عرض مشاركة واحدة
قديم 24-11-2018, 09:28 PM رقم المشاركة : 9
معلومات العضو
عادل عبد القادر
عضو أكاديمية الفينيق
عضو تجمع أدباء الرسالة
يحمل أوسمة الاكاديمية للابداع والعطاء
عضو لجنة تحكيم
مسابقة شاعر/ شاعرة الوهج 2011
مصر

الصورة الرمزية عادل عبد القادر

إحصائية العضو








آخر مواضيعي


عادل عبد القادر غير متواجد حالياً


افتراضي رد: البنية الايقاعية لمختارات فينيقية





ليس لكونه عميد الأكاديمية
و له ما له من مجهودات مذهلة فى خدمة العمل الأدبى
و لا بموجب صداقتنا الممتدة منذ 2006 فحسب
بل لكونه بالفعل شاعراً مهماً أخترت دون تردد البدء به

زياد السعودى / ظَلَّ البحرُ وفياً

إن لم يكن العنوان مفتاحاً للنص
فهوعلى الأقل يؤهلنى نفسياً
للدخول الى النص
العنوان يبدأ بالفعل الماضى ظل
و هو يفيد الاستمرارية
و يتعرض لقضية الوفاء
و بما أن النص ضمن نصوص مقدسية
فإذن الكلام سيكون عن القضية
و من صمدوا و من خانوا
و البحر هنا قد يأتى بمعناه اللفظى ( التجريدى )
أو الإيحائى ( الرمزى )
على كلّ لندخل الى النص و ننقب فى بنيته الايقاعية :

ظَلَّ البحرُ وفياً

للبحرِ ذاكرةُ الجهاتِ
وقدْ تباكى في مَداها البُرتقالُ
وفي دموعِ البرتقالِ
عيونُ يافا
تَذْرِفُ الحَسْراتِ جَمْراً مِن سَقَرْ ...


( من المطلع
ظهر جلياً أن البحر الشعرى هو الكامل
و فيه يراوح الشاعر بين متفاعلن و مستفعلن
و فيه ترديد صوتى لكلمة البرتقال
و لأن فلسطين تتميز بزراعة الموالح
حتى غدا البرتقال أحد الرموز الدالة
فقد ألح الشاعر هنا على تكرار الرمز
و جعل له البكاء و الدموع
مما يفيد حالة التحسر و الاسف لديه
أغلب الحروف متوسطة أو ضعيفة ( رقيقة )
مما يدعم حالة التحسر و الاسف
الفقرة كلها سطر شعرى واحد
لذا فالتضمين و التدوير حاضران بقوة
مما يكسب الفقرة البعد النفسى و الاتساع الدلالى
مع الحفاظ على الايقاع الحزين
المتولد من الحالة الشعورية .
و اختتم الشاعر الفقرة بالسكون
ليعلن توقف اللحن
تاركاً لنا ضمن التشكيل الكتابى ثلاث نقاط
تدعم التوقف و تفسح المجال للتاويل و التفكير
و ربما التقاط الانفاس
فقط أشير هنا للفعل تباكى
و هو بمعنى ادعى البكاء مما يخالف السياق )

المسرحُ العبريُّ (1)
قد فتحَ الستارَةَ
كي يصفق مَنْ حَضَرْ ...
أحزانُ يافا
لم تكن مدعوةً
كانت تشيِّعُ حينها
زمناً توقَّفَ واحْتضَرْ...


( هنا استمر الايقاع
محافظا على نفس الدرجة المنخفضة
الدالة على الاسف و الفقد
من خلال استعمال الاحرف المتوسطة
و الضعيفة ( الرقيقة )
و أبرز الشاعر هنا القافية
و هى الراء الساكنة
لمنع الرتابة و هى قافية مقيدة ( ساكنة الاخر )
حافظت على درجة الايقاع
و أقل من التدوير و التضمين
و استعاض عن هذا بايقاعية الجملة الفعلية
و ديناميكيتها و التراتب الناتج بفعل الحكى
الامر الذى يجعلنى مطمئنا
على سلامة الايقاع و دوره الفاعل فى النص )

