عرض مشاركة واحدة
قديم 04-03-2019, 11:33 AM رقم المشاركة : 13
معلومات العضو
أمل الزعبي

تحمل أوسمة الأكاديمية للابداع والعطاء
رابطة الفينيق / عمون
الاردن

الصورة الرمزية أمل الزعبي

إحصائية العضو








آخر مواضيعي


أمل الزعبي متواجد حالياً


افتراضي رد: ديانة لرئيسة القصائد والسداد قصيدة

اقتباس:
المشاركة الأصلية كتبت بواسطة ثناء حاج صالح مشاهدة المشاركة
السلام عليكم
الأستاذ الكريم والأديب الذوَّاقة ياسر سالم
أرجو أن تسمح لي بأن أمارس دور محامية الدفاع عن هذا النص. فأنا واحدة ممن مرُّوا على هذا النص وأشادوا به وصفَّقوا له . ودفاعي عنه ليس سوى تبيين لوجهة نظري التي جعلتني أعجب بالنص . مع الإشارة إلى أنني لا أراه نصَّا مثالياً أو كاملاً فنياَ. والكمال مطلوب دائماً ولكنه لا يتحقق في الواقع . ولا يعدم النص الأدبي أيَّا كان بعض نقص .
وأنا أعلم مقدار وحجم انتصاركم للشعر العربي الأصيل ، وأقدِر عالياً رهافة تذوُقكم للشعر، وإخلاصكم العميق لفكرة ترسيخ ميراث الشعر، ليكون التواصل معه مستمراً حاضراً ومستقبلاَ، بوصفه المصدر والمورد، والأصل والغاية، والمبتدأ والمنتهى .
أنا هنا لأدافع عن وجهة نظري في نصوص الاستاذ المبدع ياسر أبو سويلم عامة ، كما في نصه هذا خاصة.
فالأمر الأول : أن مسألة الحضورالإبداعي واضحة وضوح الشمس .
فأنا من وجهة نظري أجزم وبقوة ليس فقط بحضور الإبداع في نصوص الأستاذ ياسر أبو سويلم وإنما بتميز هذا الحضور الإبداعي . ولكم أن تطالبوني بإثبات قولي هذا بالبراهين والحجج ، فعند ذلك أثبته لكم . فإن لم تطالبوا بهذا ووافقتموني على الحضور الإبداعي المتميز للأستاذ المبدع جداً ياسر أبو سويلم ، فسيكون اتفاقنا مقدمة للاتفاق على أمر آخر ، هو عدم انسياق النصوص الشعرية للأستاذ ياسر ( بما فيها هذا النص) في تيار تقليد الشعرالمترجم أو النثر الغربي. بل على العكس تماماً ، هو ينهل أساليبه الإنشائية والخبرية مما هو محفور في الذاكرة الشعرية منذ أيام الشعر الجاهلي . على الرغم من أنه لا يكتب الشعر العمودي . إلاَ أنك تشعر بتأثير المحفوظ من الشعر العمودي داخلاً في صميم البناء الفني لنصوصه عامة . وهذه ميزة وسمة أسلوبية واضحة جداً .
والقارئ لنصوصه الشعرية التفعيلية ينتبه دائماً لتأثير الحياة ( العربية البدوية ) في نصوصه . والتي تظهر في اختياره نسبة كبيرة من الألفاظ من مفردات البادية أو الصحراء العربية. كما أنها تتمثل في أسلوب اقتباس الأشعار القديمة وتضمينها في سياق النص كعنصر فني حي يتفاعل معه الشاعر ويحاوره ويدور حوله .
ففي هذه القصيدة مثلاً يبتدئ الشاعر السطر الأول بأسلوب استفهامي مقتبس من الشعر القديم كنا قد قرأناه عند الشاعر الجاهلي النابغة الذبياني وهو يقول :
أمن آل ميَّة أنت رائح أو مغتد *** عجلان ذا زادٍ وغير مزوَّد
كما قرأناه عند عمر بن أبي ربيعة في بيته
أمن آل نعم أنت غاد فمبكر ♦♦♦ غداة غد؟ أم رائح فمهجَّر؟
فيقول الشاعر ياسر أبو سويلم :
أمن عزيف الرمل في حومانة القرى وكأنه يعلن انتماءه ويكرر السؤال بالطريقة نفسها ليبرهن على تواصله مع الأصل القديم .
وانظر إلى الألفاظ في الأسطر التالية
ذرفت ، أم لهسّة لبكرة السرى
مشارف الحيين في وادي الضحى
عضضت قلبي ، واعتراني ما اعترى
أم علّها وليّة الرحى

