عرض مشاركة واحدة
قديم 24-02-2012, 10:34 PM رقم المشاركة : 15
معلومات العضو
مريم اليوسف
عضوة أكاديمية الفينيق

تحمل أوسمة الأكاديميّة للابداع الأدبي والعطاء
السعودية
إحصائية العضو







آخر مواضيعي


مريم اليوسف غير متواجد حالياً


افتراضي رد: ألويزيوس برتران

"
15قصيد نثر

جاكوب

الأدب والشِعر

حدث هذا في ضواحي مدينة لوريان، كانت الشّمسُ مشرقةً، وكنّا نتنزّه، ناظرين في أيّام أيلول تلك، إلى البحر وهو يرتفع، يرتفع فيغطّي الغابات، المناظر، الأجراف. وسرعان ما لا يبقى لنا لصدّ البحر الأزرق سوى مساتل الغَلَل حيث يتعوَّجُ الماء في جرْيه بين الأشجار، فأخذت العوائل يقترب بعضها من بعض. كان ثمّة طفلٌ معنا مرتدياً بدلة بحريّة، كان حزيناً، أخذني من يدي، وقال لي: "كنتُ، يا سيّدي، في نابولي، أتعرف أنّ في نابولي الكثير من الشوارع الصغيرة، مما يمكنكَ أن تبقى وحيداً في الشوارع من دون أن يراك أحدٌ. وهذا لا يعني أنّ هناك كثيراً من النّاس في نابولي، إنّما الكثير من الشّوارع إلى درجةٍ أنّ لكلِّ شخص شارعاً واحداً". – "أيّة كذبة هذه يرويها لك الآن"، قال لي والد الطفل، "لم يكن أبداً في نابولي". ابنك شاعرٌ أيّها السيّد، وهو أمرٌ حسن، لكن لو كان أديباً للويتُ عنقَهُ. إنّ المساتِلَ التي تركها البحرُ ناشفةً جعلته يحلُم بشوارع نابولي.



حياتي

المدينة التي علينا أخذُها تقع في غرفة. غنيمة العدو ليست ثقيلة ولن يحملها معه لأنّه ليس في حاجة إلى نقود، إذ أنّ الأمرَ حكايةٌ مجرّد حكاية. للمدينة أسوارٌ مصنوعة من خشب مصبوغ: نقطّعه حتّى نلصقه على كتابنا. ثمّة فصلان أو قسمان. ذا هو ملكٌ أحمرُ ذو إكليل ذهبيّ يرتقي منشاراً: هذا الفصل الثاني، أمّا بصدد الفصل الأوّل فإنّي لم أعد أتذكّر.



شارع رافينيا

"لا ينزل الإنسان مرتين في النهر ذاته"، كما كان يقول الفيلسوف هيراقليطس. ومع هذا، فإن الأشخاص الذين يصعدون الشارع هم الأشخاص عينهم! يمرون في الساعة ذاتها، فرحين أو حزينين. يا عابري شارع رافينيا، أعطيت جميعكم أسماء موتى التاريخ! هذا أغاممنون! هذه السيدة هانسكا! عوليس لبّان! باتروكل عند أسفل الشارع، بينما فرعون قرب بيتي. كاستور وبولوكس سيدتان تسكنان الطابق الخامس. لكن أنت، يا عزيزي جامع الخرق، أنت الذي، في صباح خلاب، تأتي لرفع نفايات لا تزال حيّة، عندما أطفئ مصباحي الجيد الكبير، أنت الذي لا أعرفه، يا جامع الخرق المسكين والغامض، أنت، يا جامع الخرق، أعطيتك أنبل اسم وأشهر من علم، سميتك دوستويفسكي.



شحاذة نابولي

عندما عشت في نابولي، كان عند بوابة قصري، امرأة شحاذة كنت القي إليها بقطع نقدية قبل الدخول إلى مآربي. ذات يوم، مستغربا من أني لم أتلق أيّ شكر منها نظرت إلى المرأة الشحاذة. الآن، بعد أن نظرت، رأيت أن ما كنت اعتبره امرأة شحاذة، كان صندوقا خشبيا مصبوغا بلون اخضر، يحتوي على طين احمر وبضع موزات نصفها فاسد.




ليلة جهنمية

يسقط على كتفي، شيءٌ باردٌ بشكل فظيع. شيءٌ لزج يلتصق بعنقي. يصرخ صوت من السماء "وحش!" دون أن اعرف إذا كان يقصدني ويقصد عيوبي أو يرشدني إلى الكائن اللزج الملتصق بي.



نجاح الاعتراف

في الطريق المؤدي إلى ساحة السباق، كان هناك شحاذ لا يختلف عن خادم: "اشفقوا عليّ، يقول، انا ذميم، سألعب بالفلوس التي تعطوني إياها". هكذا اعترف بسرعة. حقق نجاحا كبيرا، وكان يستحقه.


الخراب الحقيقي
عندما كنت شاباً كنت اعتقد أن الجن والجنيات كانوا يعانون لإرشادي، ومهما كانت الشتائم التي تنهال علي، بقيت معتقدا أن شخصا ما كان يوحي للآخرين بكلمات غرضها لصالحي وخيري فحسب. أفادني يُعلِمني الواقع والكارثة اللذان جعلاني مغنّيا في هذه الساحة، أن الآلهة كانت دائما تتخلى عني. أيها الجن! أيتها الساحرات! أعيدوا إلي اليوم وهمي.


