عرض مشاركة واحدة
قديم 05-03-2011, 07:25 PM رقم المشاركة : 9
معلومات العضو
سلطان الزيادنة
عضو مؤسس
أكاديميّة الفينيق للأدب العربي
عضو التجمع العربي للأدب والإبداع
يحمل أوسمة الأكاديميّة للابداع الأدبي والعطاء
عضو لجنة تحكيم مسابقات الأكاديمية
الأردن

الصورة الرمزية سلطان الزيادنة

إحصائية العضو








آخر مواضيعي


سلطان الزيادنة غير متواجد حالياً


افتراضي رد: العنقاء فدوى طوقان يليق بها الضوء*سلطان الزيادنة

فدوى طوقان: مقارنة ومقاربة
بقلم: مازن دويكات

نكاد لا نعلم علم اليقين بداية ظهور مصطلح الأدب النسوي أو أدب المرأة، وبعودة إلى كتب تاريخ الأدب القديمة كالأغاني والعقد الفريد وغيرها، لن نجد تعاملاً في تصنيف الأدب يرتكز على الفرز الجنسوي ولا نعلم أيضاً من كان وراء بلورة هذا المصطلح، فإن كان رجلاً فهو دخيل على الثقافة والأدب، لأن الإبداع لا يتأتى من جنس ويتنحى عن أخر، إما إن كانت الداعية امرأة فهي دعوة لانعزالية تضر بقضية المرأة، هذا إن كان لها قضية منفردة ومنفصلة، بغض النظر عن الداعي أو الداعية نستطيع القول أن هذا المصطلح قد تزامن مع ظهور الجمعيات النسائية التي تدعو لانعزال المرأة في زمن كان فيه الاضطهاد السياسي والاجتماعي لا يميز بين رجل وامرأة وما يزال، وعلى الرغم من خطورة هذا القمع في تعطيل حركة الإبداع إلا أنه لم يستطع منع قصائد الشاعرة الكبيرة فدوى طوقان من إضاءة صفحات ومجلات الرسالة والأداب والأديب والعربي، ولم يثن عزيمة الشاعره والناقدة الدكتورة سلمى خضراء الجيوسي من أن تكون مؤسسة قائمة بذاتها تعني بترجمة الإبداع العربي في لندن، وهذا القمع ممكن أن يكون هو الدافع الأساس لسطوع نجم القاصة الرائدة سميرة عزام في سماء الإبداع العربي ويكفيها فخراً أنها أستاذة غسان كنفاني ، وهذا الأمر ينطبق أيضاً على الروائيتين ليانا بدر وسحر خليفه، وبعيداً عن الجانب السياسي الذي يحشر أنفه في كل شيء يهمنا أن نتأمل هذا المصطلح من الجانب الإبداعي، ترى هل هناك دلالات في النص يستطيع من خلالها المتلقي أو يتوصل لجنس الكاتب !!

فالناقد مهما بلغ من الوعي النقدي ومهما تسلح بنظريات علم النفس التحليلي لن يستطيع أن يضع نوع الجنس في خانة هوية الكاتب أو الكاتبة إلا إذا كن هذا الناقد على دراية وخبرة بأدوات الكاتب، وهذه المعرفة تعزى للأسلوبية وليس للجنسوية وهذا يعني أنني أمام دائرة محكمة الإغلاق تحوي في داخلها الإبداع الصادق ولن تفتح بعضلات الرجولة المفتولة ولا بنعومة الأنوثة الطاغية ، بل بالموهبة الجيدة الخلاقة وهي ليست حكراً على الصوت الأجش الخشن ولا على الصوت الأغن الناعم، وهذا لا يعني نفياً لخصوصية المرأة وإلغاء لها مقابل الرجل، فهي موجودة عند الإثنين كل ما يتلاءم مع طبيعته الخلقية! ولكنها تنعدم وتنتحي على صعيد الكتابة الإبداعية فمثلاً قد نجد شعر عمر بن أبي ربيعه يحمل من الجينات الأنثوية أكثر من شعر الخنساء وأن شعر نازك الملائكة يحوي من الجينات الذكرية أكثر من شعر نزار قباني، والكثير من القراء لم يعرفوا ان الشاعر الراحل أمل دنقل هو رجل مع أنهم قرأوا بعض أشعاره وفي الاعتقاد أن جنسوية المبدع تلتقي في عبثيتها مع موضوع المفاضلة بين القصيدة العمودية وقصيدة التفعيلية وقصيدة النثر ويتساوى في عقمه مع موضوع صاحب الأسبقية في اختراع الشعر الحر، ومن الطريف أن الصراع في هذه المسألة انحصر بين الشاعرين بدر شاكر السياب و نازك الملائكة ليؤكد خواء الجنسوية ويجسد تساوي القدرة الإبداعية لأن المتلقي لا يهمه ذكورة أو أنوثه المبدع قدر اهتمامه بالإبداع.

