الموضوع: تمشي على الماء
عرض مشاركة واحدة
قديم 15-08-2021, 04:40 PM رقم المشاركة : 9
معلومات العضو
جهاد بدران
عضو أكاديمية الفينيق
تحمل أوسمة الأكاديمية للابداع والعطاء
تحمل صولجان القصة القصيرة أيار 2018
فائزة بالمركز الثاني
مسابقة الخاطرة 2020
فلسطين

الصورة الرمزية جهاد بدران

إحصائية العضو








آخر مواضيعي


جهاد بدران متواجد حالياً


افتراضي رد: تمشي على الماء

اقتباس:
المشاركة الأصلية كتبت بواسطة احمد المعطي مشاهدة المشاركة
تمشي على الماء.. في أثوابها قمَرُ
.........................والماءُ يبدو كما المرآة تنكَسرُ
تحتلُّ صفحَتَه أجزاءُ صورَتها
.....................كالبرْق تومضُ فالأضواءُ تندَحرُ
الموْجُ يرْقصُ مهْووسا بمشيَتها
.......................يرْتدُّ "زغللةً" من رقْصه النظرُ
تهدي إليكَ مِن العيْنين معجزةً
.......................فيقفزُ القلْبُ والألوانُ تنْهَمرُ
في الغيم قطْرٌ كأن اللونَ في فمِه
.....................أنشودةٌ قوْسُها يغفو به المَطَرُ
القوْسُ في الأفق والألْوانُ زاهيَةٌ
..................والماءُ في القَوْس باللألاء يفتخرُ
****
الماءُ يهْمسُ مبْهورا بهالَتها
................فالموْجُ في الأسْر والشطّآن تنتَظرُ
لا مَدَّ يزْحَفُ لا جَزْرٌ وقدْ وقَفتْ
.......................يرْنو لَها البحرُ رقراقاً وينْحَسرُ
عن لوْحة رُسمتْ والقلْبُ ريشتها
................فالعيْنُ ترْسمُ، عيْنُ القلبُ تنتصرُ
في اللوْن واقفةٌ والنّورُ حارسُها
.......................يجثو على قَدَميْها ثم ينتَشرُ
النورُ والماءُ فالأمْواج زفَّتُها
...................وهَوْدَجُ الوَهْج كالإكليل يُبتَكَرُ
عرْسٌ، وفي العرْس أضواءٌ لَها ألَقٌ
........................يمدُّهُ ألَقٌ فالضوءُ مُحتَكرُ
****
يرْنو لها الماءُ، ماءُ العين منْحدراً
.................فالعينُ مبْصرَةٌ أزْرى بها البَصَرُ
تمشي وَهالتُها في المَدّ مبحرة
..............والنّور يُغْمضُ حينَ الجزْرُ يَنْكَدرُ
لا وَجْهَ يشبهُها فالماءُ يسكنُها
..........................والنّارُ والنّورُ والآلاءُ والدُّرَرُ
أيقونَةٌ رُسِمتْ في القلب آيتُها
....................والقلبُ دارٌ بهذا الرَّسْم تفتَخرُ
أوّاه من قدَر يلهو بفاتنةٍ
...............تمشي على الماء لا سحْرٌ ولا قدَرُ
تزْهو بكوْكَبها الدُّريّ مؤتلقاً
..............بالزّيْت يُسرَجُ من مصباحِه العُمُرُ

