۩ أكاديمية الفينيق ۩ - عرض مشاركة واحدة - فروق لغوية في القرآن الكريم / مباركة بشير أحمد
عرض مشاركة واحدة
قديم 06-12-2017, 11:38 PM رقم المشاركة : 1
معلومات العضو
مباركة بشير أحمد
عضو أكاديميّة الفينيق
تحمل أوسمة الأكاديمية للابداع والعطاء
رابطة الفينيق / أوراس
الجزائر

الصورة الرمزية مباركة بشير أحمد

افتراضي فروق لغوية في القرآن الكريم / مباركة بشير أحمد

الفرق بين موتى وأموات


عندما نتدبر آيات الله عزوجل أكيد سنستنبط فرقا بين "موتى وأموات"
يقول الله عزوجل :"وَلَوْ أَنَّنَا نَزَّلْنَا إِلَيْهِمُ الْمَلآئِكَةَ وَكَلَّمَهُمُ الْمَوْتَى وَحَشَرْنَا عَلَيْهِمْ كُلَّ شَيْءٍ قُبُلاً مَّا كَانُواْ لِيُؤْمِنُواْ إِلاَّ أَن يَشَاء اللّهُ وَلَـكِنَّ أَكْثَرَهُمْ يَجْهَلُونَ"
..........
فالموتى جمع ميت يوصف به المخلوق الذي فارق الحياة ،من منظور جسدي يقرَُ به الواقع الملموس،على ظهر الأرض سواء جثة هامدة أو مخلَفات جسدية تشهد بها القبور .
ويشترك في هذا اللفظ الإنسان والأنعام وحتى المكان ،،،لقوله عزوجل :
"إِنَّمَا حَرَّمَ عَلَيْكُمُ الْمَيْتَةَ وَالدَّمَ وَلَحْمَ الْخِنزِيرِ"
"أَيُحِبُّ أَحَدُكُمْ أَن يَأْكُلَ لَحْمَ أَخِيهِ مَيْتًا فَكَرِهْتُمُوهُ"
وَالَّذِي نَزَّلَ مِنَ السَّمَاءِ مَاءً بِقَدَرٍ فَأَنشَرْنَا بِهِ بَلْدَةً مَّيْتًا ۚ كَذَٰلِكَ تُخْرَجُونَ "
أماَ "أموات" فالمقصود بها هو الإنسان في عالم ما قبل أوبعد الحياة في عالم مانسميه "العدم" أو " البرزخ" خارج نطاق التشكيلة الجسدية ،أي إذا ارتبطت المسألة بالنفس .
ويقول عزوجل : كَيْفَ تَكْفُرُونَ بِاللَّهِ وَكُنتُمْ أَمْوَاتاً فَأَحْيَاكُمْ ثُمَّ يُمِيتُكُمْ ثُمَّ يُحْيِيكُمْ ثُمَّ إِلَيْهِ تُرْجَعُونَ
يقول الله تعالى: وَالَّذِينَ يَدْعُونَ مِنْ دُونِ اللَّهِ لا يَخْلُقُونَ شَيْئاً وَهُمْ يُخْلَقُونَ * أَمْوَاتٌ غَيْرُ أَحْيَاءٍ وَمَا يَشْعُرُونَ أَيَّانَ يُبْعَثُونَ.
أي أن أولئك الذين يدعونهم لتلبية رغباتهم من مفارقين للحياة ظنا منهم أنهم أولياء لله صالحين ،في الحقيقة مجرد أناس انتقلت أنفسهم إلى عالم البرزخ لايشعرون بشيء البتة ،والتقرب إليهم ماهو إلاَ ضربا من ضلال .
ومما نستشفه أيضا من خلال تدبرنا للقرآن الكريم ،فإن كلمة أموات لم تُذكر إلا جمعا وينفرد بها الإنسان دونا عن سائر المخلوقات .

