عرض مشاركة واحدة
قديم 19-11-2015, 01:47 AM رقم المشاركة : 1
معلومات العضو
ياسر سالم
عضو أكاديميّة الفينيق
يحمل أوسمةالأكاديمية للابداع والعطاء
عضو لجنة تحكيم مسابقات الأكاديمية

الصورة الرمزية ياسر سالم

إحصائية العضو







آخر مواضيعي


ياسر سالم غير متواجد حالياً


افتراضي ذكريات .. مع رحلتى في عالم الخط العربي

السلام عليكم جميعا ...


منذ أن شببت عن الطوق وجدتني أنتمي للحرف شكلا بل روحا ومعنى ..
.. كنت وأنا في المراحل الإبتدائية الأولى أرْقُب كراسات زميلي ياسر القابع إلى جواري منذ سنوات ، فيعجبنى رونقها ، وحسن هندامها ، وأناقة الخط الذي رُسِم به اسمه ، ذلك الاسم الذي اشترك معه فيه .. وكنت أحاول جاهدا - بيدى الصغيرة و(ربع ) قلم الرصاص الذي لايفارقني - أن أقلد رسم هذا الاسم - خطاً - لأنه أيضا اسمي الذي أحمله ويحملنى ..


كان (المهندس باسم) أخو زميلي ياسر هو الذي يكتب له اسمه على كراساته .. وأما العلة من ذلك فقد أدركتها سريعا رغم حُدثان سني يومئذ .. فاسم صاحب الكراسة المرقوم عليها ، هو الدليل الأول على ملكيته لها ، خاصة وقد كانت الكراسات على أيامنا تُجمع وتُحفظ في صندوق بالفصل تغلبا على حجة نسيانها بالبيت ،ثم توزع إذا تطلب الأمر .. ولأن هذا الأمر من الخطورة بمكان (كتابة الاسم ) فلم يترك بيد زميلى ياسر لأنه لو تولى هو كتابة اسمه بنفسه عليها لما استطاع أحد - مهما كانت عبقريته في فك الشفرات - أن يدرك صاحب هذه الكراسة ولا حتى هو ..
ولك أن تعلم - عزيزي القارئ - أن ياسرا هذا – صديقي الذي كان - لا ينتمى خطه لأى لغة من اللغات الحية ولا حتى الميتة .. فقد كان نتاج قلمه أقرب إلى شَعر عجوز شمطاء حاسرة من عجائز نيسابور .. وربما كان في أحسن أحواله نوعا من قطع المواسير الملتوية المتداخلة والتى تستعصي على الانعدال ...
لذلك لم أعجب كثيرا حين علمت بعد زهاء ثلاثين عاما من الانقطاع عن أحواله أن صنعته التى أتقنها فيما بعد هي السباكة ( المواسير بأنواعها ) غير أنه الآن يتحكم فيها استقامة واعوجاجا ، وكأنه يستدرك بتمكنه فيها ما وقع منه من تفريط في جنب حروف الخط العربي .
وكنت أرى – ولا أزال – أن الحرف المرسوم يسكن فيه كاتبه .. فمنه قد تشم رائحة أخلاقه ، وتتحسس بذائقتك مساحات شاسعه من خواطره ومشاعره .. ولذلك لا أرى عجبا في أن يميز المتذوق المتوسط بين الخط الأنثوي والآخر الذي ينتمي لعوالم الذكورة ...
فبينما الأول ينحاز - غالبا - إلى جهة الرقة والرهافة والنعومة فإن الثاني لا تنقص زواياه الحِدة والقوة والخشونة .. هذا إذا استبعدنا بالطبع طائفة المتمردين على نوع جنسهم من الذكور والإناث !


****


... ربما أعود ..






  رد مع اقتباس
/