۩ أكاديمية الفينيق ۩ - عرض مشاركة واحدة - الأثر النفسي لمنهج التفكيكية في شعر ما بعد الحداثة /ثناء حاج صالح
عرض مشاركة واحدة
قديم 09-07-2019, 02:09 AM رقم المشاركة : 5
معلومات العضو
طارق المأمون محمد
فريق العمل
يحمل أوسمة الأكاديمية للابداع والعطاء
السودان

الصورة الرمزية طارق المأمون محمد

إحصائية العضو








آخر مواضيعي

طارق المأمون محمد متواجد حالياً


افتراضي رد: الأثر النفسي لمنهج التفكيكية في شعر ما بعد الحداثة /ثناء حاج صالح

اقتباس:
المشاركة الأصلية كتبت بواسطة ثناء حاج صالح مشاهدة المشاركة
مقدمة

ظهرت فلسفة (ما بعد الحداثة) في العالم الغربي بعد انتهاء الحرب العالمية الثانية، مع ظهور مسرح اللامعقول، وظهور الفلسفات العدمية واللاعقلانية واللاشعورية كالعبثية والسريالية والوجودية.
وقد مثلت (التفكيكية) نقطة الانعطاف التاريخية، التي حصل فيها الانقلاب الكامل على فلسفة الحداثة، للتحول إلى الفلسفة المضادة في مرحلة ما بعد الحداثة والتي حملت رايتها عند العرب قصيدة النثر .
لقد حدث هذا الانقلاب في المرحلة التي بدأت فيها قصيدة التفعيلة في ما سمي بالشعر (الحر ) بالاستقرار والرسوخ في الذائقة العربية ، لكن على الرغم مما وفرته هذه القصيدة من حريات الكتابة من حيث الشكل الإيقاعي والمضمون، فإنه لم يغن عن المطالبة بالمزيد من الحرية . تلك الحرية التي انقلبت إلى انفلات معنوي فلسفي خطير، لم يشهد له الشعر العربي مثيلا قبل أن يشهد عصر قصيدة النثر في مرحلة ما بعد الحداثة .
ويسعى هذا المقال للتنبيه إلى تجارب الأزمات النفسية العديدة المحتملة ، التي خلّفها التأثر بفلسفة المنهج التفكيكي عند شعراء قصيدة النثر .
المنهج التفكيكي أسسه عام (1960م) الفيلسوف اليهودي الجزائري/ الفرنسي جاك دريدا(مولود عام 1930م)، ردا على الفلسفة البنيوية (البنائية) التي كانت سائدة في الخمسينيات من القرن العشرين في فرنسا . لكن على الرغم من أن التفكيكية هي في الأصل منهج فلسفي نقدي إلّا أنها تعدّت عند تطبيقها وظيفة النقد في قراءة النص، لتتدخل في صميم إنشاء النص من حيث هي فلسفة ، وأصبح النص التفكيكي الممثل (بقصيدة) النثر أقرب ما يكون إلى سيل من الهذيان، يشبه الأعراض التعبيرية اللغوية المرافقة لأمراض نفسية مزمنة كالهستريا والعصاب .
وقد تفاقمت تلك الأعراض المرضية مع الوقت بسبب التمسك بها والاستغراق فيها، إلى درجة لا يطيقها بعض ذوي الذائقة المعتدلة من القراء.

