صفيرٌ في المخبأ الآخر
إلى الشاعر : أحمد الملا *
هذا صفيرُكَ دشَّنتهُ صحراءٌ بعيدةٌ
كأنَّه غيبٌ ممدودٌ تقودُ نشيجَهُ السماءْ
ورأيتكَ في الحلمِ الذي تدلّى من نهدِ امرأةٍ
عصفتْ بسرّتها الأهواءْ
يا صراخَ الصغيرِ في العراءْ
- أين ولدي ، قالتْ أمُنا العذراءْ ؟
والمخبأُ الذي انشقَّ جدارُهُ
عائدٌ إليهِ من منفاكَ
بعد أنْ ضيَّعتَ نبوءتكَ
في غاركَ الوحيدِ
حيثُ النارُ التي هبطتْ كمثلِ ألسنةٍ من مجراتها
تُفصحُ النجومُ عن سمواتها
والملائكةُ تحتفي بقصيدتكَ
التي ارتطمتْ بطلسمكَ الهائمِ على الماءْ ؟
يا عناقَ الآفاقِ تحتَ أقواسها
يا هالةَ الموتى في قيامتها
يا عروةَ الحياةِ وقد تسمَّى تحتَ سدرتها
معشرَ الشعراءْ
هذا الصدى ملأتَ بهِ الأوديةَ
والعائدونَ يأتونَهُ من فجِّها العميقِ
فلا كمينٌ يُطبقُ على مفاصلِ الظلِ
ولا خطوٌ تشطحُ به معابرُ الغرباءْ
هذا المكانُ أديمُنا
لنا فيهِ مسرحُ أعراسنا
فجاهري يا لغةً تنتخبُ أحشاءَنا
وأفصحي عن ليلٍ اختبأَ فيه طُغاتُنا
فالأرصُ اختمرتْ من جثثِ المارقينَ
في حكايةِ الهواءْ
فافسحْ لرايةِ الغيبِ عاليةً
فوقَ موائدِ الأنبياءْ
وترفقْ جليلاً
بمنْ تدَّفقَ دمُهُ شهادةً
يغسلُ أدرانَنا
بخاتمةٍ نسجتْ نبوءتُهُ سورةَ الأعضاءْ
فيأيُّها الصوتُ الصارخُ من براري جراحنا
هذا المجدُ فوحٌ عابقٌ في وجههِ
حيث الموتُ موتهُ الحيُّ
والسؤالُ غائرٌ في شهقتنا
فاكتبْ ، منْ يرفعُ عن عيني ظلمتها
ويطلقُ روحي من هذا الشقاءْ ؟
كاليفورنيا - لوس أنجلوس
18 / 1 / 2020
* شاعر معاصر من المملكة العربية السعودية ( 1961 - ) .