الموضوع: نبضات
عرض مشاركة واحدة
قديم 08-01-2018, 02:35 AM رقم المشاركة : 75
معلومات العضو
ادريس الحديدوي
عضو أكاديميّة الفينيق
يحمل أوسمة الأكاديمية للابداع والعطاء
المغرب

الصورة الرمزية ادريس الحديدوي

إحصائية العضو







آخر مواضيعي


ادريس الحديدوي غير متواجد حالياً


افتراضي رد: نبضات

فعلمت حينها أن هدوء جدتي لم يأتي من فراغ و كذا ابتسامتها العريضة المضيئة.. نعم إنها تحمل بين يديها قنديلا مضيئا، و داخل قلبها حنان و حب تلك الحقبة الذهبية التي استولت خيوطها المستنيرة على مشاعري و حواسي كلها و جعلتني أقترب من المشهد كثيرا لدرجة لمحت من بين الجموع شابة تشبه جدتي و هي في سن ريعان الشباب تماما كما هي في الصورة المعلقة على جدار غرفتها ؛ وسيمة القسمات، نحيفة قليلا، ترتدي فستانا أسود و لها ضفيرتان طويلتان تلعب مع بنات القرية لعبة "الغميضة" التي كانت جدتي تحبها أكثر، وسط ربيع كثيف خلته ربيع الجنة يمزج بين ألوان الطيف و زغاريد الطيور المزركشة، بالقرب من منزل مبني بالحجارة و الإسمنت، مسقف بالخشب و التراب. يلعبن بفرح دافئ على إيقاع خوار الأبقار و ثغاء المعز فجأة، شممت رائحة الملوي الطازج المدهون بالزبدة البلدية، فارتفعت شهيتي حد الانفجار..!!
لا أدري كم بقيت في ذلك المشهد من ساعات، لدرجة كنت معهن ألعب و أجري و أمرح وسط الربيع، و في نفس الوقت كنت أسمع :" حان وقت الفطور حفيدي الجميل، هل تدري كم أحبك ..!!".
دققت النظر في اتجاه الصوت، حاولت معرفة من يكلمني و لكنني لم أستطع، رغم ذلك شعرت بنفسي أعانق حضنا ما، أداعب ضفيرتين و رائحة الملوي تزداد أكثر، ثم سمعت أيضا :" لقد هيأت لك هذا الصباح، "ملويا بلديا" الذي تحبه بني العزيز..!!". اختلطت النسمات الرقيقة بالصوت الحنون و المشاهد الساحرة بداخلي لدرجة شعرت بنفسي أسبح في حضن أخضر نقي دافئ إلى أن لمست يدا تحمل التسابيح فارتعشت مفاصلي و أنا أفتح عيني، وجدت جدتي تعانقني ورائحة الملوي تعطر وجهي البريء..!!






  رد مع اقتباس
/