الموضوع: من غير وجه
عرض مشاركة واحدة
قديم 28-10-2013, 11:46 AM رقم المشاركة : 14
معلومات العضو
فاطمة الزهراء العلوي
عضو أكاديميّة الفينيق
نورسة حرة
تحمل أوسمة الأكاديمية للعطاء والإبداع
عضو لجان تحكيم مسابقات الأكاديمية
المغرب
إحصائية العضو







آخر مواضيعي


فاطمة الزهراء العلوي غير متواجد حالياً


افتراضي رد: من غير وجه

أعود إلى لحظة إبداع أخدتني بالجملة وبالتفصيل الصغير


من غير وجه
قصة قصيرة جدا بامتياز
حين قرأتها تذكرت قولة لهوميروس :
{ لا أحب أن احكي من جديد مغامرات كثيرا ما رويت من قبل }

وحين نقرأ بعمق هذه الومضة تعتمدنا واجهة غير مألوفة
القفلة / البناء / والسرد / والتحكم في آألية هذا النوع الأدبي الصعب جدا
العنوان
فاتحة تنير وتضبب - إن صح التعبير - مسارات احتمالات المتلقي
قد يبدو العنوان كاشفا لكل الحكاية حين نصل القفلة..
لكن تخميناتنا كانت تجوب نواحي أخرى غيبها العنوان بفاتحته ، وهنا ذكاء القاصة حيث تتموه الطرق لنصل إلى ربوة النهاية

النص/ بنية
أول شيء :البناء السردي محكم جدا
اختزال وتكثيف عميق .. وقاموس قصصي حكائي ، موظف بتنقية جد عالية في البناء ، حيث العمارة شاهقة الدهشة ..

الفكرة :
حزين الوتر الذي يعزف النص
تبدأ الحكاية بالسؤال
وكل الحكايا في عرف الأدبيات التراثية بدأت وتبدأ بالسؤال
فـــــــــ الجواب جدلية تبسط مسارات الحوار عبر نافذتين أو أكثر ومن خلال هذه النوافذ تبدأ خيوط الضوء
نقرأ:
سألني وتوارى

نلاحظ قوة التوظيف الاختزالي في هذه الجملة السردية المكونة من فعلين الجملة الفعلية تخيط تفتح الحوار وتحيك في نفس الوقت
سألني ..مجموعة من الكلام المختبئ في السؤال ، سنتدرج فيها عبر الحدث المكوم في عمق القفلة.

{وتوارى }

حين نسأل نبقى لنسمع لنتحاور ، لنصد الفكرة بالفكرة ، أو لنشفي غليل السؤال
لكن هنا السائل يبدو للمتلقي غير مهتم فهو بمجرد السؤال اختفى ...{ توارى }
لم حدث الاختفاء مادام طرح السؤال؟؟
الناصة بذكاء تتيح الفرصة لاشتغال تخمينات المتلقي وتمنحه عبورا للمشاركة في فعل الكتابة
هذا ما تتطلبه الق ق ج في وشيجتها البنائية الاختزال والتكثيف
فالتكثيف فرصة لفاتحات كثيرة لمشاركة التلقي = القراءة

مفردة { توارى } مركزية البناء في القصة فعليه ستبنى باقي اللبنات انها المحرك الاساس للايقاع ايقاع العزف السردي
نقرأ:

**قلت نعم وبكيت **

الغموض الذي حدث في الجملة الأولى مستمر في الجملة الثانية بانسجام جميل جدا في تنامي خط السرد
قلت نعم = المحاورة مستمرة حتى مع اختفاء المحاور
و
بكيت = فهل البكاء ردا على فعل الاختفاء؟؟ ام ردا على ما جاء في السؤال ؟
الغموض في العملية الإبداعية ككل
الغموض { انفعال عميق } يصاحب الكتابة والقراءة معا ويؤسس لتوغل مساحتيهما في عملية الكتابة
{ إن الغموض في أحسن حالاته أية على عمق المعنى أو * فرط * المعنى }
بينما التغامض { في أحسن حالاته أية على فوضى المعنى وفي أسوا حالاته أية على اللامعنى }.

الغموض في مفردتي البكاء والجواب الايجابي { نعم }
نعم = تحكي كثيرا من التساؤل
فـــــــــــهل نعم تأكيد على ما جاء في السؤال ام نعم التي تحدث القطيعة مع السؤال بالنفي المثبت ؟
ربما..

فالجواب الذي يغلق كل التخمينات السابقة في السطر التالي ونقرا:

عبر دمي ..
هو لم يختف إذن خارج مساحة الأخر المحاور بل عبر دمه ، بمعنى من جوانيات الذات إلى جوانيات الذات ..
والسؤال محطة عبور ..
وتنفتح الجملة على هذين المحاورين البطلين : الراوي : وهو نفسه المتحدث
والمروي عنه الغائب = المتحدث عنه..
كلاهما يبدو واحدا
فلا يمكن للأخر أن يعبر دمنا إلا إذا كان فينا
ورمز الدم هنا صورته تحدث الكثير من الصوت من خلال اتجاهات الرؤية لها واتجاهات الدم دوما صعودا تتنامى ...لأنها حـِمل كبير ولأنها معقل الذات
يعبر الدم تتكوم في هذا الدم كبسلة القل الوجع والبكاء
فتحبل الشرايين وتسقط / تولد/ تـُنجب / أليافه وليدا دون وجه
لكن هذه الولادة = الطبيعية .. حيث الوجع مخاضه عسير عبر تنامي الحدث من خلال
بكاء / توارى / سؤال
عبور دم
عبور الدم اختراق له وكل اختراق وجع..والم...

هذه الولادة تسفر عن وليد تلتقطه أقمطة غير عادية ...إنها أقمطة الورق
ونعود إلى البداية لنسال ونتساءل
فمن هو المتحدث عنه في الحكاية؟
السؤال مفتوح..
والقراءة تتسع حدقتها ..
والقفلة تدهش وتترك الباب مفتوحا
الق ق ج خزانة لها باب واحد مفاتيح كثيرة
وكل من صنع هذه الخزانة بهذا العمق يكون قد أبحر بنا في عمق السيدة الق ق ج

قصة { من غير وجه } قصة لها دلالات عميقة وقصة ناجحة جدا لأنها تثير السؤال
مبدعتنا آمال هذه نافذة لنص له نوافذ كثيرة

تقديري






الزهراء الفيلالية
  رد مع اقتباس
/