(بكرة السرى، مشارف الحيين ، وادي الضحى ، وليَة الرحى ) هل تشعر بأنها أقرب إلى ألفاظ النثر الغربي؟ أم تشعر بأنها مستخرجة من قصائد جاهلية قديمة ؟
في الحقيقة ، نحن لو تتبعنا هذا النص فسنجد اقتباسات رائعة لتعابير وجمل شعرية شهيرة جداً ولا تخطئها العين تدلُّ على رغبة الشاعر في إعلان انتمائه لها عبر توظيفها في سياق معنوي يدخل في صميم الفكرة

رمت نحيبها على الكلام فاستحى
يا حارس العرقوب دستورك
دلّني ، أّنا مدّاح داره وشاهدي
سلامه الّذي نقشت وشم صوته
في باطن اليد
يا صاحب الناس لك (النوماس)
قم وفوّج القطا

لنقرأ الألفاظ وفق دلالاتها التراثية بكل ما تحمله من زخم ثقافي يتصل بالشعر كما في إشارته إلى قول طرفة بن العبد " لخولة أطلالٌ ببرقة ثهمد*** تلوح كباقي الوشم في ظاهر اليد " فيحاور هذا الاقتباس ويقلب الوشم في ظاهر اليد إلى وشم في باطن اليد لكنه وشم لصوت سلام أو مصافحة سيده نقشه هو بنفسه ليكون شاهداً على أنه هو مداح دار سيده .
فهذا الاستقلاب للنص القديم أصبح الآن بطريقة إبداعية مدهشة موظفاً في سياقه المتصل بالتراث الديني الذي توحي به دلالة لفظة ( مدَّاح داره ) والتي تعتبر من خصائص الألفاظ في قصائد مدائح النبي عليه الصلاة والسلام .
دلّني ، أّنا مدّاح داره وشاهدي
سلامه الّذي نقشت وشم صوته
في باطن اليد

إنني لن أمضي طويلا في تتبع هذه الألفاظ والتعابير المقتبسة بدلالتها والموظفة في النص توظيفاً مدهشاً . وهي كما قلت سمة من سمات الأسلوب الأدبي في شعر الأستاذ الشاعر ياسر أبو سويلم . ولكنني سأتوقف عند ما هو مختلف في أسلوبه والذي يلمسه كل قارئ ، وهو ما أعتقد أن الأستاذ الفاضل ياسر سالم قد أخذه عليه في غير المنحى الذي أراه أنا ومن وجهة نظري أولى به .
فالأسلوب المختلف يتمثل باختلاق المفارقة المعنوية التي أرى فيها الأستاذ ياسر أبو سويلم هو المبدع الرائد والأول في ابتكارها . فهي عنده ذات طبيعة نفسية ذاتية تكاد تكون منفردة وخاصة وغير مطروقة من حيث جرعة الشفافية . يقول مثلاً
دلّها على ظلّة دار سيّدي
ودلّني ، فساقي اليمنى كسيرة وأختها ضريرة الخطى
لا تهتدي
ديانة يا صاحب الناس
ورهنها دمي وبكرتي الّتي رهنتها
لخنساء القصائد
هلمْ .. هلمْ
يا شعر قم لسيّدي
يا شعر قمْ
هلمْ .. هلمْ
يكاد صوتي أن يتمْ

المفارقة المعنوية في هذا المقطع تتمثل في طريقة التعبير عن العجز أو عن الحاجة لمساعدة الدليل في في وصول الشاعر إلى سيده ، فساقه اليمنى كسيرة وساقه اليسرى ضريرة . وإذا كنا نقبل كسر الساق بدون جدال فإن قبولنا للساق الضريرة فيه تأمل وليس علينا أن نعتبر الوصف ( ضريرة ) تعبيراً مجانياً باعتبار الساق لا تملك عيونا كي تكون عمياء أو ضريرة . بل هي ضريرة من حيث عدم قدرتها على الاهتداء في مشيها وسعيها للوصول إلى سيده .
كما نقرأ مفارقة معنوية أخرى في كون الشاعر مديناً لخنساء القصائد، والسداد قصيدة . فهو يريد أن يكتب هذه القصيدة ، وقد رهن عند الخنساء دمه وبكرته وهو مطالب بإيفائها ديونه . لذا فهو يخاطب الشعر ويأمره ويستحثه كي يقوم لسيده الذي يريد أن يمدحه ليكون هذا المديح هو القصيدة التي سيسدد بها ديونه للخنساء،
المفارقة المعنوية عند شاعرنا تتضمن الاختلاف الإبداعي في التعبير عن المعنى بأسلوب يختلف عما اعتدنا عليه عند جميع الشعراء . وهذا ما أراه ميزة إبداعية متفوقة رائعة .ولا أراه مثلبة أونقيصة في امتلاك أدوات التعبير، على الإطلاق . ونحن هنا أمام حالة إبداعية استثنائية ، لا ينطبق عليها تعميم أحكامنا على الشعر الراكض خلف النثر الغربي. بل لا بد لنا من قراءتها قراءة استثنائية أيضاً لإيفائها حقها ، كما أرى.
ومن جهة أخرى فإن اعتماد إيقاع التفعيلة واشتغال الشاعر على التوزيع الغنائي للتفعيلات يبعده تماماً عن سيرة النثر .
...
يا شعر قم لسيّدي واحجل له بحجلة الوصول
يا شعر قم لسيّدي وقل كما أقول