وبالعودة لشاعرتنا الراحلة فدوى طوقان نجد أن بينها وبين الخنساء كم هائل من الشاعرات والمبدعات ولكن قمة الهرم الإبداعي كانت عصية على متوالية الأسماء التي لا تنتهي، ولا أبالغ إن قلت أن الخنساء لم تترجل عن هذه القمة إلا بعد تأكدها من حضور فدوى وصعودها الإبداعي الموازي. وهل من قبيل الصدفة أن فدوى كانت في الواقع من سكان القمة في جبل جرزيم وتجاور قمة اخرى في جبل عيبال!!
للمجاز فعله الرومانسي الحالم، وله أيضاً فعله الواقعي، ليس غريباً أن تتشابه الخنساء وفدوى، فالأولى أشتهرت بمراثيها لأخيها صخر، وفدوى اشتهرت بمراثيها لأخيها الشاعر إبراهيم طوقان ، وقد عاشت الشاعرتان تتحولاً مفصلياً في الحالة الإبداعية تمثل في انتقال من مكان لمكان يختلف فيها الخطاب الشعري. إن الخنساء وصلت لينبوعها الجديد عبر جسر مشرع على أبواب العالم السبع، وفدوى وصلت لينبوعها عبر جسر الهزيمة والتحدي . وبعد بزوغ فجر الإنسان أصبحت الخنساء شاعرة جديدة، تحمل قضية حضارية فوق أعمدة الشعر، وبمعادل ضدي فعلت فدوى، حيث أصبحت شاعرة من نوع آخر، وذلك بعد هزيمة حزيران عام 1967م وتحديداً حين اكتملت فلسطين التاريخية احتلالاً وأعني لحظة اللقاء التاريخي الحميم مع الشعراء محمود درويش، وسميح القاسم، وتوفيق زياد، وعلى صعيد الوطن العربي، لقد ظهرت شاعرات كثر في الوطن العربي، خاصة في القرن الماضي ولكن كم شاعرة بحجم ووزن فدوى حاولت أن تصعد على أمل أن تجد لها مكاناً في هذا الزحام المفرط في تدافعه والمقنن على صعيد حقيقة الوصول ! هناك شاعره وحيدة موازية في إبداعها . وهي الشاعرة نازك الملائكة ، ولكن بنظرة موضوعية لمسيرة حياة هذه الشاعرة نكتشف أن وصولها لمربع فدوى طوقان لم يأت عن طريق الإبداع الشعري فقط، ولكن شارك في وصولها أكاديميتها وتنظيرها للشعر، بمعنى أن شهرة نازك الملائكة مساهم ومشارك فيها من أطراف غير ابداعية على العكس من فدوى طوقان صاحبة التجربة الشعرية الخالصة والصاخبة من كل شوائب التنظير الأكاديمي، وشتان بين تجربة شعرية اعتمدت على فطرتها وانسيابية حركتها وتجربة مصنفة حسب مواصفات تفرضها النظريات القادمة من أمكنة متعددة لا تجاور البراءة الشعرية وعفوية الموهبة. ومن الغريب والعجيب أن القمتين الشعريتين العريقتين في هذه اللحظة تعيشان نفس المقارنة، وأعني محمود درويش الذي وصل القمة معتمداً على شعريته فقط بكل صفاتها ونقائها وأدونيس الذي يشارك في نفس القمة ولكن بالاعتماد على التنظير والنقد، بالإضافة إلى شعريته التي كثيراً ما تزور وتتجول في حدائق الشعر الفرنسية.






  رد مع اقتباس
/