مؤاخذة الحداثة بجريرة ما بعد الحداثة

من المؤكد أن قسما كبيرا من الشعر العربي الذي سمّاه النقاد عموما بالشعر الحديث أو (المعاصر ) والذي كتبه وبشر به كل من أدونيس وأنسي الحاج ويوسف الخال وبول شاوول وشوقي أبو شقرا وجبرا إبراهيم جبرا وسواهم، من خلال مجلة شعر عام(1957)، إنما ينتمي بشكله ومضمونه ومفاهيمه إلى المرحلة (ما بعد الحداثية)، وإلى أطروحات المنهج التفكيكي على وجه الخصوص .
يقول الناقد د. ناصر سليمان الغامدي في مقدمة كتابه (الانحراف العقدي في أدب الحداثة وفكرها) إنه بعد النظر في كتب أهل الأدب الحديث، تبين له أن:" أكثرهم يطلقون لفظ المعاصرة و(الأدب المعاصر) على أدب الحداثة"(1).
لكن الغامدي نفسه استعرض في هذا الكتاب عددا كبيرا من عناوين مؤلفات عربية في النقد ، عالجت كلها تأثيراتٍ تنجم في حقيقتها عن فلسفات مرحلة (ما بعد الحداثة) في الشعر والنقد، مستخدما مصطلح (الحداثة ) ،وليس (ما بعد الحداثة) ( 1).
إذن، فثمة شبه توافق على الدمج بين مصطلحي الحداثة وما بعد الحداثة، وثمة عدم انتباه إلى ضرورة التمييز بينهما . ولا ريب أن هذا الدمج هو السبب في تشويش فهم المتلقي لوجهات نظر الشعراء والنقاد، فيما يتعلق بقبول، أو رفض بعض الشعر الحداثي (الحديث)، الذي ما كان ليشار إليه بأصابع الاتهام ، لولا المثالب التي ألصقها به الشعر التفكيكي ما بعد الحداثي،بسبب التباس المصطلحين .
وربما يعود سبب الالتباس بين المصطلحين ( من وجهة نظري ) إلى أنه على الرغم من نشوء المنهج التفكيكي متأخرا (عام 1960)، إلاّ أنه قد وصل إلى مختبر التجربة الشعرية العربية ،في المرحلة نفسها التي نشأ فيها شعر التفعيلة الحر ذو الأصل العربي ، والذي مثّل بالفعل المفهوم الحداثي في الشعر العربي. فلم يكن من المبرَر في ذلك الوقت الفصل بين المفهومين. خاصة وأن الغرب الذي استوردنا منه شعر ما بعد الحداثة ،كان ما يزال يخوض افتتاح تجربة (قصيدة النثر).


إبداع العرب في اتباع الغرب

كانت الفرنسية سوزان برنار قد أصدرت الطبعة الأولى، من كتابها (قصيدة النثر من بودلير حتى الوقت الراهن) عام(1959م) في باريس كرسالة لنيل درجة الدكتوراه ، فاكتشفه أدونيس بعد شهور فقط من صدوره، وترجمه إلى العربية , و كتب على إثر ذلك مقالا بعنوان (في قصيدة النثر)، نشره في مجلة «شعر» عام(1960م). فسجّل له التاريخ أنه هو أول من أطلق على هذا النوع من الكتابة تسمية (قصيدة)، تيمناً بسوزان برنار. وقد تبنى عدد من شعراء مجلة شعر كل ما نظَّـرته سوزان برنار في كتابها، وبدؤوا بكتابة ونشر قصائد النثر، والتبشير بها، في مجلة (شعر) التي أسسها خليل حاوي (1957) لتكون منبرا للشعر الحديث ، تيمنا أيضا بمجلة شعر الأمريكية ، وكان أكثرهم حماسا أنسي الحاج وأدونيس وخليل حاوي وجبرا إبراهيم جبرا وغيرهم.ثم جاءت ترجمة الشعر الأجنبي بإشراف مجلة شعر أيضا ، لتقدم النماذج المختلفة من الشعر الحداثي ، و ما بعد الحداثي في الوقت نفسه، تحت عنوان واحد (القصيدة الجديدة) .