ثمة الانبثاق العفوي الطفولي الساذج الذي نقرؤه في قول الشاعر

:يا شعر قم لسيّدي وقل كما أقول
لأن الشعر سيقول مقولة صاحبه . وإذا عبَّر الشاعر عن هذا وأمر الشعر بفعله فسيذهب الذهن إلى احتمال آخر ، هل يمكن للشعر أن لا يقول كما يقول الشاعر ؟ سذاجة طفولية ساحرة وليدة فطرتها . هذا ما تحتاجه الشفافية كي تتجسد في روح النص البلوري .
يا سيّدي ، يا عيبة الظلّ الّذي قد حجر الغياب مولاه ، ولم يحضر معي
هلمْ .. هلمْ
يا شعر
قمْ

مولى الظل يعني صاحب الظل ، والغياب حجَّرمولى الظل . فأصبح مولى الظل متحجراً لا يستطيع التحرك والحضور. لذا فإن الظل سيبقى حيث يبقى مولاه ولن يحضر مع الشاعر .
أليست هذه المفارقة المعنوية مذهلة ؟ أليست إبداعاً خالصاً نقياً ؟
...
يا شعر قم لسيّدي بنقلة الدخول
يا شعر قم لسيّدي وقل كما أقول

ونقرة الدخول هي النقرة الموسيقية التي يبتدئ بها العزف .
:
يا أيّها المبثوث في أعراسنا كما الفرحْ
يا أيها المبعوث في أقواسنا كما قزحْ
هلمْ .. هلمْ
تكاد تحفة الكلام أن تتمْ


والكلام كله عن الشعر وهو تحفة الكلام . وتكاد تحفة الكلام أن تتم . ولا مجانية في التعبير أبداً .

يا أيّها المرجوّ في أبوابنا ضيفاً
وفي انتظارنا طيفاً
ومثلما تشاء
أو كما تريدْ
يا أيّها المرصود في أصواتنا وفي أغاني قمحنا
كما تراويد الحصيدْ


والخطاب للشعر ! فيا له من تمجيد للشعر ويا له من انتماء اجتماعي قروي للشعر وصل حد رصده في أصواتنا وفي أغاني قمحنا وفي تراويد الحصيد

يا أيّها المنشود في عروق صومنا
وفي صدى الأذان
تمراً أو يزيدْ


الله! الشعر تمر أو يزيد . ما أروع هذه الجملة ( أو يزيد )! فالتمر هو الأصل هو الغذاء الصحراوي العربي الإسلامي الرمضاني . وكل غذاء آخر هو من جملة ( أو يزيد ) بعد أن توفر الأصل / التمر بالشعر .
يا أيّها المشهود في وقفتنا
هلال فطر ضاحك
لثوبنا الجديدْ
وعيدنا السعيدْ
وهكذا
كما تحبّ أو كما تشاء
لو أتيت إن أتيت من بعيدْ
أو هكذا
أو مثلما تريدْ
هلمْ .. هلمْ
يكاد صبحي فيك أن يتمْ

يكاد صبحي أن يتم . والشاعر يستحث الشعر أن يجيئ قبل أن يتم الصبح . فهل كان طوال الليل يستحثه ويستدعيه ؟
... القصيدة رائعة! ووقتي أضيق من أن يتسع الآن لتحليلها .
لكنني أشكر الأستاذ الشاعر ياسر سالم على أنه حفَّزني لبعض قراءة فيها .
وتحيتي للأستاذين المبدعين الياسرين .
وتبقى لكل قارئ علاقته الخاصة بالشعر وقراءته الخاصة للنص .

الشاعرة المبدعة القديرةثناء
أسعد الله صباحك
نعم الشاعرة ونعم المحامية
كما نقول بالعامية ٌ كفيتي ووفيتي ٌ
سرني وأبهجني ما تلوت من مرافعتك
والشكر الموصول للاديب ياسر سالم على تعليقه
ومهما اختلفنا بالرأي فالود و الاحترام سيدا
الحوار والخطاب ..

دمت يا غالية بحفظ الرحمن







" الله نور السموات والأرض "
  رد مع اقتباس
/