۩ أكاديمية الفينيق ۩ - عرض مشاركة واحدة - انطلاقات السهم المصري في ربوع نصوص أدباء الفينيق // أحمد علي
عرض مشاركة واحدة
قديم 20-11-2021, 12:35 AM رقم المشاركة : 4
معلومات العضو
أحمد علي
عضو أكاديمية الفينيق
السهم المصري
يحمل أوسمة الأكاديميّة للابداع والعطاء
مصر

الصورة الرمزية أحمد علي

افتراضي رد: انطلاقات السهم المصري في ربوع نصوص أدباء الفينيق // أحمد علي

فراغات حبلى بالاحياء // يحي موطوال

النص الأصلي :


أتوغّلُ
في فوضايَ المخبأٓةَ،
شتاتَ همسٍ ،
ارتقابًا مرًّا .


أستعيدُ
برهةً مملّةً
من وقتي اليتيم ،
هزيعَ قصيدةٍ باكيةٍ
ماتزالُ تترامى ،
فرصةً أخيرةً
أتعبَها شكٌّ
متمكّنٌ من هواجسي .


ألملمُ
نزفيَ المحترق
صمتًا
بما نسيتُ مرغَمًا ،
عفّتي المتّقدة
غموضًا
في همهماتِ انعتاقي .


أترقّبُ الآتي
أسئلةً مضطرمةً
تنهشُ تأمُّلي العنيدَ،
ذهولًا مريبًا
يسكنُ هوسي الهزيم .


أنا
الاحتمالُ المدلهمّ
بينَ الحيرة
وظلمةِ الجرح ،
بينَ غفوة النسيان
وسرابِ الشعر الهجير .


أنا
شذى مجازٍ
يستطيبُ الموت ،
فراغاتٌ حبلى بالإيحاء .


أعودُ إليّ
أفتّشُ عني ،
وطنًا
لجثمانِ
لحظةٍ شاردة .




القراءة :






العتبة ( فراغات حبلى بالإيحاء )
عتبة مشرقة تحمل في طياتها دعوة للتأمل :
كيف تكون الفراغات والتي قد لا تتميز بوجود المساحات الملموسة
بشكل مادي بحت ، كيف تكون حبلى ،
وكيف ؟ بالإيحاء ؟
صورة بلاغية مبدعة في عتبة مدهشة مذهلة تفتق ذهن القاريء ..
تدعوه عنوة للتفكر والشرود فيما خلف الإيحاء ، وما فعله بالكاتب وما فعله الكاتب ليوحي للفراغات .
فيهبها جنينا بالتخاطر ..

......

أتوغّلُ
في فوضايَ المخبأٓةَ،
شتاتَ همسٍ ،
ارتقابًا مرًّا .



استهلال فلسفي بحت يفتح الباب على مصراعيه للقاريء كي يسبح ويغوص
في كنه الفوضى المتخفية خلف قناع منظم ..!
ومع انتظار شُـبِّه بأنه مرّ ، كما الحنظل ، يبث الشاعر موجته عالية التردد في ركلة البداية ،
بداية رحلة قد لا تبدو منطقية ، ولكنها تحدث في لحظات الخلوة مع الذات ..

........

أستعيدُ
برهةً مملّةً
من وقتي اليتيم ،
هزيعَ قصيدةٍ باكيةٍ
ماتزالُ تترامى ،
فرصةً أخيرةً
أتعبَها شكٌّ
متمكّنٌ من هواجسي .


وها هو يدخلنا في عمق الصراع بعدما دخل لعالم الذاكرة
وتجول في مصفوفة لا متناهية من الشك والهواجس ومتاهات بحث الروح المضني عن
كينونتها ..

(هزيع قصيدة باكية )
صورة ولا أروع رغم ما تحمله من وجع دائم ..

ولكنه كان : ما يزال يتمسك بطرف خيط الأمل الباهت :

ماتزالُ تترامى ،
فرصةً أخيرةً
أتعبَها شكٌّ
متمكّنٌ من هواجسي .


.........

ثم يعلن أن الصراع لم يحسم بعد لصالح أي من القوى قائلا :



ألملمُ
نزفيَ المحترق
صمتًا
بما نسيتُ مرغَمًا ،
عفّتي المتّقدة
غموضًا
في همهماتِ انعتاقي .