ثناء حاج صالح

يتبع بإذن الله...
شكرا أختي الأديبة المبدعة و الناقدة البصيرة ثناء على هذا العرض و الطرح الذي أحسبه قيما وسيفيد كثيرا في توضيح بعض المفاهيم التي ارتبطت بالحركة الشعرية العربية تاريخيا و التي ما زالت تتقيد بسلاسلها التي ليس من المؤكد انها تقودها الى جنة الجمال.
و التفكيكية كحركة فلسفية غربية نشأت في غمار الحرب التي يفتعلها الأنسان مع فطرته ليهرب بها من سيطرة الله عليه كما يزعم و اإنه في سعيه المتفاني نحو حريته - المطلقة- عثر على هذا الخلط الفكري الخطير الذي طوره - كفعل الفكرالفلسفي الغربي و نزوعه الى التطبيقية دائما حيث يعكس رؤاه الفلسفية في فنه و فكره و أدبه و ربما في تفاصيل حياته المعاشية المختلفة الأخرى -فانتقلت الى الكتابة و الأدب و تلقفها المفكرون و النقاد و الأدباء و اعتنوا بها عناية كبيرة رغم غلو مصطلحاتها و غرابتها أحيانا و طريقة عرض رؤاها الموغلة في الغموض أحيانا أخرى.
وهي رغم تدثرها بعباءة الفكر الما بعد حداثي إلا أنها استمدت من الفكر الحداثي روح الشك التي ابتدعها ديكارت و التمرد على سلطة "الله" الذي نظّر له ماركس وعملت الحقبة الحداثية كلها عليه لما وجدته من جور الكنيسة في تلك العهود . وهو ما تلبس الفكر الما بعد حداثي عموما من بعدهم.
و تعتبر ما بعد الحداثة عامة تفكيكا للنماذج المعرفية التي افترضت وجود غائية ,أو افترضت من ثم مصدرا متعاليا للمعرفة، يقرر المعني، الحقيقة، القيم، وبالتلي السلطة،- التي تقوض الحرية مستفيدا من الجدلية الهيجلية بين السلطة و الحرية- وذلك في كل من النموذج المعرفي الديني في العصور الوسطي - الكنسي- ,والنموذج المعرفي العقلاني الذي طرحه ديكارت.
جعل "دريدا" منظرها الأول أهم طعون فلسفته في مقدرة اللغة على الإحالة الى أي شيء أو ميزة لشيء موثوق به . قاصدا فك الارتباط بين اللغة و العالم الخارجي فلا تصلح أن تكون الوسيط المعبر عنه.
وجعل من تفكيك اللغة معبرا للوصول الى فكرته التي يريد أن يقولها برفض النماذج المعرفية الغائية - و لذلك أصل في الفلسفة الماركسية التي تجعل القيم و الأخلاق ابتكاراابتدعته الطبقة البرجوازية لتتحكم به على الطبقة الضعيفة. - حيث أن هذه النماذج تخلق عبر قيمها و رؤاها المجتمعية مصدرا متعاليا يحتكر السلطة و من ثم يسعى الى تكريس هذه القيم التي تضمن بقاءه و تزيد هيمنته.
إن خلخلة خطاب التكريس السائد لهذه القيم كما يزعم الحداثيون و الذين من بعدهم هو الفكرة الأساسية لاستراتيجية التفكيك وبشكل أشمل الفلسفة المعاصرة بداية من "نيتشه" وهو مايؤدي إلي غياب الإطار المرجعي اليقيني أو تدميره، الأمر الذي يفضي حتما علي النسبية، وتعدد المنظور، أو فوضى المعنى. ....
لعلي أتبع قولي هذا أو كتابتي كما يحب التفكيكيون أن يكتب فهم يجعلون الكتابة هي الأصل وليس الكلمة مماحكة لقول الإنجيل "في البدء كان الكلمة"
"إن التفكيك الذي قام به "دريدا" في هذه المسألة هو استبعاد المركز/الكلام، ثم اكتشاف الطاقة الكامنة في الهامش/الكتابة، ومن ثم اكتشاف أن مركزية الكلام المدعاة لم تكن غير زيف، حيث أن كافة السمات التي ادعاها الكلام كي يوهمنا بامتيازه قد اكتشف "دريدا" أنها سمات يشترك فيها الكلام مع الكتابة، وبالمنطق المعكوس,تستبدل الصيغة اللاهوتية في البدء كان الكلمة/اللوجوس بصيغة تفكيكية الكتابة لا تكمل فقط بل تحل محل أيضا، لأن الكلام مكتوب دائما"
و لكن تنظيرهم أضاف الى الأدب كثيرا فلهم نظريات و أقوال جميلة فهي كفلسفة صممت للأدب بشكل خاص و إن انطلقت من مباعث عقدية فلسفية بل إن أحد كبار كتابهم وهو بول دي مان جعل الأدب هو مضمار الفلسفة الكبير:
"إن الأدب أصبح الموضوع الأساسي للفلسفة ونموذجا لنوع الحقائق (أو الحقيقة) التي تطمح الفلسفة لبلوغها'
إن سمحت لي أختي الكريمة ثناء عبر هذ الصفحة بإلقاء بعض الضوء على التفكيكية عموما و عن بعض كتابها عبر حلقاتها الممتدة التي و لا شك أنني سأعمل على متابعتها و الاستفادة منها كثيرا ...
شكرا أختي ثناء






  رد مع اقتباس
/