۩ أكاديمية الفينيق ۩ - عرض مشاركة واحدة - رسائل علاها الصدأ
عرض مشاركة واحدة
قديم 15-04-2021, 08:54 PM رقم المشاركة : 2
معلومات العضو
عبدالرحيم لمساقي
عضو أكاديميّة الفينيق
يحمل وسام الأكاديميّة للإبداع الأدبي
المغرب

الصورة الرمزية عبدالرحيم لمساقي

إحصائية العضو








آخر مواضيعي

عبدالرحيم لمساقي غير متواجد حالياً


افتراضي رد: رسائل علاها الصدأ

رسائل علاها الصدأ2

مرة أخرى أكتب إليك بعد أن ترددت كثيرا في ذلك، لقد مرت خمسة و ستون يوما و أربع ساعات و بضع دقائق على آخر خطاب أرسلته إليك و تفقدت بريدي كالمجنون لستين يوما بمعدل مرتين في اليوم و في كل مرة تفقدت معه رقم الباب و قصدت كالمعتوه جادة الشارع لأطل على اللافتة المكتوب عليها اسمه لأتأكد أنه لم يتغير، حتى أني غير ما مرة سألت أحد المارة عن اسم المدينة التي أنا فيها، هناك من يجيبني و هناك من ينظر إلي باستغراب، و قصدت مكتب البريد لثلاث مرات لأسأل هل هناك خطب ما في توزيع الرسائل و أكدوا لي أن الأمور بخير و لا يوجد أي مشكل في العنوان أو أي طارئ في خدمة البريد، ثم صليت كثيرا لتكوني بخير، لقد شككت في كل شيء إلا أن تكوني قد توقفت عن الكتابة إلي، ها أنا بعد هذا الانتظار المرير أكتب إليك و بي من القلق ما يكفي لأحمل هذه الرسالة و أوصلها إليك بنفسي، و أنت أكثر من يعلم بالحيثيات التي تمنعني أو بمعنى أدق تجبرني على ألا أفعل ذلك، ففي آخر سراديب هذا القلق أرجأت اللوم لنفسي و لأسلوبي الفض في خطابي الأخير، و ها أنا أعتذر عن كل حرف في رسالتي السابقة و لا أنكر هزيمتي أمام هذا الغياب فحتى أقوى القادة كنابليون و هتلر قد انهزموا أمام خطة الأرض المحروقة، و بصريح العبارة لا أجد هنا من أتقاسم معه زخم الأحداث و يدفع عني لعنة ألحكي بتعويذة الاستماع دون أن يبطل التعويذة بالنصح أو محاولة الحل أو الإقناع، فقبل ثلاثة أسابيع بالضبط وجدت عملا يساعدني على تحمل قرف العيش هنا و قد أخبرني القائم عليه أنه سيكون متفهما لأسبابي إن تركت العمل بعد ثلاثة أيام بحكم أن أغلب الذين كانوا قبلي لم يفلحوا في تجاوز الثلاثة أيام و ها أنا في أسبوعي الثالث و لم أترك العمل بعد، إنه عمل مع سكن و طعام مجاني و ما يخفف وطأته أني أتكلم طول الوقت في العمل بصوت عال حتى أني أسب و أشتم أحيانا أو يمكنك القول كثيرا دون أن أكثرت و دون أن يوجه لي مدير العمل إنذار بوجوب الصمت أو اختيار عبارات لائقة أو التكلم بلغة مفهومة، أحيانا أصفر و أغني و حين لا أجد ما أقوله أحكي عن ذكرياتنا الطفولية و الكثير مما يحضرني من الأحداث، لا أريد أن أطيل عليك في خطابي هذا أتمنى فقط أن تصلني رسالة منك تقول أنك بخير، و سأحاول في رسالتي المقبلة أن أكتب لك كل تلك التفاهات التي تفوهت بها و كل تلك الأحداث التي لم أستطع تذكرها إلا خلال عملي هنا، ربما لأن به الكثير من أوقات الفراغ.
تحية كالتي اعتدتها مني مع باقة من المتمنيات لك بالصحة و السعادة، نسيت أن أخبرك بطبيعة عملي إني أعتني برجل مقعد بدون عائلة، لا يستطيع أن يحرك أطرافه الأربعة كما لا يستطيع الكلام.






حين تهضمنا الأيام ينزل ما تبقى عصارة يواريها التراب
  رد مع اقتباس
/