٢٠١٤
وتنحني حروف اللغة كلها أمام هذا الجمال الفاتن، وهذه الصور المبتكرة ذات السحر والدلال،
لمجرد عنوانها /تمشي على الماء/ تدل على سحر الجمال وهي تتهادى بدلال وعزة وثقة فوق الماء كناية عن سحرها وجمالها الذي جعل الماء على هوى مشيتها يتراقص ويحنو لقامته، وكأنه امتزج بدلالها وأناقتها ليكون لها هودجًا يحملها بين مواجه كذراعين يتوسطها خفتها وهي في وقار وهدوء...
هذه اللوحة لا تشبهها سحر ولا جمال، بل فاقت الجمال منازل علوّا في أفق السماء، دليل رتبة. منزلة الشاعر في تصوير صورة خيالية استحضرها من فكره العميق كي يرسم ذلك الخيال ببعادخا المختلفة، وكأنه يرسمها بريشة ألوان مختلفة تعلو منازلها الجمال والسحر..
الشاعر هنا امتلك قدرة عالية جدا جدا في استقطاب المتلقي لذائقته الفذة ليعيش اللوحة بصورتها الحقيقية وهو يرسم للحروف أبعادها، وللسطور منازلها، كي يروي عطش الحناجر وهي تنطق باسم الجمال رايات الذوق الرفيع، فمن أول العنوان وحتى الخاتمة استطاع المحافظة على مراتب الدقة في الأوصاف، من تجديد الصور الحية التي لفتت ذائقة المتلقي كي تنقش الانبهار ببلاغة اللغة وفصاحة اللسان، وحتى الإيحاءات البارعة في التعبير عن عواطفه وخياله كانت عملية تبادل بين الكلمة وما ترمز إليه، وما استحضره من استعارات جميلة وتشابيه بارعة دلّت على قدرة الشاعر في توظيف الكلمة على هيأة صور شعرية لتجميل الشعر من رقة وجمال وصدق والتي تعدّ عنصرًا من عناصر الإبداع في الشعر التي تمثّل فكره وخياله ومشاعره لتحقق المتعة لدى المتلقي..فهذا يعتبر تلاعبًا بجمل وكلمات وأساليب لغوية ليوفّر بها قدرة عالية ترمي إلى دهشة المتلقي، عدا عن التنغيم الموسيقي من خلال حرف الرويّ الراء، الذي أعلن عن الرقة وجمال صوته الذي ينساب في الروح فيطربها.. مما يدل على الوعي اللغوي بقيمة التراكيب البنائية للكلمة في صور مفردات حية، بحيث نجده بقدرته على سيطرته على اللغة سيطرة شديدة لآخر كلمة في القصيدة، بحيث استطاع تحريك المفردات وفق الحس الداخلي والخارجي بترابط مثير للدهشة وإتقان منقطع النظير لتوسيع بؤرة المعنى الإشاري، الذي أدى إلى تفاعل الإحساس الداخلي مع عناصر النص ومع المفردات التي احتوتها المعاني...
إن الملفت للنظر في هذه اللوحة الفريدة، أن الشاعر كان رسامًا محترفًا لكل الصور البارعة، بحيث قدّم لكل صورة بلونها الخاص المبهر بتجسيد متقن مع خياله الذي حلّق بنا نحو تحريك الصور لتصبح حقيقة ظاهرة لمسناها من خلال قدرته في توظيف كل حرف في مكانه الدقيق ، ليكون مصور حسي يتقن تصوير الصورة كحقيقة مجسدة أمام المتلقي، وهذا هو سر جمال هذه اللوحة المذهلة، كأنه في عالم خيالي تأملي، يرسم واقعًا مشهودًا فيه من التشويق والإثارة ما تعجز عنه الصورة الحقيقية نطقها..وهذا هو انعكاس تام لقدرة الشاعر في توظيف حرفه ليكون مجسدًا ناطقًا للواقع عن طريق تلك الموسيقى وتكرار الحروف الرنانة التي أضفت للآذان طربًا مختلفًا ألوانه...

شاعرنا الكبير والفنان المحترف برسم الكلمات بصورة حقيقية
أ.أحمد المعطي
صورتم لنا لوحة بارعة النسيج والرسم، بحيث تقفون كالرسام بريشتكم البارعة بكل ألوانها، لتكون خريدة مذهلة مزركشة بالسحر والبيان..
رعاكم الله ووفقكم
.
.
.
جهاد بدران
فلسطينية






  رد مع اقتباس
/