[يزن السقار]

لا اقتراف يستحق سوى المحال
كأن اطوي موج عينيكِ
و أخبئه في جيب القلب
و حين يمروا الحزانى
أخرجه
و اغسلهم واحدا واحدا
حتى تفيق حدائقهم بزهر الليمون
و ابتسام الحبق و النعناع
كأن اصقل عطرك عصا سحرية
و البسُ العشق قبعة
تصد الشمس و ترد البرد الى أمه
و أحفظ سبع كلمات لا تٌفقه
ولكنها تَفقه اسمكِ و دروب المحبة والبياض
كلما هب رصاص ذكرتُ إحداها
فيخجل الموت
و يصير الرصاص نايات
تعزف لحن الندم على تلة البعيد
كلما تأخر ساعي البريد
ذكرت إحداها
صار الطقس زاجلا
يحمل رسائل الأمهات
أكواب حنين الغربة
و مناديلا لدمع العاشقات
يحمل سلام من ماتوا
و شالا لأكتاف برد الوحدة
صدى دعاءاتٍ منذ الفراق لم تسترح
و قبلة تأخرت شوقين قمريين ولم تفقد الأمل
لا اقتراف يستحق سوى المحال
أن أستحيل الى زيتونة
تهز مهد زيتها
حتى يحبو
و ينطق أول ما ينطق
فلسطين
كأن أصير شجرة ياسمين
أوشوش المارة عن عشق دمشق
و أن الحرب لعنة مجوسية
لا تنام
حتى نحب هديل الحمام
أو أن أكون نهرا
صديقا حميما لدجلة و الفرات
اُشرع الأبواب للمواويل
اصبّ الماء على أيدي النخيل
فيغتسل قلب الحديث حتى تتشابه وجوه العابرين
أو أن أصير بذيئا
كلون الدم على شوارع اليمن العنيد
أسيلُ بأقبح السُباب
و أنا أصنّ لوجه القهر خلف البيادر
وأنا أشاهد لهجة المناظر
تُتأتئ القتل دون وجل
و العابرون فوق جثامين الوطن
يصيحون هل من مزيد
أو أصير دحنونة و كمشة زعتر
تُضمد جراح الأحلام بالكلام
كلما مدّت الى الجيب بقايا كفها
عادت بخفيّ حُنين و كف زاده النقص تجريح
وطن جريح
والفساد سوس
يأكل سيقان المارة في شوارعها
وأغصان غدها
و يترك الكل نيام بلا لحاف
المسألة إجحاف
كيف يكون ذا وطن
و ذا يكون سياج
و ذا مروحة
و ذا عدّاد
و ذا متبرع بلونه
و ذا خارج الأعداد
و الكل يصون لسانه
دحنونة تبكي البلاد
لاشيء يستحق الاقتراف سوى المحال
كأن أصير شاعرا
أو قبّرة
أو ساكنا لا ينزل من برج الخيال