۩ أكاديمية الفينيق ۩ - عرض مشاركة واحدة - القدس - لا غير -العشيقه
عرض مشاركة واحدة
قديم 17-05-2017, 10:42 PM رقم المشاركة : 160
معلومات العضو
جهاد بدران
عضو أكاديمية الفينيق
تحمل أوسمة الأكاديمية للابداع والعطاء
تحمل صولجان القصة القصيرة أيار 2018
فائزة بالمركز الثاني
مسابقة الخاطرة 2020
فلسطين

الصورة الرمزية جهاد بدران

افتراضي رد: القدس - لا غير -العشيقه

القدس - لا غير -العشيقه
غربال......
روحي !
جحيمٌ أنتِ ، يا أفعى..
لن أحْفظَ الذِّكرى ،
و لنْ أرعَى..
و لنْ أبكِي عليكْ.
آمنتُ أنَّ الْودَّ منْ طبعٍ لديْكْ.
و لطالما صدَّقتُ أني قرَّةٌ في مقلتيْكْ.

الله الله الله
على هذا العشق المتين الذي يعلمنا كيف نحب ومن نحب ولماذا نحب..
لوحة طرزت حروفها بإتقان وبمهارة عالية..
استطاع الشاعر أن يغمس قلوبنا في شهد هذا العشق المختلف عن طبيعة البشر..عشق من نوع آخر يتناسل منه شهد الفداء في سبيل هذا المعشوق..
عشق ارتبط بأسمى المعاني..وحقق مرحلة من العبودية لله..إذ منح الشار لهذا العشق أن يكبر بحجمه نحو السماء..وأن يكون امتداده من الإيمان..فلا نقصان فيه ولا خسران..بل كلما ازداد فيه العشق ازداد النقاء وطربت الروح تغريداً بالثواب واتسعت أبواب التضحية لأجل عيونها ولأجل أقصاها ولأجل صخرتها النازفة...
لذا انبثقت ينابيع العشق من قدسيتها ومن مسرى الحبيب المصطفى وهو يربط بين الأرض والسماء بصلوات كانت هدية السماء لعباد الله لتبقى عيون القدس في القلوب تنمو وتكبر ..وما على العباد إلا أخذ العبر من معراجه في تلك البقعة الطاهرة... تلك هي رسالة القدس لعباده عن طريق العودة لنفحات ذلك المسرى العظيم والبحث عن عظمة ذلك الرباط الذي ربط به الله سبحانه بين المسجد الحرام والمسجد الأقصى ومسجده..ليكون توحدا للأمة عن طريق التوجه في العبادة لله سبحانه..لا تفريق ولا تمزيق في المذاهب ولا قتل بعضنا البعض تحت مسميات مختلفة للمعتقدات الدينية المختلفة..نحن أمة واحدة تجمعنا السماء..دين واحد لرب واحد..فالدين يجمعنا والكعبة تؤلف بين قلوبنا..والأقصى يوحدنا..فلماذا نبغي التمزيق والتفرق تحت بنود ثانوية نُجزّئ عبرها ديننا...
ومن خلال عنوان هذه الخريدة النقية التي طرّزت من خيوط الشمس..
( القدس - لا غير -العشيقه )
هنا الشاعر وضع القدس في أول لفظة له..ولم يضعها بعد العشيقة..لأنها تحمل قدسية متفردة تسبق أية عشيقة..ثم قال الشاعر بحنكته وذكائه..عبارة..لا غير.. فهو لا يساوم ولا يفكر بالمقارنة مع عشيقة أخرى ..ليقول لنا كم هي في القلب سكنت وسرت بحبها العروق وبالدماء..وكلمة..لا غير..تمنح قمة العشق اللا متناهي لأولى القبلتين ولا مساومة مع هذا العشق الذي ينمو بالإيمان وعمق العقيدة..
يرفض الشاعر لنفسه أية عشيقة..وهذا يدخلنا لباب التصوف وسبح الروح وصفائها وهي تنغمس بعشق أعظم بقاع الأرض وأطهرها..وهنا يأتي عملية التطهر من الدنيا ومن الشهوات والملذات التي يكون خلفيتها نساء الأرض..لكن مع عشق القدس يتخلص الجسد من فضلات حب دنيوي..لتتعلق الروح بحب ملائكي تتطهر الروح عبره من شوائب الشهوات..
هكذا كان النقاء يتقاطر عذوبة وشفافية من هذا العنوان الضخم...
ويكمل الشاعر لوحتة البارعة النسج..بقوله:

(روحي !
فإني أكرهُكْ،
و الْعينُ تبْغضُ كلَّ شيئٍ يشبهُكْ.
عفوا -نساءَ اْلأرض- وَ اعْذرنَ انْفعالي.
اَلْجرحُ غارَ ، و ضاقَ من صبري احْتمالي،
يا ليت لم تخْطُرْولا مرَّتْ ببالي
الحبُّ إيثارُ.
قلبان في رقصٍ ،
و أوتارٌ و أشعارُ.
مثلُ الصلاهْ،
الحب من فيض الإلهْ،
نورُ و أمطارُ.)

