عرض مشاركة واحدة
قديم 27-12-2010, 11:18 PM رقم المشاركة : 1
معلومات العضو
مريم اليوسف
عضوة أكاديمية الفينيق

تحمل أوسمة الأكاديميّة للابداع الأدبي والعطاء
السعودية
إحصائية العضو







آخر مواضيعي


مريم اليوسف غير متواجد حالياً


افتراضي ألويزيوس برتران

ألويزيوس برتران ( 1807- 1841) Aloysius Bertrand
3 قصائد نثر
لم ير كتابهُ الأول والأخير Le Gaspard de la nuit (غاسبار الليل) النورَ إلاّ بعد عام ونصف على وفاته. أشرف على إنجازه فكتور بافي ودافيد دانغر؛ صديقان وفيان لم يدركا أنّهما بتحقيق وصيته، يفتحان أفقاً لم يحلم به الشعر من قبل، وذلك رغم أن الكتاب فشل فشلاً ذريعاً على صعيد البيع وأُهمله النقّاد كلياً، إذ صرح فكتور بافي قائلاً: "يمثل هذا الكتاب أكبر كارثة في تاريخ المكتبات!" أمّا سيرته في قاموس المغمورين فلم تتجاوز السطرين. هكذا ظل اسم برتران منسياً حتى مجيء بودلير ومالارميه ليحظى بشرف المؤسس الأول لقصيدة النثر.
ينقسم "غاسبار الليل" إلى ستة أجزاء، يتضمن كلُّ جزء مجموعَ قطع نثرية. كلُّ قطعة مقسمة إلى أربع، أو إلى خمس أو سبع فقرات أو وحدات. وقد ترك برتراند تعليمات للمصمم بأن يترك بياضاً واسعاً بين الفقرة أو والحدة والأخرى وكأنَّ كل فقرة مقطع شعري، بل وكأنَّ النص النثري هذا شعر. وهنا تكمن أهمية هذا الشاعر في إعطاء النثر شكلاً شعرياً يدشن قطيعة مع النثر الشعري الذي كان سائداً آنذاك. ففي نثره، يؤلّف البياض وقفة صمت ناطقة كأن نشعر وكأننا وسط أشباح المقاصد، الاحتمالات والأفكار غير المُعبَّر عنها. ففي طِباق النص يتكون في ذهننا نص تحتاني غير مكتوب. وما أن نوحد المكتوب بحبر أسود والمفترض بحبر أبيض يبرز المعنى العام حقيقياً ومكملاً للنص. ولا ننسَ أن البياض (الفراغ بين المقاطع - الوحدات الشعرية) الذي كان برتران مهووساً به حتّى أنه ترك تعليمات إلى المطبعة، سيطوره مالارميه تطويراً راديكالياً في قصيدته الأخيرة: "رمية نرد" كأن يتوجب على القارئ أن يستقرئ كلّ جملة بنفسه مستضيئاً بالبياض ليُبصر الكل.
تجديدات ربما عفويّة وجمالية صرف لم يفطن صاحبها إلى انطوائها على بذرة تجديد ستغيّر مفهوم الشعر كلّه، خاصة عندما نلاحظ تصنّعه في عدد لا بأس به من النصوص وهوسه في خلق أجواء غرائبية. لكن عمله هذا يكشف عن أصالته في تقديم نص نثري ملموم ومؤطر في شكل لم يُعرف من قبل مادته موضوع مجاني عابر يتميز بتوتر خاص به وكثافة: لبنات أولى لقصيدة النثر في القرن العشرين.

الذهاب إلى سَمَر السَّحَرة

"أفاقت ليلاً، أشعلت شمعةً، فتحت علبة وتدهّنَت،
وما إن همهمت بضع كلمات
حتى نُقلت إلى اجتماع السحرة الليلي!"
جان بودان: هوس السحرة الشيطاني

كان هناك اثنا عشر يتناولون حساء ممزوجاً بالبيرة، ولدى كل واحد منهم عظمة ذراع ميت يستخدمها كملعقة.
كانت المدخنة تتقد جمراً، الشموع وسط الدخان أشبه بالفطر، ومن الصحون كانت تنبعث رائحة قبر في الربيع.
وعندما يضحك "ماريبا" أو يبكي، كان يُسمعُ له صوت يشبه أنين قوس كمانٍ مقطوعة أوتاره الثلاثة.
على أنّ جندياً منحطاً راح يبسط بطريقة شيطانيّة على الطاولة، تحت بصيص مصباح الوَدَك، كتابَ طلاسم سقطت فوقه ذبابةٌ مشوية.
كانت الذبابة هذه لا تزال تطنّ عندما خرج من بطنها الضخم والأزغب عنكبوتٌ تسلّقَ حوافيَ المجلد السحري.
إلاّ أن السحرة والساحرات كانوا قد طاروا سلفاً من خلال المدخنة، بعضهم امتطى المكنسة، والبعض الآخر الملاقطَ، أما "ماريبا" فامتطى مقبض المقلاة.


الغرفة الغوطية"في الليل، غرفتي تكتظ بالشياطين"
آباء الكنيسة

- "آه! – همستُ لليل – الأرضُ كأس عطرةٌ مدقّتها قمرٌ وأسديتها نجوم."
أغلقت،ُ والنعاس أثقل جفنيَّ، النافذة المُطعّمة بصليب الجلجلة، أَسودَ في الهالة الصفراء للوح الزجاج الملوّن.
كما، لو لم يكن سوى العفريت - في منتصف الليل، الوقت المُزيّن كشعارٍ بالتنين والشياطين ! – يَسكرُ بزيت مصباحي!
لو لم يكن سوى الحاضنة التي تهدهد بغناء رتيب، في ترس أبي، طفلا صغيراً وُلدَ ميتا.
لو لم يكن سوى الهيكل العظمي للجندي الألماني المرتزق المحبوس في خشب الحائط، يضرب بصدغه ومفرقه وركبته.
لو لم يكن سوى جَدّي ينزل بكل شخصه من إطار صورته الذي نخرته الديدان، ويبلل قُفّاز يده الواقي في جرن الماء المقدس.
لكن، كلا، إنه "سكاربو" الذي عضّني من عنقي، وحتى يكوي جرحي الدامي، غرس فيه إصبعه الحديد المحمّر في الأتون.




http://philosophie69.jeeran.com/riwe.../4/846952.html






  رد مع اقتباس
/