(2)
الإیقاع الداخلي في المستوی اللفظی والتركیبی والسیاقی
فى تعريف أبو حيان التوحيدى للشعر بقول :
أحسن الكلام ما رق لفظه ، ولطف معناه وتلألأ رونقه ،
وقامت صورته بين نظم كأنه نثر ، ونثر كأنه نظم ،
يطمع مشهوده بالسمع ، ويمتنع مقصوده على الطبع ،
حتى إذا رامه مريغ حّلق ، وإذا حّلق أسفَّ ،
أعني يبعد على المحاول بعنف ويقرب من المتناول بلطف .
واللغة وحدة واحدة ما يمنحها تميزها في الشعر جملة التكامل ،
وحسن الاختيار للوحدات المكونة
والتي بتراكبها وتناقضها وخصوصيتها أحياناً في التنوع والانتقاء ، تعطي وحدة واحدة خاصة ،
وتكتسب هذه الأجزاء و التراكيب رونقاً روحياً
عبر التجربة النفسية الإنسانية للمبدع
في ظل إيقاع داخلي وخارجي .
وإلى جانب الإيقاع الوزني العروضي ،يعتبرالانسجام بين الوحدات اللغوية ضرورة ،
فاللغة عبر تشكيلها الصوتي تُمّثل أهم أسس العلاقات التركيبية في تشكيل الشعر .
أولاً:- الإيقاع الداخلي للحروف
إن اللغة لا تعدو كونها الحروف التي تؤلف الكلمات ،
والجمل يؤلفها تجاورالكلمات ، وعلاقات تركيبية تحقق الانسجام في المعنى
لإيصال الفهم،
بهدف خلق التواصل والتبادل بين المبدع والمتلقي .
الحرف المجرد لايعبر عن شيء ، وليس له قيمة موسيقية بمفرده ،
وإنما يكتسب خصائصه الإيقاعية نتيجة ارتباطه بالكلمة داخل البنية الشعرية ،
وقد تتغير قيمته الصوتية تبعاً لاختلاف موقعه من كلمة لأخرى .
و صفات الحروف هى :
الصفات القوية:
الجهر / الشدة / الاطباق/ الاستعلاء/ الصفير/ القلقلة/ الانحراف
التكرير/ التفشى/ الاستطالة/ الاصمات
الصفات الضعيفة:
الهمس / الرخاوة / اللين/ الاستفال/ الانفتاح /الاذلاق / الخفاء
و تنقسم الحروف الى :
-1 الحروف الأقوى:
وهى الحروف التى كل صفاتها قوية أو بها صفة واحدة فقط ضعيفة
" ض/ط/ظ"
2 - الحروف القوية:
هى الحروف التى صفاتها القوية أكثر من صفاتها الضعيفة
" أ/ج/د/غ/ص/ق"
3-الحروف المتوسطة:
هى التى تتساوى فيها صفاتها القوية والضعيفة
4 - حروف ضعيفة:
صفاتها الضعيفة أكثر من صفاتها القوية "
5 -الحروف الأضعف:
وهى الحروف التى كل صفاتها ضعيفة أو بها صفة واحدة قوية
" ف/ح/ث/ه/م/ن"
علامات الاعراب حسب قوتها الصوتية : الضم الفتح الكسر السكون
ثانيا - الإيقاع الداخلي للألفاظ
اللفظ أصغر وحدة موسيقية لها معنى و لكل لفظ معنى معلوم و أخر ايحائى
و موسيقى خاصة و لا يمكن ان يتطابق لفظان فى المعنى و الموسيقى .
للألفاظ دور هام في التعبير اللغوي ، وهى قابلة للمزاوجة والمقابلة والتكرار والاشتقاق والترادف ،
وكل هذه الأمور وثيقة الصلة بموسيقى اللفظ ،
ويعد الجناس بأنواعه و الطباق و المقابلة من أكثر الألوان موسيقية .
إن عملية اختيار المفردات تخضع لمؤثرات استبدالية جمالية ،
بها تبرز اللفظة المنتقاة لكي تشارك في المحور السياقي من خلال علاقات التجاور
والألفاظ غاية ووسيلة فهى وسيلة للوصول إلى الدلالة ،
وغاية لأهميتها في كونها تحمل اللغة الشعرية المكثفة ، كما تحمل الإيقاع
ولها الدور الرئيس في تكوين موسيقية اللغة الشعرية داخلياً وخارجياً .
ثالثاً: إيقاعية الجمل والعبارات
إن القيمة الحقيقية الموسيقية ، تنبع من تآلف مجموع الألفاظ في جمل متناسقة التراكيب ،
متسقة الأوزان والتقطيعات الصوتية ،
وهو ما يسمى موسيقى العبارة .
والعلاقات التي تنتج عن هذه التراكيب هي اللغة الشعرية ،
و إذا كان الشكل يتمثل بمجموع العلاقات ،
فإن ذلك يعنى بكل بساطة أن اللغة الشعرية تتأتي من عملية التركيب وترتيب الكلام واستخدامه