في هذه اللوحة استطاع الشاعر أن يرسم حدود العشق..ويفرق بين عشق وآخر من نوع لا يعرف لذته إلا من اغترف من كوثره وأحس بنسماته وملائكيته...
الشاعر يعتذر للنساء عن تفرده في العشق لقبلة السماء..للقدس الشريف..ليس ليثبت حبه لها ..لا أبداً ..لأن عشقه لها مفروغ منه ولا جدال عليه..لكن ليقدم لنا إنموذج بمثل هذا العشق الذي لا يوازي به النساء بعشقه..عشق من نوع آخر ..عشق لو تقدمت كل نساء الأرض بمفاتنها وزينتها لن تحتل قلب الشاعر كما هي القدس التي سرت في جسده مع الدماء...
بمعنى مهما عشق من النساء لن يكون كل عشقهم كعشق القدس الحبيبة...
لا مقارنة ولا تبديل ولا تغيير لمثل هذا الحب الذي يكبر مع العقيدة وشريعة السماء...
ليلخّص لنا الشاعر هذه المعاني بقوله..الحب إيثار..وهذا قمة الحب الخالص لله..متى يكون الحب إيثار ..حينما يترك الإنسان جسده في الأرض ويرتقي بروحه التي تسبح مع ذكر الله..حين يكون الخوف من الجليل والعمل بالتنزيل ..حين تعلو الروح شفافية العبودية التي تتجلى بين طبقات السماء..حين تحرّكنا نوافذ هدى وحب الله..حينها يكون الإيثار من وحي السماء لأجل الله تعالى ولأجل رضاه..وما أعذب تلك الروح التي تؤثر الحب في بقعة طاهرة مقدسة..هذه هي سبل التضحية والفداء..لأجل القربى من الله ورضاه..
ليقول لنا الشاعر:

(الحبُّ إيثارُ.
قلبان في رقصٍ ،
و أوتارٌ و أشعارُ.
مثلُ الصلاهْ،
الحب من فيض الإلهْ،
نورُ و أمطارُ.)

هذا هو معنى الإيثار حين يعتلي الروح حب الإله الذي يفيض نور ورحمة وهدى ومغفرة وخير...
الشاعر ربط بين معنى الحب الحقيقي والعشق..وبين العقيدة بحب الله..
ليقول لنا ..أننا لن نصل لذروة الحب الحقيقي إلا بعد أن نغمس الروح بحب الله ومقدساته والعمل بشريعته...

لينهي شاعرنا المبدع الفذ البارع في صياغة حرفه ونسج جماليته وفق تلك المعاني العميقة التي قدمها لتكون مائدة الشعراء وفاكهة الشعر...
ينهي بقوله:

(لي -أيُّها الشُّعراءُ- لو شئتمْ رجاءُ:
قولوا لها كل الحقيقه:
إنَّ الْحبيبَ مضى إلى حيثُ النَّقاءُ.
و الْقدسُ -لا غير -الْعشيقه...)

خاتمة مبهرة مذهلة وقفلة سكنت الروح بنقاء معانيها وجمال نظمها لتكون لغة موحدة مع عنوانها ولغة مشتركة في فحواها ودلالاتها التي تجتمع تحت كنفات القدس وبين أنامل العشق الحقيقي ..ليكون لنا موعظة نتدبر عبرها قدسية تلك الأرض التي يتاجرون بها مطامعهم وكراسيهم وإرضاء لكبارهم عمالقة الكفر من الغرب..ومن الرب أنفسهم..
ولأن الحبيب يمضي حيث النقاء والطهر سيكون للقدس الحظ الأول والأخير للعشق...
والخاتمة هذه كانت قمة الحب الذي سطّره الشاعر للقدس الحبيبة..
رسم لها عشقاً من نوع آخر كانت طريقة لإحياء مدرسة نور وحب يوجهنا عبرها نحو قبلة المسلمين الأولى..
ليقول لنا أن حبنا لها هو طريق تحريرها..وطريق النصر عن طريق التضحية بالروح والجسد .. ذلك الحب المتعلق بالله نزداد عبره نقاء وطهراً ولن يخذلنا الله في ذلك العشق المكلل بالطهر...
.....
الشاعر المبدع الراقي الكبير الفاضل القدير
أ.عبد الرشيد غربال..
ربما لعدم الإطالة في القراءة ..اختصرت في لوحتكم الفنية الراقية الكثير..لأننا كلما عدنا لقراءتها مرات نجد بين ظلالها تأويلات عدة
وتفتح أمامنا مدارك الخيال على أوسع أبوابها..
القصيدة تتمحور حول العقيدة وسبل الهداية والإيمان ليصل عبرها المرء لدرجات الحب الحقيقي..كما وتعلمنا معنى العشق الحقيقي للوطن وكيفية الدفاع عنه عن طريق التمسك بشريعة الله..
شكراً لما أمتعتنا به من جمال النسج وسحر النظم..
جزاكم الله كل الخير
وفقكم الله لنوره ورضاه

جهاد بدران
فلسطينية






  رد مع اقتباس
/