أماَ " ميَت" بالشدَة ،فهي تدلل على ماتحوي الأرض من "زروع وثمار"
أي ماليس فيه نفس تسري إنما حراكه يدلل على حياة وحسب.
لقوله عزوجل :" يُخْرِجُ الْحَيَّ مِنَ الْمَيِّتِ وَيُخْرِجُ الْمَيِّتَ مِنَ الْحَيِّ وَيُحْيِي الْأَرْضَ بَعْدَ مَوْتِهَا ۚ وَكَذَٰلِكَ تُخْرَجُونَ"
وإذا وُصف البلد بأنه ميَت فذلك دلالة على موت الأرض أي الزرع فيها أو "القحط" بصفة عامَة ،لقوله تعالى : وَاللَّهُ الَّذِي أَرْسَلَ الرِّيَاحَ فَتُثِيرُ سَحَابًا فَسُقْنَاهُ إِلَىٰ بَلَدٍ مَّيِّتٍ فَأَحْيَيْنَا بِهِ الْأَرْضَ بَعْدَ مَوْتِهَا ۚ كَذَٰلِكَ النُّشُور"
وإذا وُصفت البلدة بأنها "ميتا" ، فذلك دلالة على جمود بها إنساني و"حيواني" ،فلكأنها فقدت ما كان يسري بها من أنفاس،فشُبَهت بالمخلوق الميت الذي فقد نفسه، لمَا انعدمت فيها الكينونة البشرية ،،،وبطبيعة الحال ،بسبب موت الأرض ،وعليه نستخلص إذا الأرض ميَتة ،فبالضرورة ،البلدة ميتا.

يقول الله تعالى (وَنَزَّلْنَا مِنَ السَّمَاءِ مَاءً مُّبَارَكًا فَأَنبَتْنَا بِهِ جَنَّاتٍ وَحَبَّ الْحَصِيدِ (9) وَالنَّخْلَ بَاسِقَاتٍ لَّهَا طَلْعٌ نَّضِيدٌ (10) رِّزْقًا لِّلْعِبَادِ ۖ وَأَحْيَيْنَا بِهِ بَلْدَةً مَّيْتًا ۚ كَذَٰلِكَ الْخُرُوجُ)
وقد شُبَه الكافر بالميت لأنه ورغم ماحوله من أنوار الهداية ،فإنه لايشعر بها ،لايسمع ولايرى ،تماما كميت بين الناس له جسد ولكن نفسه في عالم العدم .
يقول الله تعالى : أَوَمَن كَانَ مَيْتًا فَأَحْيَيْنَاهُ وَجَعَلْنَا لَهُ نُورًا يَمْشِي بِهِ فِي النَّاسِ كَمَن مَّثَلُهُ فِي الظُّلُمَاتِ لَيْسَ بِخَارِجٍ مِّنْهَا ۚ كَذَٰلِكَ زُيِّنَ لِلْكَافِرِينَ مَا كَانُوا يَعْمَلُونَ )
ويقول الله عزوجل : إِنَّمَا يَسْتَجِيبُ الَّذِينَ يَسْمَعُونَ وَالْمَوْتَى يَبْعَثُهُمُ اللّهُ ثُمَّ إِلَيْهِ يُرْجَعُونَ)
وإذا يسأل سائل عن معنى قوله تعالى : أَلَمْ نَجْعَلِ الْأَرْضَ كِفَاتًا (25) أَحْيَاءً وَأَمْوَاتًا (26)
فتأويله أن الأرض هي بؤرة الجذب التي يرجع إليها أصل الإنسان سواء حياَ ماشيا على ظهرها أو مفارقا لها،في حياة برزخية وقد رجعت نفسه إلى ربَها وإن انعدم الجسد .
أماَ قوله تعالى لرسوله الكريم : إنك ميَت وإنهم ميَتون "
فلفظ "ميَت" هنا ليست صفة لموصوف وإنما خبر يدل على حتمية انقضاء الحياة الدنيا يوما للرسول عليه الصلاة والسلام ،وغيره .

خلاصة القول : نقول "موتى" أو "ميت" إذا تعلَق الأمر بالجسد ،و"أموات" إذا نشيرُ إلى النفس البشرية الراجعة إلى ربَها . "فالذين قُتلوا في سبيل الله وإن وجدت جثثهم على الأرض أي موتى ،إذا الحديث عن نفوسهم وحالها عند رجوعها لبارئها ،فهم "بين أموات" . يقول الله تعالى :
﴿ وَلَا تَحْسَبَنَّ الَّذِينَ قُتِلُوا فِي سَبِيلِ اللَّهِ أَمْوَاتًا بَلْ أَحْيَاءٌ عِنْدَ رَبِّهِمْ يُرْزَقُونَ ﴾
والله أعلم. يتبع.....






  رد مع اقتباس
/