عرض مشاركة واحدة
قديم 05-03-2011, 11:09 PM رقم المشاركة : 13
معلومات العضو
زياد السعودي
الإدارة العليا
مدير عام دار العنقاء للنشر والتوزيع
رئيس التجمع العربي للأدب والإبداع
عضو اتحاد الكتاب العرب
عضو رابطة الكتاب الاردنيين
عضو الهيئة التاسيسية للمنظمة العربية للاعلام الثقافي الالكتروني
الاردن

الصورة الرمزية زياد السعودي

إحصائية العضو








آخر مواضيعي


زياد السعودي متواجد حالياً


افتراضي رد: العنقاء فدوى طوقان يليق بها الضوء*سلطان الزيادنة

واقع المرأة العربية من خلال مذكرات فدوى طوقان رحلة جبلية...رحلة صعبة ( 2 )
بقلم: رفيقة البحوري، أستاذة بكلية الآداب بسوسة، قسم العربية


تذكر فدوى طوقان في هذه السيرة ضروبا من التحقير منها السخرية من ملامحها و الاستهانة بهيئتها و لباسها و إهمال طلباتها "المادية و المعنوية" على حد عبارتها و منها التعنيف اللفظي و الجسدي. كذلك تذكر حرمانها مبكرا من اللعب و تكليفها بالشؤون المنزلية و حرمانها من الخروج للنزهة أو لزيارة بعض صديقاتها و الأهم من كل ذلك حرمانها من الدراسة بسبب أن شابا كان يتبع خطاها في طريقها من المدرسة إلى البيت في وقت كانت علاقات أخيها إبراهيم العاطفية معروفة للجميع و قصائده الغزلية محل استحسان و تشجيع.

و تذكر أنها فكرت في الانتحار أكثر من مرة و لكن أخاها إبراهيم أنقذها بأن علمها الشعر و فتح لها كوة في هذا السجن المطبق. و من المهم أن نذكر أن الموانع العائلية التي من شانها أن تخلق منها كائنا خاضعا قابلا للمنزلة الثانوية تواصلت حتى بعد أن تقدمت في السن. فقد منعتها العائلة من أن تتزوج بمن تحب و كانت تعاني الكثير من المضايقات لمجرد أنها تتلقى بعض الرسائل أو المجلات الأدبية. و من غريب ما روته أنها حرمت مع نساء العائلة من زيارة قبر أخيها إبراهيم لأنه قريب من الطريق العام. فأضافت عائلتها بهذا مانعا أخر إلى جانب المانع الذي تتعرض له النساء المسلمات إلى يومنا هذا في عدم تشييع أمواتهن إلى مثواهم الأخير.

تبوح فدوى طوقان بآلامها و خاصة بالجراح النفسية التي خلفها إهمال أمها " و أنكمش في داخلي و أحس بلا شيئيتي. إني لا شيء و ليس لي مكان في ذاكرتها.....هنا كنت أشعر بشعور غير مريح و لكنني لم أكن أستطيع توضيحه: إن المشاعر المؤلمة التي نكابدها في طفولتنا نظل نحس بمذاقها الحاد مهما بلغ بنا العمر" أما عن والدها فإنها تحاول أن تفسر إهماله الذي يصل حد عدم مخاطبتها باسمها و هي أمامه و عدم السؤال عنها و هي مريضة فتقول " كان المال و البنون بالنسبة إليه زينة الحياة الدنيا، و كان يطمع بصبي خامس و لكني خيبت أمله و توقعه". و لم يتغير موقف الوالد منها عندما استطاعت أن تتخلص من "حياة الغياب" التي تحياها مع جملة الحريم و ذلك عندما علمها أخوها الشعر و أنقذها من "الانهيارات الداخلية". و تصور فدوى طوقان الألم النفسي الذي سببه هذا الاحتقار فتقول " إنه لا يؤمن أنني أصلح لشيء قلت هذا بيني و بين نفسي...إنه لا يحمل لي سوى شعور اللاكتراث. كأنني لا شيء كأنني عدم و فراغ..كأنني لا لزوم لوجودي إطلاقا".

إن هذا الألم الذي استبطنته الشاعرة قد تحول إلى عائق يخنق طاقتها الإبداعية. و قد كشف عن نفسه في حالة غريبة مرت بها عندما طلب أبوها أن تكتب شعرا. كان ذلك في فترة لاحقة بعد أن توفي أخوها إبراهيم و اشتهرت هي بشعرها الذاتي. لقد أراد أبوها أن تكتب شعرا وطنيا تسد به الفراغ الذي تركه موت إبراهيم و تحافظ على استمرار مساهمة العائلة في الحركة الوطنية. نسي الأب ما كان زرعه في نفسها الغضة من احتقار لذاتها و إيمان بعدم صلاحيتها و بثانوية دورها و لكنها لم تستطع أن تنسى. اعترفت الشاعرة و هي مستغربة من أمرها أنها عجزت عن قول الشعر كما طلب منها و أنها لم تقدم مساهمتها القيمة في شعر المقاومة إلا بعد أن توفي والدها. و يمكن لهذه الحادثة أن تلفت نظرنا إلى أهمية التنشئة و أهمية العلاقات العائلية في تنمية أو إحباط طاقات الفرد. إن العنف المستبطن يرتد على الذات و يعطل طاقتها. كما أن الاستنقاص من قيمة الشخص يؤدي إلى احتقاره لنفسه و إهدار قدراته و لعل هذا يفسر جزئيا قلة الإبداع النسائي و ضعفه. و لا يهمنا هنا الإبداع الأدبي فقط بل يهمنا الإبداع أو التحقق الكامل في كل طاقات المرأة حتى لا تمثل عضوا مشلولا في حال أنها تختزن نصف طاقات المجتمع.






  رد مع اقتباس
/