والصورة البلاغية المذهلة في :
(ألملمُ
نزفيَ المحترق
صمتًا
)
لملمة ونزف ومحترق في صمت ..!!
تتجلى قوة سيطرة الشخصية على احتواء ولملمة نزف محترق ،
وجعل كل تلك التفاعلات تجري ..
في صمت مطبق لا يخرج للسطح ..

فلسفة المعاناة ظهرت جليا في الفقرة السابقة ..



..........


أترقّبُ الآتي
أسئلةً مضطرمةً
تنهشُ تأمُّلي العنيدَ،
ذهولًا مريبًا
يسكنُ هوسي الهزيم .


ترقب وانتظار وتساؤلات تهاجم التوغل العميق صوب الروح ، تحاول اعاقتها كي لا تصل
لأجوبة شافية حازمة تقطع الشكوك بسكين اليقين وتصل لمرحلة الثبات الانفعالي
والوجداني التي يرنو لها الكاتب ..
رغم أنه يعلن ضمنيا أن موجاتها قوية وعنيفة وسدوده ، حواجزه ومقاومته
بدأت تتهاوى أمام سيول الذهول وتساؤلات الهواجس النفسية ..

...............
ثم يبدأ في حساب المتبقي من قواته وقلاع المقاومة
تمهيدا لرفع الراية البيضاء ،
ولو بشكل مؤقت ..

يقول الشاعر :



أنا
الاحتمالُ المدلهمّ
بينَ الحيرة
وظلمةِ الجرح ،
بينَ غفوة النسيان
وسرابِ الشعر الهجير .


وانتقال في فلسفة الاحتمالات الرياضية اللامتناهية ودمجه بالحيرة مختلطا بشدة الظلام
لم يقرر الاستسلام بعد ..

( وسراب الشعر الهجير )
ثلاثة تشبيهات في عبارة واحدة مبتكرة ..

............

ثم تلخيصا للحالة الوجدانية يقول الشاعر :

أنا
شذى مجازٍ
يستطيبُ الموت ،
فراغاتٌ حبلى بالإيحاء .

بحثت في معاني شذى والفرق بينها وبين شذا
وجدت معان كثيرة للمفردتين وربما متضادة مع بعضها البعض
منها أريج ، عبير ، عطر ،
رائحة كريهة ، عطن ، غير أن شذا معظم معانيها يعود للروائح الطيبة

وصدقا لم أصل كليا للمراد من (شذى مجاز )

وإن كنت أرجح رائحة مجاز فواحة ..

يصف نفسه بأنه رائحة مجاز يستعذب الموت ..
وكذا يقول عن نفسه أنا فراغات حبلى بالإيحاء

ليكمل رحلته الفلسفية متخيلا نفسه سحائب
من فراغات
مثقلة بوازع الإيحاء ،
تأثرا بالمؤثرات الخارجية والداخلية ..
في صراع بدا سرمديا ..
.............

القفلة :

والعودة من جديد من الابحار في الأنا ،
و إليها يتجه مرة ثانية ..

يقول الشاعر:

أعودُ إليّ
أفتّشُ عني ،
وطنًا
لجثمانِ لحظةٍ شاردة .




وبقفلة تفتح مزيدا من التساؤلات وتبقي وهج التأمل من جديد
كأنه يقول لنفسه وللقاريء عد من حيث بدأت إلى حيث البداية ،
لتصل هنا ..
في حلقة مفرغة .. لعلك تهتدي لمعرفة إجابات سيل التساؤلات المستمر ..!
قفلة ذكية ولها بعدها السيكولوجي المميز ..




تحققت وحدة الموضوع في القصيدة ..
عاطفة الحيرة والشرود مسيطرة على الكاتب ..
نظرة فلسفية عميقة ..
تعبيرات ومجازات وتشبيهات رائعة ،
تدل على امتلاك الشاعر لذخيرة متنوعة من مفردات ولغويات وثفافة عامة بديعة ..




توغلت في عمق فلسفة النص ، وبعض صوره ومعانيه
ولم أعطه كامل حقه ..


وهي مجرد قراءة غير ملزمة بشيء



مع تقديري وتحياتي للشاعر النبيل / أ. يحيي موطوال







سهم مصري ..
عابـــــــــــر سبيــــــــــــــــــــــل .. !
  رد مع اقتباس
/