۩ أكاديمية الفينيق ۩ - عرض مشاركة واحدة - سجين / خالد يوسف ابو طماعه
عرض مشاركة واحدة
قديم 02-08-2018, 10:05 PM رقم المشاركة : 21
معلومات العضو
خالد يوسف أبو طماعه
عضو مجلس إدارة
المستشار الفني للسرد
عضو تجمع الأدب والإبداع
عضو تجمع أدب الرسالة
يحمل أوسمة الأكاديمية للابداع والعطاء
عضو لجنة تحكيم مسابقات الأكاديمية
الاردن

الصورة الرمزية خالد يوسف أبو طماعه

افتراضي رد: سجين / خالد يوسف ابو طماعه

اقتباس:
المشاركة الأصلية كتبت بواسطة جهاد بدران مشاهدة المشاركة
ما أبهى هذا النسيج الذي يعكس خيال الكاتب وقدرته على بناء الفكرة بطريقة بارعة تمكننا من استحضار أدوات البحث والتنقيب على ما وراء الكلمات وما تحت السطور من معاني تفكك شيفرة النص بطريقة عميقة جداً..
من خلال العنوان/ سجين/ أدركنا أن السجن له أنواعا مختلفة وألواناً لا تتقيد بين الحديد..بل يجعلنا في سجن الذات ..وهذا أصعب حالاً من السجن الذي يقبع بين الجدران خلف القضبان..
سجن الذات لها نصل حاد وسكين يذبح النفس كلما حدق فاعلها في المرآة التي تذكره بنفسه وتعكس شياطين عمقه وما اقترفته يداه...
الومضة هذه لها تأويلات عدة في نماذج مختلفة من مجريات الحياة والحوادث التي يصنعها الإنسان خفية بحيث لا يدركها أحد إلا ذاته ..ليقع رهينتها كلما نظر لنفسه وتحسس بها من خلال النظر للمرآة..
وسجن النفس من أصعب أنواع العذاب للروح..لأن من يقترف مصيبة أو فاحشة أو جريمة أو إخفاء فواحشه عن الآخرين بالسر..لا بد وأن يبقى يحوم حول جريمته ويحرك فيه الضمير للتذكر بمواقع ما ارتكبه من شيء هو خارج عن الفعل الآمن والسليم..
لذلك عملية السجن للذات يبقى الإنسان في دائرتها يذوق مرارتها وتدوسه بالتأنيب ولو في الأحلام ..وهذه تنزع حالات الأمن والأمان مع نفسه ومع الواقع الذي يعيشه..
العنوان محكم البناء والإتقان مع المضمون الذي أراده الكاتب..وسنوضح ذلك من خلال البناء المنسوج في لب النص..
يقول الكاتب في بداية ومضته والتي تعتبر مقدمة للوصول لمعنى السجن الذاتي:

/جلس في عربته وقد أزاح عن ظهره حملا ثقيلا/

عملية الجلوس في عربته وقد أزاح عن ظهره ذلك الحمل الثقيل الذي يعانيه من فترة..يدل على أنه له فترة طويلة يعاني مع هذا الحمل ..وإلا لما انزاح ثقله عن كاهله..ويدل الحمل أيضاً على أنه كان بمكان ما خارج حدود عربته..أنهى ما عليه من تخفيف الحمل ليعود لعربته مطمئنا وهو لا يدري أن للجريمة مهما كان نوعها تبقى في النفس تؤنبها وتحرك المواجع فيها..

/ نظر في المرآة، وهو يتحسس ملامح وجهه/

عملية النظر في المرآة هي عملية انعكاسية لعمق الذات ..والوجه هنا كان تواجده في الومضة ببراعة مذهلة..لأن الوجه مركز الحواس وهو كاشف حالات الحواس من خوف واضطراب وحزن وفرح وغضب وحياء وغلظة النفس..
عملية النظر في المرآة والتحسس للوجه هو براعة محكمة من الكاتب لفك طلاسم وشيفرة الومضة بطريقة لا يتقنها إلا بارع مدهش..
إن أي عمل كان يتصرفه الإنسان خاصة إذا كان فيه مخالفة للنفس وللواقع
لا يكشف حقيقته إلا الذات في مركز الحواس الذي هو الوجه..وكثير من علماء النفس يميزون أنواع البشر من خلال قراءتهم للوجه وما يحدث فيه من تلوّن وخدوش نتيجة الحواس الداخلية والتي تظهر كالمرآة في الوجه..
ثم نأتي لعملية التحسس..وتدل على ارتكاب فعل مشين لا يريد ظهوره أمام الآخرين والذي به يستقبل من حوله..وذلك خوف انكشاف حقيقته ومعرفة ما ارتكبه..

/ لمح عارضا يستقبله، أيقن أنه مكبل في قيده!/

عملية اللمح تكون بسرعة فائقة يكون نتيجتها خوف واضطراب للذات..
العارض الذي يستقبله..هو ذلك الذي جعله سجين ذاته وأنه سيبقى رهينة هذا العارض الذي كشف أمره..وأنه سيكون فعلاً مقيداً طوال عمره..
عملية كشف حقيقته وكشف السر الذي يحمله يجعله رهينة هذا العارض ورهينة ضميره ونفسه..
.
.
أستاذنا الراقي المبدع الأديب والناقد الشاعر البارع
أ.خالد يوسف أبو طماعة
ما نسجته من حروف في هذه الومضة هو لوحة بارعة البناء عميقة المعاني لها دلالات عدة وتأويلات مفتوحة الخيال ..تدهش من يتعمق في سطورها وما تحت الكلمات من جمال..
وعي كامل بقيمة التراكيب البنائية للكلمة وتعبير دقيق للأفكار التي تغلفها مع الترابط المتين بين مفرداتها والعنوان المحكم التصوير
.
بورك مدادكم وحرفكم البارع
ووفقكم الله لنوره ورضاه

جهاد بدران
فلسطينية
حضور له رائحة اللوز
قراءة مفصلة للتفصيل
وجهد عظيم ووعي حاد
أرفع قبعتي لهذه الرؤية العميقة
شكرا بحجم السماء أختي الرائعة
جهاد بدران
لقد كبلتني بعظيم كرمك






حَسْبِيَ اللَّهُ لا إِلَـهَ إِلاَّ هُوَ عَلَيْهِ تَوَكَّلْتُ وَهُوَ رَبُّ الْعَرْشِ الْعَظِيمِ
  رد مع اقتباس
/