۩ أكاديمية الفينيق ۩ - عرض مشاركة واحدة - قراءة في المعَـلَّـقةُ " الفـائية" / محمد العموش
عرض مشاركة واحدة
قديم 13-06-2014, 08:02 AM رقم المشاركة : 1
معلومات العضو
آمال محمد
عضو أكاديمية الفينيق
تحمل لقب عنقاء العام 2012
تحمل وسام الاكاديمية للابداع الادبي والعطاء
تحمل ميدالية الأكاديمية للتميز 2011
عضوة لجنة تحكيم مسابقات الأكاديمية
الاردن

الصورة الرمزية آمال محمد

افتراضي قراءة في المعَـلَّـقةُ " الفـائية" / محمد العموش

.
.



المعَـلَّـقةُ " الفـائية" .. عزفٌ على مقاميْ العشق والوجع


خارج جمود النقد
داخل روح الكلمة



حاوي يراقص الكلمات على ناي التجربة فتأتيه محملة
.. تقف على قارعة من بيان فطري وموهبة أصيلة
شغوف بلغة أهدته مفاتيحها ووسعته حتى استوعبها

هي قطوف وأسباب تهيء النفس لمصيرها
وتعطي الحرف لمن عشقه وتهب العشق لمن رغبه

كثير يقوله الشاعر في قليل بسيط

"فسـبحانهُ ... واهـبُ المعجزات
عشق ... فتغيرت طعمَ الحروفْ"



أهم ما يميزها ...

ذاك البيان الخفيف القريب .. الذي يوقع الكلمة بين قوسين من بلاغة
وتلك قمة ترفع صلاة الوصل بين المعنى والقبول,
مكونة علاقة طردية تعمل على رفع مستوى التبادل اللفظي .. حتى يبدو خفيفا يعبر ذاكرة ووجدان المتلقي

(ليس شـِـعراً كتبتُ فيـكِ ... ولـكـنْ
هـو قلبـي ... أذبتُــهُ في الحـروفِ)

أنا فصــلُ الجمـالِ ... فالتمسيني)
بين نابِ الشـتا ...وضرسِ الخريفِ

...


وفي شعره حداثة .. تقرأ الواقع وتلبيه معتمدة على خفة ظل تمازح الزمانية الشعرية
مازجة بين الثقل البلاغي واللفظة المحدثة مما يقومهما ليؤديا عصرهما الشعري
وبكثير من الذكاء والحيوية

(ليـس هـذا زمــن الحــبِّ فمــا
عــادت الأطــلالُ تغـري "طَـرَفة

"وامـرؤُ القيـسِ" وحــيـدٌ قـابــعٌ
في زوايـا " البــارِ " يبكـي شـرفه)

...

ويبادل مصراعي الكلمة مستفيدا من أقصى ما تعطيه
حتى يصيبك بالدهشة ... فكثيرا ما وقعت على كلمات وروابط نادر ما يصادفها البيت الشعري الواحد
فينتقل بين مني وإلي وإليك بسرعة النافذ إلى جذرهم
مضيفا إلى المعنى مدا وظلا زاهيا

(إذا صار قلبـي غيـرَ قلبي ... نزعتُـهُ
فمـا يسـتوي ليثُ الشرى .. والزواحفُ

إذا دوَّنَ الأشــعارَ بالحـبرِ ناظِــمٌ
فهـذا دمي .. حبري . إلى الحشرِ نازفُ)

...

ويعرف حزنه ويعرفه الحزن
يتكئ عليه في بث مشاعره محولا أياه إلى شجن يُقرأ
وهو أول أسباب الشعر .. ومزلاج بابه.. الرصيف الذي ينقله من حالة إلى أخرى
متلبسا القائم المناسب من إيحاء الصور

(شـارعُ الحــزنِ في المدينـةِ ... قلبي
والرزايــا ... على امتـدادِ الرصـيفِ

كنـتُ وحـدي ... أسـُدُّ بالصبرِ شوقي
حين ضــاقتْ على الشــجونِ كهـوفي)

...

يبكي وطنا عجز عن فهم قساوته
فأطعمه المُرّ ولاذع التشبيه كقشرة ما أخفت إلا عشقه وولعه
ويأتي بالأسباب , أكثرها مصيب .. مؤشرا بأصابعه الشعرية العشر إلى أجناد الفساد ومورديه

(أمتـي يـا قصَّـةً مُـحـزنـةً
تُحـزنُ الحـزنَ فيبـدي أسـفَه

تطلبــينَ العـزّ من غيـرِ دم
مثـلَ من حـجَّ وألغـى عـرفه

تـرقبُ النـورَ وذا حَـجـَّاجُهـا
كلمـا أشــرقَ بـدرٌ خَسَـفـه)

...