تناسخ

هنا ظلامٌ وصمتٌ! لبرك الدم شكلُ الغيم. زوجات القاتل ذي اللحية الزرقاء، السبْع، لم يعدن موجودات في خزانة الحائط. لم يبق منهن شيء سوى قبّعة الراهبات هذه المصنوعة من الشَّاش. لكن انظروا هنالك، هنالك، في المحيط، سبع سفن شراعية، سبع سفن شراعية حبالها تتدلّى من أشرعة الصواري في البحر مثل جدائل على أكتاف النساء. إنها تقترب، تقترب! إنّها هنا!



رواية شعبية

لم تبق سوى كلمة أو كلمتين وأنتهي. عليّ أن أجيب قاضي التحقيق عوضاً عن صديقي. أين المفاتيح؟ إنها ليست في المشجب. عفوك يا حضرة القاضي، يجب أن أعثر على المفاتيح. هاهي، وجدتها! ياله من وضع بالنسبة للقاضي! بصفته عاشقاً أخت الزوجة، كان مستعداً للتخلي عن أخذ القضية على عاتقه، لكنها جاءت تترجاه أن يصدر حكماً بابطال المحاكمة، وهي ستكون له. في العمق، القاضي جد منزعج من هذه القضية. فهو يتوقف عند التفاصيل: لماذا كل هذه الرسوم؟ أخذُ درساً حقيقياً في علم الجمال. ففنان حوله كثير من الأعمال يبحث عن أشكال. يحل المساء؛ القاضي لا يفهم، يتكلم عن تزويرات. أصدقاء يصلون. زوجة المتَّهم تقترح على الجميع نزهة بالسيارة، يقبل القاضي على أملِ أنْ يعرفَ المتَّهمُ كيف يهرب.


الحرب

في الليل، الشّوارع الخارجية مغمورة بالثلج؛ قطّاع الطرق جنود؛ يهاجمونني بالضحكات والخناجر، ينهبونني: أنجو لكي أسقط ثانيةً في مربّع آخر. أهو فناءُ ثكنةٍ أم حوشُ نزلٍ؟ مجرّد خناجر! مجرّد رمّاحين! الثلج يتساقط! أُنخَزَ بمزرقٍ: إنّه سُم لقتلى؛ رأسُ هيكلٍ محجب ببرقع الحداد يعضّ إصبعي. مصابيح غير مُحددة تُسقِطُ على الثلج نورَ موتي.



صمتٌ في الطبيعة

عندما نذهب، كلبي وأنا، بين التلال المشجّرة لصيد الطيور، كان راتو يتسلّى برسم ثمانية إزاء خطواتي، وكلّما أسرعتُ ازدادت متعتُه، وكم طار فرحاً، ما إن ركضتُ. إنه كلب أوكار، كانت له بقعة سوداء على أذنه اليسرى، وأخرى على الذيل.



معجزات حقيقية

القس الطاعن في السن، بعد أن رحل عنّا، رأيناه يطير فوق البحيرة وكأنّه خفاش الليل. كان غارقاً في أفكاره حتّى أنّه لم يلاحظ أنَ هذا الطيران معجزةٌ. حاشيةُ مُسوحه تبلَّلت، وكلُّهُ عَجَبٌ.



لغز السّماء
عند عودتي من الرقص، جلستُ إلى النافذة، ورحت أتأمّل السماءَ: خُيّلَ لي أنّ الغيوم كانت رؤوساً ضخمة لمسنّين جالسين حول مائدة وقُدّم لهم طيرٌ أبيض متحلّ بريشه. نهرٌ طويلٌ عَبَر السّماء. خفضَ أحدُّ المسنّين نظرهُ صوبي، بل إنه راح يكلّمني، عندما انقشعت الروعةُ، تاركةً النجومَ الصافية تتلألأ.



المفتاح

عندما عاد سيّد فرامبوازي من الحرب، عنّفته زوجته، فردّ عليها: "هاكِ، يا سيّدتي، مفتاح كلّ ما أملك، فأنا ذاهب إلى الأبد". وبسبب نعومتها، أسقطته على بلاطة المعبد. ثمّة راهبةٌ، في زاوية، كانت تصلّي لفقدانها مفتاح الدير، ولم يعد في قدرتها الدخول. "فلنر إن كان هذا القفل يلائمه هذا المفتاح". لكن المفتاح لم يعد هناك. إذ هو، الآنَ كتحفة في متحف "كلوني". كان مفتاحاً جسيماً أشبه بجذع الشجر.



تدنٍّ عالٍ

المنطاد يرتفع، إنّه لامعٌ ويحمل نقطةً أكثر لمعاناً. ما مِن شيء يمنعه من الارتفاع! لا الشمس المائلة التي تُلقي وميضاً مثل وحش شرّير يُلقي سحراً، ولا صراخ الجموع، كلا! فهو والسماء ليسا سوى نفْس واحدة: السماء لا تفتح نفسَها إلاّ له. لكن، حذاركَ أيّها المنطاد، حذارك! أيّها المنطاد التعيس، في قبّتك الاسطوانيّة ثمّة ظلال تتحرّك! المنطاديون سكارى.


http://www.elaph.com/ElaphFiles/2004/9/11439.htm
"






  رد مع اقتباس
/