۩ أكاديمية الفينيق ۩ - عرض مشاركة واحدة - أغفو وهذا الشوق
عرض مشاركة واحدة
قديم 01-12-2016, 01:26 PM رقم المشاركة : 8
معلومات العضو
جهاد بدران
عضو أكاديمية الفينيق
تحمل أوسمة الأكاديمية للابداع والعطاء
تحمل صولجان القصة القصيرة أيار 2018
فائزة بالمركز الثاني
مسابقة الخاطرة 2020
فلسطين

الصورة الرمزية جهاد بدران

افتراضي رد: أغفو وهذا الشوق

اقتباس:
المشاركة الأصلية كتبت بواسطة خديجة قاسم مشاهدة المشاركة
كلمات وليدة اللحظة .. ولدت في تيماء مترامية الأطراف.. وانطلقت تبحث عن واحة لا تسفر عن سراب!

أغفو وهذا الشوق يعبث في دمي.. وأفيق من لسعاته استعبارا
ألقي عليه من التجلّد عبرة .. يلقي عليّ مواجعي استنكارا
يا همسة في النفس بوحي مرة.. أفشي حديث القلب والأسرار
جوبي المدى بجسارة علّ الصدى .. يتلو القصيد يرتّل الأشعار
لا تركني للآه تحبس مهجة .. في قيدها وتسلّقي الأسوار
فلعل فجرك خلف ليل ظالم .. مدّي اليدين ومزّقي الأستار
هيهات عتم يغلب النور الذي .. بدعاء صدق يصنع الأقدار