اخترت المعلقة الفائية .. وليست بأجمل ما قال الشاعر العموش
ولكني رأيت فيها نموذجا يجمع شظايا وقطوف العلل الشعرية التي حازت على وجدان الشاعر

تنقل فيها من الأنا الأولى " والتي طالما تغني فيها محرضا مخرجا صفاته ,
حتى ليبدو أحيانا يدور حولها كشمس استحوذت على حرفه

ولكن المتعمق المتأمل لأصول السطر الشخصي يرى انه ما أقامها إلا ليجلدها
ويُعرفها حتى يستطيع القفز عنها , أو ربما كبادرة تعريفية
تعين على تفسير فواصل تجربته الحياتية

(جـلَّ وجهــي عن احتمـالِ الكســوفِ
هــذهِ الشمسُ ... حـبَّـةٌ في قطــوفي

عابَ بعـضُ الكبـار"1" " كـاملَ " بوحي
فـإليكــم مواجـعــي في " الخفـيفِ")

...


متن على ذمة التفصيل

قامت على البحر الخفيف .. وقد تحركت على موجه الناعم وظله الموسيقي المحبب
مما فتح المجال لتوسيع دائرة البوح وامتداده في البسيط السهل

ونلاحظ الخفة التي تنقل بها الشاعر من فكرة إلى أخرى
وكأن به يلهو على حبال الشعر وهو الذي قد خاض أصعبه

كنـتُ وحـدي ... أسـُدُّ بالصبرِ شوقي
حين ضــاقتْ على الشــجونِ كهـوفي

ليس شـِـعراً كتبتُ فيـكِ ... ولـكـنْ
هـو قلبـي ... أذبتُــهُ في الحـروف "

أنا فصــلُ الجمـالِ ... فالتمسيني
بين نابِ الشـتا ...وضرسِ الخريفِ

...

الجمل الشعرية قصيرة ة محددة حملتها نبرة واثقة
وكثرت الفواصل والتي استعاض عنها الشاعر بنقاط كدعوة للقارئ للاشتراك في القفز على حبال البيت المرنة
والتي توزعت كنوتات موسيقية متقطعة أضافت الحيوية لمجمل القصيدة
...

ولعل أكثر ما يشد القارئ إلى سطر الشاعر ذاك العمق الذي يلبي به جمله الإستعارية
والتي لا تمر إلا محسوبة موزونة .. تؤدي إيحاءها غير مسرفة ولا غامضة

فالمعنى مقدس ولا يرد إلا موقعا ظله اللفظي وبما يرفع السطر إلى بيانه البلاغي

(أنا فصــلُ الجمـالِ ... فالتمسيني
بين نابِ الشـتا ...وضرسِ الخريفِ)


وهنا مثال على دقة اختياراته
وقد فرق بين الناب والضرس .. محللا وظيفة كل منهما وكاسيا مستوفيا إستعارته
فلشتا الناب الذي يغرز حدته في العظم
وللخريف ضرسه الطاحن بصبر
...

ولا يخلو سطره من المحليّ العاميّ.. المقصود
والذي يضفي المرونة والواقعية إلى البيت الشعري
محملا أياه الشخصي القريب.. المفاجئ

(إني نهضــتُ بمـا حُـمِّـلتُ من وجــعٍ
ومن طمـوحٍ .. ومن شوقٍ ... وكنتُ " كفو"

رحلتَ بي عن قلــوبٍ كنـتُ تـوأَمَـهـا
وكنـتُ طــوعَكَ ... حتى للذين وفَــوا)

...

العنوان خاطف سهل

فالمعلقة وكما نعرف هي أشهر ما كتب العرب في الشعر
وعَلق بالأذهان وعُلق على الأستار

وبتصوري أختار الشاعر الاسم لتنوع غرض القصيدة ولحملها صفاتها من الطول غير المعهود - تدفق المعانى - قوة السبك - تلاحم النسيج - - حسن العبارة -
وقد لباها وان اتخذت هيئة الحداثة وبساطة اللفظ

كما اختار الفاء الهامسة والتي تجري عند النطق مع جريان النفس مكونة نوعا من الزفير
الهادئ الحزين.. ناسب واسند غرض الشاعر في بث مواجعة والتي امتدت ك آه طويله
محرضة المتلقي على الدخول في الجو الحزين للقصيدة
...

القصيدة الفائية .. تمثل مرحلة هامة من مراحل النضوج الشعري العموشي
وقد انتصفت تجربتة ونضجت محققة نقطة مرتفعة على الجدول البياني لمسيرة الشاعر
وقد لامست وحققت أهم السمات التي قربت الشاعر من جمهوره ومتابيعه

...أولها خفة حملت المعاني الثقال
...وثقافة حددت غرضها وبنت عليه
وامتلاك لبلاغة الحرف وأطياف سره
وموهبة ربانية . جملها الشاعر بالدراسة والبحث
وكل ما سبق محمولا على حيوية دافقة .. لعلها من أهم ما يحسه الداخل إلى بيت الشاعر الشعري.






  رد مع اقتباس
/