن الخطاب موجه للمؤمنين
وليس "للمسلمين" وهم العامة.


فالمسلم ليس مؤمنا حتى يدخل الايمان الى قلبه
ويكون ظاهرا في سلوكه..أي أن الظاهر والباطن
لهما صورة واحدة..وهذا ما لا تعكسه صورة المسلم
الذي صار أقرب للإيمان..وابتعد عن الكفر كثيرا.


الإشارة الى "انتباهه" بأن الخطاب موجه للمؤمنين
كان دقيقا، فكثير من آيات الذكر الحكيم التي نحفظها
أو نعرفها تمر علينا في لحظة ما وكأننا نقرأها للمرة
الأولى فيكون لصداها وقع في النفس التي تحصد معنى
جديد لم يصل إليه من قبل.


ثم ما يأتي ما أنشد ليدلل على الفهم الخاص والدقيق الذي
وصل إليه.. وكأنه أعاد بث هذا الفهم في الفضاء على أمل
أن يصل إليه من كان له الحظ العظيم.


فمعنى الآية وعمق هذا المعنى يدرك من خلال "المخاطب" والمعني بها وهو
"المؤمن" الذي ارتقى من (إسلامه) الى (الإيمان) والمؤمن بطبيعته
وما وصل إليه من إدراك وفهم لا يدخل في ــ جدل عقيم ــ قد ينعكس
على إيمانه، فإن لم ينعكس على إيمانه انعكس على غيره، وغيره إما
أن يفهم أن المؤمن (جاهل) أو يدفعه الجدل الى التمسك برأيه المبني على
جهل بعيدا عن الإدراك والفهم والمعرفة.!


وعليه فإن الصورة تتضح أكثر فيكون المعنى أكثر وضوحا

{لم تقولون ما لا تفعلون} ثم بيان خطر هذا الفعل :

{كبر مقتا عند الله أن تقولوا ما لا تفعلون}
والمقت : هو البغيض والمكروه.. وكبر مقتا:
أي عظم بغضا عند الله ..!
هذا والله تعالى أعلى وأعلم .


التقاط فيه حنكة وبراعة وتوظيف متمكن لحكائية
نسجتها كف شاعر قدير.


ومن زاوية أخرى

في هذا النص وظف الناص آية كريمة من الذكر الحكيم لتكون جسرا
ما بين ــ البداية ــ الاستهلال ــ الذي عبر عنه باستياء بطله من الطرق
اللولبية والكيل (بخمسة مكاييل) وليس بــ مكيالين ـــ للمبالغة ربما، والى
حالة التنبه التي حدثت بعد أن قرأ الآية الكريمة. حالة التنبه هاته فتحت أبوابا
كثيرة وجعلت القارئ أن يتنبه أيضا.. وهنا قام باستخدام ما يسمونه
أهل الاختصاص : (البعد الإشاري) فبطل النص الذي وصل الى مرحلة الاستياء
هو الذي (انتبه) وهنا ربما يبدو وكما ذكرت في أول تعليق لي على هذا النص
"كأنه يقرأها للمرة الأولى" وهذا مؤكد حتى لو لم يكن هو المراد، وأمر طبيعي أن
يمر أي منا على آية فيقرأها وكأنه يقرأها للمرة الأولى، فيخرج من هذا الانتباه
بمعنى جديد لم يبلغه من قبل. وقد يكون مراد الناص من هذا الانتباه الذي يعيدني
الى استياءه من الطرق اللولبية ليتشكل لدي فهم ضرورة إقامة العدل والكيل بمكيال
واحد على كل الأمور لتحقيق المساواة، وإلا فإن من لا يفعل هذا هو ما ينطبق عليه
من وصفتهم الآية الكريمة. لكن.. الانتباه والحوقلة ربما أنهما يريدان منا أن نفهم أنه
إذا كان الخطاب هذا موجه للمؤمنين، والمؤمن كما هو معلوم، موصوف بـ (فطن كيّس)
يبعد هذا التصور وهنا نجد أنه علينا أن ننظر الى ما كان بعد ذلك فنجد بطل النص أنشد
بأبيات شعر تقول
(( وإن عناءً ان تفهم جاهلا
فيحسب جهلا أنه منك أعلم
وتشخص ابصار الرعاع تعجبا
اليه وقالوا : انه منك أفهم}}


هنا يضعنا الناص أمام قفلة مدهشة وإن كانت غريبة ابتعدت عن المعتاد، وما ينتظره
القارئ عادة. لكن ومع تحقق الدهشة يكون الناص قد أنهى النص حسب الأصول كما يريد
"أهل الاختصاص" لتوافر الدهشة التي تحققت من خلال معنى هذه الأبيات التي تطالب
من كان من أهل العلم أن يكف ن جدل عقيم.. أن يتوقف حتى لا يظن الجاهل المخاطب
بأنه منك أي (العالم ) أعلم .. و.. حتى لا تمنح الرعاع فرصة أن يقولوا أن الجاهل
(منك أفهم) . ولأن معنى الأبيات لا يتوافق مع معنى الآية من جهة ، بينما يتوافق مع
معناها من جهة أخرى.. فإذا ما عدنا الى (لم تقولون ما لا تفعلون) استذكر هنا آية أخرى
تقترب من هذه الآية مع اختلاف المخاطب.

في سورة الشعراء وفي الآيتين: ــ 226 ــ 227 ــ
{ وأنهم يقولون ما لا يفعلون * إلا الذين آمنوا وعملوا الصالحات وذكروا الله كثيرا
وانتصروا من بعد ما ظلموا وسيعلم الذين ظلموا أي منقلب ينقلبون} والكل يعرف
الآيات السابقة وأن الشعراء ذكروا فيها.

واختصر ما جاء في معنى الآيتين : أن المقصود ــ الشياطين ــ و.. ما قيل أنه
كان رجلان على عهد رسول الله صلى الله عليه وسلم : تهاجيا ، مع كل واحد منهما
غواة من قومه ، وهم السفهاء ــ وهنا يستثنى الشعراء..أو ينتفي ما يقال بأن المعني
عموم الشعراء.

المثير هنا الاستثناء في الآية الكريمة (227) ــ إلا الذين آمنوا ــ وهذا يعيدنا الى لحظة
انتباه ــ المستاء ــ بطل النص حين قرأ الآية الكريمة من سورة الصف (يا أيها الذين آمنوا
لم تقولون ما لا تفعلون) ثم الى ما قاله من الشعر ووصف فيه ( الجاهل ــ الرعاع) وأعود
الى ما جاء هنا وخبر (الغواة ) الــ (السفهاء) فأجد رابطا قويا يدخلني الى ظلال جديدة
لمعاني وارفة..!!
فهل أراد الناص هذا وخصوصا أن ــ بطل نصه ــ مستاء ــ من عدم وجود (العدل ) و (المساواة)
وقد تمثل هذا بوصفه من يتبعون الطرق اللولبية ومن يكيلون بــ أكثر من مكيال وتعريجه على ذكر
الرعاع والجهلاء.. والمؤمنين ــ وهذا ما دفعنا للوصول الى سورة الشعراء ــ و ــ إلا الذين
آمنو ــ وللسفهاء..!!

ربما في هذا النص ما هو أكثر من أشياء الومضة وغيرها إذا ما تمت قراءة النص بوعي وانتباه







قبل هذا ما كنت أميز..

لأنك كنت تملأ هذا الفراغ


صار للفراغ حــيــــز ..!!
  رد مع اقتباس
/