بحر الكامل
الله الله الله
ما أجمل هذا البوح وما أعذب ما فيه من معاني ..وما أطيب هذه الروح التي فاضت بالجمال ورقي الحرف..
برغم ما تحمل الحروف من وجع ..وبالرغم ما تفيض الروح من هم..
إلا أنني أرى بصيص النور بين أنانل قلمك وهو يختم القصيدة بقولك..
هيهات عتم يغلب النور الذي .. بدعاء صدق يصنع الأقدار
سيبزغ النور من أفواه الصدق عند الدعاء وتراتيله في محراب الله..
قصيدة عذبة الألفاظ ..متينة البناء ..موسيقاها تطرب الروح..
وصورها استحوذت على الذائقة ..وعمقها تلقفها الخيال في فسحة الذاكرة وعلو الفكر..
أغفو وهذا الشوق يعبث في دمي.. وأفيق من لسعاته استعبارا
يا لروعة هذه البيت وصوره التي أسرني جمال معانيه وقدرة الشاعرة على بنائه المتين..
أغفو...وأفيق..تضاد عكس في الروح جمال جذاب ..ونحت في القلب الوجع..
أفعال المضارعة في القصيدة ..يمنحها الحراك ويساهم في الإستمرارية في الحدث ليفيض منه قواعد عملية للتجديد والتغيير..باختلاف الأفعال الماضية الراكدة..التي تبقى في حدود الحدث...
الصورة الشعرية والأوصاف في هذا البيت ..ساحرة وجلدت ذاكرتي وجعا لأبعد مدى..
حيث تم إكتمال البهاء بين زوايا البيت ..من خلال تصوير الوجع بصورة عميقة وبلغة فذة..فالشوق كان العامل المساعد في تحريك الإغفاءة لعملية النهوض من السبات الذي اختلط فيه الألم..
جعلت الشاعرة من وصف الشوق أن يبلغ مداه..حين وصفته بأنه يعبث في دمها..
وهذا من أجمل الأوصاف الدقيقة التي تعبر عن قمة الوجع..
ثم تكمله وتكمل الصورة بنظم بديع قد أثر في النفس وذرفت معه الدموع ..
حين أكلته بقولها..وأفيق من لسعاته اعتبارا..الله ما أجمل هذا الوصف البليغ..
وظفت المضارع لأنه ما زال ينحت فيها الهم والألم..ووظفت كلمة لسعاته ..لتصل لقمة ودقة ما تبغيه من حس عميق يجلد روحها...ثم تكمل مع هذا النزف البليغ بقولها..
ألقي عليه من التجلّد عبرة .. يلقي عليّ مواجعي استنكارا
الله يا لهذه الروعة في البناء والعمق..حيث تكمل للوجع ما تحمله من صبر ..بكلمة التجلد..وهي تقع بين الصبر وبين محاولة الصبر بالتصبر..حتى تتيح للروح أن تهدأ وتستكين..لتعاود المواجع تستنكر عليها الصبر..وتعاود إثارة القلق ووخزات الشوق التي تنحت الروح ألما..
لغة ثرية وأوصاف عذبة .. وتكمل جمالية البوح عند مناداة النفس والحديث معها ..
فالحديث مع الذات هو نقطة تحول وبداية تغيير من خلال تجاويف الذات ومحاسبتها وتهذيبها..
ففي كلماتها الماتعة تقول..
يا همسة في النفس بوحي مرة.. أفشي حديث القلب والأسرار
جوبي المدى بجسارة علّ الصدى .. يتلو القصيد يرتّل الأشعار
لا تركني للآه تحبس مهجة .. في قيدها وتسلّقي الأسوار
هنا للذات أيقونة خاصة وفلسفة راقية..إذ تجعل من ذاتها بؤرة حراك أدبي فذ وجميل..
ويجعل للمتلقي أن يحمل تراتيل عذبة للروح..تدعم عملية التغيير وتساهم في عملية المحاكاة الذاتية لغرس الأثر البليغ في النفوس...
تطلب من الذات أن تفضفض عنها ما علق بها من علق وأسى..ليس إلا لتجعل الراحة والأمن الذاتي أت يستقر فيها ولتنزع براثن الحزن من بين جدرانها...
فقولها..ياهمسة في النفس..أفشي..جوبي المدى..لا تركني للآه..وتسلقي الأسوار..
كل هذه الألفاظ هي عملية تهذيب للنفس وإيداع مقومات ومناعة ضد أي هجوم خارجي يمكنه أن يزعزع النفس عن قواعدها الثابتة..
وهذا يدل على قوة النفس والقدرة على تمكينها من السيطرة على كل ما يمكنه أن يغير معالمها...
هنا يظهر ذلك الصراع الذي يكمن في النفس وفي كل نفس..والغلبة تمون حسب القدرة والقوة أو الضعف...
صراع بين قوى داخلية وقوى خارجية..كالصراع بين الخير والشر..والغلبة للجانب المسيطر أكثر..
وهذا يعكس صورة الشخصية ومعالمها..ومن خلال هذا الصراع نستطيع قراءة الشخصية وتحليلها ومعرفة عمقها وطريقة تفكيرها...الصور التي رسمتها الشاعرة كانت مرآة لكل ذات تتصارع فيها هذه القوى..
صور بليغة بديعة متقنة جدا جدا..
وفي أخر قصيدتها قالت:
فلعل فجرك خلف ليل ظالم .. مدّي اليدين ومزّقي الأستار
هيهات عتم يغلب النور الذي .. بدعاء صدق يصنع الأقدار
يا سلام على الجمال هنا..وهي تحمل سلال الأمل وتبثها في الروح لتقنعها فيه..
فلعل فحرك هلف ليل ظالم..ما أجملك هنا وأنت تمدين اليدين لتخرجي النور والفجر المضيء وتطلبي تمزيق الأستار ليظهر للعيان..
أفعال الأمر هنا..مدي .. ومزقي...كانا عملية عدم خضوع للظلم ولا للظلام ..وعدم الخضوع لواقع مؤلم..هما أفعال لا تقبل التأجيل..وتساهم على السرعة في الحدث للأوامر الموجودة فيه..
فكان من فعلي الأمر هنا ..هو تلخيص شامل للقصيدة وعبرة وموعظة وحكمة بليغة ..بأن نقوم بأنفسنا بعملية التغيير في النفس والواقع..وتحضرني قول الله تعالى:"إن الله لا يغير ما بقوم حتى يغيروا ما بأنفسهم"الرعد11
....
الشاعرة الكبيرة المبدعة الغالية خديجة قاسم
هنيئا لنا بهذا البوح الجميل والأوصاف العذبة والصور الحية التي حاكت الذات بحس ومشاعر صادقة
تدل على براعتك وعذوبة المعاني وجزالة الألفاظ ..
وملكة التصوير وروحك النقية..حيث أيقظت العواطف بلغتك التصويرية..
بورك مدادك الراقي وقلمك المدرار
وفقك الله غاليتي وأسعدك وزادك علما ونورا وخيرا كثيرا

جهاد بدران
فلسطينية






  رد مع اقتباس
/