حُزْنُ المشاهِدِ
ليسَ مفتوحاً على التأويلِ فهْوَ
مشابهٌ لألفِ موتٍ يَعْرُبيٍّ
قَدْ تَفَشّى وانتَشَرْ ...
والعائدونَ
تفجَّرَت كَلماتهم حِمَماً
تلظَّتْ في براكينِ الخُطَبْ
وتشَردَقَت بهم لحونْ
إن ( اليتامـى .. مِن يتامى يولـدونْ )
لله دَرُّكَ يا مَطَرْ (2) ..
وها عروسُ الساحلِ الباكي
تؤجلُ عرسَها
كي تعلنَ الأسى على
من فاتَها وهَجَرْ ..
أيوبُ ضاق الصدرُ(3)
شُلَّ الصبرُ
في ارواحنا
والحلمُ أسقيناهُ عجزاً
فانتحر..


هنا ارتفعت و تيرة الايقاع
بوصول الاسف و الندم و المأساة للذروة
فظهرت الاحرف القوية مثل ظ ط أ ؤ ق ج د
و القافية الداخلية عرسها / فاتها
و كذلك صدر / صبر و لحون / يولدون
و لان عروس الساحل لم تكمل فرحتها
فقد جاءت القافية المصاحبة ايضا غير مكتملة
و هجرْ متفا فقط
و ربما تكتمل التفعيلة حين يكتمل العرس
هذا ما توثق بالايقاع
من هنا اتفق الايقاع و الحالة النفسية تمام الاتفاق
و حافظ على وقار النص
و ما استمده من التاريخ
و ظل ناقلا أميناً للحالة النفسية
و أخال تشردق ليست كلمة فصيحة ربما هى دارجة
كما ان الايقاع اختل فى :
مشابهٌ لألفِ و كذلك فى كي تعلنَ الأسى )

البحرُ ما خانَ العهود وما جفا
في المدِّ يغسلُ جرح يوبا (4)
البحرُ ما خانَ العهود وما جفا
في الجزرِ يمسحُ دَمْعَها
البحرُ ما خانَ العهود
وما انْحَسَرْ ..
إن النصاب قَدِ اكتملْ
فلنقترب كي نَـنْتحِبْ
فالويل بات مقدرا
وكُلُّ ما عداه
فرَّ واندثر ...


( و مع الخاتمة
أضيف الى الايقاع الامتدادات الصوتية
و تكررت فى كلمة جفا و يوبا و دمعها و مقدرا
فكانت الخاتمة أشبه بنداء الى العالم
باعلان وفاء البحر
بجانب التضاد فى المد و الجزر
و الجناس فى تقترب / تنتحب
و تأصيل للقافية الداخلية
عرسها / فاتها / دمعها
ثم كان بيت القصيد أو البؤرة المركزية للنص
البحرُ ما خانَ العهود وما جفا
الذى تردد 3 مرات
للتأكيد على الوفاء و لوعة الأسى
و هو مقطع مكون من 22 صوت
شغلوا كل مخارج الالفاظ عدا
الأسلية و اللثوية و اللهوية
أى 7 مخارج من ال 10 المعروفة
دليل على ثراء الايقاع
و من حيث الجهر و الهمس
9 مجهورة و 4 مهموسة
و من حيث الشدة و الرخاوة
4 شدة و 4 رخوة
مما يحافظ على وتيرة الايقاع
و مطابقته لحالة الحزن و الفقد )

الخلاصة : الايقاع ليس هو الوزن الشعرى و القافية فقط
الوزن جملة موسيقية ثابتة
مهما اختلفت الحالة النفسية للكاتب
عكس الايقاع ( أعنى الداخلى )
الذى يعلو و يهبط و يتقد و يخمد و يتسارع و يصمت
الايقاع هو ذلك السحر الكامن وراء الكلمات
لا تراه العين و لكن تحسه نفس المتلقى
و قد نجح الايقاع فى تكوين دلالات خاصة فى النص
و جاء صادقا مع الحالة
النفسية و الشعورية و مدعما لهما
كشاهد اخر على صدق الموهبة.و التجربة






  رد مع اقتباس
/